الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود


    سلسلة مهمة ملهمة للقديرة المتفردة د. كفاح أبو هنود
    من على صفحتها من على الفيس بوك (هنا) نفع الله بها
    رمضان .. في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى الجزء/3
    آثرت عرضها في قسم الدعاء باعتبار رمضان موسم وإن انقضى
    سنظل نتعلم أدب الدعاـء وننهل من وحي أسماء الله الحسنى


    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 1 ــلةُ الأولى الله




    الحَمدُ لله على انهمارِ الفَــرج ..
    الحَمدُ لله على رمَضان ..
    رمضـان إنّـا مُشتاقون ..
    رمَضـان إنّـا مُـتعَـبُون !

    إيــه كَـم في القلـب مِن وجعٍ عَـتيق ..
    لاشَـي هنـا .. لاشـيء يا مولاي إلا رمضَـان ..
    فخُذنا يا مولاي من حالِ الأسى ؛ واسقِنا الفضلَ عطاءً يا سميع !

    يا خفـيّ الّلطف ..
    انقُلنا من فقـرِ البُعد إلى غنـى الوصـل يَـا كَـريم


    يا أبنائي ..
    مَن شغَل رمَضان بِعمارة الأوقاتِ واجتناب الغَفلات
    أخرَجه الله مِن مَضيق العُسر إلى فَضاء اليُسر ..
    وتَدارَكته المَعونة بالمِنَح المَكنونة !

    بهذه الكلمات ..
    افتتَح الشَيخ مجلس رمضان !

    كانت الغُيوم مبتلّة بأنفاسِ الملائكة ، وأصوات المآذن تفيضُ ؛ كأنّها موّال عِشق ..
    والشيخ قامةٌ مِن نور ، فلمّا تكلّم أخَذ قلوبنا إليه :

    يا أبنائي ..
    كُل الأمنيات الصّائمة هذا أوانُ إفطارها
    وكلّ المواعيد حانَ حانَ قطافها ..
    هذه ليالٍ هي آمَـاد البَسط وقَد حارَ العَطاء بِسرّها !
    فقـــولوا :
    الّلهمّ اجعلْ رمضان أوّله توبة وآخره غَيثا
    و أوّله سُؤالاً وآخره نَوالا.


    يا أبنائي ..
    رمَضان بالفَضل مَبدوءٌ ومُختَتم
    في رمضان ؛ الخَواتيم مَجهولة ، وساحة الكَـرم وسيعة
    ولا قَيد في حَضرة الواهب إذ { يفعلُ اللهُ ما يَشاء } .. فاغنَم زمَانك ..
    وقُـل : حيَّ على زمنٍ تكتملُ فيه الأمنيات.

    ومن سَلِـم له رمضان سَلِـم له عامَـه كلّه
    ومَن عَبد فيه أُيِّـد بالمَدد ..
    فقُل:ياربّ اجعل كُلي بكلّي معك !


    هو الله ما أقربنا إليه به .. إذا وعَد وفّـى
    وإذا أعطَى ؛ زادَ على مُنتهى الرّجا
    ولا يُبالي كمْ أعطى ، ولا لِمن أعطى !

    وإنْ رُفعت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى
    وإنّما تَفقِد الأيدي صوتها إذا امتَدت فارغةً مِن يقينها ..
    فَهُـزّ مقاليدَ العَرش بِـ : يَـا الله !

    الله اسمٌ ..
    مَن أخَذه بِشَرطه ؛ ناله !


    يا أبنائي ..
    إنّ للهُ عِبَادًا يُنْفِقُونَ مِن الأمَـل عَلَى قدر حُسْنِ الظَّنِّ بِهِ
    فَأُولَئِكَ أُولَئِكَ ..
    أولئك مَن مُنِحوا !

    فاخلَع ظُنونك ؛ إنّك بوادي الغِنى ..
    ورَدّد: وَسّـِع الّلهم لنا المَدى ، ولا تَدع لنا أمنيةً سجينة الشّفاه.


    يَـا أبنائي ..
    إنّ صوت الدُّعاء يَهزم الألم ..
    يَهدم جِـدار المَنع ؛ وَيبسط لك ما ضاقت عنه الحِـيَل !

    وكلّما غِبتَ في الدّعاء ؛ نبتتْ في الإجابة سُنبلة !

    كُـل الهُموم لها رِتـاج .. فإنْ كان الله ؛ كان لها انفراج فرَدِّد :
    يَـا الله على الجِراح التي تنتحب.

    وإذا رأيتَ الاتّجاهات كلّها غَـرق فلا يُرعبك الطّوفان
    من كان مع الله رأيتَ الأمواج عنه تُقاتِل
    ومَهـر الحُـب أن تحيا لله في كلّ المراحل ..
    أن يراكَ الله معنى التّنزيل وعمرك لله فرضٌ ونوافل !

    أن يراكَ نخلة لله ما هزّتها فِتن المَعاول
    أن يراكَ غابةَ الزيتونِ ؛ ومِن زَيتك مِـيلاد المَشاعل !
    أنْ تُنفق العُمر لله مِئذنةً ؛ ما مسّ صوتها عُقمٌ ، والصَدى لله في كل الأماكن ..
    أن ترحل إلى الله أمّـة ؛ ويراكَ صِبغة الله ربّـانيّ الشَّمائل !

    ومَن كَــان لله كما يُريد
    كَــانَ الله له فوقَ ما يريد

    شُـدّ الخُطى بالله ؛ تمشي الأمّـة على إيقاعِ خُـطاك
    وقُـل لَـه :
    كُـل الطُرق إليكَ ؛ ومُنتهاي بين يديكـ
    أحبّـك يَا الله ؛ فارفعني إليكـ


    إن كنتَ لله ؛ فاضرب بعصَاك المُستحيل
    واسأل ما شِئت مِن قَـدر !

    هو الله..له الغَيم وبيده يسقي جفاف الأحلام مَـا شاء من مَطر !
    هو الله..يطوي الطَريق لأمنيةٍ بلا سِبب ولا سَــفَـر !

    قال تلميذ :
    يا سيّدي .. كَم دعوة لله طَـال وُقوفها ؟
    قال الشيخ :
    فتّش عمّا يَحجبها وافهَم عنّي ..
    إنّ لِكُلِّ شَيْءٍ أَوَّلُ ، وَأَوَّلُ الْخَيْرِ الِاسْتِغْفَارُ
    ومن أدام الاستغفار فُتحت له المَغاليق
    ومَن تمسّك بالمفتاح لابُد أنْ يُفتح !
    يَـا بُـني ..
    مَن طَـلب الأنوار ؛ فَليخلَص مِن الأكدار ..
    فاستَغفر إثماً ما زال مُستترا ..
    استَغفر إثماً به النِّعم تَحتضر !

    يَـا بُني ..
    ما بين "اسجُدوا لآدم " وبيـــن "اهبِطوا منها"
    كانت مَعصية !
    كانَ آدَم يَـرفل في حُللٍ وإستبرق، فلمّا عصَى صارَ يخصِف على عَورته الوَرق !

    إنّ الذّنوب تورِث الهُموم .. فَقل :
    ياربّ إنَّـا تائِهون فاهْدِ الخُطى طُرقاتها ..
    ورُدّ على السَّـواقي ماءَها ؛ فقد تصدّعت الجِـرار مِن جَفافها !

    ياربّ ..
    وخَيل الشّهوة عاديَةٌ فاكبَح الّلهمّ جِماحَها
    وإن راودَتنا فِتنةُ الهَوى ؛ فلا تَدعنا لإثمها


    قال التلميذ :
    الّلهمّ إنَّـا نبتدأ رمَضان بالاستغفار !

    قال الشيخ :
    بناء السُّـدود أولَـى مِن مُدافعة السُّـيول
    فاجعَل رمضانك كلّه في سِياج دينك ؛ تَثبيتاً و تَرميماً و دعـاء !

    يا بُـنيّ ..
    إنّما يتسوّر الشّيطان سدّاً ناقِصا ..
    سَيِّـج الحِصن لا يبلُغك الُّلصوص !

    تهدّج صَوت تلميذ وهو يقول :
    ياربّ رمضان .. ما تبقّى لي لديك ؟!
    ياربّ هذا القلب بالهَم مَركوم !

    قال الشيخ :
    يا بُـنيّ.. خَـفّ مَحملنا ؛ إن كان بالله هذا الحمل مَشدود ..
    الناس في وهْـن الخُيوط وأنت بحبل الوصْل مَسنود !

    يا بُـنيّ ..
    وَضَعُ العارفون مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا عَلَى الدُّنْيَا ؛ فَلَمْ تُفَتَحْ
    فَوَضَعُوا عَلَيْهَا مَفَاتِيحَ الْآخِرَةِ ؛ فَانْفَتَحَتْ !

    أسرج الدعـَاء واشتعِل توسّلاً بالأسماء
    فإنّ حاجَـاتك آنَ آنَ تَمامها !

    وقُـل :ياربّ بك لا بِنا بَـلِّغنا مقاصدنا
    قال تلميذ :وحقّك يا الله إنّي قد نَويت ..
    و(أخشَى أنْ أموتَ وما ارتويت) ..
    تأخّرتُ ؛ وهل بعضُ البُعد يُقضى ؟!

    تنهّـد الشيخ ثمّ قال: مَن تمنَّ القُـرب ؛ لم يتأنَّ ..
    سابق .. وقُل لله : لتَـرينّ ما أصنَع !

    لئـن صَدَقت ..
    فإنه سَيسقيك مِن سائِـغ البُشرى
    ما يَجري به الدَّمع على المَجرى.


    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 2 ــلةُ الثانية القُدُّوسُ




    (مِن النّاس مَن يُساق ؛ ومنهم مَن يُهرول لله بالأشواق)

    وكل عبور بدون الله شاق ..
    ولكن عند الوصولِ تُنسى المشقة ..
    و على قَدر القُرب يكون الوَهْب ..
    وكُلّ تَعب في رمَضان له عِوض ..
    نهرُ الريانِ بين يديكَ فلا تكن ذاك الذي ظمِئا !

    كان النّاس جُلوسٌ كُـلٌّ قَدْ ألقى سِتره على وَجعه
    فقال الشيخ : كل المَضائق مَوصول بها الفَرج ؛ فإذا هَبّت ريحُ رمضان .. فقُل:
    يا آخِـر الأحزان هذا أوانك !

    ثَلاثون ليلة ( كضِمَادة ضمّت إلى جُرحها برأها ) ..
    ثلاثون ليلةً اجتمعتْ فاتّسعتْ ..
    وأبوابُ الله بِزِحام النّاس تتّسع ..
    والمَواهب في خزائنه أوسَع ..

    قال تلميذ :
    ياربّ .. أشتاقُ يَـاء النِّـداء .. فَهبني يَـاءً بعدها القُرب !

    قال الشيخ :يابُـني .. طابت النفوس إذا اتّصلت بالقُدّوس.
    وإنْ نأت الروح ؛ خسِرت (واو) المعيّة
    وكمْ مِن عَطاء تعثّر في معصية !

    سبحانه هو السَّـلام القُدّوس .. المنزه
    فنَـزّهه عن تُهمة الشّك و رتِّـلها إذا قَدَرٌ زَلزلك !

    سُـبّـوح قُدّوس ..
    نَـزّه الله عن سوء الظنِ ، فَربما دَفَع البَـلاء بالبلاء كيْ يُنقذك ..

    سُـبّوح قُدّوس ..
    وفي عتمة الجُـبّ ثبّتْ خُطاك فهذا البلاء كَي يَصقلك !
    ورُبَّ أمرٍ تكرهه فيهِ نجاتك ..
    وَرُبَّ أمرٍ تؤثرهُ ؛ فيهِ هلاكك !

    هو القُدّوس ..
    فنزهه عن الشّك واخَلع على العتبات ظنّك ..
    وَقُـل ؛ أدرِكنا بالُّلطف إذا نزل القضا ..
    أسدِل علينا العَطا ، وداوِ قلباً ظنُّـه بك ( عسَـى)
    "عسَى الله أنْ يأتي بالفَتح" فيكشِف الكُرَب الثِّقال.

    قال تلميذ :
    يـاربّ .. شُـدّ قلبـي بالرّضى
    حتّى أنَـام مِـلء جُفوني مهما جَـرى ..
    ارحَم عِباداً كلّهم ذا النُّـونِ !


    قال الشيخ :
    قُدّوس .. أتيناكَ على فَقرٍ فَعِدنا بقميصٍ و بِشارة
    تنزّهْتَ عن النّقص .. لكنْ مَن تعثّر في الحُجُب وزَحمة الخَطايا وزحفتْ على قلبه آفات الذّنوب ؛ كيف يَفهم مُراده ؟

    يابُـنيّ ..
    هو القدوس الطاهر الطيب المبارك ..
    ولا يَطأ العبد بِساط القُدّوس إلا بعمل تَقدَّس
    كأنْ تمشي إليه بفقرك حاسِـرًا ؛ ومن الشّهوات حافيًا ..
    كأنْ تُـنَـزِّه حَسنتكَ عن أعين الناس ؛ فَتبقيها خافية ..
    كأنْ ترحَـل إليه بقلبٍ ؛ ما زال صَافيا ..
    كأنْ تمشي في مَناكبها ؛ فلا تبلُغك الفتنة بعاصفة !

    أولئك الهارِبون بدينهم من شاهِقٍ لشاهق ..
    ولِربّهم قطَعوا العوائق ..
    شَـدّوا النّطاق على القلوب وعُمرهم عُـمر المعارك !

    ردد قُدّوس قُدّوس ..
    احتَرِس بها من بريق البَريق ؛ إذا هَيّـأت لك الفتنة سُلَّـما !

    قال التلميذ .:
    يَـاربّ .. مُتعثّـر ؛ وأحبو لبابِك مُثقَـلا ..
    رَبَّـاهُ ؛ لا تردّ الآتي بصِفْرِ اليَد.


    قال الشيخ :
    يا ولدي .. معيّة القُدّوس لا تُبلَغ إلا بتنزيه النُّفوس ..
    ومَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَافِيَةِ ؛ مَلَأَ الله حِضْنَهُ بالْعَافِيَةَ.

    فإياك وآفات النوايا وأمراض الصدور ..
    اترك خلفك ما يُفنيك ..

    وبالإثم ؛ يَسكنك الخَراب ويَمحوك التُّـراب ..
    الإثمُ لا يبقي لنا أثَـرا ..

    طريق القدوس أوله التّقديس
    وآخره القَبول.


    يابُـنيّ .. مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ الْمُجْتَهِدَ ؛ فَلْيَكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ
    وحَسبكَ ؛ أنّ الطّهارة تطوي المَسافة إليه ..
    فإذا دنَـا الفؤاد تبوّأ مِن الفَضل حيثُ يشَـاء !

    هو القُدّوس ..
    إذا قَبِلـك ؛ أحبّكَ واجتباكَ ؛ ثمّ حبّبهم إيّـاك !

