الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من تاريخ دمشق - يوميات شامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    من تاريخ دمشق - يوميات شامية

    من الكتب الشيقة التي كتبها شخص عادي من أهل الشام , في مرحلة ليست بعيدة , تناول فيها وعلى شكل مذكرات يومية , أهم الأحداث التي جرت في زمانه .
    المميز فيها , انها من الكتب النادرة التي وصلتنا عن هذه الفترة وتتحدث بالتفصيل عن مجريات الحياة العامة للحكام والناس بكل مشاربهم ومستوياتهن السياسية والفكرية والدينية والمهنية , حتى أنه لم ينسى عامة الناس وأخبارهم , ويطلعنا على عاداتهم وسلوكهم , عن لباسهم وطعامهم , عن افراحهم واحزانهم ومشاغلهم ومشاكلهم .
    سأقدم الكتاب في حلقات .
    أتمنى لكم المتعة والفائدة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    حمداً لمن تفرّد بالبقاء، وتوحّد بالربوبية والكبرياء، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأنبياء، وعلى آله الأصفياء وأصحابه الأتقياء.
    أما بعد، فإن حوادث دمشق الشام اليومية التي صدر غالبها في أيام الوزيرين العظيمين: سليمان باشا وأسعد باشا اللذين هما من أعيان وزراء بني العظم العظام، جمعها الفاضل شهاب الدين أحمد بن بدير البديري الشهير بالحلاق، من سنة 1154 إلى سنة 1176 قد اشتملت على غرائب وعجائب وأهوال، ولبساطة مؤلفها كتبها بلسان عامي، ثم أطنب بزيادات الحوادث وأدعية مسجعة يملُّ سامعها ويسأم قارؤها، فحذفت القشر من هذه الحوادث ووضعت اللباب، وهذبتها على حسب الاستطاعة بالصواب، وإليه تعالى المرجع والمآب، آمين.
    سنة 1154
    قال البديري رحمه الله ما معناه: وفي سنة 1154 كان والياً بالشام الحاج علي باشا من الأتراك وذلك بعد مضي إحدى عشرة سنة من جلوس مولانا السلطان محمود خان بن السلطان مصطفى خان، أيد الله عرش هذه الدولة إلى آخر الدوران.
    جرى على لسان العامة أنه سيحدث بدمشق الشام زلازل عظيمة تتهدم بسببها أماكن كثيرة، وأن الرجال ستقلب نساء، وأن أنهار الشام تجري طعاما. وتحدثوا في حوادث كثيرة من مثل هذه الخرافات، وصاروا يتداولونها فيما بينهم، ولم يحدث شيء فيما بعد من هذه السنة.
    وكانت هذه السنة سنة غلاء في الأقوات وغيرها، حتى بلغت أوقية السمن بخمس مصاري ونصف ورطل الأرز بستة عشر مصرية، ومد الشعير بثمان مصاري والخبز الأبيض باثني عشر مصرية ورطل الكعك بأربعة عشر مصرية والخبز الأسمر رطله بخمسة مصاري.
    وكان في العام الذي قبله الحاكم بدمشق الشام عثمان باشا المحصل، أخرج الأورطة التي للقبيقول من قلعة الشام. فمنهم من نفاه، ومنهم من قتله، والذي بقي كرّ له كور عمامته بعد شهادة جماعة من الناس بأنه غير زَرْبَه، ولا وقع منه فساد، وشتت شملهم في جميع البلاد، وكان ذلك إصلاحا. وقد قتل الشر من دمشق الشام واصطلحت أحوال الناس.
    وكان مجيء الجوخدار من الحج مبشراً في اليوم السابع والعشرين من شهر المحرم. ودخل الكَتّاب تلك السنة ليلة الأربعاء ثالث ليلة من شهر صفر. وكان الكَتّاب باكر بشة الحمامي ومعه جماعة. ودخول الحج إلى الشام كان نهار السبت ثاني يوم بعد مجيء الكَتّاب، ولم يزل ينجرّ وينسحب خمسة أيام حتى دخل المحمل. وذكر الحجاج أنهم داروا في هذه السنة دورتين بين الحرمين، وصار عليهم غلاء وبرد كثير، وقتل ابن مضيان شيخ العرب بين الحرمين بعد قتال وقع بينهم وبين والي الشام أمير الحج. ثم أقام مدة بعد مجيئه من الحج، والناس في أمن وأمان ثم عزل. ووجهت الدولة العلية على الشام سليمان باشا بن العظم، فأرسل سليمان باشا قبل دخوله للشام سلحداره زوج بنت الوفائي متسلماً وبقي نحو شهرين لم يدخل الشام، ثم أتى ونزل على البقاع، وأراد محاصرة جبل الدروز، فصالحوه بمال عظيم حتى أرضوه. ودخل الشام نهار الخميس ثاني عشر جمادى الثانية في هذه السنة المذكورة وهي سنة 1154. وبعد ثلاثة أيام من دخوله صلب ثلاثة أشقياء من العرب، وبعد ذلك أبقى كل شيء على حاله ولم يحرك ساكناً.
    وكانت السنة التي دخل فيها بمظهر اسمين من أسمائه تعالى: وهما قيوم حفيظ لسنة 1154، نظمها الشيخ عبد الرحمن البهلول أحد أدباء الشام ببيت، فقال:
    بهذا العام فيهم قد تجلى ... مع التاريخ قيوم حفيظ
    وفي هذه السنة كان صوم رمضان الجمعة، ثم ثبت في آخره أن الشهر كان أوله الخميس، وخرج المحمل الشريف مع الباشا في منتصف شوال نهار السبت، وثاني يوم جاء الحج الحلبي، ومعهم من العجم نحو الثلاث مئة. وبعد أربعة أيام خرج الحج، وبقيت شرذمة من الحاج لأجل دفتر دار السلطان محمود خان، فخرج ثاني يوم الخميس، وخروج الحاج كان في كانون الأول والبرد في غاية الشدة، وبقي الصقيع والجليد في الأرض نحواً من خمسة وعشرين يوماً، والشمس طالعة والجليد لا يذوب، حتى قيل إنه ما رؤي مثلها، فقد يبست الأشجار، وعدمت الثمار على الخصوص الليمون والكباد والنارنج، حتى بيع رطل الفحم بالشام بثلاثة مصاري. وأخبرت المزيرباتية بعد رجوعهم أنه بيع رطل الفحم كل ثلاثة أرطال بقرش.
    التعديل الأخير تم بواسطة فارس عمر; الساعة 05-10-2012, 08:45 AM.

