مشكلة الطلبة ذوي الإعاقات في مدارس الدمج
د. بتول محيي الدين خليفة
تعد قضية التعارض بين وجود قضايا ومشكلات في التربية الخاصة وعدم وجودها، من أكثر القضايا الساخنة في التربية الخاصة في الوقت الراهن، ويأخذ نقاش هذه القضية مكاناً رحباً في الكتابات الصحفية والإعلامية وفي المناقشات والمداولات، وفي التساؤلات التي تطرح على المهتمين وذوي الاختصاص وأسر ذوي الإعاقات، بل إنها تعتبر من أكثر القضايا التي تطرح في ميدان الاختلاف والتنافس في ساحة التعليم الخاص.
ومنشأ الاختلاف والجدل حول هذه القضية يتمثل في أن التربية الخاصة حديثة العهد في العالم بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص، أضف إلى ذلك التطور والنمو المتزايد في مجالات التربية الخاصة في القرن الواحد والعشرين، ومهما حاولنا الكتابة المستفيضة عن القضية، وسعينا لوضع النقاط على الحروف فيها، فستبقى مجالاً للنقاش والأخذ والعطاء، فحجم هذه القضية أكبر من أن يحيط بها شخص واحد غير ملم بالتربية الخاصة، لكنها محاولة لوضع إضاءات على الطريق لنشر ثقافة العمل في مجالات التربية الخاصة، لما لذلك من أهمية قصوى في الوقت الحالي.
ما نحتاج إليه اليوم في مجال العمل في التربية الخاصة هو حشد الطاقات وجمع الجهود من ذوي الاختصاص والمهتمين بذوي الإعاقات وأسرهم، لتدرس القضايا والمشكلات في خدمات التربية الخاصة دراسة علمية واجتماعية متأنية وصريحة وواضحة، للعمل على حصرها وتأسيس نظام إداري وتربوي وخدماتي قائم متكامل يوظف فيه ذوو الاختصاص في المجالات المختلفة في التربية الخاصة بالتعاون مع آباء وأمهات ذوي الإعاقات.
لقد كانت قضية التربية الخاصة تؤرقني لفترة طويلة من الزمن، كيف يمكن أن نؤسس لنظام تعليمي خاص ضمن التربية العامة، ويكون دمج هؤلاء الطلبة وفق أسس علمية راسخة، ووفق إعداد أدوات القياس والتشخيص المناسبة، وإعداد البرامج التربوية والتعليمية المناسبة مصحوبة بالوسائل التعليمية التي تساعد على التأهيل والتطور لأبنائنا من ذوي الإعاقة، وإنني أستشعر عدم رضا بين أهالي هؤلاء الأبناء من ذوي الإعاقات للخدمات التي تقدم في رياض الأطفال، في بعض المدارس، ويتضح ذلك من خلال ما يطرح حالياً في وسائل الإعلام والصحافة المحلية في دولة قطر وفي بعض الدول العربية، بالرغم من مرور حقبة من الزمن في العمل بهذه الدول في التربية الخاصة.
فنحن بحاجة إلى بناء نظام تعليمي للتربية الخاصة، يؤسس على إصدار قانون خاص بتعريف كل إعاقة، وتحديدها، وتحديد الخدمات التربوية والاجتماعية، كما أننا بحاجة ماسة إلى التعرف على احتياجات أسر وأهل ذوي الإعاقات من خلال الالتفاف حول الأهل الذين يولد لديهم طفل معاق، والقيام بتعريفهم -من خلال اللقاءات بأسر أخرى لديها أطفال ذوو إعاقات- بأن اللوم بشكل عام لن يغير من واقع الحال، كما أن هؤلاء الأهل والأسر بحاجة إلى المساعدة من قبل المختصين حول كيفية التعامل مع طفلهم صاحب الإعاقة.. فبعض الأسر تقع في حيرة من أمرها، كيف تتعامل مع طفلها المعاق؟ ويتولد لديها مشاعر الإحباط والحزن وعدم القدرة واليأس.