    قال تلميذ.:
    يَـاربّ .. قادِمٌ مِن هناك قدْ ملَـلتُ البُعدا
    وخَطوي يَـبعُد كلّما أوشَـك ! أوصلني إليكـ


    هو القُدّوس الطاهر الطيب
    فدلنا ياشيخي كيف نصل إليه !؟

    قال الشيخ :
    يابُـنيّ ..(سَيئاتك في الخَلا ؛ تنسِف حسناتك في المَـلا )
    فاحذر مابينك وبينه في الغيب !
    وأخسُّ النّقص أنْ لا ينفي المَرء عن نفسه قَذى النقص ..
    فكُن للفرائض حافِظاً وللمعَـاصي رافضا.
    وَإِذَا حَفِظْتَ لِسَانَكَ؛ فَقَدْ حَفِظْتَ جَمِيعَ جَوَارِحِكَ !

    يابُـنيّ ..
    اذكُـر إذا تعثّر الناس بكلماتهم على الصّراط ، وأمسكتْ بأقدامهم الخلوات
    وعَوى ضجيج سَيئاتهم من هاوية النار ، وارتجت الآه من حَسيسها
    والتفَتَ القلبُ ؛ فلا عاصَم إلا الله.
    حينها تعلم ؛ مَرارَ أنْ تُنفق بَياض العُمر في سُـود اّلليالي ..
    مرارة أن تضل الخطى معراجها للسماء.
    في الحَشر لَـن تخلَص النُّفوس إلا إذا استقرّ فيها اسم القُدّوس !
    فقل .. أنت القدوس فطهر الصحائف والأحوال

    قال تلميذ : كيفَ يستقر في القلب معنى القدوس ؟

    قال الشيخ :
    إذا سَكنت الخَشية في القَـلب وُهِبـت الجَوارح التوفيق ..
    فاجعل التّقوى الأساس وراقِب الخَواطر والأنفاس ..
    واجعل تقويم عُمرك ما نَفضّتَ مِن الغُبـار.
    وإن مَدّت الزّينة إليك شَهواتها ؛ فقُل:" معـاذ الله إنّه ربّي أحسَن مَثواي "
    أنت القدوس الطاهر فطهر أعمارنا ..

    يابُـنيّ ..
    خالِف النّفس واحذَر من الشّيطان الَّلبس !

    قال التلميذ :
    وأُشْـهِـدُ اللهَ ما شَـقّ لي قميصُ تُـقى ..
    وأنّي سَترتُ ضجيج الهَـوى ..
    أنتَ المُطّـلِع على غَيبِ قلبي وما فيه استَـتر

    قال الشيخ :
    مَن تطهّر من دسَائس النّفس ؛ أمِن مِن النَّكس ..
    قُـل :
    أعـوذُ بك مِن قَدم النُّكوص ..
    أعـوذُ بالله من الفَقد في زمَن الوَجد ..
    أعـوذُ بالله مِن حِرمان المِنَن في زمَن المَنح !


    يابني..
    طَـهّر حَـرم قلبك فهو مَوطن نظَـر ربّك ..
    اقرأ لوحَ قلبك يُنبيكَ بمـآل أمرك ..
    والعَبد حيث وقفَ قلبه بلَـغ مَقرّه !

    قال التلميذ :
    سُبّـوح قُـدّوس ربُّ الملائكة والرُّوح
    باسمك الطاهر الطيب
    ارزقنا طهارة الخطى وبياض الصحف.


    قال الشيخ :
    هيأ الله لك الإياب في رمضان فلا تخذل صحائفك .

    يابني ..
    ضاقَ الجَواب على السُّؤال
    إنْ قال الربُّ في الحساب يَـا عبدي طَـال الغيِـاب ولا إيَـاب !


    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 3 ــلةُ الثالثة القَيّوم




    كان الشَّيخ يصلّي مُسبلاً قلبه ..
    مُستسلماً للتلقّي .. وفي غمرة الاشتياق يرتجي المَددا !
    فلمّا سلّم؛ قال :
    اللهُمّ هبني اسمك الذي تُقضى به الحوائج ..
    اسمكَ الذي يجدُ به الواجد فوقَ ما وجد .. ويجدُ به الفاقدُ كل ما فقد ..


    قال التلميذ: إلهي كيف يصلك من يطلبك ؟
    قال الشيخ:
    يابني صِلْ مـن يبقـى واهجـر مـن يَفنْـى، تَصفـو وتـرقى !
    الصّـلاة هي مِعراجك .. (قَـلّ عَددها وكَـثُر مَددها .. تُخلّصك كي تُخصّصك) ..
    فإذا سَجدْتَ على بِساط الفقر دنوتَ فَقُل :
    يا مَن والَى علينا المِنن وغَمرنا بألطافِ المِنَح
    دبِّـر لنا فإنّـا لا نُحسن التّدبير.


    قال التلميذ :
    يامولاي .. يدي مَمدودةٌ
    فانشلني مِن كدرِ السفح للقمّة.


    قال الشيخ:
    يابُـنيّ .. إنْ أَفْرَدْتَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ أَفْرَدَكَ بِالْعِنَايَةِ ..
    وإذا رعــاكَ ؛ سيّـرَك
    وحاشا لمن اتصل به أن ينقطع ..


    هو الحي القَيّوم ..
    يكفيكَ ما يَخفى عليك !

    هو الحيّ القَيّـوم ..
    فَمُـدّ بساط اليـاء حتى آخر الأُفق؛ وقُل :
    أنت القَيّـوم ؛ اجْـلُ ظُلمة الغَسق !

    هو القَيّـوم ..
    إنْ عرفته سكَنتَ وإن جَهِلْـته جَـزعت ..
    له التّمحيص بما يشَـاء والتّخصيص لِـمَـا يشَـاء
    وأقداره تجري في أليقِ الأزمان لها
    فلا يَسرق نَبضك القلق !

    يابني .. إنْ شيّـد لك الشيطان خَيمة الأحزان ، وكنت فراشةً في قَوس نـارٍ
    فاذكُـر نبيّك في ليلة بدر يَذوب نبضاً بعد نبضٍ في :
    يـا حيّ يـا قَيّـوم برحمتك أستغيث !


    كَـان اللهج بالقَـيّوم فاتحـة الدُّعـاء
    فكَـان النّصـر : آمـِـينا !

    فاجعل ليلتك ليلة بدر.

    قل .. يا قَيّـوم السَّموات والأرض ..
    قوّم لنا الدّنيا ؛ وقوِّ لنا الدّين.

    ياحـَيّ يا قَيّـوم ..
    قوّم لنا الطُـرق حتى تدنو إلينا الأماني البعـيدة.

    يَـا قَيّـوم ..
    قوِّم لنا سُبل السعادة ..
    مملوءةٌ أيامنا بالضّنَـك .


    ياحيّ يا قَيّـوم ..
    يا مَرفأ الروح ؛ هذا الحزن يُغرقني !


    يا بُـنيّ ..
    كُـل هـَمٍّ دفَعْته بالقيّـوم حَريّ ألّا يعود !

    فيا مهمومًا بنفسه .. لو ألقَيتها إليه ؛ لاسترحت.
    فقُـل ؛ ياحَـيّ يا قَـيّـوم لا تَكلني إلى نفسي !

    سُبحَـانَــه ..
    اختارك عبداً فاختَـره صَـاحِـباً ..
    اسكُـن لما في يديه ولا تختر عليه !

    افتَح بصيرتك على قيّوميّته ..
    وافهَم ؛ إن أعبَـاء التّدبير لا تحملها إلا الرُّبوبية ، ولا تقوى عليها البشرية
    فقُل.

    قال التلميذ:
    في الطُّرقات يا مَـولايَ فوضًـى وأنتَ ملاذنا في كل فَوضى.
    سُبحانكـ أسمِعتني ليلاً أريقُ مدامعي ..
    أسمِعتني في ظُلمة الحزن ؛ وستَـائري مَرخيّة على جُرحي
    أسمِعتني وأنا السَّـاكن على عتبة الوَعْـد
    أسمِعتني ونحيبُ الروح يُثقلني !


    قال الشيخ :
    قد سَـمِع الله
    قد سَـمِع !


    يابُنـيّ ..
    أنت في جَـزع وشكوى
    وهو يدبّـر الأمر بمسالك لا تُـرى ..
    إنْ وكَلته ما كان كَـدرًا صَـار صَفوًا !


    فقل ..
    يا حَـيّ يا قَيـّوم برحمتك أستغيث ..
    إن استغثت بهذا الاسم جاءَك مَـدٌّ ليس له جَـزر.
    حتى تقول :
    كادَ العمر أن يكون عبوساً لولا أن تداركه القيّوم بالفرج.
    فقل: الّلهمّ تَداركني كما تدراكت صالحا في ثمود.

    يا بُـنَـيّ ..
    ( العبدُ بين نفحةٍ ولَفحة ، ومِنحة ومِحنة
    وسَلبٍ وجَلب ، ونَصـرٍ و كَـسر ) !

    سبحانه قال عن سليمان : "نعم العبْدُ إنّه أوّاب"في مقام النعمة
    وعن أيّوب "نِعْم العبدُ إنّه أوّاب"في مقامِ المِحنة !

    هو القَيّـوم ..
    يَغسلك بالبَـلاء ؛ ثمّ يهديكَ إليه ..
    ابتلاكَ ليعرّفك عليه !

    فَقُـل ..
    يَـا حَـيّ يا قيّوم .. اختبارَك وِسْـعَ طاقتنا ..
    لكنّنا نسألك العافية.

    إنَّكَ سألتنا من أنفسنـــاَ مـا لا نملِكُ إلاَّ بك
    اللهم فأعطِنـا من أنفُسنا ما يُرضيك عنَّــا.


    هوَ هو ، و أنتَ أنت ..
    قام بـه الوجود ؛ فكيفَ عليك لا يَجُـود !

    فاطمئـنّ إلى التّصريف
    وانشَغِل بالتّكليف !
    و عَـظِّـم لله الحُرمة
    وانشَغِـل بالخدمة
    فهو القيّوم على أمرك !


    قال تلميذ :
    أشتهي لو أطمأن ..
    ياسيدي كيف أَثبُـتُ وأعاصير المُنى تجتاحني ؟
    أشتهي أنْ آوي إلى فَـرج
    ويغتالُ يومي انتظار الغَـد ..
    كأنّ ضِـرع المُنى قد جفّ أو يَـبس ..
    ومالي إلا جذوة الهَمّ ..

    ياربّ هذا الدمع يبتهلُ ..
    فهبني إجابة تروي عَطش الحلم.


    قال الشيخ :
    تضلّـع مِـن ؛ يا حيّ يا قيّـوم ..
    وقل توكْـأتُ مِن ضَعفي على قُوّتك ..
    سبحانه .. من دخلَ عليه بالفقر ؛ وهَبه الغِـنى !

    وإذا أردتَ المواهب أنْ تنهمرَ عليك ؛ فَصحِّـح الفَقر لديك ..
    اخرج مِن الأنا والسَبب وقُـل:
    ياحَـيّ يا قيّـوم دبّـر لي فإني لا أحسِن التّدبير !

    فقُل :
    اختَر لي فإنّـي لا أُحسِن الاختيار ..
    والخير يا قلـب مايختاره الله ..
    فإنْ تُهنا فلمْ ندرِ { أشَـرّ أريدَ بمن في الأرضِ أمْ أرادَ بهم ربهم رُشدا } ..
    فاجعَل عاقبةَ أمرنا رَشَدا !

    قال التلميذ :
    شَتات قلبـي يُعذّبني .. كـأنّ نبضـي مَجبـولٌ على قَلـقِ
    عَرجتُ فوق طِيني ؛ فَدلّـني كيف العبور إليك !؟

    قال الشيخ :
    ادخل بفقرك واخلع رداء الأنا .. فقدْ قيل:
    إنْ جئتَ بلا أنَـا ؛ قَـبِلناك ..
    وإن جئت بالأنَـا حَجبناك !

    قال التلميذ :
    أواه .. يالعلة قلبي
    نظرتُ إليَّ ؛ فبَعُدت المَسافات عَليَّـا !

    قال الشيخ :
    يابُنـيّ .. إِنْ صَححَّتْ النوايا صَافَوْكَ .. وَإِنْ خَلَطْتَ خَلَّوْكَ
    ولو صَـحّ الأصلُ لصَـحّ الفَـرع !

    إنّ سبَب عَدم إقبالك عدم استعدادك
    لذا .. لا يكن همّك كَـثرة الأعمال بل تَصحيحُ الأحوال !

    صحّح إيمانك بالأسماء وفوّض الأمر إليه ..
    صوتك المحزون عند ربك "وما كانَ ربّـك نَسِيّـا"

    قال تلميذ :
    قلبي أرَقٌ على أرَقُ ..
    يا مُؤنِس الفُـقراء إنّ القمحَ يحترقُ
    أعوذ بِلُـطفك أنْ أموتَ مُنتَظِـرا !


    قال الشيخ :
    حاشا للأيدي المَمدودة أنْ تظلّ فارِغـة !
    لكنه القيوم وله التدبير كله ومواقيت الإجابة
    سبحانه ..
    لو أُذِن لك أنْ تُدبّـر ؛ كـان يجبُ أن تَستحي مِن أنْ تُدبِّـر !
    وكيفَ وقد أمرَكَ ألا تُـدبِّـر !

    ومن تدبيره أوجاعك
    فلا تخش أوجاعَكـ !
    إن البِساط الذي لا تُوضَـع عليه الأثقَـال
    تَـأخُـذه الـرّيح بَغتة

    فاحْـمَد اللهَ على أوجاعِـك
    فبها ثبَّـتَ بِساطـك.


    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 4 ــلةُ الرابعة القَابِضُ البَاسِطُ




    مِن هَـاهُنا ابتدأَ المقام ..
    هُنا البداية وهُنا الختام !

    اسـمٌ ..مَن عكف به في أسحارِ القُرب تعرّض لسَعة الوَهب !

    القابضُ الباسِط ..
    يَعبر بك مِن الضّيق فتّتسِع .. ومِن الجَفاف فتُزهر !

    يقبضُ بالعدل
    وَيبسُط بالفضل.

    يقبضُ حتى لا طاقة
    ويبسطُ حتى لا فاقَة

    وإذا بسطَ كان أقلّ ما أعطى كثير ويخفّ ماكان مَحمله ثقيل
    وترى العطايا بُكرة وأصيلا !

    يُضنيك الدّمع ومـا طَواه
    فإذا بسَط رتّلَـت الأسباب: آمِـينا !

    يغشى الخُطى ارتباكها ..
    فإذا بسَط استوت المراكب على الجوديّ !

    تضيق ..
    فإذا استعنت بالله فاض لك البسط !


    لا تسأله بصوتٍ يائس
    قُل لـه :
    يا من قال "وَيَقْدِرُ" اخرِجني مِن لاء العَدم إلى دَيمومة النّعم
    وما كان بعيداً هناك اجعله هنا.


    إذا بسطَ كفّه ؛ رأيت الفضل مُلقى على الفضل ، وصارت النِّقم أنعُما ..
    حينها ؛ ما ماضَـرّ الحوائج لو نأت عنها الأسباب !

    سُبحانه .. يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
    إذا بسطَ أعطاك مُبتدرا قبل السؤال نوالَ مالم يخطُر في البال !

    ابسُط لله كفّك فيَداه مبسوطتان وقُل :
    يا باسِط اليدين بالعطايا
    ابسُط لنا طريق الفرج.


    سبحانه ..
    إن بسَط طوّع لك الأحلام ليناً وتمكينا ..
    فقُل :
    يامَن "لك مقاليدُ السّماوات والأرض تبسُط الرِّزق لمن تشاء وَتقْدِر"
    ابسُط لنا من الرّزق ما توصلنا به إلى رحمتك
    .

