السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
فإن الرياء داء عضال، يغضب الله جل جلاله ويحبط الأعمال
حذر منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة، لسوء عاقبته، وخدشه للتوحيد، عافانا الله من خطره وشره_
التحذير من الرياء وصية ربانية:
إن الله حذرنا من الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر .
[البقرة:462].
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لهذه الآية:
لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة،
ليُشكر بين الناس أو يُقال إنه كريم جواد ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه،
وقال سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا [النساء:241].
قال ابن كثير في هذه الآية:لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله،
بل إنما يشهدون الناس تقيّة لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيرًا عن الصلاة التي لا يُرون فيها غالبًا كصلاة العشاء في وقت العتمة وصلاة الصبح في وقت الغلس.
[تفسير ابن كثير جـ4 ص813]
ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري المراد بالرياء والسمعة فقال :
الرِّيَــــــــــــاءُ / إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَة النَّاس لَهَا فَيَحْمَدُوا صَاحِبَهَا .
وَالسُّمْــــــــعَةُ / الْمُرَاد بِهَا نَحْوٌ مَا فِي الرِّيَاء لَكِنَّهَا تَتَعَلَّق بِحَاسَّةِ السَّمْع وَالرِّيَاء بِحَاسَّةِ الْبَصَر .
وَقَالَ الْغَزَالِيّ : الْمَعْنَى طَلَبُ الْمَنْزِلَة فِي قُلُوب النَّاس بِأَنْ يُرِيَهِمْ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ ،
وَالْمُرَائِي هُوَ الْعَامِل .
وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : الرِّيَاءُ أَنْ يَعْمَل لِغَيْرِ اللَّه ، وَالسُّمْعَة أَنْ يُخْفِيَ عَمَلَهُ لِلَّهِ ثُمَّ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ .
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : الرِّيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنْ الرُّؤْيَةِ ، وَالسُّمْعَةُ مِنْ السَّمَاعِ ، وَإِنَّمَا الرِّيَاءُ أَصْلُهُ طَلَبُ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بِإِرَائِهِمْ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ .
فَحَدُّ الرِّيَاءِ هُوَ إِرَاءَةُ الْعِبَادَةِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالْمُرَائِي هُوَ الْعَابِدُ وَالْمُرَاءَى لَهُ هُوَ النَّاسُ ، وَالْمُرَاءَى بِهِ هُوَ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ . وَالرِّيَاءُ هُوَ قَصْدُ إِظْهَارِ ذَلِكَ .
ومن السنة /
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يقولُ الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشُّركاءِ (3) عن الشِّرك ، مَنْ عَمِل عملاً أشركَ فيه معي غيري ، تركته وشريكَه )) أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (2985).
عن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر))، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: ((الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء))
[1] أخرجه أحمد في المسند (5/428، 429) والبيهقي في الشعب (5/333)، وحسّن الحافظ إسناده في بلوغ المرام (4/355ـ سبل السلام)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (29)
وروي عن طائفة من السلف، منهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحسن وابن المسيب وغيرهم.
فإن خالط نية الجهاد مثلاً نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئاً تم لهم أجرهم))[ أخرجه مسلم في الإمارة (1906
وقال ابن عثيمين: "الرياء من الشرك الأصغر، لأن الإنسان قصد بعمله غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثّل ابن القيم للشرك الأصغر فقال: مثل يسير الرياء، وهذا يدل على أن الرياء كثيره قد يصل إلى الأكبرالقول) المفيد (2/226).
وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، فإن كان خاطرا ودفعه فلا يضر بغير خلاف، فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري، وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن البصري جامع العلوم والحكم (1/38-41) باختصار.
خلاصة القول :
الرّياء / هو أن يعمل الإنسان العمل الصالح لأجل أن يراه الناس فيمدحوه ، وهو محبط للعمل، وموجب للعقاب، وهو شيء في القلب، وقد سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم "الشِّرك الخفيَّ "
ومن علاماته / أن يَنشَط الإنسان في العمل إذا كان يراه الناس، وإذا كانوا لا يرونه؛ ترك العمل.
والذي يُبتَلى بالرِّياء يُنصحُ بالخوف من الله، ويُذّكَّرُ باطّلاع الله على ما في قلبه، وشدَّة عقوبته للمُرائين ، وبأنَّ عمله سيكون تعبًا بلا فائدة ، وبأنَّ الناس الذين عمل من أجل مدحهم سيذمُّونه ويمقتونه ولا ينفعونه بشيء.
وقال تعالى }{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }
اختكم رحمة الله
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
فإن الرياء داء عضال، يغضب الله جل جلاله ويحبط الأعمال
حذر منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة، لسوء عاقبته، وخدشه للتوحيد، عافانا الله من خطره وشره_
التحذير من الرياء وصية ربانية:
إن الله حذرنا من الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر .
