الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    قصة قصيرة

    [align=center]أخذ بحفر نفقه في غياهب التراب بمخالبه التي شحذتها الفطرة لتمكينه من العيش تحت الأرض ، كان حدسه هو قائده الوحيد بعد أن خلق اكمها لا يبصر ، وبدأ بقضم جذر نبات البصل الذي صادفه أثناء الحفر دون أن يكتم انزعاجه من وقع خطوات بني الإنسان فوق الأرض هامسا في نفسه :
    -ألا يكفيهم أنهم يسودون فوق الأرض ويقتاتون من ما تفتقت عنه أكمام الحياة من نبت وصيد ليحفرون في الأرض أيضا هادمين علينا بيوتنا وإنفاقنا نحن بني الخلد الذين نحيا تحت الأرض بعمانا المفروض علينا منذ الولادة؟
    - الم يكفهم ما شقته محاريثهم ومعاولهم في الشتاء السابق عندما حرثوا الحقول ليزرعوها بالبصل ، ليأتوا اليوم بمعاولهم من جديد هادمين ما بنينا من أخاديد فيها نحيا ونسير دون أن نزعجهم بمنظرنا الممسوخ ؟
    أولا يشعرون بخوفنا وانقباض قلوبنا مع كل ضربة معول ، قد تصيب الواحد منا في مقتل دون أن يشعرون. أم تراهم يضنون علينا لقيمات بصل نمضغها أثناء الحفر لتقيم أودنا.
    كان الخلد مشغولا بحديث نفسه تحت التراب وهو يقضم فلقة البصل ، أما على ظهر الأرض فقد كان الفلاح الأصم يذرع الحقل جيئة وذهابا بحنق شديد شاتما بني الخلد جميعا :- ذلك الكائن الممسوخ الذي اتلف حقل البصل الذي دأبت على رعايته طوال الموسم ، حتى إذا نضجت الأبصال أتلفها بأنيابه المقززة.ولكن لا بأس ، سأعلم هذا المخلوق الأعمى الهش القبيح درسا لن ينساه ، وسأستل روحه بمعولي هذا قبل أن يتلف ما بقي من أبصال.
    أمسك الفلاح الأصم معوله بحزم وبدأ يرسم في ذهنه خطة الهجوم ، وخلص أخيرا إلى إتباع المسار الافتراضي الذي يسلكه الخلد تحت الأرض بدءا من شق جحره ليستبقه بخطوات وليبدأ بعزق التراب تاركا طبقة رقيقة منه لكي تهتز حبيبات التراب فيها حين يمر الخلد من تحتها لحفر أخدوده فيبادره بضربة من معوله تستأصل شره وتنقذ ما بقي من بصيلات الحقل . ثم بدأ بعزق التراب بالمجرفة تدفعه الرغبة بالخلاص من ضرر الخلد إلى التمتع بمرأى كوم التراب الصغير المتراكم تدريجيا رغم فقدانه للحاسة التي تمكنه من سماع صوت المجرفة وهي تغرف من وجه التراب ما يرققه. ليجلس بعذاك منتظرا ويداه قابضة على المعول مشحوذ النصل تأهبا لمرور الخلد من تحت التراب .
    أما الخلد فكان يواصل حفر أخدوده تحت الأرض سادا جوعه أحيانا بقضم فليقات من البصل الطازج ، ثم سكن مليا في الوقت الذي عملت فيه مجرفة الفلاح حفرا في الأرض خوفا من مكروه قد يناله وهو يتخبط في عماه حافرا أخدوده، ليواصل الحفر بعد أن سكن صوت المجرفة مستشعرا الأمان المنبثق عن الصمت ..وفجأة :
    --- أأأأأأأأأه ..أأأأأأأأأه
    صرخ الخلد صرخة مدوية وقد طعنه نصل معول الفلاح الأصم ، بعد أن قاده قدره من تحت الطبقة الرقيقة من التراب حتى إذا اهتزت حبيباته بفعل اهتزاز جسده فطن إلى وجوده الفلاح الأصم المتربص ليعالجه بضربة قاتلة من معوله مبتسما ابتسامة ظافرة .
    ----أأأأأأأأأأأأه ..أأأأأأأأأأأأأه
    كان صراخ الألم مدويا مجلجلا رددت صداه الطبيعة من حوله حيث سمعه كل شيء إلا قاتله الأصم ، والذي رأى فغر الخلد لفيه صارخا من الألم المميت ، فظنه يتجشأ لتخمة أصابته من أكله لثمار البصل ، فابتسم بزهو ملقيا جثمان الخلد الدامي جانبا وقد أخذ بثأر موسمه الذي اتلف الخلد جزءا منه مطمئنا على الجزء المتبقي ، ثم بدأ بجمع متاعه عائدا إلى منزله تاركا جثمان الخلد الذي لم يبصر قط قاتله ، طريحا تبكيه الطبيعة التي أشفقت من صرخة الموت المنبعثة من حنجرته ، والتي لم تصل إلى سمع قاتله.
    [/align]
Loading...


يعمل...
X