الحمد لله ربي وخالقي ومولاي
له جوارحي ومماتي ومحياي
وصلاة وسلاما من ربي لخاتم الأنبياء وإمام الأولياء وسيد الأتقياء
كفى به شرفا أن أنزل فيه ربه في كتابه قرآنا يقول {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [1]
إخوتي وأخواتي
لقد مر فيما مر حديث لنا عن منارات الحوار الناجح
وذِكر معالمَ عن أسسٍ وأصولٍ يبنى عليها النقاش الهادف
ذكرنا فيه خمسة معالم ٍ ارتأينا أنها تنير الطريق وتسدد السبيل
وكان الهدف من ورائها والقصد من كتابتها هو الحرص على هذا الصرح الثقافي
لئلا نقع خطأً في الهدم له من حيث نريد البناء
وفي الإفساد من حيث ينبغي أن يكون الإصلاح
وها نحن نفتح ملف المعالم ثانية
نفتحه من زاوية أخرى ومنظور مغاير
نبدؤه من وجهة السرائر ومكنون البواطن
لنسعى في الإصلاح لنفوسنا وتقويم سلوكنا سعيا حثيثا
نريد منه حديثا عن الأخلاق ونريد إعادة لشيم عز بها أقوام مضوا وانعدمت في قومنا
ونسأل ربنا في علاه أن يحسن النية ويخلص القصد له وحده
وأن يكون عونا فلا معين سواه
جاء في لسان العرب لابن منظور: "الخُلُقُ بضم اللام وسكونها وهو الدِّين والطبْع والسجية وحقيقته أَنه لِصورة الإِنسان الباطنة وهي نفْسه وأَوصافها ومعانيها المختصةُ بِها بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأَوصافها ومعانيها ولهما أَوصاف حسَنة وقبيحة".[2]
من هذا المدلول اللغوي سيكون ولوجي للحديث عن أخلاق الحوار وعن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المحاور ثبوتا أو نفيا
فشخصية المحاور ومعالمها التربوية وصفاتها المكتسبة من مخالطة الناس والاحتكاك بأفكارهم واختلافهم لهو أمر مهم في بناء حوار متماسك
لذا كان لزاما أن نخوض هذه المعالم الأخلاقية وإن كانت فوق ثقافتنا لكن سنبذل الوسع في الرقي إليها والحديث عنها بكل ما نستطيع من حسن حديث وجمال سياق
وأملي الكبير أن تساهموا في هذا وأن تكونوا إحدى لبناته
ليرقى عاليا ويلاقي اسم المنتدى في تحدي
فيتطابق القالب والمضمون
وذاك الظن بكم جميعا بلا استثناء
واعلم يا أُخي ويا أُخَيَّتي
أن للكلمة أثر بالغ في النفوس والقلوب سعادة أو إيلاما فرحا أو حزنا
فلتكن على ذكر من ذلك..
ولتتمهل قبل أن تتكلم.. ولتحاسب كلماتك.. فإنها إن تخرج صارت هي من يحاسبك
فكل كاتب سيفنى *** ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء*** يسرك في القيامة أن تراه
فقد تهدم الكلمة الواحدة مودة أيام عديدة لا تكاد يصلحها شيء بعد
لذا قال القائل محذرا.. وصدق إذ قال:
واحرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجُوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوبَ إذا تنافر ودها *** شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [3]
أخوكم: عبد الرحيم صابر المغربي
ولا زال للحديث معكم بقية
إن كان في العمر فسحة وبقية
[1] [القلم: 4]
[2] لسان العرب 11/374 ط. بولاق 1300هـ
[3] [ق: 37]
تعليق