    سبحانه ..
    إنْ قبض نعمةً كان أقربها منك أبعَدها ..
    ولربّما تمشي أطولَ الطريق ولا تلقى العناوينَ ..
    ولربّما جادَ السّحاب ثمّ رأيت أرضَك لا تورِق ..
    ولربّما يمّمتَ فإذا المدائن منفًى من منافينا !

    وإذا قبَض رأيت زورقك حائِـراً بلا مِـينا ..
    حينها لك من الريح مجراها ولله مراسيها !

    يابُنـيّ ..
    نـارُ القبض حَـرّها حَـرٌّ يسرُج الوجعا !

    قال تلميذ :
    ياسيّدي .. ما حكمة القَبض ؟

    قال الشيخ:
    يابُـنيّ ..في قبضهِ حكمه وفي بَسطه رحمة
    تنبسط المواهب لك ؛فَتطغى
    فيطويها عنك بالقَبض حتى ترقى !

    ربما أقبلتْ نعمة وبِدينك أدبرتْ
    فلا تسأله ماليس لك به عِلم !

    فهو القابض الباسِط ..
    وما يُعرَف البَسط إلا بِقَبض..
    وقد يسبقُ القبض ظُلمٌ مِن العبد
    إذ مَن أنكر ما يجد؛ حُرِم بركة ما وجَـد
    فاشكُر ما بسط لك من نِعَم عسَاك لا تفقدها
    وإذا انزاحَت الحُجب ؛ انصبّت عليك القُـرب !

    يابّنـيّ ..
    ( إنّ الله يبسُط يده بالليل ليتوب مُسيء النّهار
    ويبسُط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ) ..
    و إذَا بَسَطَ الْجَلِيلُ في القيامة بِسَاطَ الْفضل
    دَخَلَت ذُنُوبُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي حَاشِيَةٍ مِنْ حَوَاشِيهِ
    فاستغفِر ؛ يُـبسَط لك !

    قال التّلميذ :
    الّلهمّ عَفوكـ
    الّلهمّ اجعلنا في كرامة "سبَقت لهم مِـنّا الحُسنى"
    ولا تجعلنا في خُذلان "غلبتْ علينا شَقوتنا"


    قال الشيخ :
    إذا أردته أرادك ..
    إذا اتّسعت النيّة انبسط المَدد
    ومن في الطريق سلك فبالتأييد مَلك ..
    ومن ثبـتَ ؛ اتَّســع !

    هو الباسطُ .. لمن لم يَطفوا مع الزّبَـد، لمن رَفعوا سبّـابة الثّبات للأبد
    لمن في أعالي النُّور مامسّ بصيرتهم رمَد.

    يابُـنيّ ..
    لا يكن سَعيك في الّلواحق
    وقد كنت قادرًا أن تكون في السوابق.


    قال التلميذ:
    سَبقْنا القوم على خيلٍ دُهْـم.
    قال الشيخ:
    إن كنتَ على طريقهم فما أسرع الَّلحاق بهم
    وكم مِن عَرجاء سبقت

    ضعْ دَلوك بين الدِّلاء وقُـل:
    ياواهب الفضل لولا العَون لم نَصِلِ
    لا تحرمني فَيض عطائكـ

    "إنّما قولنا لشيء إذا أردنَـاه أن نقولَ له كُن فيكون"

    قال التلميذ:
    آميــنَ آميــن
    لا أرضَـى بواحدةٍ بَـل
    ألف آمـين في ألفَي آمـينا !

    ياربّ ..
    أمْـري في قبضة التّدبير تقبضه وتبسطه
    لك التّصرف في الفعل و فاعله ..
    أصلِحني ياشافي مِن العِلل.


    قال الشيخ:
    قُـل: الّلهمّ عافيـــــــة إلى الأبد مَع دَوام المَدد.

    يابُـنيّ ..
    اسأله مـاعنده بأسمائـه
    عنده لا كيفَ ولا أنّى
    قُل لَـه :
    لو لمْ تشَأ العطَاء ما أطلقتَ في لساني المَـقال
    لو لم تُرِد لي القَبول ما علّـمتني السُـؤال.


    يابُنَـيّ ..
    أيامٌ تبدو مِثل القَبض
    فإن استعنت بالله فاض لك البَـسط.


    يقبض ويبسط في الأرزاق فقل:
    يا باسط اليدين بالعطايا
    حبَسَتنا الهُموم فأطلِق أنت سَراحنا ولا تجعلْ لها عَلينا سَبيلا.


    قال التلميذ :
    ألوذ بك إنْ طالت عَتمة الإنتظار وارتهن القلب للحُـلم
    وظَـنّ أنّه صارَ نسيًا منسيًا في زحمة اليأس

    ألوذ بِـك ..
    إذا استندَ الدّمع على الدّمع
    واتّـقد الدُّعـاء بأوجاعِ التّعب وصارَ آخِـر الحُـزن أوّله.

    ألوذ بِـك وأرتِجيكـ
    فهل لهذا الّليل مِن صُبح


    قال الشيخ :
    لا تشيخ ُدعواتنا ..
    لا تَبلى ولا تندثرُ وسُقياها الإلحَـاح !


    سُبـحانَـه ..
    باسِـطٌ يَده لك بالعَطايا
    فإن قبض عنكَ جَزعت !

    قال التلميذ :
    بَـابُ الوصْـل عنّـي قَصِيّـا
    وتأوُّه الصَّـبر المُقيّـد فِـيّ !

    قال الشيخ: ردِّد ورائـي
    ياربّ .. جِئناك حُفاة القُـلوب، جِـياع الفَـرَج
    حنانيكَ يكفينا ما مَـرّ بنا
    جئتكُ طالباً ؛ فاجعلني واجِـداً.


    هو الباسِـط ..
    فإنْ أوجعَتك قُيود أُمنيةٍ قُـل :
    يا باسِـط أنتَ لها
    ولكلّ قَيْـدٍ أنَّ مِن القَبضِ
    .



    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 5 ــلةُ الخامسة الخَالِقُ




    سَخيّةٌ ليالي رمضان وفيها دَهشة الفرح ..
    ليالٍ ؛ هي رغيفُ الجائعين فليتَ زمانها لا ينتهي
    وما انفرط من زمانها ليس له عوض
    تبذُر الملائكة هَمس الذِّكر في الجنة ويُرفع الكَلِـم لله
    ويَجتبي الله قلباً في خِفّة الحُب يَعرُج

    أوَ تدري أنّ الصَومَ نوعان
    صومٌ يَسقُط به الفَرض .. وصومٌ يَحصل به الفضل
    ومابينهما فوق الخيال
    فإنْ مسّكَ الشّوق للفَضل
    فدونَك الصحُف فاملَأها، ودونَك المَوازين فأثقِلها
    و دونَك الليل فقد جعله الله بساط السائلين.

    ولا تكن مغلولَ القُوى وعندك صَهوة المستحيل ..
    توشّح بـمكنونِ الأسماء الحُسنى
    فإنّها مِفتاحٌ ما ضاقت به الحِـيَل.


    سبحانه هو الخالِق
    نستدلُّ به عليه ..
    فاضَ إناءُ الوجود بفطرةِ الشهود أنْ لا خالِقَ إلا الله ..
    وكان الكون بذرةً عذراء فلَقَها باريها
    فلا تجعلها بلا خالِقها فكرةً عَرجاء.

    سبحانه ..
    اختارَك عبدًا ؛ فاقبَل اختياره


    هو الخالِق مِن ضَباب العدم ؛ أبدَع للحُلم نهاره
    ومِن عَتمة الفَناء شقَّ عن الكون سِتاره
    شاء الوجودَ وشاءنا اختباره

    فإن اشتَـدّ فيك القلق على أمرٍ قد انغلقَ فقُل :
    أنت الخالقُ ربُّ الفَـلق.


    سُـبحانــه ..
    "أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا"

    سُبحانَـه ..
    هو المُنفرد بالخلق والتّصوير، وهو المُنفرد بالحُكم والتّدبير

    سُبحانَـه ..
    للشَجرة هو ساقيها ..

    سبحانه..
    للخليقة هو باريها ويَكفيها أنّـه كافيها ومكافيها !

    فلا تَجزع .. أمَـا يكفيك أنّـه يكفيك !
    وما كان مِن رزقك أتاكَ على ضعفِك
    وما كانَ مَمنوعا عليكَ لن تملكه بقُوّتِك.

    يابنـيّ ..
    "الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ"

    قال تلميذ :
    خالقٌ وَوكـيل .. ما المعنى ؟

    قال الشيخ :
    له خيلُ المقادير متى ماشاء يربطها ومتى شاء يوريها
    فارحَل إلى أقصَى اليقيـن !

    يابُـنيّ ..
    مَن شقّ عتمة الأسباب ؛ نوديَ مِن أقاصي النار "إنّي أنا الله" .." خالقُ كُلِ شيء"
    فآنِس مِن الله الإشارة وقُـل :
    يا مَـن وهبْتَ الكونَ نبضه .. ما مُورقٌ إلا الذي منك ابتدا
    ما واصلٌ إلا الذي منك دَنا .. فاجعلْ بَـدئي أنت وأنت المُنتهى


    سبحانَــه ..
    "هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأرضِ"
    تداركْ يقينك
    واعرُج إلى قمّة الانعتاق.

    أتدري مايحتاجُ قلبك ؟
    أنْ ينبض باليقين.
    أنّك بالله لن تخطئ المستحيل ..
    وعلى جُرفِ هاويةٍ تفهم أنك المؤمن المُمتَحَـن ..
    فلا ريحُ الشكِّ تَـهبُّ في قلبك، ولا تُزلزلك الأسئلة !

    أتدري ما يحتاج قلبكَ ؟
    أن تؤمنَ أنه متى كان الإيجاد فعلىَ الله دوام الإمداد
    متى كان الخَـلق ؛ فعليه سبحانه دوام الرزق !

    أيُطالبك بحقِّه ويمنعك وجود رزقه ؟!
    أيُبرزك لكونه ويَمعنك وجود عونه ؟!
    أيُخرجك إلى الوجود ؛ ويَمنعك الجود ؟!

    مابين المجـرّة والمجـرّة بيـن يديه
    فاسأله ما يُعجزك

    ثقْ بالخالق الرازق
    وخَـلِّ عنك الخلائق.


    اسأله وقُـل :
    بأمرك الذي أودعته في (كُــن ) اقضِ حاجتي
    أنت خالِقنا ولك أمرنا.


    يابُنـيّ ..
    مَن لم يسأل الخالق ابتلي بسؤال الخلْـق !

    تنهّـد تلميذ قائلاً :
    كأنّ أحلامي جُبلت على لاءٍ نافية !

    قال الشيخ :
    وضِّـئ قلبك بالثّقة يقطُـر لك الغيم عافية
    وتوشّح بالأسماء فإنها وربّي كافية.

    اجعل ذِكـرك "أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر"
    ولا تكن بيـن و بيـن بل مُـدّ اليدين ولا تسأل كيفَ و أيـن ؟

    وإنْ طُردتَ عن حِياض الماء.. وإن نبَذوك في العراء.. وشَاؤوكَ وراءَ الوراء
    "قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ "
    هوِّن عليك وكُـن بربّك وقُل: " وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ "
    يختار ممّن شدّ على الحقّ نواجذه وأغارَ على العَجَل رغم هطول الفتن !

    يابُنـيّ .. " وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ"
    شاءَك الله انهيار المستحيل فلا تأتِه منكسر الصّليل
    شاءك أبعد من حدود الطّيـن .. فإن أضعتَ الطريق إليه فقد أضعتَ الطريق إلى اختيارك
    اترُك وراءك ما تُحيي به أثرك .. تدهش الملائكة من عبد ظل حياً حتى تكاد تقول:
    قل لي بربك من كملك !!

    اسمع لقول الصالحين: أيها العَـبد ..
    ما آمَن به من نازعه، ولا وَحَّدَه من دَبَّرَ معه
    ولا رضي به مَن شَكا ما أنزل به إلى غيره " وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ "
    وليس مع تقديره اختيار
    تخيَّره ولا تتخير عَلَيهَ .. ولربما اختار المَـرء هلاكه !

    قال تلميذ :
    سُبحانك سُبحانك ..
    أنت الخالِـق وأنا العبدُ الآبِـق


    قال الشيخ :
    " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ "
    فاستلِبْ زمانك فهو مَسلوب ..
    وغالب الهوى ولا تكن مغلوب ..
    وحاسب نفسك فالعمر محسوب ..
    وامحُ قبيحك ولا تلقَه مكتوب..


    ما في المقابر مِن دَفِـين ؛ إلا وهو يئِـنُّ مِـن (سَـوفِ)
    يظلّ الشيطان يُدافعك عن الآخرة ، ويمنّيك بالغَـد !

    يابنـيّ ..
    إِنَّ مِنْ إِعْرَاضِ اللهِ عَنِ الْعَبْدِ
    أَنْ يَشْغَلَهُ بِمَا لَا يَنْفَعُهُ !


    قال التلميذ :
    اللهُـمّ عُمراً مليئاً بسنابل مَـلأى حَصادها لا ينتهي ..
    اللهُـمّ وأجوراً تفيضُ بحقولها حتى يُقال هذا الفِردوس فاهنَـأ.


    قال الشيخ:
    قَضى اللهُ بالرَّحْمَة لِمَنِ اهْتَمَّ لِأَمْرهِ ..
    فاجعَـل عُمرك أمْـرَه
    تضلع من زمزم الأجر واتمم له مكارم الحب.


    ( ولأني صغيرة وقصيرة
    على أن أصل إلى قفل الغياب
    جلست بجانب الباب
    .)




    إلى كل عضو له عضوية في منتدى
    إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
    لمـــــــــــاذا !؟؟
    مهتـ منال محمد ــمة

  • Font Size
    #2
    رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 6 ــلةُ السادسة النَّـافِـع الضّـار




    ليالي رمَضان يَمانٌ وفي عُمر الأبَـد يمتدّ زمانها إلى أعراس الجنّة !
    فاقترِب تتّسِـع .. مَن تقرّب إليه شِـبراً ؛ تقرّب إليه ذراعا
    وما بيـنَ ما مِنكَ وما منه ؛ ما لا يُدركــه الخَيال !
    والله بقولِه أصدق .. والقلبُ بوعده أوثق
    فتودّد إليه يَفتح لك خزائن العَجائب ..
    تَـودّد وقُـل :
    يَـا الله .. أتيناك بالحُبِ فاطوِ عنّا البُعد.

    هو الله النّـافِـع الضَّـار
    طوبَـى لِمن تعرّفَ عليه بأسمائه ؛ وتعرّف عليه باختياراتِـه
    شَـاء تَـدبيره "فاقذِفيه في اليَمّ"
    ولُطفه في "فَنجّيناك مِن الغَمّ"
    وحِكمته في "وكَان وراءَهم مَلِك"
    وفي بواطِن الضّيق يختبئُ الفَــرَج !