  • Font Size
    #2
    رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

    وفي هذه السنة خرجت الجردة نهار السبت السابع والعشرين من ذي القعدة، وصار عليها سردار يعقوب باشا المتولي على مدينة حلب، وقد ذكر له سيرة مرضية وعدل بالرعية.
    قال الشيخ أحمد البديري: وقد قلت في هذا العام، وهو عام 1154 هذا المواليا في حق من أظهر الكذب والأراجيف التي قدمنا ذكرها، حيث قلت:
    من كثر كذب الروافض دبّ فينا الشيب ... ما يعلموا الكذب أنه من شروط العيب
    من جهة الزلزلة قالوا كلام الريب ... هم الملاعين صاروا يعلموا بالغيب
    غيره:
    في ليلة السبت خامس عشر في محرم ... مالو لقول الروافض زور ومحرّم
    من جهة الزلزلة النوم تحرم ... من نام تحت السقوفة يا أخي بالليل
    شم الهوى بين أطرافه بيتحرم
    غيره
    يا ناس كذب الروافض شاع في الأقطار ... وصيّرونا نسا نقعد بوسط الدار
    ينزل عليهم غضب واحد أحد قهار ... روّعوا الخلق في هل زلزلة يا ناس
    همو حمير اليهود جوا سقر في النار
    غيره
    بثبوت إن الرافض يوم الحشر يا أخيار ... حمير للركب للخاخان والجوقار
    راموا دسيسة بجلّق عمت الأقطار ... في ليلة السبت قالوا الزلزلة بتصير
    هل يعلم الغيب إلا الواحد القهار
    غيره
    في ليلة السبت قالوا الزلزلة بتصير ... والطفل من عجبها بين الورى بتحير
    أسألك يا رب بمن جا للأنام بشير ... تمسح روافض أهل الشام يا معبود
    واحرق آباهم وغوّر كورهم والبير
    قد قالت الناس كذبة ما سمعناها ... أنهار الشام يا أخي ينقع ماءها
    تجري طعام بدال الماء مجراها ... فاختية ورز أصفر ولحم سمين
    قوموا انظروا للكبب والسمن غطّاها
    غيره
    سمعت واحد يقول يا أخي قساطلكم ... هي عاطلة تاقوم معكم أعاونكم
    لأن أدهان ها الألوان تساعدكم ... وتخبوها لأيام الغلا والقحط
    لا يحبسوها الكبب في دربها عنكم
    غيره
    في سنة أربع مع الخمسين يا سادات ... سمعت أخبار ما سمعت بها عادات
    زادوا بإسرافهم ما سمعوا الكلمات ... الكل لله والأعمال بالنيات
    غيره
    استغفر الله ربي باعث الأرزاق ... واحد مهيمن تجد كلها إطلاق
    وامدح المصطفى هو صفوة الخلاق ... يغفر لكم ومعكم أحمد الحلاق
    سنة 1155
    ثم دخلت سنة 1155 وأولها يوم الخميس وهو أول المحرم. وبعد خمسة أيام كان أول آذار. وفي تلك الأيام ظهر كوكب وصار يطلع كل ليلة من جهة الشرق من نصف الليل إلى طلوع الفجر، وله ذنب طويل، ومكث أياماً ثم غاب. وقد عمل بعضهم تاريخاً يتضمن تاريخاً لدخول هذه السنة وهي:
    نحمد الله الذي أوهبنا ... حسن عام وحبانا بالكرم
    هلّ هذا العام يا قوم انظروا ... لفظة التاريخ فألاّ يغتنم
    فاضرعوا لله في إتمامه ... بنجاح إنكم خير أمم
    وابشروا يا أمة الهادي الذي ... خصه الله بفضل وحكم
    فضل ربي عمّنا تكرمة ... ليس يحصى شكر هاتيك النعم
    وكذا كل الورى قد عمهم ... لطفه سبحانه باري النسم
    وخصوصا عصبة الشام التي ... هي للأبدال مأوى ملتزم
    كيف والسادات قد حلّوا بها ... سرّهم عمّ لسهل وأكم
    فاشكروا الله على عام أتى ... أظهر التاريخ حفظاً ونعم
    وكان دخول جوقدار سليمان باشا الوزير ابن العظم سنة 1155 في يوم السبت الواقع في رابع وعشرين من شهر محرم من السنة المذكورة. وفي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من المحرم أقبل كتّاب الحج الشريف. وثارت في اليوم المذكور ريح شديد يومين وليلتين قلعت أشجاراً كثيرة وهدمت أماكن لا تحصى، ووقع فرع عظيم من شجرة الخرنوبة التي في الحضرة على رأس غلام مراهق فمات لوقته ورجلين آخرين فهشّمهم، وسكن الريح بوقته.

    وفي يوم الاثنين ثالث صفر من السنة المذكورة دخل الحاج الشامي إلى دمشق، ودخل سليمان باشا العظم ثاني يوم. وكان صحبته يعقوب باشا سردار الجردة المنفصل عن حلب. وكان الحج في تلك السنة بأمن وأمان ورخاء ورخص، غير أن الباشا ذهب بين الحرمين من قبا وخرج من جبل عرفات من عند قبة النور، وآب راجعاً من الطريق الذي جاء منه علي باشا.
    قال البديري: وفي ذلك العام تأخر مجيء الفرمان المقرر على سليمان باشا عظم زاده فلغطت الأراذل والأسافل بالقول والفعل وأظهروا بدعاً كثيرة من محض الحرام، ولا زالوا على تلك الأحوال حتى جاء الفرمان، وكان دخوله صبيحة رابع جمادى الثانية من السنة المذكورة، وكان القاضي بالشام عبد الوهاب أفندي الملقب أبا زاده. وفي ذلك العام أمر فتحي أفندي ابن القلانسي الدفتري في تعمير طريق الصالحية، فقلب بلاطه وعمر صفته وأصلح حاله مع الناس.
    وفي غرة رجب المبارك من السنة وهي سنة 1155 جاءتنا جارية مباركة، وكنا قد اشترينا لنا منزلاً جديداً في محلة التعديل، وكنا في ضيق فقلنا: لعل بقدومها يحصل لنا الفتح والفاتحة، فسميناها صالحة، جعلها الله تعالى فالحة.
    وفي 22 من جمادى الثانية عمل حضرة سليمان باشا العظم ديوانا، وجمع فيه الأفندية والأغاوات، وأخرج خطاً شريفاً بالعدل والتفتيش على المفسدين في دمشق من الإنكشارية، وطلب رؤساء الميدان وهم الأغاوات للحضور، فأبوا وأرسلوا له يسألونه ما يريد، فأرسل يطلب منهم سنة عشر رجلاً من الأشقياء الذين يسمونهم باصطلاحهم زرباوات، فأرسلوا له يقولون له: نحن لا نقدر على إلقاء القبض عليهم فدونك وإياهم. فبالحال أزال عنهم كدكاتهم، ووجّهها على غيرهم وأعطى أسماءهم للدلاّل، وأمره أن ينادي في شوارع الشام أن هؤلاء الستة عشر دمهم مهدور ولا جناح على من قتلهم وغيرهم في أمن وأمان من سليمان باشا. ففرحت الناس أجمعين، لأنهم كانوا من أعظم المفسدين. وثاني يوم قتلت الدالاتية رجلاً إنكشارياً، فهربت الناس وسكّرت دمشق الشام. فسأل الباشا عن ذلك، فقيل له إن بعض الموصلية والبغّادة الذين كانوا قبقول وطردوا في زمن عثمان باشا المحصل حين قتلوا بعض الإنكشارية مرادهم الآن يعملوا فتن. فأمر منادياً ينادي أن لا يبقى بعد ثلاثة أيام أحد من الموصلية والبغادة والقبقول، وكل من بقي منهم يصلب وماله ينهب.
    وفي 24 من جمادى من هذه السنة دخل القاضي محمد أفندي الملقب بفندق زاده، ونزل في الصالحية، وكان الباقي من مدة القاضي القديم أربعة. وبعد إتمامهم باشر القاضي الجديد وظيفته في المحكمة.
    وفي عشية ليلة الثلاثاء ثالث رجب من هذه السنة ارتحل سليمان باشا طالباً قتال الظاهر عمر حاكم قلعة طبرية ومعه عسكر عظيم أكثره دالاتية، وأخذ معه القنابر واللغمجية والطوبجية الذين جاءوا من اصطنبول بطلب منه، ثم وصل إليها وحاصرها حصاراً شديداً، وأرسل حضرة سليمان باشا يطلب من أهل الشام سلالم. فأرسلوا له ما طلب، وبعد مدة أرسل يطلب فعّالة وبساتنية ويكون معهم مرور ومساحي ومجلاف، فأرسل جميع ما طلب إليه. ولم يزل محاصراً القلعة، وهو يضرب عليها بالمدافع والقنابر، ولم يؤثر فيها، وقد ساعدته الدروز وأهل نابلس ونائب القدس خليل آغا ابن أبو شنب وعرب بني صخر وعرب السقر مع قعدان بن ظاهر السلامة. وقد ضيقوا على أهل القلعة الحصار. لكن أخبر بعض أهل طبرية بأن المحصورين بالقلعة ما حصل لهم ضيق لأن مؤنهم كثيرة، وقيل إن باب القلعة يفتح في وقت مخصوص، وبعض الناس تغدو إليهم وتروح بما يطلبون. وقد قبض على ذخيرة مرسلة لهم، وذلك بأن أهل دير حنا وفيها أخو الظاهر عمر أرسل لأخيه كتاباً مع شخص، وأرسل ذخيرة بارود وخلافها مع أشخاص، فألقى رجل من عسكر سليمان باشا القبض على الشخص الذي معه المكتوب، وذلك بعد تفتيشه وجد الكتاب موضوعاً في نعله؛ فأخذ حضرة الباشا الكتاب وقرأه وقرّره فأقر بالنجدة والذخيرة المرسلة لأخي الظاهر عمر، فحالاً أمر سليمان باشا بقتله، وأرسل جماعة للقوم الذين معهم الذخيرة فأخذت منهم، وقتلوا غالبهم، وقطعت رؤوسهم، وأرسلها سليمان باشا إلى إسلامبول، وشدّد الحصار، وأرسل سليمان باشا لأخي الظاهر عمر الذي في دير حنا يقول له: إذا فرغنا من أخيك جئنا إن شاء الله إليك. وستأتي تتمة فتحها إن شاء الله تعالى.