كما أننا بحاجة إلى بناء نظام مؤسسي يعمل على العمل مع أسر وأهالي الأطفال من ذوي الإعاقة للمساعدة في بناء توقعات واقعية تتناسب وطبيعة الإعاقة، وبالرغم من توفر بعض هذه الخدمات، لكنها لا تزال قاصرة على اللحاق بتطور وتقدم هذه الخدمات على المستوى العالمي، وهذا ما يدعو إلى القول إن هناك حاجة ماسة إلى تقديم خدمات المساعدة لتخطيط نمط أو أسلوب حياة الأسر مع طفلهم المعاق، كما أن هناك حاجة ماسة وحقيقية لتأسيس نظام خاص بأسر وأهالي الأطفال من ذوي الإعاقة للتوجيه والإرشاد في مواجهة ردود الأفعال من قبل الآخرين، وكل ما سبق يحتاج للدعم -بمصادره الرسمية وغير الرسمية- بتوفير الموارد التربوية المناسبة للأسرة، فلا يمكن أن نحول طالباً من ذوي الإعاقات إلى مدرسة أخرى، أو نغير في برنامجه التربوي دون إشراك الأسرة في التخطيط لذلك، وتوفير كافة المعلومات لهم وللمدرسة التي ستستقبل الطالب المعاق، كما أنه يلزم إدارة المدرسة وكافة المعنيين في الأمر توفير جميع الخدمات المساندة ذات العلاقة، وتوفير برامج التوعية الموجهة لكل من الأسرة والمدرسين والطلبة، كما أن تحويل الطلبة من ذوي الإعاقات بدون تخطيط وتنظيم مسبق بالاتفاق مع المؤسسة التربوية والمؤسسة يؤدي إلى سوء حالة هذا المعاق نفسياً وتربوياً، ويؤدي إلى أن يفقد كثيرا من المهارات التدريبية التي تعلمها، كما أن وجوده في محيط لم يألفه ولم يُعد له يشكل انتكاسة حقيقية له.
لقد بينت كثير من الدراسات أهمية كل ما سبق، ولقد وضعت القوانين والنظم المشرعة لتكفل لهؤلاء المعاقين كافة ما يحتاجون من خدمات على جميع الأصعدة الاجتماعية والتربوية، بالإضافة إلى الخدمات الطبية، ولقد حددت من خلال تعريف كل إعاقة والخدمات التي تحتاجها، مما يلزم على الجميع توفيرها في مكان تواجد الشخص ذي الإعاقة.
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=295&secId=16
د. بتول محيي الدين خليفة
تعد قضية التعارض بين وجود قضايا ومشكلات في التربية الخاصة وعدم وجودها، من أكثر القضايا الساخنة في التربية الخاصة في الوقت الراهن، ويأخذ نقاش هذه القضية مكاناً رحباً في الكتابات الصحفية والإعلامية وفي المناقشات والمداولات، وفي التساؤلات التي تطرح على المهتمين وذوي الاختصاص وأسر ذوي الإعاقات، بل إنها تعتبر من أكثر القضايا التي تطرح في ميدان الاختلاف والتنافس في ساحة التعليم الخاص.
ومنشأ الاختلاف والجدل حول هذه القضية يتمثل في أن التربية الخاصة حديثة العهد في العالم بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص، أضف إلى ذلك التطور والنمو المتزايد في مجالات التربية الخاصة في القرن الواحد والعشرين، ومهما حاولنا الكتابة المستفيضة عن القضية، وسعينا لوضع النقاط على الحروف فيها، فستبقى مجالاً للنقاش والأخذ والعطاء، فحجم هذه القضية أكبر من أن يحيط بها شخص واحد غير ملم بالتربية الخاصة، لكنها محاولة لوضع إضاءات على الطريق لنشر ثقافة العمل في مجالات التربية الخاصة، لما لذلك من أهمية قصوى في الوقت الحالي.
ما نحتاج إليه اليوم في مجال العمل في التربية الخاصة هو حشد الطاقات وجمع الجهود من ذوي الاختصاص والمهتمين بذوي الإعاقات وأسرهم، لتدرس القضايا والمشكلات في خدمات التربية الخاصة دراسة علمية واجتماعية متأنية وصريحة وواضحة، للعمل على حصرها وتأسيس نظام إداري وتربوي وخدماتي قائم متكامل يوظف فيه ذوو الاختصاص في المجالات المختلفة في التربية الخاصة بالتعاون مع آباء وأمهات ذوي الإعاقات.