    فلا تقل ليت .. ولا لو أني بل قل:
    يا مولاي أعطني ما فات مني

    سُـبحانـَـه .. جعلَ المِحـَن حبَائل المَنح
    ولربّما أتت الفَوائد من وجوه الشَّـدائِـد, والمَسار مِن وُجوه المَضار !
    ولربّما كَمنت المِـنَن في المِحن والمِحَـن في المِـنَـن
    وربّ خَيـرٍ مِن شَـرّ ونَفعٍ مِن ضَـرر
    ولعلّه جعل حظّك في مَنعِك .. وربّما قيّدك لِينقِذَك
    ولربّما جعل في طَـيِّ حُزنك لحظةَ الجَذل
    فَقُـل: اللهُمّ أنتَ النافِـع الضّـار
    إنّـا قِد عَجزنا عن دفعِ الضُّـر عن أنفسنا من حيثُ نعلمُ بما نَعلم
    فكيفَ لا نَعجز عن ذلك مِن حيثُ لا نعلمُ بما لا نَعلم.


    هو النافع الضار .. وكم مَغبوطٍ في نعمة هي شقاؤه
    ومرحومٍ في داءٍ هو شِفاؤُه !
    يـا بُـنيّ ..تَرى الهُموم مقبلةً ؛ كأنّها أقسمَت ما فيها مُدبِـرة
    وحكمةُ الله تنكشف شيئاً بعد شَيء ..
    ما كـَان منه كَـان ، ومالم يكُن لنْ يكون
    فإن عرفتَ فاتبَع، وان جَـهِلتَ فَسلِّمْ
    فإنّ الاعتراض على تدبيره جنايــة .

    قال تلميـذ :
    أستَغفرُ اللهَ .. نِصفـي يقيـنٌ و نِصفـي شُكوك
    واللهِ ؛ إنّ دَمعتي حَـيرى ، وَوجعي سابِغا وكُـلّي قُصاصات حُـزنٍ مُبعثَـرة !
    قال الشيخ : أتَحمَد في النّـفع وَتقنطُ في الضُّـر ؟!
    هو النّـافِـع الضَّـار فإيَّـاك أن تَعثر في بعضِ المَعنى !

    يَـابُـنيّ ..
    أوّل الأسمِ مثل الآخِـر
    هو النّـافعُ إن قَـلّ المُناصِـر ..
    وهو الضّـارُ لو شَـاء لكَ كُـلّ الخَسائِـر !

    سُبحانَــه شَـاء مِن أقدام إسماعيل قصّةَ هاجَـر
    وما ساغ ماءٌ على ظَمأ إن شَـاءه اللهُ مِلحاً أُجــاجَ فَقُـل:

    يَـاربّ ..عَـبِّء قلبــي بالثَّــبات ..
    سُـدّ ثَغرة يقينــي إذا قسَت الدّياجِــر.


    سبحانه .. يقطعُ عنك الأسباب
    فيرفع صوتك إلى مقامِ المُضطَّـر.


    هو النّـافِـع الضَّـار
    خضعَ له الدّاء والدّواء وذلّت له الأسباب ..
    إذا قال اللهُ للأسباب غِيضي
    فمن يملكُ أنْ يقول لها فيضـِي ؟

    فإذا شـاء النفع انبلجَ فجـر الفَـرج وغيض الهَـمّ ، وانقضَـى الأمر.
    "فَمن يملكُ لكم مِن اللهِ شيئاً إنْ أرادَ بكم ضـرّاً أو أرادَ بكم نَفعا"

    قُـل يَـاربّ ..
    إنّ الطّريق للمُـنى إنْ لم تُسهّـله ؛ كَـؤُود ..
    والدّربُ وَعِـرٌ ؛ إلا إذا يَسَّـرتَـه ..
    والسُّـبل بَعيدة ؛ إلا إذا قرّبتها ..


    سُـبحانَــه " إن يَمسَسكَ ٱللهُ بِضُرّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدكَ بِخَير فَلَا رَادَّ لِفَضله"

    يـا بُــنيّ .. إذا يسّـر الله الأمـر ؛ أثمرت الأسباب !
    قال التلميذ :
    يا غيثَ عُـمري ارحَـم
    (شوقَ المآقِي لمشهدِ الفَـرَج)

    ينامُ الحُـزنُ في قلبــي ؛ وصَوتي فارغٌ مِـن يَقينه ..
    والله كأنّـي أسألُ مُحالاً ؛ والمُحال بعيــد ..
    وأراني مِن امتناعٍ لامتناع ..
    وما أرى الآفاقَ إلا فراغًـا كأنّما خُلِق المَنعُ لي !

    قال الشيخ :
    تقولُ للّـيل ما أطولَـك
    وتنسَـى الذي بالنّعم دثّـرك !


    يابُـنيّ ..
    الله في عتمة الجُبّ وسّـع مُدخلَـك ..
    والله في السّنين عِجاف ؛ أنبتَ لك سُنبُلَـك ..
    أتؤمنُ به نافعاً ؛ وتأباه إنْ ضيّق المرحلة !

    هو الله .. في كُـل المواسِم أثقلَ الغَيم كيْ يَغسِلك
    أو كلّما شَـدّ عليكَ ؛ أجفَلك
    ثبّـتْ على سُـلّم الوصُول خُطاك
    فهو مَن هَيَّـأ أقدارَك.


    قال التلميذ :
    إيِــه يـا قلـــبُ مـا أعجَلك !

    قال الشيخ :
    يـابنـيّ ..
    ما ينفكّ الشّيطان يتلمّس رُوحك عساه يَجد مَنفذاً !

    يـا بُنـــيّ ..
    بـلاءٍ يُنطقك بالدُّعاء ؛ ما هو إلا عطَـاء ..
    إنْ مَـدَّ الّليل دُجَـاهُ فَـقُـل: وعندَ الله المُتّسَع

    أنتَ النافِـع الضَّـار
    فَخلِّصنا مِن مضايق الدنيا وشدائد الآخــرة

    والله .. إنْ أضيقَ الأمر إن فكّرتَ أوسَعه
    فقُـل: ياربّ اجعَل لي عَن كُـلّ هَـمٍّ تحويلا.

    سبُحانَـك أنتَ النّـافِـع الضَّـار
    تضيقُ الأسبابُ عنّـا ؛ ولا تضيقُ رحمتك عنّا !

    قال التلميذ :
    سبُـحانَـك .. يَنهشني الحُـزن لو غابتْ عنّي أسماؤُك
    يــا غايَـة السُّؤل والأمَــل مِن اليأس يا مولاي فُـكّ أسْـري.


    قال الشيخ : لا تَقُـل عن كُـربة ؛ لعلّها
    بل قُـل: يَحلّـها مَن كان يملكُ عُقدها.

    واحفَظ عَـنّـي
    "كانوا يَستفتحون حَوائجَهم:
    اللهمّ بك أستنجحُ، وباسمك أستفتحُ، الّلهمّ ذَلّل لي صعوبته
    وسهّل لي حُزونته، وارزقني مِن الخَير أكثر ممّا أرجو
    واصرِف عنّي مِن الشّر أكثر ممّا أخَاف .. .
    سُبحانك لاسهلَ إلا ماجعلته سَهلا ، وأنتَ تجعل الحُزن إذا شئتَ سَهلا
    "
    فالزم هذا الدعاء

    يَـابُـنيّ ..
    اجْتَهِدْ أَلَّا تُفَارِقَ بَابَ سَيِّدِكَ بِحَالٍ ؛ فَإِنَّهُ مَلْجَأُ الْكُلِّ
    فَإِنَّ مَنْ فَارَقَ تِلْكَ السُّدَّةَ لَا يَرَى بَعْدَهَا لِقَدَمَيْهِ قَرَارًا وَلَا مَقَامًا ..
    إنّـه متى خَلّاك مِن توفيقه ؛ عثرتَ عثاراً بعد عثار، وأسرتَ إساراً بعد إسار !

    قال التلميذ :
    الّلهمّ أنتَ النّـافِـع الضَّـار .. ونحنُ المُتعَبون
    الّلهمّ أنتَ النّـافِـع الضَّـار .. جلّ البلاء فاجعل له أوسع الجلاء
    الّلهمّ أنتَ النّـافِـع الضَّـار .. قد مسني الضرُ .. والقلبُ منكوبُ
    أرجو حِماك ولم أرج يوماً واهباً إلاكَـ .



    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 7 ــلةُ السابعة المُقيت




    يا أبنائي .. فـي الّليل نَمُـدّ الأيدي الفارغة ونرمّم الأحزان الهشّة
    ونحكي لله أنّ أحلامَنا على وشَك الانهيار ، وأنّنا عالِقون في المَتاهة
    هو الله الوصلُ به غنيمة
    فطوبى لِـروحٍ غشّـاها مِـن يقينِ الحُـبّ ما غشّـى !

    سبحانه هو المقيت فرتل اسمه ..
    وقل: أنت المُقيت وأنـا خالي الوِفاض
    أنت مَن جَـلّ وأنـا مَن قـلّ.


    سُبحانه هو المُقيت للأرض ومن فيها
    "وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ"

    سبحانه هو المُقيت
    قدّر أقواتها فادخُلوها آمنيـنَ مِن نَقصِها.

    هو المُقيت
    قدّرَ أقواتها لكلّ البرايا سَـواءً سَـواء !

    هو المُقيت
    قدّر أقواتها.. فَدعْ المَشيئةَ تجري بما حمَلت وما حملَت.

    هو المُقيت
    لِـيَـدِ الإملاق بالرِّزق. ورزقك إنْ لم تأتِـه أتَـاك
    ونحـنُ بِغَيب الرِّزق محنَـتُنا !

    سبُحانَـه ..
    إنْ أعطى وإنْ مَنع فأنتَ بذاك مُمتَحنا

    قال تلميذ :
    ياربّ هذي القلوب تئِـنُّ
    وما يَحمينا إلا حُـسن الظَـنّ.


    قال الشيخ :
    يا بني إنْ أعياكَ رَغيفك، وأخطأ السّعي مَرماه
    و وردتَ النّهر ظمآنًا فوجدتَ الخَيبة مَجراه ..
    وكاد القلبُ يقولُ: أيـن الله
    وأحسَست ما بين النّبضة والنّبضة فَـزعَ الخُذلان فَقُـل:

    أبـرأُ إلى الله
    مِن فتنةِ الرزق.


    يابُنــيّ ..
    أوَ ترضاه ربًّـا في غَيثِك
    وتأبى أقداره إذ السّنون عِجاف ؟!


    أوَ تنـسَى .. أنّ ما بينَ لاءٍ ونعم امتحانٌ مؤقّـت !

    سُبحانـَــه ..
    تسكُـن لما في يَدِك
    ولا تسكُـن لِما في يَدِه ؟!


    يابُـنـيّ ..
    الدُّعاء يَقي، وآلاء الله تُغني
    عَطاؤه يَفيض، وفَضله يُغيث

    فإنْ مَسّـكَ شَظف
    فاجعَـل الاسـ المُقيت ـمَ ذِكـراً في شفَتيْك
    وافتح به خزائِن الرّزق.

    الزم الذكر به ترى الفرج
    وعَـلِّـم قلبكَ وِرْد " ما بِكُم مِن نعمةٍ فَمِنَ الله"
    وأدِّب لِـسَانك بِـذِكر"ولَئِـنْ شَكرتُم لأزيدنّكم"
    ثمّ قُـل : لكَ الحمدُ في ذا و ذاكَـ.

    يابُنـيّ ..
    مَنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ النِّعَمِة
    فَلْيُكْثِرْ مِنْ دُعـاء الْخَلْوَةِ.


    قال التلميذ :
    مُنهَكون يارب مِن فَـراغ جِـرَارنا ..
    أعِـنَّـا أنْ نَخرُج منّـا إليك .


    قال الشيخ :
    كمائِـن القُـلوب تَظهَـر عِند المِحَـن !

    اللهُ االمُقيت فلماذا يَقتاتك القلَـق ؟!
    الله المُقيت فلماذا سِـربُ عُـمْـرك حولَ اليأسِ يحتَشِـد ؟!
    قُــل لَــه : أنتَ المُقيتُ فأعطِـني القُـوت ..
    الّلهمّ هذه يَدي تنتظرُ ما في يَمينك ؛ ويَمينك كلّـها يُمـن ..
    الّلهمّ يَدك فوقَ أيدينا ؛ كَـيْ نعبُـر الطّريق.


    قال تلميذ :
    ياربّ .. كلماتي مُتآكلة لكنَّ نبضي بها كامِلاً !

    قال الشيخ :
    إنّ الله إذا تفَضّلَ امتـلأَ الفَضَـا
    لو كانت الأرضُ تنصدعُ تَحتَك
    فلا تُـنزل كَـفّـك !
    كفّـك تشقُّ حُجب السّماوات
    وما بعدَ كفّـك إلا " إنّـا مُنجـوكَ "

    كُـلّـك مِن بعضِ الدّعاء ..
    وبعضُ الدعاء ؛ كُـل الفرَج ..
    إذا استجابَ لك ؛ رأيتَ الكافَ في عُمرك والنُّـون !

    يابُـنــيّ ..
    مَـا بيـن كـانَ وكُـن ألِـفٌ مَفقودة إذا شَـاء الرّب
    وكُـل غَيمةٍ دون الله مالها مَطَـر

    هو الله المُقيت
    إنْ كنتَ قائماً بأمره خَضعت لك الأسباب ..
    وإنْ كُنتَ قائماً لنفسك نازعَـتْـكَ الأسباب ..
    فلماذا بؤسُ القلب يتّسِـع !

    قال التلميذ :
    الّلهمّ إنّي ذو هِمَّـة فلا تَمتنّحني برزقٍ ضَيّق ..
    ووسِّـع لي في دُروب الفَـرَج.


    قال الشيخ :
    مَـنع النّـاس نَـيْـل حَوائِجهم ضَعف نِـيّـاتهم
    فأصلِح باطنك، وَكُـل الحَـلال، و طَـهِّـر الخِـلال
    فكَم مَـنَعَ مَن فتحَ الْبَـابِ أَوْزَار
    ولو استَقمْنا لكانت الأحوالُ مُستقيمة !

    قال التلميذ :
    أبوءُ بسِرّي إليـك .. وقلبي غيرَ قُربِـك لا يُريد
    فقرّبني إليكـ.


    قال الشخ:
    سبحانه هو المُقيت وربك لا تدفعه الجِناية إلى تَرك العناية
    وقطعِ الرِّعاية ..
    يرزقك وأنتَ بعيد فكيف لو كنتَ قريب !


    قال التلميذ:
    أتيتكَ مِن قاعٍ يُهشّمني فداوِ جِراحاً تُـنـادي :
    يَـا ربّـي إنـعـامَـا


    قال الشيخ :
    كَمْ زَارَكَ الْخيْرُ وَالأبْوَابُ مُوْصَدَةٌ فافتح أبواب الرزق !

    قال التلميذ :
    دُلّـني !

    قال الشّيخ :
    الصَّدقة بداية الزّيادة فاجعلها أوَّل المِيثاق ..
    واذكُـر أنّ مَن حَـرسَ الّنعمة بِجُهده ، وشكَـر عليها بِوسعه زاده الله مِن جُـوده ..
    فتفقّد رعايتك للنِّعم.

    ثمّ إنّـي ناصِحُـك بأمرٍ يُوسّـع لك في الرِّزق :
    الزَم الشُّكر فإنّـه الحافِظ الجالِب يَحفظ النِّعم المَوجودة، ويجلبُ النِّعم المَفقودة .