    التعديل الأخير تم بواسطة فارس عمر; الساعة 05-10-2012, 08:46 AM.

    تعليق


    • Font Size
      #3
      رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

      وكان هلال رمضان في هذه السنة نهار الاثنين وأثبت بعد العشاء، وأشعلت القناديل في سائر مآذن الشام، وضربت مدافع الإثبات في منتصف الليل، وحصل للناس زحمة في حركة السحور، حتى فتحت دكاكين الطعام ليلاً كالخبازين والسمّانين.
      وفي تاسع رمضان المذكور هطلت أمطار غزيرة على عامة البلاد ولله الحمد. وغرق مركب بساحل صيدا بتلك المدة، وكان قادماً من مصر وفيه أرزاق كثيرة، عوّض الله أصحابها خيراً، قيل إنه غرق في نوء قاسم كوى. وجاءت الصرة من إسلامبول يوم الجمعة، وجاءت الخزنة السلطانية من مصر يوم السبت ثالث عشر من رمضان، وقد تأخرت عن وقتها، وكان صنجقها عمر بك.
      وجاءت البلطجية من إسلامبول نهار الاثنين في الشهر المذكور ومع ذلك حضرة سليمان باشا العظم في حصار طبرية، وقد شدّد على أهلها كما يأتي.
      وفي يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من هذا الشهر شهر رمضان توفي الرجل الصالح الحاج أحمد الحلاق بن حشيش، كان رجلاً صالحاً رأى العجائب لأنه كثير السايحة، وكان حسن المعاشرة والوداد، وكان حلاقاً لفرد زمانه وقطب أوانه الشيخ عبد الغني النابلسي قدّس سره، وكان يحلق أيضاً للشيخ مراد أفندي النقشبندي الكسيح، ولعمدة مذهب السادة الشافعية شيخنا محمد العجلوني ولأمثالهم، وكان يحلق مجاناً للفقراء من طلبة العلم وغيرهم. ومن صلاحه وتقواه أنه ما وضع يده على مريض إذا رمد وقرأ ما تيسر إلا شفاه الله وعافاه. قال مؤرخها الحلاق الشيخ أحمد البديري: وكان صاحب الترجمة أستاذي ومعلمي في صنعة الحلاقة، ومنه حصل لي الفتوح والبركة، رحمه الله تعالى.
      وثاني يوم الأربعاء توفي الشيخ مصطفى المغربل، وكان رجلاً ديناً أخذ الطريق من الأستاذ الشيخ يوسف الطباخ.
      وفي تلك الأوقات اشتد الغلاء في سائر الأشياء سيما المأكولات، مع وجود الأغلال وغيرها، فمن عدم تفتيش الحكام صار البياعون يبيعون بما أرادوا غير أن الغنم كان قليلاً جداً فصار الجزارون يذبحون الجاموس والجمل والمعز، فصار يباع رطل اللحم الشامي بثلاثين مصرية، ورطل إلية الغنم بقرش وربع، والبيض كل ثنتين بمصرية، والسمن رطل وأوقتين بقرش، والثوم رطله بثلاثين مصرية، ورطل الخبز بأربع مصاري وبخمسة مصاري وبأكثر. وقد كان بثلاث مصاري ونصف. فبقدوم شهر رمضان المبارك غلت الأسعار حتى الخضر، فقد كان قبل رمضان الكوسا كل مائة بمصرية، فلما هلّ رمضان صار خمسة وأربعة بمصرية، والباذنجان كل رطلين بمصرية، فصار كل رطل بمصريتين، واللحم عدم، وكل ذلك من عدم تفتيش الحكام.
      وكان نهار عيد الفطر يوم الأربعاء، وقد صمناه ثلاثين يوماً بإكمال العدة، فدخل العيد، ولم يأت حضرة والي الشام سليمان باشا من الدورة، بل هو للآن مقيم على حصار قلعة طبرية.
      وفي يوم السبت رابع شوال جاء تبشير رسمي من حضرة سليمان باشا بفتوح قلعة طبرية، فضربت المدافع وعملوا الزينة ودقت الطبول والزمور.
      وثاني يوم الأحد دخل حضرة سليمان باشا العظم إلى دمشق، فسبق كخيته والعسكر، وترك على قلعة طبرية على أغابن الترجمان، وعنده بعض العسكر والفعالة، وأمره أن لا يقدم دمشق حتى يخرّبها بعد إخراج أهلها منها.
      التعديل الأخير تم بواسطة فارس عمر; الساعة 05-10-2012, 08:47 AM.

