الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من اختارت الجار قبل الدار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    من اختارت الجار قبل الدار

    (آسية بنت مزاحم )

    امرأة فرعون التي تحدث عنها القرآن الكريم في سورة القصص و سورة التحريم
    هي : آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان ملكاً لمصر في عهد سيدنا يوسف عليه السلام وهى امرأة رمسيس الثاني ، الذي تولى حكم مصر في سنة ألف و مائتين و تسعين قبل الميلاد .

    وهي امرأة صالحة كانت تدين بدين إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و يوسف عليهم السلام

    و كانت تسمى في عصرها " إيست نفرت " و لكن الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) سمَّاها " آسية " و اسم قريب من " إيست " فقد قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الذي رواه البخاري : كمل من الرجال كثير ، و لم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، و مريم بنت عمران . و إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .
    و قال في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحة و أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه : خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، و آسية امرأة فرعون ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمد رسول الله

    و من خلال حديث القرآن الكريم عنها نستطيع أن نتعرف على شخصيتها السوية ، و إيمانها القوي ، و همَّتها العالية ، و حكمتها البالغة ، فهي امرأة ضربها الله مثلاً للذين آمنوا جميعاً : رجالاً و نساءً ، لكي تكون قدوة لمن أراد أن يحقق لنفسه شعب الإيمان كلها ، و مكارم الأخلاق في أسمى درجاتها .

    إنها امرأة كانت تحت عتل جبار ، يدعى أنه هو الرب الأعلى , و مع ذلك قد احتفظت لنفسها بخصال الخير كلها , المتمثلة في الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسوله و اليوم الآخر .

    إنها قد آثرت ما يبقى على ما يفنى ، و سألت ربها عز و جل أن يبنى لها عنده بيتا في الجنة ، و قد قدمت العندية ـ للدلالة على عظيم حبها لربها تبارك و تعالى ، فقد اختارت الجار قبل الدار ـ كما يقولون .

    وتلك حكمة سامية وهبها الله لها ، بها تمكنت من حبه و قربه ، و سألت ربها في تضرع و تواضع أن يُّنَّجِّيَّها من فرعون و عمله و من القوم الظالمين ، الذين يركنون إليه ، و يعملون له عملاً لا يرضاه الله عز و جل
    قال تعالى ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَذِينَ أمَنُوا اِمْرَأًةً فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ و نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ )

    إنها تريد أن يَُبَرِّئها الله من الظلم و الظالمين ، و أن يعصمها من الزلل ، الذي وقع فيه فرعون من رأسه إلى مَشَاش قدميه ، و أعانه عليه المجرمون من قومه ، كما قال جل شأنه ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ )

    العبرة من قصة هده المرأة المؤمنة أن العقيدة النقية من كل ما يعكر صفوها ـ قوة لا تقهر أبداً و لا تتزعزع من قلب صاحبها مهما لقي في سبيلها من أذى ، و مهما بذل المجرمون في سبيل اقتلاعها من جهد و حيله
    فالقلب الذي انعقد فيه الإيمان لا يملكه أحد سوى الله تبارك و تعالى .

    و يظهر لي ـ و الله أعلم ـ أنه عذبها حتى أشرفت على الموت ، استئناساً بقوله تعالى : (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ) إذ غالباً ما يدعو المرء بهذا كثيراً إذا اقترب أجله و أحس بقدوم الموت .

    و قولها أيضاً في دعائها : ( و نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ ) يشعر بذلك .

    و نحن لا يعنينا أن نعرف ألوان العذاب التي تعرضت لها ، فعلم ذلك لا يفيدنا شيئاً في أخذ العظة و العبرة ، وقد طواه القرآن الكريم عنا ، فليس من الأدب أن نتكلم فيه ، أو نشغل أنفسنا بالبحث عنه ، فلا هو من أصل العلم و لا من مُلَجِهِ .

    و القرآن الكريم لا يذكر إلا ما يتعلق بذكره فائدة ، إنه يذكر الحقائق المجردة عن أشخاصها و أزمانها و أماكنها ، إذا كانت غير مجدية في معرفة تلك الحقائق على وجهها المؤثر في نفوس المؤمنة .