    و زكِّ دَربك بالحَـلال ..
    فإنَّ الحَـرام يَمحَقُ الأرزَاق !
    فلا تخلِط الخَطو فهذا اليَمين وذاكَ السَّراب .. !
    إياك أن تَجمع الأوزار لِنفسك ؛ ولأهلِك الأموال ..
    وما بعد مَوتِـك ؛ إلا القيلَ في المِيراث والقَال !

    فَقُـل: الّلهمّ أنتَ المُقيت فَهبْنا رِزقاً مافيه شوائب الشُّبهات ..
    ولا تَجعل نَصيبنا ما عجّلته لنا مِن مَواهب الدُنيا
    بلْ واجعلها ممّا ادّخرتَه لنا في العُـقبى.


    قال التلميذ :
    يَـاربّ أنت المُقيت
    نسألك مِن مَكنون غَـيبِك وخزائِـن فَيضك.

    قال الشيخ:
    يابُــنيّ .. ما أبعدَ الشّوط بيـن الأنَـا والمُـنى
    ما أبعد الشّـوط إنْ لَـم يَـُعِـن هُـو ..
    فإنْ وهَبَـك رأيتَ الفضلَ في عُمرِك قافلة
    وانتهت المَتربـة.



    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 8 ــلةُ الثامنة الأَوَّلُ الآخِرُ





    يارب .. أعِـذْ قلبي وأدركْ غُربتي
    أوشكَ عُـمري منّـي أن يضيع !
    جاءَني الهوى بالتِّيه فعامِلني بِفَضلك يا سميـع .


    ( يَا مَن تدري ما نكابده ؛ اشفِ الصُّـدور بفَرجٍ مِنك ينهمر ) ..
    الّلهمّ فَـرحًـا يبلغ به الحَمد مُنتهاه !

    سَمِـعَ الشيخ مُناجاة التّـلميذ ؛ فقال:
    جـُـد الّلهمّ بمـا هـو مِنـك على مـا هـو منـّا
    أنتَ الأوّل وأنت الآخِـر .


    يا بُــنيّ ..
    مَن عَمِـل بالعافية في أوّل أمره رُزِق العافية في آخِـر أمْـرِه.
    فَقُـل : يَـا مَـن رَزقتنـي عافية الجَـوارح ؛ ارزقنـي عافية القلـب من الهمِ.
    وعافية العمرِ من ذنب يمنعُ العطاء ويحبِسُ الدعاء.


    قال التلميذ :
    آميــن آميــن ..
    الّلهُـمّ إنّ إحسان الوَعد إنجازه
    فانجـز لنا

    قال الشيخ:
    يابني .. هذا طريقٌ أوله اشتياق، وآخره ارتقاء وبينهما احتراق
    فحرّر أوّلـك كَي يقبلكَ فيُكملك
    ومَن جمع لله أوّله جمع الله له آخره !

    يابُنَـيّ ..
    إنْ كان الله في قلبك أولًا كان لك آخرا ..
    والهدى بالله يُسـتَـزاد.

    هو الأوّل وهو الآخر فَقُل:
    ياربّ أفِـرُّ منكَ إليك ، وأتوسّـل بك إليك
    فكما كنتَ دليلـي إليك ؛ فكن الّلهمّ شَفيعـي لديك
    سيئاتــي منــّي وحسناتـي منــك
    فعامِلني بالإحسان لا بالميزان ، وبالفضل لا بالعَـدل.


    قال التلميذ :
    ياربّ قلبــي رياحُ الشّك تَجرفه
    وفتنة الشّهوات تَخطفه


    قال الشيخ :
    يابُـنيّ .. كُـن أوّل الأوّل عند الله
    وكُـن آخِـر الآخِـر إذا ما النّـاس قد سَقطوا .

    هو خيرٌ لك منك لنفسك
    لأنّـه أوّلك وآخِـرك، وليسَ بعده آخر .. فَقُـل :
    إليك إلهـي المَـفرّ ، ومعكَ المقَـرّ .. أنـا بِـك
    لا أملكُ إلا مِنك .. ولا أُعطي إلا بِـك ..


    سُبحانــه ..
    هو الأوّل في إيجـادك وهو الآخِـر في لقائك

    سبحانه..
    ليس بعده شيء ولولاه ما كان شيء .

    قال التلميذ :
    والله يارب .. لا أملك أمـراً مِن أمري
    وأراني مِـن حُـزنٍ إلى حـزن
    والأماني خيال من خيالي.


    قال الشيخ :
    العابـرون على دُروب الوجَـع إن كَـان أوّل العبور لله كان آخِـره الفَـرج.
    المُتعَبون مِن نَـزْع الهوى إن كانَ أوّل الصّـبر لله كان آخِـره الرّضَـى .

    ما مسّك الألم إن كان الله في أوّل الأمر وآخـره !

    سبحانــه ..
    كان بتدبيره لك من قبل أن تكون لنفسك
    تولّـى رعايتك قبل ظُهورك
    هو أولى بـك منكـ
    وأملَكُ لك، وأقرب إليكـ
    فَـقُـل :
    خرجتُ مِن حولي إليكـ
    اللهمّ أنت الأول والآخر والمصير إليك

    فقل :
    ياربّ السُّبل كلها بين يديك والجهات كلّها لا تخفى عليك
    فاهدِني سواء السبيل إليك


    أعد لك وجودك من قبل أن يظهرك لجوده
    فاسألْـه كل شيء ؛ فهو المالك لكل شيء
    المدبر لملكه وليس له فيه ظهير، والمنفرد بحكمه دون وزير
    و لا يليق به لو أنّ و لكن ..
    سبق الزمان بعلمه ؛ و يكون و كان !

    قال التلميذ :
    ياسيّـدي .. ماحالُ قلبٍ كان في أوّله محسناً
    ثمّ صار آخر العمر أنقاضَ عِصمة ؟

    قال الشيخ :
    يـابُنـيّ .. ذاكَ قلبٌ كانت تخطو على الأرض عثرته !

    قال التلميذ :
    لَـمْ أفهَم !

    قال الشيخ :
    قُـل أعوذ بالله مِن غِـشٍّ في البدايات يَعقُبه خذلان في النّهايات
    أمر ماكان لله في أوله فقل:
    أعوذُ بالله مِن الزّلل ؛ وقد قارَب السّبيل نهايته !

    يابُــنيّ ..
    لا سلامـةَ إلا بسابق تَوفيق
    فاسأل الله عنايته !

    قال التلميذ :
    عَفوك يـا مَـولاي ..
    أعوذُ بك من رِيـاء يجعلُ السّعي عَصفاً مأكولا
    .

    قال الشيخ :
    مَـن سقى غرْسَـه اجتنـى غَـرسَـه
    ومَن راعى ما مضى حُفِظ فيما بقي
    هو الأول وهو الآخر في الأمر كله.

    يابُـنيّ ..
    هو الله مَـن حَـلّ عليه ؛ لم يرحَـل
    فإيَّـاك أن تَتوه عنه !

    قال التلميذ :
    كيفَ نَـثْـبُـت ؟

    قال الشيخ :
    لا يَصِل سالِـك إليه إلا مِن التَخلّـي
    ولا تثبُت قدمٌ إلا بالتّحلّي
    وِمن سلِك بقوّة في دِرب التّكليف
    دَرجَ في مِعراج التّشريف


    هذا أول الأمر عنده
    وكذا آخره ..

    يابُنـيّ ..
    نَظَرْنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ فَإِذَا الَّذِينَ بَلَغُوا مِنْهُ الْغَايَاتُ الْمُنْفَرِدُونَ ..
    فتفرّد وكُـن عنده أولًا ؛ يكن لك في عُقباك آخِـرا

    يابُــنيّ ..
    التّلبية أوّل الابتداء فرَدِّد :
    لبّـيك أنتَ ربّـي في كُــل حَــال
    سبحانك أنت الأوّل ولا ثاني
    والمُشار إليه في جميع المعاني.


    يابُــنيّ ..
    هو الأوّل والآخِـر والغنيّ عن الشِّـرك
    لا يرضَـى الله بقلبٍ فيه ذلّ المُزاحمة ..
    فسَائِل نفسك ؛ ماذا اصطفيتَ لنبضك ؟

    قال التلميذ:
    يخنقُ قلبي ضَجيج الأنـا !

    قال الشيخ :
    يابُنــيّ ..
    مَن رأى نفسه بالعِلم زَلّ بــه
    ومَن رأى نفسه بالعَمل وقفَ بـه
    ومَن رأى نفسه بالعَقل عثَـر بــه

    فإن استفاقت فيك فتنة الأَنـا فَـقُل :
    قليلٌ أنَـا بالأنَـا .. كثـير أنَـا بِـلا أنَـا !

    يابُــنيّ ..
    مَن كان بالأنا معجون فذكره عند الله مدفون
    فدع عنك أنا و أنا ..
    إنّ " أنَـا خَـيرٌ مِنه " أوّل جَمرة النَّـار !

    ومَن قالَ : أنَـا أنَـا .. ذاك عبدٌ بِقَيده مُرتَهن رهنا
    ومَـن كَـان ملء ثيابه "أنَـا خَـيرٌ منه "كان ملء عتَمته !

    فطَهّـِر جَنانك .. إنّ الأنا وهجُ السَّـرابِ ويوم القيامة حَسرته
    فَردِّد على قلبك : "إنَّ إلى رَبِّـك الرُّجعَـى" وقُـل:
    ياربّ.. ارزُق خُطَـاي الرّجعة .

    يابُــنيّ ..
    مخذولٌ مَن اشتغل بنفسه عنه
    فكُـن لِـنفسك بألَّا تكون لها !

    يابُنــيّ ..
    قل لله .. يارب أعنِ كي أدنو إليك ..
    يارب أعوذ بك أن يفنى عمري في وصل لا يصلني بك ..
    أنتَ الأوّل وأنتَ الأخِـر ولا يبقَ إلا ما اتّصَل بك.



    في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    اللَّيـ 9 ــلةُ التاسعة الظَّاهِـرُ البَاطِـنُ





    تَعلّمتُ مِن صُحبة الله أنْ لا أخاف
    وأنَّ الآلام بأثقالهنَّ خِفافٌ خِفاف
    وأنَّ الإجابة تأتي رغم الجَفاف
    وبملءِ اليقينِ مِن يمينِ الرّحمن آنـسَ قلبـي وَصـلا


    ربٌّ إذا اقتربت منه
    جازتْ لك الصّلاة

    يَـا أبنائـي :
    المُتّصل بالمَرفوع مَـرفُـوع .. والمُتّصل بالمَحفوظ مَحفوظ
    فاتّصِل بالقُـرآن إنّـه امتدادك ..
    وعالـي الإسناد بالحُـبتواترتْ له الهِبات !

    ومن سَكنهُ القرآنُ كان سكينته
    فَـقُـل ..
    الّلهمّ أوصِلني إليكَ بكتابِـك
    يَـاربّ أثبتْنِي بكلماتِـك كما ثبّتني بِـكـ


    فإن أرادك لكلماته فقد اصطفاك
    وحينها .. إذا صحّت المكاسِب صُبّت عليكَ المَواهب.

    ارتعَش التلميذ للكلماتِ فقال :
    ياربّ ما زلتُ أفتّش في قلبــي عنك ..
    بُـحّ قلبـي وفَـرطُ الدَّمع يُـناديك ..

    إنْ لمْ يَشُـقَّ القَـلب نحوكَ الطّريـق
    فحسَناتـي آفِلة !

    قال الشيخ :
    (حَملتُ قلبي على كَـفّي وسرتُ بـهِ
    لمّا تيقّنتُ أنّ الله يكفيهِ
    ) .

    يَـا بُـنيّ ..
    ظاهِرك في العناية
    إذا كَـان باطِنك لم تمَسّه الخِيانَـة !

    يَـا بُـنيّ ..
    هو الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
    جعلَ في الجنّة غُرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطِنها من ظاهِرها
    لمن صلّى بالّليل والنَّـاسُ نِيـام .. حيثُ لا تَـراه الناس .

    وسُنّـة الله ..
    مَن يُخلِص سَريرتـه أنْ يعظّم اللهُ في الناس مَشهده
    والعابِـدون للأضْـواء والمَـلأ ؛ مِشكاتهم سُرعان ما تنطفئ
    و وَهن الباطِـن لا يَـلِـدُ إلا الزّبَـد !

    فَـقُـل :
    الّلهُـمّ أنتَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ لا يخفَـى عليكَ شيء
    لُـمَّ قلبـي علَـيك .. واجعَـل عُـمري صَـلاةً عارِجةً إليـك
    وقبلَ الوداعِ الأخير خُـذني في وُدٍّ إليــكـ.


    قال التلميذ :
    يَـاربّ .. كَـان لي قلـبٌ وفَقدتُـه !

    قال الشيخ :
    رُبّما امتحنكَ ؛ فَهيّـأ لكَ حَرامها قبلَ حَـلالها
    وأورثكَ مَتاعها وحُطامها
    فإيَّـاك أنْ يهفو قلبك ؛ إذا اشتدّت عليك الفِـتن في زحامها
    ذاكَ اختبارٌ "لِيسْئل الصّـادِقين عَن صِدْقِهم"

    يـَا بُـنيّ ..
    الخُطى المَذعورة مِن آثامها يحفرُ الله آثارها قَبولاً في الغَيب
    ومآلـها "قَدمُ صِـدق"

    سبُحانه ..
    يُظهِـرُ ما بَطـن فيكَ
    ثُـمّ يَجتبيك !


    يَـا بُنَـيّ ..
    ألا تعلم أن مكنونُ القَـلب الصّافي يفوح بالسِّـر الخافِي
    و مَن راعَـى قلبه لم يَتلف في تَقـلّبه
    والقلبُ يقطف ما أسقَيته زمَنًا. وإذا ما التَوى ؛ التَـوى !

    قال التلميذ :
    كيفَ يكون ذلك ؟

    قال الشيخ :
    أنتَ عبدُ ما استولى عليك .

    يَـا ولَـدي افهم عني ..
    إذا التفتَ القلب ؛ تفّـلت الزّمـام فانفلَـت ..
    أقسَى الهَزائم ؛ قلـبٌ أضاءَ ثُـمّ انطفَـأ ، وقبلَ آخر الدّرب ؛ انكفأ !

    ياولدي إنّ المتقلّـب لا يصلح لشيء.
    أولئكَ ما "صَدقوا ماعاهَدوا الله عليه"

    فَقُـل:
    أعـوذُ بالله مِن فجيعةِ الصُّحف
    أعـوذُ بالله إذا صَـار الباطِـن ظاهِـراً ، وصارت النّوايا ثِيابًـا
    أعـوذ بالله مِن أنْ نُنبَـذَ في العَـراء.


    فاهتَـزّ التلميذُ وقـال:
    الّلهُـمّ أنتَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وإلى أسمائِـك ألتَجـِئ
    أنتَ اللهُ في بُعدي وفي قُربي ..
    قلبـي طليقٌ مِن سِـواك .. وحسبـي أنَّـك حسبـي
    يَـاربّ ..
    إذا يَـبس في الحَلق النَّدى أعـوذ بك من أن يذهبَ السّعي سُـدى
    استُـــرنـي ؛ واجعل تحتَ السّـتر ما تُحِـب.