      تعليق


      • Font Size
        #4
        رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

        قال المؤرخ: وبلغني أن سبب فتحها أنه لما اشتد الحصار على أهلها، وقد قلّ الزاد من عندهم ولم يتمكنوا من جلب قوت مما قد أحاط بهم من العساكر والعربان وأنه بعد ضرب المدافع والقنابر أمر حضرة سليمان باشا بحفر خنادق ولغم طوله مئتان وثمانون ذراعا، ولما بلغهم ذلك ضاقت عليهم الدنيا وازداد فزعهم، أرسل الظاهر عمر المحصور شيخ طبرية إلى عمر بك صنجق الخزنة المصرية التي تأتي للدولة العلية بهيئة وافرة ليتوسط بالصلح بينه وبين حضرة سليمان باشا، وكان ذلك قبل وصوله ووصول الخزنة لدمشق. فلما وصلت سار عمر بك، ودخل على حضرة سليمان باشا حاكماً بمصر. وكان عمر بك رجلاً وقوراً كبير السن، وقال له: يا حضرة الوزير، أنا رجل كبير السن بمنزلة والدك، وإن كنت من جملة خدمك، وداخل على جاهك في الصلح بينك وبين عبد نعمتك ودولتك الظاهر عمر شيخ طبرية والصفح من شيم الكرام، وأنتم الكرام لا سواكم. فأجابه حضرة الباشا بأنه يصير خير إن شاء الله تعالى. ولما كان ثاني أيام العيد، عيد الفطر اشتد على أهل طبرية الأمر، وزاد عليهم الحصر، خرجوا إلى أعلى الأسوار رافعين أصواتهم ينادون حضرة علي آغا الترجمان، ولما قرب منهم قالوا له: لك الأمان ادخل الباب فأخذ الإذن من الباشا ودخل الباب. وكان حضرة سليمان باشا قد أدركه السفر إلى الحاج، فدخل علي آغا إلى قلعة طبرية فتلقّوه كذا المشايخ ومعهم الظاهر عمر، فوقعوا على قدميه وصاروا يبكون حواليه، وعملوا له عشرة أكياس، ليدخل بينهم وبين حضرة سليمان باشا بالصلح، ثم خرجت النساء والأطفال والشيوخ يبكون وينتحبون فرقّ لهم، وسار طالباً حضرة الباشا، فلما وصل إليه وقع على قدميه، ووعظه بالحلم والإشفاق، وذكر له فضائل محاسن الأخلاق، فرقّ قلبه وأجاب سؤاله فلما علم المحصورون وتحققوا أن حضرة الباشا عفاعنهم وصفح خرجت النساء والرجال والأطفال، وفي رقابهم المحارم وعليهم الذل رافعين أكفّ الضراعة بالمسكنة، وضاجّين بالأدعية له وللسلطان الأعظم، ودفعوا لحضرته مئتا كذا كيس من المال بعدما أخذ ابن الظاهر عمر رهينة وأتى إليه إلى الشام، وأرسل جماعة لهدم القلعة وإبادتها.
        قال المؤرخ: هكذا حدّث بذلك علي آغا شاطر باشي، وقد نقلت لنا على غير هذا الوجه. والله أعلم بحقيقة الحال.
        وفي يوم الجمعة عاشر شوال من هذه السنة توفي الحسيب النسيب السيد عبد الله بن عجلان نقيب السادة الأشراف بالشام، ودفن بمدفنهم في سوق الغنم لضيق جامع المرادية، وكان يومئذ معزولاً عن النقابة وهي على ابن أخيه السيد علي أفندي. وفي ذلك اليوم عزل السيد علي أفندي عن النقابة، ووجهت على السيد محمد أفندي بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، وفي ذلك اليوم أيضاً عزل حامد أفندي ابن العمادي عن وظيفة الإفتاء ووجهت إلى ابن عمه محمد أفندي ابن العمادي.
        قال المؤرخ رحمه الله: وفي ليلة السبت حادي عشر شوّال توفيت والدتي في الثلث الأول من الليل، رحمها الله وعفا عنها وبرّد مضجعها، وقد فارقت الدنيا وأنا بين رجليها نائم، وكانت من القانتات العابدات تصلّي نوافل الليل، ولها أوراد، إلى آخر ما قال.
        وفي ذلك الشهر من هذه السنة بعد صلاة الجمعة خرج المحمل الشريف مع الوزير الخطير سليمان باشا بن العظم. وثاني يوم السبت جاء الحج الحلبي ومعه ألف وسبع مئة عجمي. وفي عشرين شوال خرج الحج، من البلد شيئاً فشيئاً. وقبل سفر الوزير سليمان باشا عمل ديواناً وأحضر الأعيان، وأظهر الفرمان الذي فيه قتل الزرباوات أي المفسدين من الإنكشارية، وقال لمن حضر: هذا الفرمان الذي أمره مفوض لنا قد ألغيناه وعفونا عنهم، وعُدّ ذلك من حسناته.
        وكان أول يوم فصل الشتاء في هذه السنة من يوم الأربعاء تاسع وعشرين شوال وهو يوم دخول المزيرباتية، وأقام الباشا في المزيريب أربعة أيام ورحل في اليوم الخامس، وشال الحج عرب بني صخر وقد كان كل شيء رخيص من جميع البضائع ماعدا المعموك، والشعير المدّ بنصف وقرش، وقد رجع من الغلمان خلق كثير، وأمطرت السماء مطراً غزيراً يوم مجيء المزيرباتية بعد أن قنطوا، فاستبشرت عموم الخلق وحمدوا الباري على لطفه.

        تعليق


        • Font Size
          #5
          رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

          ونحن نحتفل بدمشق عاصمة للثقافة العربية تحل الذكرى المئوية لميلاد المؤرخ العربي المصري الدكتور أحمد عزت عبد الكريم, ويمكن إدراك مكانة الدكتور عبد الكريم عندما نذكر أنه أول من أسهم في إلقاء الضوء على حقبة زمنية تكاد أن تكون مجهولة من تاريخ دمشق, فهو من قام بتحقيق ونشر يوميات الحلاق البديري, وأطلق عليها حوادث دمشق اليومية, ضمن مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية التي تولى رئاستها في أواسط الستينيات خلفاً للدكتور أحمد بدوي, وكان تحقيقه لحوادث دمشق اليومية تحقيقاً علمياً أكاديمياً لأوراق يومية وجدها هامة, وبالتأكيد فإن يوميات البديري تعد كنزاً ثميناً لأنها تلقي الضوء على أحداث ووقائع كان المؤلف شاهداً عليها.‏
          ونستنتج مما جاء في المقدمة أربعة إسهامات في إخراج كتاب (حوادث دمشق اليومية) إلى الوجود, الأول كتابة البديري الحلاق نفسه, والثاني إنقاذ الكتاب من التلف على يد الشيخ طاهر الجزائري, والثالث تنقيح الشيخ محمد سعيد القاسمي للكتاب والرابع عمل الدكتور أحمد عبد الكريم على تحقيقه وطبعه لأول مرة منذ خمسين عاماً.‏
          وقد بقي الكتاب مهملاً حتى الثمانينيات عندما بدأ بعض الكتاب المهتمين بدمشق يشيرون إليه, وجرت طباعته مرة ثانية لكن تبقى الأهمية الأكبر للكتاب لطبعة القاهرة ,1959 ولاسيما المقدمة وطريقة التحقيق, إذ لا تقل المقدمة التي كتبها الدكتور عبد الكريم أهمية عن المذكرات نفسها.‏
          عندما حقق الدكتور عبد الكريم حوادث دمشق اليومية كان في الخمسين من العمر في أوج شهرته العلمية الأكاديمية, فكان تحقيق الباحث عن الحقيقة, وحسب الإهداء المثبت في الكتاب عاش الدكتور عبد الكريم في دمشق ثلاث سنوات, حيث جاء في الإهداء:‏
          إلى دمشق المدينة العربية الخالدة.. أهدي هذا الكتاب في حقبة من تاريخها.. ذكرى السنوات الجميلة التي أمضيتها بها ( 1946- 1949).‏
          ولد الدكتور أحمد عزت عبد الكريم في عام 1908 حصل على الدكتوراه عام 1941 وكان أول من ينال الدكتوراه في التاريخ من طلبة جامعة عين شمس, وتولى رئاسة الجامعة وقرر تدريس مادتين فيها هما التاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي, وامتدت استاذيته إلى كثير من الجامعات العربية والأجنبية من كتاباته, ومن أهم كتبه التقسيم الإداري لسورية في العهد العثماني, ودراسات في تاريخ العربي الحديث, وابن اياس, وكان يؤكد على تفسير التاريخ اجتماعياً واقتصادياًَ.‏
          كما ترأس الجمعية التاريخية المصرية, ومنح لقب شيخ المؤرخين المصريين وكان ينتمي إلى الجيل الثاني من المؤرخين المصريين الرواد أمثال محمد شفيق غربال, ومحمد فؤاد شكري. توفي الدكتور عبد الكريم في عام 1980 وصادف يوم وفاته يوم وفاة الفنان رشدي أباظة, وطغى تاريخ رشدي أباظة على تاريخ هذا العملاق بفعل اهتمامات الإعلام, ولم ينشر عن وفاته إلا كلمات قليلة كتبها كمال الملاخ في آخر صفحة في جريدة الأهرام.‏
          ويعتبر كتاب ( حوادث دمشق اليومية) من أشهر المؤلفات التي تحدثت عن هذه المدينة في فترة معينة, فهو يتناول بعض وقائع المدينة خلال واحد وعشرين عاماً في أواسط القرن الثامن عشر من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والقضائية, وتحديداً من عام 1741 إلى عام .1762‏
          وقد أصبح الكتاب فيما بعد مادة دسمة لمسلسلات تلفزيونية سطى مؤلفوها على الكتاب وأخذت منه نتفاً, وقدمت ذلك التاريخ بصورة مشوهة, وكان أولها مسلسل سفر لحاتم علي ثم مسلسل شام شريف لدعيبس, وآخرها حصرم شامي لسيف سبيعي, واعتمد مسلسل الخوالي على يوميات البديري في تصوير طقوس الحج وانطلاق قوافله من دمشق.‏