[البقرة:462].
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لهذه الآية:
لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة،
ليُشكر بين الناس أو يُقال إنه كريم جواد ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه،
وقال سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا [النساء:241].
قال ابن كثير في هذه الآية:لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله،
بل إنما يشهدون الناس تقيّة لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيرًا عن الصلاة التي لا يُرون فيها غالبًا كصلاة العشاء في وقت العتمة وصلاة الصبح في وقت الغلس.
[تفسير ابن كثير جـ4 ص813]
ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري المراد بالرياء والسمعة فقال :
الرِّيَــــــــــــاءُ / إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَة النَّاس لَهَا فَيَحْمَدُوا صَاحِبَهَا .
وَالسُّمْــــــــعَةُ / الْمُرَاد بِهَا نَحْوٌ مَا فِي الرِّيَاء لَكِنَّهَا تَتَعَلَّق بِحَاسَّةِ السَّمْع وَالرِّيَاء بِحَاسَّةِ الْبَصَر .
وَقَالَ الْغَزَالِيّ : الْمَعْنَى طَلَبُ الْمَنْزِلَة فِي قُلُوب النَّاس بِأَنْ يُرِيَهِمْ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ ،
وَالْمُرَائِي هُوَ الْعَامِل .
وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : الرِّيَاءُ أَنْ يَعْمَل لِغَيْرِ اللَّه ، وَالسُّمْعَة أَنْ يُخْفِيَ عَمَلَهُ لِلَّهِ ثُمَّ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ .
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : الرِّيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنْ الرُّؤْيَةِ ، وَالسُّمْعَةُ مِنْ السَّمَاعِ ، وَإِنَّمَا الرِّيَاءُ أَصْلُهُ طَلَبُ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بِإِرَائِهِمْ الْخِصَالَ الْمَحْمُودَةَ .
فَحَدُّ الرِّيَاءِ هُوَ إِرَاءَةُ الْعِبَادَةِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالْمُرَائِي هُوَ الْعَابِدُ وَالْمُرَاءَى لَهُ هُوَ النَّاسُ ، وَالْمُرَاءَى بِهِ هُوَ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ . وَالرِّيَاءُ هُوَ قَصْدُ إِظْهَارِ ذَلِكَ .
ومن السنة /
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يقولُ الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشُّركاءِ (3) عن الشِّرك ، مَنْ عَمِل عملاً أشركَ فيه معي غيري ، تركته وشريكَه )) أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (2985).
عن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر))، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: ((الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء))
[1] أخرجه أحمد في المسند (5/428، 429) والبيهقي في الشعب (5/333)، وحسّن الحافظ إسناده في بلوغ المرام (4/355ـ سبل السلام)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (29)
وروي عن طائفة من السلف، منهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحسن وابن المسيب وغيرهم.
فإن خالط نية الجهاد مثلاً نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئاً تم لهم أجرهم))[ أخرجه مسلم في الإمارة (1906
وقال ابن عثيمين: "الرياء من الشرك الأصغر، لأن الإنسان قصد بعمله غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثّل ابن القيم للشرك الأصغر فقال: مثل يسير الرياء، وهذا يدل على أن الرياء كثيره قد يصل إلى الأكبرالقول) المفيد (2/226).
وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، فإن كان خاطرا ودفعه فلا يضر بغير خلاف، فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري، وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن البصري جامع العلوم والحكم (1/38-41) باختصار.
خلاصة القول :
الرّياء / هو أن يعمل الإنسان العمل الصالح لأجل أن يراه الناس فيمدحوه ، وهو محبط للعمل، وموجب للعقاب، وهو شيء في القلب، وقد سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم "الشِّرك الخفيَّ "
ومن علاماته / أن يَنشَط الإنسان في العمل إذا كان يراه الناس، وإذا كانوا لا يرونه؛ ترك العمل.
والذي يُبتَلى بالرِّياء يُنصحُ بالخوف من الله، ويُذّكَّرُ باطّلاع الله على ما في قلبه، وشدَّة عقوبته للمُرائين ، وبأنَّ عمله سيكون تعبًا بلا فائدة ، وبأنَّ الناس الذين عمل من أجل مدحهم سيذمُّونه ويمقتونه ولا ينفعونه بشيء.
وقال تعالى }{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }
[الكهف:011].
قال ابن كثير في قوله تعالى: فليعمل عملا صالحا أي ما كان موافقًا
لشرع الله،
وقوله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وهو الذي يُراد به وجه الله تعالى
وحده لا شريك له.
[ابن كثير جـ9 ص502]
لشرع الله،
وقوله ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وهو الذي يُراد به وجه الله تعالى
وحده لا شريك له.
[ابن كثير جـ9 ص502]
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يغفر لنا ما وقعنا فيه من الرّياء والسمعة وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اختكم رحمة الله
تعليق