    قال الشيخ :
    الخواتيمُ غيبُ القُـلوب
    والحَـالُ ؛ مـا فاضتْ بـه الأرواح
    فإذا انفرطَت مَسبحة العُمـر ، وسيقت الرُّوح لعَتمة المَجهول في القَبـر
    فإيَّـاك أنْ تلقَـى الله فيُقال لَـك: عبدٌ لَيته اكتمَل !

    ذاكَ عبـدٌ يستوحشُ نَقصه يوم القيامة ..
    ومَن لم يَسْـعَ للكمال شَدّه الشَّيطان للزَوال.

    قال التلميذ :
    أنتَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
    تَـرى الفِتنةُ تَعوي في دَمي فاربِط على قلبـي.


    قال الشيخ :
    قُـل .. الّلهُـمّ ألبِسني جِلباب السّـتر ، واجعل مع السّـتر العِصمة
    ألبِـسني عبَـاءة السّـتر .. إنّ المَـنعَ عُـري


    قال التلميذ :
    مَـن يُنقذ الباطِـن مِن فوضَـى الوسوسة ؟
    يَـا سيّـدي .. أعِنّـي على باطِـني !

    قال الشيخ :
    مَـن خَـلا مِن التّقوى فهو مِن أهْـل الهَوى والدّعوى
    فاقبض قلبك عَن الهوى ، واقبض سَعيك عن أسبابـه

    يَـابُـنيّ ..
    المَـرء مطويٌّ على أسراره ؛ طَـيَّ الكـتاب ..
    وخَطوه ؛ عنـوانـه ..
    مُـدّ قلبك إليه ؛ ولا تتعثّـر في عَتمة الهَـوى ..
    وقُـل ؛ الّلهُـمّ ثِيابًـا لا تحتاجُ تَرقيعا !

    قال التلميذ :
    أنتَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
    هبنا ما يرضيك عن بواطننا.


    قال الشيخ:
    يَـا ولـدي.. تُـكـرَم السّريرة إذا صِينت بالتّقوى
    ومَـن راءَ فَضَحتْهُ شَواهِـد الامتحان !

    بكَـى التلميذ وقال :
    أنتَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
    سِتْـرُكَ يا مَن يَـرى مـا أخفيتُ فـي السّـوادِ مِـن الفُـؤاد.


    قال الشيخ :
    إذا راءيتَ سُلِـبتَ وَمُنعتَ ما أُعطيت
    وربَّ عمَـلٍ ارتفع في كفّـة المِـيزان، وعملٍ انخفضَ في كفّـة الرُّجحان
    فالزمْ عبادةَ الخَلوات فإنّها زادُ الثَّـبات.

    وَقُـل :
    أستغفـرُ الله ممّـا أملِـك ، وأستصلحه لِـمَا لا أملِـك
    يـاربّ ألبِسني ثَـوب العِصمة.


    قال التلميذ :
    آميــن.

    قال الشيخ :
    حاشَـا لِـقُطعان الحُـزن أنْ تنهشَ قلباً بالله أضَـاء ..
    حاشَـا لِصُحفٍ مُثقَلة بأسـرارِ الخَبايـا ؛ أن تكونَ خَـواء ..
    حَـاشَـا لقلـبٍ يرفُّ خَشية ؛ أن لا يفوحَ منه مِسك الخِـتَـام ..
    ومَن يأوي إليـكَ ؛ حـاشَـا أنْ يَتيـه .. أنت الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ والعليم .. !

    قال التلميذ :
    تلّـفتَ الدّمع إلى الدّمع ، وَقضت الأحـزانُ في قلبـي سُباتها
    وَتعلمُ يَـاربّ أنّ النّـار في أوجِ اتِّقادها
    فارحَــــــــمـ مَن أفقَره الجُوع وَبعْـثَره
    الّلهُـمّ عطَـاءك الذي لا يقـوى عليه فَقـرٌ و لا ضُـر.


    قال الشيخ :
    إذا كَـان الدّعـاء مُبتلًّا يَقطُـر دَمعًـا
    جَــاءَ الجَـوابُ سَحابًـا يَركُـمه الغَـيث.



    رمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى
    الليـ 10 ــلة القَـهَّـارُ




    ما جعلَ عبدٌ القرآن همّه إلا كفَـاهُ الله مـا أهمّه و مدّ لهُ في النورِ سُلما
    فعلى عتباتِ الفضل صلّ به .. واهْزم به كل هَمّ وكلّ حُزن يَعتريك

    امدُدّ للآي يَديك. سبحانه أهداك ما منه إليك
    و ألقى مفاتحَ المَواهب بين يديك
    هو سِرُك لو هُديت لسِره .. وهو كُلكَ المنسيُ منك !
    ولرب معنى يوصلك به فيجمعك عليه !

    هو البَدء إنْ بلغَ اليأس بك المنتهى !
    جَـلّابٌ للنِّعَم، دافِـعٌ للنّقَم والمدى أمنيات !
    فأوقِـد به قناديلك وخذ أنفاسك إليه ..

    يا أبنائــي ..
    إنّـي مَررتُ بكلّ مُـرّ مُحزِن فتَلوتُـه
    فجَـلا لي الأحزان ..
    ومع القرآنِ ليس للحزنِ مُتسع.


    قال تلميذ :
    واللهِ لقد جفَّ الغيثُ ؛ حتى كأنّني سمعتُ ارتطام الدّلوِ في بئـرِ حاجتي
    الّلهُـمّ حِـبال فَـرجك لمـن هُـم في غياهِـب الجُـبّ !


    قال الشيخ :
    كلّما كَـان الحُـزن أعمَق كان اللهُ أقرب !
    هو القاهِـر فوق عبادِه وَقهره قُدرة


    يا بُـنـيّ ..
    سبعُ سنابلَ ؛ أخرجـنَ يوسُف مِـن السّجن ..
    " وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ "

    المَـدُّ ها هُنا ؛ كَـلِميّ مُثقَّل لا طاقَـة لعبدٍ بِـرَدِّه.

    فقل: أنت القاهِر
    بقُدرتك أشعِل ما انطفأ من آمالي المُنهكة.


    سُبحانـه هو القاهِـر فوق عبادِه
    قهره قُدرة !
    و لعلّـه فَـرشَ الطّريق لحاجتكَ بَيدرا وأنت لا ترى
    فَـزمِّـل خوفك .. وثِـقْ ؛ أنَّ الله هَـيّأ لك ضِرعاً مُمطرا


    يَـا بُـنيّ ..
    إذا أحبّ الله عبداً ابتـلاه، فإنْ صبر اجتباه
    وإنْ رضي اصطفاه، وإن سَخط نفَاه وأقصَاه ..
    تلك مَشيئته؛ لا تَجتمعُ عبوديةٌ واختيار .. فإمّـا أنَـا لك، أو أنتَ لنفسك !

    قال التلميذ :
    ياربّ حمَـل القلـب ما لا يحملُ البَدن
    مُتعَب قلبـي مِن أسفارٍ تُبقيه في أوّل المِضمار
    فلا وصَلَ و لابَـلَغ ..
    مُتعَبٌ أنَـا مِن هذا السَّـراب.


    قال الشيخ :
    هو القاهِـرُ فوق عبادِه وقهره حِكمة
    أحوالٌ إنْ شابها التّنغيص
    فلا تحسّ أنّ الثّبات على الطريق رخيص
    يُمهلُ ؛ فيُظهر الفَضل
    فإذا أخَـذَ رأيت العدَل
    فخَفْ سَطْوَةَ الْعَدْلِ .. وَارْجُ كرامة الْفَضْلِ.

    تبتلّ إليه و قل:
    أنت القاهر .. عليكَ بمن أهدى عيوني دمُوعَها !

    وإالله نْ كَـان القلـب في عَين العناية ؛ فلا خوفٌ ولا نَصَب ..
    قل .. إنّـا إلى الله .. تنهيدةً يستريحُ بها مَن دانوا ومَن جَحدوا !

    قال التلميذ :
    ياربّ هذا الوقتُ أوجاعٌ ثِـقَـال
    أحلامنا تَخطو بِـدَرب المُستحيل
    أوطَـاننا بيداءَ يملؤها الأنيــن.


    قال الشيخ :
    يابُــنيّ .. (هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) في أقداره
    وما تظنّه لا يُدرَك ؛ فعند الله لا يُترَك.
    وإذا حانَ القَضاء تلاشت الأسباب ..
    والقليلُ مِـن إشارته تكفيك !

    سُبحانـه ..
    ما قَدّرتَـه حقّ قدره إنْ لم تُسلِّم لقهره
    ولا راعيتَ حقَّ بِـرِّه إن لم تَمتثل أمـره وتنتظر أقداره ..
    والغَفلة أنْ تؤمنَ بما تراه لا بما لا يُرى ولو كَـان هو بصرك لرأيتَ به !

    قال تلميذ :
    ياسيّدي .. نحنُ مَن قبضَ جمرَ (لا)
    ومانَـرى في الثّـرى أثَـرا ..
    نجوبُ فراغ الجواب عسَى أن نَـرى أو نُـرى !

    قال الشّيخ :
    هو القاهِـر وقَهره غَلبَـة ..
    إنْ قهرَ.. أصابَ ظالمَك بحسرةٍ لاتدري لها كيف
    حتى تراه في هَـمٍّ لا يقبلُ الصَّـرف !

    أسبابـه هَيّنة .. ولربّما قهرَ بِلُقمة يأباهَـا الجَّـوف
    سبحانـه إنْ قهَـرَ جعلَ كُـل الأمنياتِ سوفَ و سَوف !

    هوَ القهارُ .. ازرعها في أدعيتِك وقل
    ياقهار .. اقهر ما مسَنا من وجعٍ و بؤس
    وأوقِف في الأمةِ أخبارَ المقابر.


    قال التّلميذ :
    ياسيّدي جَعلوا الحُـلم مُحال
    والانتظار مَواقيت العَـذاب ..
    أنهَكَـنا البُكاء ؛ وأعيانَـا السُّـؤال
    متَى ليلُ البَـلاء يُطوَى ؟

    قال الشيخ :
    هو القاهِـرُ وقَـهره إرادة
    ربّما حكَم عليهم بالذّل وهُـم في العِـزّ ..
    وحكَم عليهم بالفَقد وهُـم في الوَجـد ..
    وضَربَهم بالحاجَـة وَهُـم في الغِـنى !
    فقل :
    أنت القاهِر فأرِنا قهَرك فيمن سَلب الزيتَ من فانوسِ أحلامنا !


    هُو الله لا إله إلا هو الواحد القهار
    عال في الأعالي ..
    لـه القُدرةُ ولنا محـاولة إدراك الكَـمال


    يابُــنيّ ..
    مَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
    أتراه يَغفل عن مَن خَـان صلاةَ الصُّبح .. ومَن نَسي فاتحِـةَ الوَعــد
    وسَـار بالأُمّـةِ مِن بُؤسها إلى بُؤسها !

    سبحانـه ..
    يَـمُـدّ لَـهُم اليوم لتعبسَ لهم مَلامح الأبَـد
    فاصعَـد باليقيـن تِـلال الرّؤية
    .
    هذا المَخاضُ سَيحلّ عن خَصرِ الفسَاد إزاره
    ولهذه الأوزارُ أقـدار وللأقـدار أوقات !

    يابُنــيّ ..
    ما أكثَـر ما يُـهزَم بالشّـكّ السائِـرون
    فتنبه !


    قال التلميذ :
    سبحانه .. ما أجلّه
    ياسيدي ما هيَ عبودية الاسـم ؟

    قال الشيخ :
    إنّ الله لا يُطالِـب خَلقه بما قضَى عليهم وقَـدّره
    ولكنّـه يُطالبهم من حيثُ نهَـى وأمَـر
    فطالِـب نفسَك مِن حيث يطالبك ربّـك تَـنجُ.

    وإياك أن تكونَ الأنين
    في بكاءِ عبد مَقهور !


    ثم افهم عني هذا المعنى ..
    سبحانه هو القهار ومَن دخل بأثوابِ الافتقار نالته عَطايا القهار
    ومَن لم يكن الله تعالى في هِـمّـته كان مَنقوصاً مِـن الله في حظّـه.

    قال التلميذ: اللهم ثبتنا باليقين بأسمائِك

    قال الشيخ:
    يابُـنيّ .. إنْ شاؤوا عُمرك عاقِـرا راغمْ ولا تُغادِر
    هو القَهّـار والقاهِـر والقادِر أنْ يبدأ النّهاية
    وعِند الله المَـزيـد.

    سبحانه ..
    مَن ذهَـب إليه امتَـلأ .. ومَن دنَـا إليه عَـلا
    هي الأحداثُ جَـزرٌ و مَـدّ ..فكُـن أنتَ أنتَ قبلُ و بَعـد !
    هو القهارُ والقاهرُ .. وما خُبئ في الضَمائر ستكشِفه المصَائر !

    يابُــنيّ ..
    هو القهارُ والقاهرُ وقهره قدرة وغلبة وتدبير
    و والله " لو يعلمُ الخَلْقُ مَـا للهِ مِـن كَـرمٍ
    لأفنَـوا العُمـرَ في أفضالِـهِ طَلَبـا "

    تودد إليه .. حتى إذا بَـدا منه القَبول فانتظِـر منه النَّـوال
    وعند الله .. ماتراه و لاتَراه فلا تُغلق على بُعدك بابـه !
    ( ولأني صغيرة وقصيرة
    على أن أصل إلى قفل الغياب
    جلست بجانب الباب
    .)




    إلى كل عضو له عضوية في منتدى
    إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
    لمـــــــــــاذا !؟؟
    مهتـ منال محمد ــمة

    تعليق


    • Font Size
      #3
      رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

      احسنتم النشر شكرا لكم

      تعليق


      • Font Size
        #4
        رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

        جزاكم الله خيرا

        تعليق


        • Font Size
          #5
          رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود


          ياأهلا بجميل الحضور
          اقبال بكر
          سناء عبد الفتاح


          ( ولأني صغيرة وقصيرة
          على أن أصل إلى قفل الغياب
          جلست بجانب الباب
          .)




          إلى كل عضو له عضوية في منتدى
          إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
          لمـــــــــــاذا !؟؟
          مهتـ منال محمد ــمة

          تعليق


          • Font Size
            #6
            رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود



            اللَّيـ 11 ــلةُ الحادية عشرة
            الحَقُّ المُبِينُ




            رمضَان عادَ وكأنّـه بالأمسِ كَـان
            فإذا رحَـل لا العُمر هُو هو ولا الأيام أيّـامه
            زمَـنٌ يغيثُ قلباً أودى به اليأس .. وكل وَجدٍ منه جُود
            زمَـنٌ فيه أنت وقلبك والله ثالثكما !
            زمَـنٌ فيه سباق الخلوات
            وما فاضَ من الوعاءِ فهو حَقيقتك ..و الماءُ من لونِ الإناءِ ..
            فاسأله استقامةً تصلح شعثَ قَلبك !

            قال تلميذٌ في صَوته بحّـة الشّـوق:
            ياربّ .. سُـوء الذنب أثقلَ راحَتيّـا
            حتى بَـعُـدَ الدعاء علـيّ !


            قال الشيخ:
            هـُزّ جِذع المناجاة
            تساقط الإجابةُ رِزقاً نديًّـا.