          تعليق


          • Font Size
            #6
            رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

            البُدَيْري الحلاق
            (ت نحو 1175هـ/1761 ـ 1762م)

            شهاب الدين أحمد بن بُدير، المعروف بالبُدَيْري الحلاّق. مدوّن شعبي، ناظم للمواليا، متصوف في حياته ومعاشه. يتحدر من أسرة شعبية غير معروفة كانت تقطن في ضاحية القبيبات في حي الميدان بدمشق. ولم تحدد المراجع سنة ولادته، ولم تذكر إلا القليل من أخباره أو أخبار أسرته التي كانت تمتهن الحلاقة، فورث البديري عن جده وأبيه تلك المهنة، ونسب إليها، ومارسها في دكان صغير اتخذه قرب قصر أسعد باشا العظم حاكم دمشق. وكان هذا الموضع يجتذب نشاط المدينة وأحداثها اليومية الرسمية التي كان يشاهدها البديري الحلاق عياناً كل يوم. فتختزنها ذاكرته ويسجلها قلمه إضافة إلى مرويات زبائنه الكثيرين الذين كانوا ينتمون إلى مختلف فئات الشعب، وكانوا يروون له همومهم المعاشية والأمنية اليومية، في عصر كانت تسوده فتن العسكر العثمانيين وتمردهم واستبدادهم. وكان يقف على مايجري في أنحاء دمشق من حوادث وأفراح ومآس ومواسم وأعياد.
            كل هذه المشاهدات والمسموعات حركت إحساسات البديري الحلاق، فراح يسجلها بعد نضجه، بعفوية المدون الشعبي، على مدى عشرين سنة في صفحات عرفت بعدما ظهرت باسم «حوادث دمشق اليومية»، أو مذكّرات البديري الحلاق.
            ظلت هذه المدونات مغمورة ضائعة مدة طويلة وقد تعددت الروايات في كيفية العثور عليها، واستقرارها في مكتبة الشيخ طاهر الجزائري، الذي احتفظ بها وأعجب بمضمونها بعدما عرف قيمتها التاريخية. كما أُعجبَ بها الشيخ محمد القاسمي واستأذن الشيخ طاهر الجزائري بنسخها، ومن ثم عكف على دراستها وتهذيبها وتنقيحها، ولما كان البديري قد سجل يومياته بلغته العامية العفوية، فقد عمل الشيخ القاسمي على إخراجها بحلة جديدة وبعنوان جديد وسماها «تنقيح الشيح محمد سعيد القاسمي لحوادث دمشق اليومية». ومنذ ذلك الحين اختفت النسخة الأصلية العامية ونُسيت ولم يبق إلى اليوم إلا تهذيب الشيخ القاسمي. ووجدت منه نسختان في المكتبة الظاهرية بدمشق، وأخرى في مكتبة أحمد تيمور باشا في دار الكتب المصرية بالقاهرة.
            وفي سنة 1959م، قام أحمد عزت عبد الكريم ، بدراسة هاتين النسختين المهذبتين، وتعهدهما بالإصلاح والتعليق ثم نشر هذه اليوميات بعد أن وضع لها مقدمة.
            بدأ البديري تسجيل مذكراته ويومياته سنة 1154هـ/1741م واستمر في التسجيل إلى سنة 1175هـ/1762م. ولعل هذه السنة هي سنة وفاته، إذ توقفت بعدها يومياته، التي اكتسبت أهميتها من كونها صورة عفوية صادقة عن العصر الذي عاش فيه، من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والأمنية. وكانت تدور حول الموضوعات الآتية:
            ـ أخبار باشوات دمشق وأصحاب المناصب فيها وخاصة الولاة، وقد استغرقت هذه الأخبار معظم صفحات اليوميات.
            ـ أخبار الفتن التي كانت تقوم بها طوائف العسكر العثماني في بلاد الشام وانعكاساتها على حياة الشعب الأمنية والمعاشية.
            ـ أخبار مواكب الحج واهتمامات الناس بها وحفلات وداع الحجيج واستقباله وما يرافق ذلك من عادات وتقاليد وزينات وكذلك أخبارمختلف المناسبات الدينية.
            ـ أخبار الحالة الاقتصادية والمعاشية في البلد وأسعار المواد التموينية في حال نقصها وارتفاع أسعارها وما يعانيه الشعب من إرهاق وضيق ينعكس على حالته الاجتماعية.
            ـ أخبار بعض رؤساء الطوائف، ونقباء الحِرَف ومعلمي المهن الذين كان لهم تأثير في حياة دمشق الاجتماعية والاقتصادية.
            ـ أخبار بعض المتصوفين وأصحاب الكرامات، ومايرافقها من قصص الغيبيات، التي كانت موضع اهتمام معظم أفراد الشعب في حينها.
            ـ كما تضمنت اليوميات منظومات المواليا، التي شغلت مايقارب 11ـ15 صفحة. وكلها تصوير لأخلاق بعض فئات الشعب، ولاسيما المنافقين وتأثيرهم في أخلاق المجتمع.
            ـ كما حوت اليوميات كثيراً من التعليقات والحواشي التي تناثرت على هوامش الصفحات وأطرافها. ومعظمها يتضمن وجهة نظر البديري وتعليقه على بعض الحوادث والقصص.
            ومن الطرائف أن البديري الحلاق لم يذكر في هذه اليوميات شيئاً عن أخباره أو أخبار أسرته ولا سنة ولادته ومسار حياته في صباه أو شبابه ولا أخبار البيئة التي عاش فيها.

            زهير حميدان
            مراجع للاستزادة

            ـ أحمد البديري، حوادث دمشق اليومية، حققها ونشرها عزت عبد الكريم (مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية).
            ـ صلاح المنجد، معجم المؤرخين الدمشقيين (دار الكتاب الجديد، بيروت 1987م).