لقد كانت قضية التربية الخاصة تؤرقني لفترة طويلة من الزمن، كيف يمكن أن نؤسس لنظام تعليمي خاص ضمن التربية العامة، ويكون دمج هؤلاء الطلبة وفق أسس علمية راسخة، ووفق إعداد أدوات القياس والتشخيص المناسبة، وإعداد البرامج التربوية والتعليمية المناسبة مصحوبة بالوسائل التعليمية التي تساعد على التأهيل والتطور لأبنائنا من ذوي الإعاقة، وإنني أستشعر عدم رضا بين أهالي هؤلاء الأبناء من ذوي الإعاقات للخدمات التي تقدم في رياض الأطفال، في بعض المدارس، ويتضح ذلك من خلال ما يطرح حالياً في وسائل الإعلام والصحافة المحلية في دولة قطر وفي بعض الدول العربية، بالرغم من مرور حقبة من الزمن في العمل بهذه الدول في التربية الخاصة.
فنحن بحاجة إلى بناء نظام تعليمي للتربية الخاصة، يؤسس على إصدار قانون خاص بتعريف كل إعاقة، وتحديدها، وتحديد الخدمات التربوية والاجتماعية، كما أننا بحاجة ماسة إلى التعرف على احتياجات أسر وأهل ذوي الإعاقات من خلال الالتفاف حول الأهل الذين يولد لديهم طفل معاق، والقيام بتعريفهم -من خلال اللقاءات بأسر أخرى لديها أطفال ذوو إعاقات- بأن اللوم بشكل عام لن يغير من واقع الحال، كما أن هؤلاء الأهل والأسر بحاجة إلى المساعدة من قبل المختصين حول كيفية التعامل مع طفلهم صاحب الإعاقة.. فبعض الأسر تقع في حيرة من أمرها، كيف تتعامل مع طفلها المعاق؟ ويتولد لديها مشاعر الإحباط والحزن وعدم القدرة واليأس.
كما أننا بحاجة إلى بناء نظام مؤسسي يعمل على العمل مع أسر وأهالي الأطفال من ذوي الإعاقة للمساعدة في بناء توقعات واقعية تتناسب وطبيعة الإعاقة، وبالرغم من توفر بعض هذه الخدمات، لكنها لا تزال قاصرة على اللحاق بتطور وتقدم هذه الخدمات على المستوى العالمي، وهذا ما يدعو إلى القول إن هناك حاجة ماسة إلى تقديم خدمات المساعدة لتخطيط نمط أو أسلوب حياة الأسر مع طفلهم المعاق، كما أن هناك حاجة ماسة وحقيقية لتأسيس نظام خاص بأسر وأهالي الأطفال من ذوي الإعاقة للتوجيه والإرشاد في مواجهة ردود الأفعال من قبل الآخرين، وكل ما سبق يحتاج للدعم -بمصادره الرسمية وغير الرسمية- بتوفير الموارد التربوية المناسبة للأسرة، فلا يمكن أن نحول طالباً من ذوي الإعاقات إلى مدرسة أخرى، أو نغير في برنامجه التربوي دون إشراك الأسرة في التخطيط لذلك، وتوفير كافة المعلومات لهم وللمدرسة التي ستستقبل الطالب المعاق، كما أنه يلزم إدارة المدرسة وكافة المعنيين في الأمر توفير جميع الخدمات المساندة ذات العلاقة، وتوفير برامج التوعية الموجهة لكل من الأسرة والمدرسين والطلبة، كما أن تحويل الطلبة من ذوي الإعاقات بدون تخطيط وتنظيم مسبق بالاتفاق مع المؤسسة التربوية والمؤسسة يؤدي إلى سوء حالة هذا المعاق نفسياً وتربوياً، ويؤدي إلى أن يفقد كثيرا من المهارات التدريبية التي تعلمها، كما أن وجوده في محيط لم يألفه ولم يُعد له يشكل انتكاسة حقيقية له.
لقد بينت كثير من الدراسات أهمية كل ما سبق، ولقد وضعت القوانين والنظم المشرعة لتكفل لهؤلاء المعاقين كافة ما يحتاجون من خدمات على جميع الأصعدة الاجتماعية والتربوية، بالإضافة إلى الخدمات الطبية، ولقد حددت من خلال تعريف كل إعاقة والخدمات التي تحتاجها، مما يلزم على الجميع توفيرها في مكان تواجد الشخص ذي الإعاقة.
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=295&secId=16
تعليق