هل من ترياق يأخذه المرء منا فينسى أحزانه وآلامه وشجونه ؟
يقول زكي مبارك : " أحب أن أنسى ولكن .. أين بائع النسيان ؟ " .
فما من امرئٍ إلا ولديه ما يحتاج إلىنسيان .. كلنا نمتلك ملفات في صندوق ذاكرتنا ، يجب أن تُحرق تماماً : علاقة مُحطمة .. كبوة قاسية .. فشل ذريع .. أمل لم نبلغه .. غاية لم ندركها..
أشياء وأشياء يكفي تذكرها كي يلتاع الفؤاد وتهيج الروح .
فكيف ننسى ؟
كيف ننطلق للأمام غير عابئين بالماضي وآلامه !
متخطين أحزانه .. وجزعه .. وأهواله ؟
وفي الحقيقة إن النسيان أمر صعب ! إن لم يكن مستحيلاً ؛ وذلك لأن الذاكرة يستهويها الاحتفاظ بالتفاصيل المؤلمة ..
وتهوى أرشفة الحزن والألم واللوعة .
لكننا نستطيع أن نقفز فوق آلامنا وأحزاننا ، إن لم نستطع نسيانها؛ وذلك بفعل ما يلي :
1 - لا تُقِم مأتما بقلبك :
مُعظم من قابلتهم من البشر يدمن الحزن !
إننا - مع الأسف - نهوى إقامة المآتم في قلوبنا !
فنبكي على صديق قد خان ، ودهر يتقلب فتتقلب معه أحوالنا ..
نذرف الدمعة تلو الأخرى ، ونتذكر ما كان كل دقيقة وثانية ، دون أن نحاول غلق باب التذكر .
2 - افتح صندوقك الأسود :
فكما أننا بحاجة إلى هجر التذكر الدائم للآلام والمصائب؛ فإننا بحاجة كذلك إلى الحديث عما يؤلمنا .. !
وذلك لأن إغلاق القلب على الشيء المؤلم خطر ، تماماً كمداواة جروح الجسد دون إخراج الشظايا التي دخلته ..
فعاجلاً أو آجلاً سينتشر ما دفناه بالداخل !
3 - ثق بربك :
أن تكون هذه آخر النصائح ليس لكونها الأقل أهمية ؛ بل كي تكون خاتمة القول ..
فلا تُنسى أبداً .. فمَن غير الله يُعين المرء على نسيان آلامه وأحزانه ؟
يقول صلى الله عليه وسلم : " تفاءلوا بالخير تجدوه "، ويقول ربنا جل اسمه في الحديث القدسي :
" أنا عند ظني عبدي بي؛ فليظن بي ما يشاء " ..
فجعل ثقتنا به ، وحُسن ظننا بتقديره أول درجات الراحة والهناء ..
وفي المقابل فإن تشاؤمنا وحزننا ، وتزعزع ثقتنا بحوله وقوته بداية السوء والهلاك ..
يا صاحبي ..
ليس في محكمة الحياة استئناف !
أحكام ربنا نافذة ، لن يُجدي معها معارضة أو صراخ أو عويل .
إن قضى بحُكم ؛ فإن أفضل ما نفعله أن نُسلم له تسليماً مُطلقاً نهائياً !
و أن نقول كما علّمنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم : " قدّر الله وما شاء فعل " ..
فالتسليم بالمشيئة أحد أفضل ما يقوم به العقلاء ؛ بينما العويل والشكوى دلالة على اهتزاز العقل واضطرابه ..
وهو أيضاً دليل على ضعف الإيمان واهترائه .
تعليق