            تعليق


            • Font Size
              #7
              رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

              وفي عاشر ذي القعدة دخل مصطفى باشا متولي طرابلس الشام نهار الاثنين إلى دمشق، عينته الدولة العلية سرداراً على الجردة. والمذكور كان سفاكاً للدماء ظلوماً غشوماً أهرق دماء كثيرة حينما كان في طرابلس، وكان غالب قتله بالكلاب والشنكل، يترك الرجل حتى يموت جوعاً وعطشاً، فهربت غالب أهالي طرابلس من ظلمه وتفرقوا في البلاد، وأرسل أعوانه في طلب الهاربين، فالذي قبضوا عليه كان من الهالكين. وبعد مجيئه لدمشق وقعت فتنة بين الدالاتية التي للمتسلم وبين لاوند الأكراد، وقتل من الفريقين جماعة، وكانت تلك الفتنة في يوم الجمعة، حتى بطلت صلاة الجمعة في كثير من الجوامع.
              وفي غرة ذي الحجة ختام السنة المذكورة توفي الشيخ محمد الكيال وكان من رؤساء المؤذنين في جامع الأموي، وكان رجلاً صالحاً، وكان ينسخ كتباً وغيرها بخط مقبول، وكان ينام والقلم بيده ويفيق ويكتب من غير نظر للكتابة، وقد عُدّت له كرامة.
              وفي ذلك اليوم جاء خبر قتل متسلم دمشق، قتله عرب الزبيد وقتلوا من جنده جماعة كثيرة، وذلك لما كانت هذه العرب عاصية على الدولة خرج المتسلم المذكور ومعه جماعة من العسكر، فساروا حتى وصلوا للعرب المذكورة، ففاجأهم المتسلم وجنوده على حين غفلة بالقتل وغيره، وأرادوا أخذ أموالهم ومواشيهم، فردوا عليهم رد غيور صبور فقتلوا المتسلم المذكور وجماعة من عسكره، فحين بلغ هذا الأمر أكابر دمشق عملوا ديواناً ثم أمروا منادياً ينادي: من أراد طاعة الله والسلطان ممن له قدرة وقوة على الركوب فلا يتخلف، فالغارة الغارة على عرب الزبيد الذين قتلوا المتسلم وعسكره، فخرجت الإنكشارية والسباهية والزعماء، عينوا نائباً بدمشق حسين آغا بن القطيفاني، المتولي على وقف المرحوم سنان باشا، ثم ساروا للعرب، ورجعوا ومعهم جسد المتسلم المقتول، وهو في حالة عبرة لمن اعتبر، ثم غسلوه في سراية الحكم ودفنوه في باب الصغير. وكان اسمه إبراهيم، وهو مملوك سليمان باشا بن العظم حاكم الشام، وكان مع عدل مولاه، له ظلم وعدوان وجرأة على الخاص والعام، وكان يأمر بالقبض على كل من رآه بعد العشاء، ويأمر بتقييده في الحال بالحديد، إلى أن يأخذ منه مال كثير، وإذا أذنب أحد ذنباً، ولم يقدر على قبضه يقبض من يقدر عليه من أهله وقرابته، ويلزمه بمال عظيم، وإذا نهاه أحد عن تلك الأحوال يحرد، ويطلب الارتحال، ولا زال بظلمه وعتوه، إلى أن أخذه الله. وقيل سبب تدميره أنه جاءه شيخ الجبلة، الفحيلي، وقال له سراً: قم حتى أكسبك كثيراً من الغنائم، ولم يعلم أحد من كبراء الشام، سوى قومه الطغاة، فذهب هو وقومه حتى وصل إلى اللجاة، فلما وصل إلى تلك القبيلة ساق أموالهم والحريم، فارتدت عليه العرب، وأخذ عليه واحد منهم نيشاناً فضربه ولم يخطئه، وتركه ملقى قتيلاً وقتلوا جماعة من قومه، ذلك بما قدمت يداه.
              وفي نهار السبت منتصف ذي الحجة، توفي أبونا ووالدنا وأستاذنا ومربينا سليمان بن الحشيش الحكواتي رحمه لله. كان فريد عصره ووحيداً في أوانه. وكان يحكي سيرة الظاهر وعنترة وسيف، ونوادر غريبة في التركي والعربي، ومع ذلك فهو أمي لا يقرأ ولا يكتب. وكان أشقر أبرص، شديد البياض إلاّ أنه بحر خضم لا يخاض رحمه الله.
              وفي يوم السبت خامس عشر ذي الحجة توفي المرحوم عبد العزيز أفندي السفرجلاني، وكان فقيهاً محباً للعلماء، مقبولاً عند الحكام مهاباً وقوراً، وأعطي جاهاً لن ينله أحد من بني السفرجلاني، محباً لفعل الخير، ولهذا حصل له القبول عند الخاص والعام.
              وفي أوائل الشتاء من آخر هذه السنة قلت الأمطار، ويئست الخلق ونهض الغلاء على قدم وساق، فأغاث الله عباده بالأمطار كالبحار، وذلك في ابتداء كانون الثاني، واستمر ليلاً مع نهار لا يفتر، وأثلجت الدنيا سبع مرات، واستمر ذلك خمسة وأربعين يوماً، وتهدمت أماكن كثيرة بحيث ما بقي محل ولا جهة في الشام إلا ووقع الهدم فيها، ثم بعد ذلك طلعت الشمس، وأحيا الله الأرض بعد موتها.
              سنة 1156
              ثم دخلت سنة 1156، ألف ومئة وستة وخمسين نهار الاثنين غرة محرم، جعلها الله سنة خير ورحمة وبركة. وكان والياً بدمشق الشام سليمان باشا العظم، وهو في ركب الحج الشريف.

              تعليق


              • Font Size
                #8
                رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