    و ما الأشخاص التي يرد ذكرها في هذا الكتاب المبين إلا مشاعل على الطريق إليه .

    و امرأة فرعون قد ضربها الله مثلا للمؤمنين ، الذي لا يضره من ضل ـ إذا كان على الهدى ، و لا يصده صاد عن الصراط السوي ـ إدا تمكن من الاستقامة عليه ، ولو لم يكن هناك مؤمن سواه يشاركه آلامه و آماله .

    إنها امرأة عاشت في قصر رجل جبار ، طبع الله على قلبه ، و كانت من أقرب الناس إليه ، فهي زوجته و صاحبته بالجنب ، و له عليها حق الطاعة ـ ومع ذلك لم تتأثر بخبثه و مكره ، و فساد حاله و سوء أقواله و أفعاله ، ولم تتأثر كذلك بمن حولها ممن هم على شاكلته ، و لم يغرها زخرف الدنيا و متعها الفاني ، فهي إذن خير مثل لكل امرأة تعاني ما تجده من زوجها ، من : صلف و غرور ، و فساد في الطبع ، و شراسة في الأقوال و الأفعال ، لأن إيمانها يمنحها الصبر على ما تكره ، و قوة الاحتمال لما تعانيه .
    وهي ـ أيضاً ـ مثل لكل رجل يجد من زوجته ما قد وجدته تلك المرأة المؤمنة من زوجها ، فكل من الرجل و المرأة له في هدا المثل عظة و عبرة ، فكل منهما مطالب بسلامة القلب ، و تصحيح النية ، و إصلاح ما بينه و بين الله عز وجل ، و ما بينه و بين الناس ، و إيثار الآخرة على الدنيا ، و التسلح بما يعصمه من الكفر و الزلل حتى يلقي الله عز و جل .
    إنها نموذج عال في التجرد إلى عباده الخالق وحده جل و علا ، لا تصانع أحدا مهما كان قدره في عقيدتها ، و لا تخاف من أحد سوى الله جل شأنه ـ فكانت بحق هي أقوى امرأة في عصرها و في أكثر العصور من قبلها و من بعدها ، فهي واحدة من أربع : هن خير نساء العالمين ، أكمل الله لهن الدين ، و أتم عليهن النعمة ، كما عرفنا من قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث المتقدم : " خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، و آسية امرأة فرعون ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم " رضي الله عنهن و أرضاهن .




    و إني أدعوا كل امرأة تؤمن بالله رباً و بالإسلام ديناً و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً مرسلاً ـ أن تجعل هذه المؤمنة الصبور قدوة لها في الصبر و المصابرة على زوجها إن أساء عشرتها و قسا عليها ، أو بخسها حقها ، أو كان عائقاً لها عن تأدية ما افترض الله عليها ، و سيبدل عسرها يسرا و خوفها أمناً .

    وقد قال الحبيب صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه الترمذي : " ... و أعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، و ما أصابك لم يكن ليخطئك ، و أعلم أن النصر مع الصبر ، و أن الفرج مع الكرب ، و أن مع العسر يسراً " .

    و أوصيك أيتها الأخت المسلمة أن تحاكي هده العبادة الزاهدة المخلصة لدينها في تضرعها إلى ربها عز و جل ، فقد جعلت نصب عينها أن تكون في جوار الله عز وجل في بيت يبنيه الله لها تنعم فيه بقربه و حبه و رضوانه .


    و الله أسأل أن ينفعني بما أنقلت والكاتب بما كتب و القارئ بما قرأ و السامع بما سمع إنه سميع قريب مجيب .


    تم نقله من كتاب مؤمنات لهن عند الله شأن
    تأليف الدكتور / محمد بكر إسماعيل

  • Font Size
    #2
    مشكوره اختي المحبه لدينها على الموضوع القيم ..... بارك الله فيك

    تعليق


    • Font Size
      #3
      بارك الله فيك اختي الكريمه
      اللهم يارب مسني وأهلي الضر وأنت أرحم الراحمين

      تعليق


      • Font Size
        #4
        المحبة لدينها
        شكرا لك
        موضوعك جميل

        تعليق


        • Font Size
          #5
          موضوع قيم أختي بارك الله فيكي


          تعليق

          Loading...


          يعمل...
          X