            يابُنـيّ .. "ستُشرِقُ الشمسُ مهما طالَ مغرِبُها
            ويُهزَمُ الهمُّ مصحوبًا بخُذلانِ "

            والدعاءُ عدو البلاءِ
            وإياكَ أن يَخذلك قلبُك !


            قال التلميذ:
            الّلهـمّ ثبّت قلبـي بالقول الحَق.


            قال الشيخ :
            يابُـنيّ.. إذا رأيتَ سِربال الدُّنيا قد تقلّص عنك فاعلمْ أنّـه لُطفٌ بك
            لأنّ المُنعِمَ لم يقبِضْه بُخلاً أن يتمزّق ولكن رِفقًا بالسّاعي أن يَتعثر !

            "فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ" عن الشك
            إنما منعك ليُتمّـك .. وما غَـاب عنكَ من عطاء به كمّلك وما أنقصَك
            سُـبحانــه .. مَـن كان لك بتدبيـره قبل الإيجاد فلا تنازعه في المُـراد
            وكل عقبةٍ بعدها بَـيدَر.

            قال تلميذٌ مِن آخِـر المَجلس :
            ياربّ .. إني أحتاجُـك الآن أذهِـب عنّـي الهَـمّ والحَـزن ..
            ياربّ .. هذا الوجعُ ؛ أمَـا له سكَـن ؟ نؤمن بك لكن نحتاج إليكـ.


            قال الشيخ : يابُــنيّ .. بالحَقّ هذا الكَـون كَــان
            هو الحَق وقوله الحَق "ادعُوني استَجِب لكم "
            ولو شاءَ أمطَر لك سلاماً فما أبقَى لك ألما ..
            ومَن عوّدكَ حُسن النَّظَـر لا تقابله بِـتَـرك الأمْــر !

            قال التلميذ: إلامَ ترمـي يَــا سيّـدي؟

            قال الشيخ:
            انظُر يا بُنـيَّ إلى نفسِكَ عند الحُدود
            فتلمّح كيفَ حِفْظَك لها فإنّـه مَن رَاعى رُوعِيَ ومَن أَهمَل تُرِك.

            هو الحَـقّ ..
            اذكُــره قبلَ أن تَـرى ما غيّـب عنك
            في يوم "يُوَفِّيهِمُ الله دِينَهُمُ الْحَقَّ"
            في يوم يؤتى فيه بالكلمات فتشتدّ كأنّها ريحٌ عاصِف
            تقذف بصاحبها في هاوية عُمقها سَبعون خريفًا وسبعون حريقًا !

            ويؤتـى بِفُـلان ..
            فإذا عَينه جمرةٌ لاهبة تفيضُ بنيرانِ شهواتها !

            ويؤتـى بِـفُـلان ..
            قد نضبت أعماله فكانت الصّحائف نَعشها وقَدَرها هباءً منثورا !

            وآخَــر ..
            نبتَ زقّـومه مِن دموع المظلومـين !

            فلا تَـرى الناس في الحَشر إلا بيـنَ نقمةٍ ونعمة
            فهُم هالِكٌ أو نَـاجٍ ولا شيء سوى ذلك !

            أنتَ هنـاك
            حيث أنتَ هُـنا


            وماكان أمامك في كِـتاب الغيب هو ما كَـانَ وراءك
            وامتلاؤك ؛ هو ثباتـكـ
            وهنيئاً لمن لقـي الحَق ولم يخُـن الحق
            "هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ"

            قال تلميذ وصَوته يتقطّـع مِن الألم:
            يا سيّـدي .. هذا الواقع كأنّـه حَشرة النَّـزْع
            هذه الّلحظات بَطيئة وما نرى للحقِّ رايَـة

            قال الشيخ:
            أفضلُ النّـاس عند الله مَـن عَــزّ بــه الحَـقّ وانتشر به الصّدق.
            في الحَـشر يؤتَـى بفلان فَيقال:
            كَـان قَمحَ الأمّـة في شتائها ينفي عنها جوعها
            "فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ "أن ينصبَ لـه ميزانًـا !

            ويؤتـى بالحَـق غريباً قد نقضوه أنكاثا
            فيؤتى بِمغزلك يَخيطُ للأمّـة رِداءها فيُقال :
            ستَـر عَـورة الدّيـن ؛ فلا تكشفوا له سِـترا !

            يابُــنيّ .. ما غَـاب الحَقّ إلا مِن غيابِـك !
            فكن إبراهيم للأمّـة
            ابتلي بالظُّلمِ فسّلّم ..فَحرقوه فَسَـلِم
            لمّـا جعل الطّاعة إلى الله سُـلّـما !


            سَـلّ القطعَ مِن السّكين فَسلمّـا
            سَـلِـمَ للحَق " وتَـلّه " فجاءَه فَـرجُ "وفَديناهُ "

            ويوسُف " ألقـوهُ "في غَيابة الجُـبّ
            فَمدُت أيديهم بالذّل "وتَصدّق عَلينا" !

            هو الحَـقّ .. "وَيُحِقُّ الله الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ "
            فقل: اللهم أوجعنا الزمنا فسلك الأمنيات لنا
            وفي طوفان الألم احفظ لنا السفنا
            خط لنا طريق الأمن إنا لا نهوى الفتنا


            قال التلميذ:
            ياربّ .. ضاقت بِنا الدّنيا ولا بابَ مُشرعُ
            إن لمْ تكن أنتَ المغيثُ فمَـن لها
            ألا تراهم وهُـم يتطاولون في الباطِـل !


            قال الشيخ: كُـن حطَب الأمّـة وحدَك
            على قدر اشتِعالك بالحَـق ترى في الحشـر اكتمالك.


            كُـل ظالمٍ مُـرّ فسينتهي حيث مَـرّ
            فإذا خانت الكراسي والعَمائم فلا تكن ثَـغر الهزائم
            إن قهروا الحَـق كي ينحسِر كُـن أنت لَـه رَجـعُ الخُـطَـى !

            يابُــنيّ .. يَـدٌ لا تزرع الحَـق مبتورةٌ في السماوات
            فإذا غرسوا النّفاق زرعَـا و رأيتَ الجُموع تتلو الخَوف جَـزْعًـا
            و رأيتَ "السّـامِـريّ" يحثو الزّينة في وجوه الناس
            والناس تمورُ في خطيئة الشُّبهات
            فكُـن عُـمَــر ولا تكُـن للأمّـة خذلانها
            ومن لم يكن الحَـقّ كَـان ضلالها فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ !
            فقل:
            اللهم أنت الحق أعد لي مصابيح دربي
            وألهمني سر الرشد ياربي


            يابُــنيّ .. إنْ مَـرّ طاغيةٌ في زمانِـك، وصارت الفجائعُ تاريخًـا
            فلا تكـن حَفنةَ ظمأ وتترك البَـحر خلفكَ رهـوًا !
            اخلَـع حِـدادك ، واكسِـر توابيت العَـجز
            تقرؤك السّنيـن أثَـرًا وبصمةً، وتَكـتُبك الصّحائفُ (حقًّـا تجلى)
            قل : اللهم أنت الحق عليك بعروش الترف

            قال التلميذ:
            يأخذون ضغثاً مِن الحق وضغثاً مِن الباطل
            فيخلطون به على الناس فما ندري الحقّ مِن الباطل !

            قال الشيخ: إن رأيتَ الأمّـة قَد وجَمت شفتاها فكن صوتَ الحقّ المُـبين
            وإن رأيتَ الناس تاهتْ كُـن أنت ضِياها
            مَـزّق أكفان عتمتها .. وقُـل لله :
            أنتَ الحق.. فاجعل عُـمري لأسمائك بعضاً مِن آثارهـا


            ومَن دنـى مِـن أسمائه
            فما نَـأى.


            قال التلميذ:
            ياربّ هذا القلـبُ سبّـاقٌ إليك ورجاؤه فيما لديك
            فأمطِـر فَقره فالخـير كلّـه بيـن يديك
            أنت الحَـقّ ؛ وقولُك الحَـقّ.


            قال الشيخ:
            بيـنَ الصّفا والمَـروة
            نَـبعتْ زَمـزمُ لِـقَدمٍ ركَـضت للحَـقّ.


            اللَّيـ 12 ــلةُ الثّانية عَشرة
            القَوِيُّ المَتِينُ




            " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ "
            إنْ عثرتَ على لحظةِ الوَصْل فَجُد على نفسِك بِغَيث الدُّعاء
            "هُنَالِكَ" تلك لحظةٌ اشتعلت بيقيـنِ نَـبيّ
            "هُنَالِكَ"حيث تتلاشى المَسافات والوجَع آيـِلٌ للرّحيل !

            هنالك .. زمن الأفضال لكنّ المُقيّد بالخَطايا لا يتأتّى له ارتحال
            فَقُـل : "أستغفرُ اللهَ ملءَ الأرضِ مُذْ خُلِقَت
            وضِعفهَا ثمّ ضِعفَ الضِّعفِ والعَددِ
            "

            يَـا أبنائـي.. هذا زمانُ المَواهب لمن حازوا مَكنون الفضل وأصابوا كنوز العَرش
            وتلك وربّي الغنائم أن تعثر على (هنالك)
            ياأبنائي الشهر آخذَ في النّقص فزيدوا أنتم في العمل
            غَـدًا تتفتّح البذور .. فإذا الدعاء إجابة
            وإذا الحَسنةُ ؛ سُنبلة .. وإذا التّرتيلة في الخُلود مئذنة
            ويُنادى.. إنّ الله لا يُضيّع ما تَحمّل عبده لأجلِه.

            ومَن كانت بدايته على الاستقامة كانت نهايته الكرامة
            ومن كانت بدايته البِدعة ؛ كانت نهايته الغِـوايـة

            فقولوا : الّلهُـمّ دربـاً في معيّتك تبلغنا به مقام الوصل.

            قال تلميذ: الّلهُـمّ آميـن ..
            يَـا الله وَجِّـه شِـراعنا في غِمار الحياة


            قال الشَّيخ:
            استَـعِـن بالقَويّ ..
            يابُــنيّ .. كُـن عبداً آخِـذٌ بِحَبله ، ويَقينك بِحَـوله ، وهَمُّـك وصْله .. وغاية المُنى ؛ ظِـلّ العَـرش يُظـلّـه !

            قال التلميذ:
            يَـاربّ .. تَطبُـق عليّ سَـوداء يتلوها سَـوداء.

            قال الشيخ:
            كُـل مافي الروح مِن نَواح
            يستلّـه الدعاء بالأسماء


            الزمْ في سُجودك (يـا رزّاق يَـاذا القُوة المَتيـن)
            وإنّ مَواهب المنَازل على قَدر مَراتب النّازل
            فاسأله بيقين من يعلم أن الرزق بقوة الله آت
            سبحانه ..إنْ جِئته بالضَّعف أمَـدّك بِـمَدد التّثبيت
            فإذا أنتَ كلّك بِكُـلِّك مَحمول

            قال التلميذ: يَـا سامعاً كفّ الدعاء تناثرت أعوادنا حَطبا
            لا قاعًا نبلُغه، ولا دَلوًا، و لا بُشـرى !
            ماذا أحدث وأحلامنا يشقى بها القلب.


            قال الشيخ: الحامِلون مَشقّة الظُّـلم على أكتافهم
            الحامِلون على ظُهورهم للنُّور رايَـة
            لايسألون العَـون إلحافا أكَـان اللهُ يخذلهم !

            هو القَـويّ ..
            هو القَويّ ولله جُنُودٌ مُجنّدة، وأقداره سُيُوفٌ مُهنّدة
            وأرزاقه سِهامٌ مُسّددة ولله حِكمةٌ وَمَـدد ..
            والمُبصِـرون هُم مَن يرون اللهَ في المِنَـح والمِحَـن !

            هو القَـويّ ..
            فلا تبتئس.وقُـل لـه: عبـدٌ مَـليءٌ بالألَـم عجل له الفرج.

            سُبحانـه .. إنْ أقامَك في فقـر الضّعف وهَبكَ مُناجاته
            فاخلَـع حَولك بينَ يديه يَهبَك ما أعجَـزك .
            يُضعِفكَ؛ كَـي يَدُلّـك عليه فإذا فهمتَ المعنى فقد أرادك
            فقُـل :
            أنتَ القويّ وأنا فقيرك طلبناكَ بقوّتك وسألناكَ بِضَعفنا
            فأتنا بِحوائجنا نحـن الفقـراء إليك.


            قال التلميذ:
            والله هذا دعـاءٌ
            ما ضَـلّ مِعراجه للسَّـماء.


            قال الشيخ:
            يابني والله لو خرجتْ روحك تشتَدّ وراء أُمنية
            ما أدركْـتَها إلا أن يكونَ هو المُعطي
            فافهَم معنى " الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ "
            فَقُـل : يا جابـِر الكَسر أدرِكنا مِن الفَقر
            يَـاربّ بيـن يَديك خزائن الغُيوب فهبَنا كُـل مَطـلوب
            حاشَـا لقلبٍ في قَـفرٍ على فَـقر أنْ لايَـرى الرِّفق


            يابُـنيّ ..
            إنْ مَـسّ قلبك التّعب وَبلغَتْ آهَ الحُـزن مَبلغها
            فادخُـل إليه مِن حَولك بالتّـبرّي ثمّ اسأله ما شِئتَ بالتَّرجّـي
            والزَم الحَوقلة !


            يابُـنيّ .. إنْ ارتديتَ رداء الضّعف فارفع يديك تنبت سَنابل قمحٍ في راحتيك
            إيّـاك أنْ تكونَ مَـأخوذٌ بـِ " أنـا" وغافـلٌ عـن " سُبـحانه هُـو"


            إنْ عبدتـه بوصفه آتاكَ ما عنده مِن فَضله
            فإنْ أغراكَ "على عَلمٍ عِندي" و توسّعتَ في "مَن أشَـدّ منّـا قُوّة"
            أوكلكَ إليك !
            فاخَلع حَولك ، واخلَـع أسبابَـك ؛ وقُـل :
            أنَـا .. مَـن ذا أنَـا !
            قُــل لَـه :
            أنتَ القويُّ ونحن الضُّعفاء بين يديك

            لو شَـاء الله جعل مِن اليَبس الفتات حُقولا
            حتى يُقـال ؛ عبدٌ نجَـى مِن فَجيعةِ الجَـدْب
            وحتى ترى الحُـزن لمْ يُخلَق أساساً !
            وتَـنسى مَـن آساكَ و ما اعتـراك
            وترى العاقبةَ على غير ما هي مُنتهية إليه !

            قال التلميذ:
            ما أضْعَفنا في مُعاملة الله !

            قال الشيخ:
            يابُنـيّ .. "ينسجُ العبد في رَخائه ما يَقيه بَـرد شِـدّته فَمُكَـثِفٌ ومُرقِّق "..
            فشُـدّ نسيجك بالقويّ العزيـز

            فما في الزَّمانِ عنِ الخُطوبِ مَحيصُ !
            فافهَـم .. إنَّ الحوادِثَ كُلُّها تمحيصُ
            حتى لايبقى إلَّا طيِّبٌ وخَلِيصُ !

            سُبحانــه .. يرحمُ بالشّدائد كما يرحم بالعافية
            وإذا مَـلّ العِـباد النِّـعَم وأمِنوا النِّقَـم فـ "إنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ"
            فلا تَجعل في أنفاسِـك إلاه .. واجعل أنفاسَـك في الآخـرة !