                وقد هلَّ هذا العام الجديد، ورطل الخبز الشامي بأربع مصاري وبخمسة، ورطل الأرز بثمانية مصاري، ورطل الدبس بثمانية مصاري، وأوقية السمن بستة مصاري ولا توجد، مع أنه كان من نحو شهر كل رطل وثمانية أواق بقرش، ولكن الخزان ما أبقى للفقراء قمصان، وأوقية العسل بخمسة مصاري، ورطل اللحم الضأن بثلاثين مصرية ورطل الثوم باثني عشر مصرية، ورطل لحم الجاموس ولحم البقر بعشرين مصرية، وأوقية الزيت بمصريتين وقطعة، وهذا الغلاء ما سمعنا بمثله أبداً وقد طال المطال، والناس منتظرة للفرج من الملك المتعال.
                قال المؤرخ: وفي أوائل هذه السنة الجديدة توفي الحسيب والنسيب السيد أحمد البابا، رئيس حرفة الدباغين، كان رحمه الله بهي المنظر ذا هيبة حسنة، ولنا معه صحبة.
                وفي رابع وعشرين محرم، كان دخول الجوخدار من الحاج الشريف، يبشر بالسلامة وحسن السيرة، ثم جاء الكتّاب ومعه المكاتيب، ثامن وعشرين محرم نهار الأحد من هذه السنة المذكورة. وفي سلخ محرم صار في دمشق سيل عرمرم، ما رؤي قط مثله من قديم الزمان، وعقبه نزل برد كبير استقام نزوله مقدار ساعتين، حتى علا على وجه الأرض مقدار ذراع ونصف.
                وفي أوائل شهر صفر الخير، جاء خبر عن الحج الشريف بأنه غرق في الحسا قريباً ممن القطرانة، وذهب على ما قيل مقدار نصف الحاج، من خيل وجمال وبغال، ونساء ورجال وأموال وأحمال وقد غرق لأحد التجار سبعة عشر حمل، كل حمل لا يقام بثمن، فاستغاثوا بحضرة سليمان باشا العظم والي الشام، وأمير الحاج، وقالوا: نحن نهب لك مالنا وخذه أنت ولا تتركه للعرب. فحالاً نهض وأخذ معه جماعة، وذهب نحو مرحلة، وقد خاطر هو وجماعته، ثم غاب يوماً وليلة بعدما جدّوا في طلبه، وإذا هو قادم ومعه الأحمال، لم تنقص ولا ذرة. ثم ناداهم وسلمهم إلى أصحابهم، ولم يدنس حجه بشيء. وقد عدوا هذه المنقبة لمثله، من الهمم العالية والمروءة السامية، وبوصولهم أيضاً للبلقة جاء أيضاً سيل عظيم، أخذ مقداراً عظيماً من الحج، وأراد أن يتمم على بقية الحج، لولا أن تداركه الله بلطفه. ولما حصل هذا الأمر، كتب حضرة أمير الحاج سليمان باشا توقيعاً، وأرسله إلى الشام وإلى من حواليه، بأن يأتوه بعلف وذخيرة، فنادى المنادي في شوارع دمشق: يا أمة محمد، من كان يحب الله ورسوله، وتمكن من الخروج فليخرج، ومعه ما يقدر عليه من مأكل ومشرب وملبس، فليخرج ليلاقي الحجاج فخرجت الخلق مثل الجراد.
                وفي يوم الأحد رابع صفر الخير دخل الحاج، وثاني يوم دخل المحمل الشريف مع حضرة سليمان باشا، وكانت سنة هائلة أخبر الحجاج أن مدّ العليق صار بقرشين، وفي بعض الأماكن بأربع قروش، وكل ثلاث تمرات بمصرية، وهذا شيء ما سمع من قديم الزمان، وبيع كعب البقسماط بثلث قرش. وكانت دمشق أشد غلاءً من غيرها، حتى مدّ الملح وصل ثمنه إلى ثلاثين مصرية، والدبس الأوقية بمصرية، واللبن في آذار رطله بسبعة مصاري، والخبز لا يوجد، والحكام يخزنون، وأهل البلد يفعلون كفعلهم، وإلى الله المصير.
                وفي يوم الاثنين ثالث عشر صفر الخير من هذا العام، توفي العالم العامل، الشيخ أمين أفندي ابن الخراط رحمه الله.
                وفي غرة ربيع الأول من هذه السنة شرع حضرة والي دمشق الشام، سليمان باشا ابن العظم في فرح، لأجل ختان ولده العزيز أحمد بك، وكان في الجنينة التي في محلة العمارة، وجمع فيه سائر الملاعب وأرباب الغناء واليهود والنصارى، واجتمع فيه الأعيان والأكابر من الأفندية والأغوات ما لا يحصى، وأطلق الحرية لأجل الملاعب يلعبون بما شاؤوا. من رقص وخلاعة وغير ذلك، ولا زالوا على هذا الحال سبعة أيام بلياليها. وبعد ذلك أمر بالزينة، فتزينت أسواق الشام كلها سبعة أيام، بإيقاد الشموع والقناديل، زينة ما سمع بمثلها، وعمل موكب ركب فيه الأغوات والشربجية، والأكابر والإنكشارية، وفيه الملاعب الغريبة من تمثيل شجعان العرب وغير ذلك. وثاني يوم طهّر ولده أحمد بك، وأمر من صدقاته أن يطهّر من أولاد الفقراء وغيرهم ممن أراد، فصارت تقبل الناس بأولادهم، وكلما طهّروا ولداً يعطوه بدلة وذهبين، وأنعم على الخاص والعام، والفقراء والمساكين بأطعمة وأكسية وغير ذلك، مما لم يفعل أحد بعض ما فعل، ولم نسمع أيضاً بمثل هذا الإكرام والإنعام، على الخاص والعام، فرحمه الله وجازاه أحسن الجزاء، آمين.

                تعليق


                • Font Size
                  #9
                  رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

                  وبعد هذا الفرح العظيم عمل فتحي أفندي الدفتري فرحاً عظيماً بهذا الشهر، أعني به ربيع الأول، زوج ابنته لأخيه، وكان فرحاً عظيماً ما عمل بدمشق نظيره، ولا بلغ أحد أنه عمل مثله، وكان سبعة أيام كل يوم خصّه بجماعة: فاليوم الأول خصّه بحضرة والي الشام سليمان باشا بن العظم، واليوم الثاني إلى الموالي والأمراء، واليوم الثالث إلى المشايخ والعلماء، واليوم الرابع التجار والمتسببين، واليوم الخامس إلى النصارى واليهود، واليوم السادس إلى الفلاحين، واليوم السابع إلى المغاني والمومسات، وهم بنات الخطا والهوى، وقد تكرم عليهم كرماً زائداً، ويعطيهم الذهب والفضة بلا حساب. وكان قبل الفرح عمل تهليلة، جمع بها جميع مشايخ الطرق.
                  وفي السادس والعشرين من ربيع الأول بهذا العام توفي نقيب النقباء في دمشق، على الحرف والصنايع والطرق، الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد الحلاق القادري، صاحب الحلقة في الجامع الأموي.
                  وفي يوم الخميس الثامن والعشرين من ربيع الثاني في هذه السنة المذكورة، توفي الشاب السعيد سلالة الطاهرين، وفخر الصديقين، أحمد أفندي البكري الصديقي، وكان من النجابة على جانب ودفن بتربة الشيخ رسلان رحمه الله.
                  وفي يوم الأحد غرة جمادى الأولى من هذه السنة، شرع حضرة سليمان باشا ابن العظم، في تعمير وترميم نهر القنوات، وجعل جميع المصارف من ماله جزاه الله خيراً، واشتغل بها من الفعلة مائتا فاعل، فأمر بقطع بعض الصخر من طريقها، وبتشييد أركانها وإصلاح ما فسد منها، ورفع جدرانها، وبضبطها ضبطاً جيداً وبإصلاح فروض مستحقيها على الوجه الحق، وأن يأخذ كل ذي حق حقه. فكانت هذه العمارة والضبط ما سبقه إليه أحد من عهد إصلاحها من أيام التيمور لما أصلحت بعده، وقد تمت عمارته في برهة خمسة عشر يوماً في أول مربعانية الصيف. ولما تم أمر بإطلاق النهر، فكان إطلاقه على أهل دمشق فرجة من أبهج الفرج، ويوم مثل يوم الزحام. وقد أرّخ هذه العمارة شيخ الأدب في الشام الشيخ عبد الرحمن البهلول، مادحاً حضرة الوزير سليمان باشا ومشيراً لتاريخ تتميم البناء، فقال:
                  جزى المولى أمير الشام خيرا ... سليمان الزمان ودام دهرا
                  بما قد جدد القنوات صدقا ... بإخلاص زكا سرا وجهرا
                  فيا طوبى له إذ نال أجرا ... على مرّ الليالي مستمرا
                  له في كل مكرمة أياد ... بإحسان علت وهلم جرا
                  فكم صنعت يداه وجوه بر ... بها أرخ سبيل الخير أجرا
                  وفي نهار الثلاثاء سادس عشر جمادى الأولى توفي الشيخ الفقيه العالم الشيخ علي، مدرس جامع عز الدين في باب السريجة، وقد ناهز الثمانين، رحمه الله تعالى.
                  وفي يوم السبت الثامن والعشرين من جمادى الأولى من هذه السنة، قامت العامة وهجمت على المحكمة، وطردوا القاضي ونهبوا الأفران. وسبب ذلك كثرة الغلاء والازدحام على الأفران، وقلة التفتيش على صاحب القمح والطحان والخزان، فتلافى حضرة الوالي سليمان باشا هذا الأمر، وأرسل يشدد على الطحانة والخبازة، ويهددهم ويخوفهم فحالاً وجد الخبز، وتحسن وكسد، بعدما كانت غالب الناس تبات بلا خبز، فابتهلت الناس بالدعاء لحضرته.
                  وفي سادس جمادى الثانية من هذه السنة، توفي الشيخ مصطفى ابن شيخنا وأستاذنا شافعيّ زمانه، وفاضل أوانه الشيخ محمد العجلوني، من افتخرت به محلة القنوات، رحمه الله. وبالأمر المقدور، توفيت زوجته أول يوم، ولحقها ثاني يوم، رحمهما الله تعالى.

                  تعليق


                  • Font Size
                    #10
                    إرث قديم




                    أربعة إسهامات في إخراج كتاب حوادث دمشق اليومية إلى الوجود
                    الأول كتابة البديري الحلاق نفسه
                    والثاني إنقاذ الكتاب من التلف على يد الشيخ طاهر الجزائري
                    والثالث تنقيح الشيخ محمد سعيد القاسمي للكتاب
                    والرابع عمل الدكتور أحمد عبد الكريم .. المؤرخ العربي المصري
                    على تحقيقه وطبعه لأول مرة منذ خمسين عاماً.‏



                    وقد أصبح الكتاب فيما بعد
                    مادة دسمة لمسلسلات تلفزيونية
                    سطى مؤلفوها على الكتاب وأخذت منه نتفاً
                    وقدمت ذلك التاريخ بصورة مشوهة ...


                    يوميات شامية
                    قراءة إستثنائية





                    أجمل من الرصد القيم النادر
                    هو أن حضرتك أ.فارس عمر
                    من وثقّ هذا العرض
                    وذكرّ وعرّف به

                    لتقوم مقام
                    وشهد شاهدٌ من أهلها

                    ويعتبر كتاب حوادث دمشق اليومية
                    من أشهر المؤلفات التي تحدثت عن هذه المدينة في فترة معينة

                    فهو يتناول بعض وقائع المدينة خلال واحد وعشرين عاماً
                    في أواسط القرن الثامن عشر
                    من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والقضائية
                    وتحديداً من عام 1741 هـ إلى عام .1762‏ هـ






                    يوميات شامية
                    يوميات ( اكتسبت أهميتها من كونها صورة عفوية صادقة
                    عن العصر الذي عاش فيه
                    من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والأمنية. )

                    الحلاق البديري
                    مدوّن شعبي

                    أسرته التي كانت تمتهن الحلاقة، فورث البديري عن جده وأبيه تلك المهنة ونسب إليها
                    ومارسها في دكان صغير اتخذه قرب قصر أسعد باشا العظم حاكم دمشق.

                    وكان هذا الموضع يجتذب نشاط المدينة وأحداثها اليومية الرسمية التي كان يشاهدها البديري الحلاق عياناً كل يوم.
                    فتختزنها ذاكرته ويسجلها قلمه إضافة إلى مرويات زبائنه الكثيرين الذين كانوا ينتمون إلى مختلف فئات الشعب
                    وكانوا يروون له همومهم المعاشية والأمنية اليومية

                    في عصــــــــــــــــر
                    كانت تسوده فتن العسكر العثمانيين وتمردهم واستبدادهم.

                    وكان يقف على مايجري في أنحاء دمشق
                    من حوادث وأفراح ومآس ومواسم وأعياد.


                    كل هذه المشاهدات والمسموعات حركت إحساسات البديري الحلاق
                    فراح يسجلها بعد نضجه بعفوية المدون الشعبي
                    على مدى عشرين سنة في صفحات
                    عرفت بعدما ظهرت باسم حوادث دمشق اليومية
                    أو مذكّرات البديري الحلاق.





                    ظلت هذه المدونات مغمورة ضائعة مدة طويلة
                    وقد تعددت الروايات في كيفية العثور عليها، واستقرارها في مكتبة الشيخ طاهر الجزائري
                    الذي احتفظ بها وأعجب بمضمونها بعدما عرف قيمتها التاريخية.

                    كما أُعجبَ بها الشيخ محمد القاسمي واستأذن الشيخ طاهر الجزائري بنسخها
                    ومن ثم عكف على دراستها وتهذيبها وتنقيحها

                    ( ولما كان البديري قد سجل يومياته بلغته العامية العفوية
                    فقد عمل الشيخ القاسمي على إخراجها بحلة جديدة وبعنوان جديد وسماها
                    تنقيح الشيح محمد سعيد القاسمي لحوادث دمشق اليومية. )

                    ومنذ ذلك الحين اختفت النسخة الأصلية العامية ونُسيت
                    ولم يبق إلى اليوم إلا تهذيب الشيخ القاسمي.

                    ووجدت منه نسختان في المكتبة الظاهرية بدمشق
                    وأخرى في مكتبة أحمد تيمور باشا في دار الكتب المصرية بالقاهرة.

                    وفي سنة 1959م، قام أحمد عزت عبد الكريم ، بدراسة هاتين النسختين المهذبتين
                    وتعهدهما بالإصلاح والتعليق ثم نشر هذه اليوميات بعد أن وضع لها مقدمة .



                    استمعت برحلة رصد الكتاب
                    والوقوف على أسباب وطرق وتفاصيل
                    ظهوره ووصوله




                    فتحت شهيتنا
                    لنقف على مزيدٍ من الأحداث
                    وعلى تفاصيل يومية أدق وأكثر
                    من أفراح ووفيات

                    والأسعار آنذاك
                    والغلاء في تلك الحقبة فيما يتعلق
                    برطل الخبزالشامي والأرز والشعير
                    وأوقية السمن ومثلهم

                    كل كل الشكر


                    ( ولأني صغيرة وقصيرة
                    على أن أصل إلى قفل الغياب
                    جلست بجانب الباب
                    .)




                    إلى كل عضو له عضوية في منتدى
                    إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
                    لمـــــــــــاذا !؟؟
                    مهتـ منال محمد ــمة

                    تعليق


                    • Font Size
                      #11
                      رد: من تاريخ دمشق - يوميات شامية

                      كتبت الحاجة مهتمة :
                      استمعت برحلة رصد الكتاب
                      والوقوف على أسباب وطرق وتفاصيل
                      ظهوره ووصوله.
                      لمن يدرك أهمية التوثيق والتحقيق في أمهات الكتب والوثائق التاريخية , يصنف ما كتبته الفاضلة مهتمة , ملحق وهامش يضاف الى هذه اليوميات الرائعة .
                      شكراً لكِ مهتمة . انت لم تقرأي فقط اليوميات , بل ركزتِ اهتمامكِ على كل الخطوات والجهود التي أوصلت هذه اليوميات الفريدة عن الشام إلى القراء , وهذا لعمري حسّ القاريء الشفاف للمواد التاريخية . الذي يهتم بالباحثين قبل المعلومة .
                      حاجّة مهتمة ... لماذا لا تطرقي هذا الباب الشيّق من العلوم ؟ لديكِ التذوق والعين الفاحصة .
                      شكراً للاهتمام .
                      على فكرة , قبل أن أنسى :
                      حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور . مع الدعاء بالقبول . آمين

                      تعليق

                      Loading...


                      يعمل...
                      X