            هُـوَ الله .. فإنْ رأيتَ الهُموم تتوارث الهُموما فَـقُـل :
            أنتَ لها يَـا الله .. أنت القويّ لها ولكلّ عِبءٍ ثقيل

            فإن تغشّاك الأسـَى والدّرب مَسدود ؛ فَـقُـل :
            يَـا الله أنتَ القويّ وبيدك مَفاتيح مَـا أوصَـدوا
            هُـو الله " يرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"

            قال التلميذ:
            ياربّ طال انتظَـاري ؛ وأراني في خريف الأُمنيات !

            قال الشيخ:
            مالـي أراكَ غارقاً في أسَـاك ؟ قُـل :
            ( أتَيتُـكَ مِن جُـوعٍ ومِن ظَمأٍ
            لا تَترك القادِم المَلهوفَ ظَـمآنًـا
            )

            قال التلميذ:
            إني لأدعو
            فيَـاربّ لا تَجعل إجابتـي وعْـداً مُـؤجّـلًا !


            قال الشيخ:
            يابُــنيّ .. ( وإذا تأخّـرَ مَطلبٌ فَلربّما
            في ذلك التأخيرِ كُـلّ المَطمعِ
            )
            قل:
            اللهم لا تكِلنا إلى عجز يقطعنا عنكَ
            ولا تقطَعنا عن قوة تصِلنا بكَ .


            يابني ..
            اجعل دعاءك للعجزِ مقبرة
            وَرتل على روحِك "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ"
            وامض بالله إلى ما شئت فقد أُغلِق عنكَ باب المنعِ.


            سُبحانـه .. "يَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ "
            فلا تتخَطّفك سِهام الفِتَـن
            إنّ الّليلُ إذا طَـالَ وعَسعَسَ أتْـبِعهُ صُـبحٌ يتنفّـس !


            اللَّيـ 13 ــلةُ الثالثة عشرة
            الشَّهيـدُ




            الّلهُمّ آميـنَ لكلّ مافاضَ مِن أمنياتٍ من حنايا القلب
            الّلهُمّ آميـنَ لِرجفة الدّعوات ، ومَرارة الحُـزن العميق
            الّلهُمّ آميـنَ للهفةِ الأشواق لاهثةً كأنفاسِ الغَريق
            الّلهُمّ آميـنَ يارب الفُلك والناجين والغرقى

            حاشا لقلب قد دعاك أن تكون حظوظه الأشقى
            يارب للدمعِ في أنفاسِنا دويا
            آتٍ على جِسرٍ من الآهاتِ وفي قلبـي اليقيـن


            "إنْ قلتُ يا ربّـاهُ أعلمُ أنّـه مِن بعـدِ يـا ربّـاهُ خيـرٌ آتٍ"
            ويقيننا أنه ما اشتدّت واستحالت إلا تيسّرت واستهانت !

            يـا أبنائـي .. رمضَـان زمَـنٌ محَـى ما قبله ، وبدّلَ ما بعـده ..
            يَطوي عنكَ الجـزر ؛ ويُبقـي لك المَـدّ مادامت ممدودةً مِنك اليَـد ..
            والأمـر حين تستودعه الله ؛ يفرّ مِن ضَعف حيلتك إلى خزائـن فضله !

            والله .. إني ما نلت شيئا إلا بالذي سخر الأسباب
            و "إذا أرادَ الله أن يرسل لك الخير حمَله إليك ولو على ظهـر عدوّك" ..
            وخلفَ باب الغَيب مُتّســـــع

            قال تلميذ:
            ما ضَـرّ هذا الحُـزن لو كان قميصًا نخلعه ؟

            قال الشيخ:
            يابُــنيّ .. المؤمنُ بين كَميـنٍ و كَميـن ومن كُـل مِحنة يَكتَمِل
            وقدر العبدُ أنه بين أنفاسٍ محفوظةٍ وأعمالٍ ملحوظة
            هذا اختباركـ وهو الشّهيد عليكـ
            وما استُمطِرت الرّحمات ولا استُجلبت النّفحات ولا استُدفعت البَـليّات
            بمثل تقوى الله .. فاستنزل العطايا بالتقوى !

            وإن راودتك الفِتنة كيْ تَسكب طينك فقُل:
            في المِحنة يَـبينُ مَن كان قلبه بِـئرًا مُعَطّلة
            ومَن كان قلبه قَصـرًا مُشيّدًا واللهُ على كُـلّ شيءٍ شهيـد
            سبحانه يختبرك قبل أن يعطيك !

            يابُــنيّ ..
            مَن جَـوّع قلبه لله أطعمته الآخِـرة
            وما تركَ الله له نصفَ أمنية مُعلقة !

            قال التّلميذ:
            والله إنّ بعض الطُّـرِق فتنة !

            عَـدّل الشّيخ جلسته ثُمّ قال :
            يمتحنُ الله ثَباتكـ .. يمتحنُ يقينكـ
            وعلى قدر الدّيانة تكون من الله الصّيانة
            واللهُ على كُـلّ شيءٍ شهيـد

            فلا تطوِ الطّريق إليه
            براحلةٍ عَـرجاء !

            واللهِ ..
            ما مِنْ عَبْدٍ حَفِظَ جَوَارِحَهُ إِلَّا حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ
            وَمَا مِنْ عَبْدٍ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ إِلَّا جَعَلَهُ اللهُ أَمِينًا فِي أَرْضِهِ
            وَمَا مِنْ عَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ أَمِينًا فِي أَرْضِهِ إِلَّا جَعَلَهُ الله إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ
            أولئك قُمصانهم بلا خطيئة وما قُدّت مِن قُبُل
            فَشُدّ جِماح الشّهوة وأذِّن : حَـيّ على الثّبات

            يابُــنيّ ..
            اتَّقِ اللَّهَ فِي خَلَوَاتِكَ ، وَحَافِظْ عَلَى أَوْقَاتِ صَلَوَاتِكَ
            وَغُضَّ طَرْفَكَ عَنْ لَحَظَاتِكَ ؛ تَكُنْ عِنْدَ اللَّهِ مُقَرَّبًا فِي حَالَاتِكَ.


            قال التلميذ:
            ما أفعل والذُّنوب مُثقِلةٌ والخُطى مُرهِقة !

            قال الشيخ: ذلك لأن البُعد للقلـب لَحـد
            فطُوَبى لِمن كَفَّ عَمَّا يَكرَهُ اللهُ !

            قال التلميذ: آهٍ وألفُ آهٍ ..
            ماذا يفعلُ مَن كانَ قلبه في مَهبِّ الذَّنب حيثُ مالَ بـه يَميل ؟!

            قال الشّيخ:
            أوّاهُ إنْ ثارت فِتـنٌ وحَبل الوصـلِ في وهَـن !
            يابُــنيّ .. هَذا دَربٌ امتُحن بـه ألفُ ألفُ قلـب
            منهم مَن مضَى على ظَمأ ومنهم من صَـار وَهْـما !

            فإياكـ أن تكون نَـفْسا كلّـما ثبتَ لها قدَم زلّـت وكلّما عُقد لها عَقد حُـلّت
            ألا تَخشى نفسك مِن ربّها عين المَقت !
            يابني .. وكَم قدمٍ إلى القُبور قادِمة
            كلهم على الأكتاف نادم .. والموتُ خاتمةُ الرّوايةْ

            يابُــنيّ .. والله إن وجَـع الانفلات مِن فِتنة الزّينة أهوَن مِن فِخاخ الأسـر
            هو في العُلـى بكمالِـهِ .. كشفَ الضّلال بأمره
            واللهُ على كُـلّ شيءٍ شهيـد

            قال التّلميذ:
            يارب .. إنّـي لا أطيقُ لك عُـذراً
            فأيقِظني مِن فتنةِ ما لا أستطيعُ عليه صَبرا.


            قال الشيخ: رُبَّ ثباتٍ على الأشواكِ نمشيه ..
            رُبما تَسألني كيفَ نُطيق !
            إنْ اشتعلتْ نارُ الغواية في جوارِحك فاذكُـر "وَمَا تَكُونُ فِي شَأنٍ"
            إلا كان عليك شَـهيد
            فلا يكُـن غَيـبك أعزَل مِن سِـياج التّحصيـن.

            يابُــنيّ .. مَن زَيّـن الِّلسانَ وأقامَ على قُبح الجَنان
            أظـهرَ الله عليه الشّـين وأخفى ما أرادَ مِـن الزّيـن
            واللهُ على كُـلّ شيءٍ شهيـد

            هو الشَّـهيد ..
            فإنْ تَشابَـه عليك النّبض فلا تُقدِّم قَرابينك
            إنّ القَبول مَرهونٌ بما تُخفـي السّـرائِـر
            إيّـاك أنْ تقطعَ القِفار ؛ وقلبك خَلفك !

            قال التلميذ:
            الّلهُمّ إنّـي على قلبـي حَزينٌ وثباتـي هَـشّ

            قال الشيخ:
            أرِ الله مِن قلبك انكسارًا واستغفارًا
            يتمنّـى الشّيطان معه لو أنّـه ما فَوّت الطاعةَ عليك ..
            اغسِل بقايا الإثم في قلبك وما قُطفت مِن شَهوة العَـين.


            قال التلميذ:
            عفوك عفوك يا رباه ..
            يـاربّ ارفِق بنا طُوفانُهم آتٍ


            قال الشّيخ :
            قل يَــاربّ ..
            أنتَ الشَّـهيدُ إذا ضاقت الأرضُ على الأرضِ كأنّها السَّـبع الطِّباق ..
            أنتَ الشَّـهيدُ على مَن أشرَعوا للتِّـيه بَـابًا ..
            أنتَ الشَّـهيدُ على هُمومٍ لا تُطاق ..
            أنتَ الشَّـهيدُ على فَسادٍ لمْ يبقِ للأحلام بَـاق !


            قال التلميذ:
            والله إنّـي أخافُ أنْ لا أنجو !

            قال الشيخ :
            يابُـنيّ.. اسمع مني خطة لصلاحك
            النية مُقَدّمَة الْأَشْيَاء .. فَمن صحّح نيته بِالصّدق أَتَت عَلَيْهِ آثار القبول
            فَإِن الْفُرُوع تتبع الأصو
            ثم يرزق الهمة .. من صلحت نيته قويت همته حتى يصلح لبساط الْحق.

            يا بني .. يا جَهشة القلـب المُحنى بالقَبولِ إذا قيلَ اكتمَل الكِـتاب ..
            ونودي عليك .. عبدٌ ما تعثّـر في الحُجب ،عبدٌ ما نقلَ الخطوات إلى الخطيئاتِ !
            فاعمَـل مِن وراء البِحار ؛ فإنّ الله لنْ يتِرَكَ مِن عَملك شَيئا ..
            وإيّـاكَـ إيّـاكَـ أنْ يهزمَ الشّيطانُ قَلبَك.


            اللَّيـ 14 ــلةُ الرابعة عَشرة
            المُعِـزّ المُـذِل




            سُبحانه يُعطي بلا طلَـبٍ يرزُق بلا سببٍ
            يبدي العجائبَ منْ تقريبِ ما بعُدا
            فإن زادت الأيام تصرّما زاد لك ترحّما

            ولكلّ مِحنة مُنتهى وانقضاء وإن بَعُد المدى ..
            وإني لأرجو ؛ أنّ أيام المكاره قد انقضتْ، والسّود منها قد ابيضّت.

            يابُنــيّ ..
            سنّـته في الشّدائد أن يُريك كمال قدرته في الرزق من حيث لا تحتسب ..
            فقل مَـولايَ .. يدفعني لبابِكَ حسْنُ ظنِّي ؛ يا مَـن تُعطي بِـلا مَـنِّ !

            اضْبط مواعيدك وَوقت مواقيتك مع الّليل
            فالّليل مَتجَـر القُـرب ..
            وكلّما دَنوتَ استعجَلتْ إليك البشائِـر
            ولا يعرف السّعي مَن أبطأ به الحَـال.

            فاهجُـر فِراشَـك ؛ فالفِـراش أمامَـك ..
            وثَمن السِّيادة ؛ تَـركُ الوِسادة ..
            فاستَدرِك ؛ وبغير التّقوى لَـن تَقوى !

            هو المُـعِـزّ المُذِلّ ..
            ونَفسٌ لم تَـلقِ في البداية في سبيله الإذلال ؛ لن تَـلقَ في النهاية مِنه الإدلال ..
            وكلّما طالَ بين يدي الله ذُلّ المُثول ؛ كان ذلك مِن حُسن القَـبول !

            هو المُـعِـزّ المُذِلّ ..
            مَن عامله بأسمائه
            أعطاه مِـن عليائـه


            يَــاربّ أنت المُعِـزّ ..
            وهذي كافيةٌ كي نؤمنَ .. أنّ المواهب دون وهبك فانية
            تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ فإذا المكارم بُكـرةً وأصيلا
            وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ فيجدُ أكثر ما يجد قليلا
            تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ فإذا النّعماء ماتريد رحيلا
            وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ فإذا محمل الظّهر ثقيلا !

            يُـعِـزُّ .. فَيجـرّ لك الفرج من سَـمٍّ ضَـيِّـق ..
            ويذلّ ..فينقبض جناحك ولا تَسبِـق ..
            تُـعِـزُّ .. فإذا بالأرضِ خارطة الحُلم ، و "الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ"
            تُـذلُّ .. فَتبعثُ عِـبادًا جاسوا خِـلال الدِّيار ، وسال الحزن بعدهم
            تُـعِـزُّ .. فإذا الجِـنُّ والإنْـسُ "يعمَلون لـه ما يشاء"

            سُـبحانَـه .. ثبّت أطراف مُلكه بلا عونٍ ولا سند فلمّا زعزعَ ما بقي منهم أحَـد
            فَـقُـل:
            أنت المُـعِـزّ وأنت المُذِلّ ..
            فامدد يَـا خيـر مَـن مَـدّ لنا المَـدَد
            دلّـت أسماؤه عليه


            سُبحانَــه .. منه السّهم وعليه الرّمي ومنه الإصابة
            أمْـرٌ بحرفين .. وكَـونٌ بحرفين .. وشَيّـد سمـاءَ بِـ " كُن فيكون"
            فَـقُـل :
            أنتَ المُـعِـزُّ وأنتَ المُـذِلّ ..
            ترفع وتخفضُ ماتشاء ومَن تشاء بِـ "كُـنْ"
            الكبرياء رداءك ؛ والعِـزّ إزارك فألبِسنا رداءَ العِـزّ منك


            قال التّلميذ:
            الّلهُـمّ هبْـني عِـزًا مختوماً لا يُمحى من الخَتم.

            قال الشيخ:
            مَـن سار إليه بأسمائه
            وصَـل

            فادخُـل بالذّل عليه !

            يابُـنيّ .. تظَـلّ الصِّفة بصاحبها حتى تبلُغه
            وكلّـما أخَـذ العبد الاسم بالحُـب دنَـى مِـن مقام القُـرب الأقرب

            فَـقُـل :
            يا شِـفَـاء الحَوائج مِـن العَـدم
            رُدَّ أمَلاً مِن ميِّت الآمال
            يا أمْـنَ مَن كُنتَ أنت مَـأواه


            قال التلميذ: سُبحانَـه
            يُـذِلّ من يشاء فَتـئِنّ الحَوائج مِـن اليُتـم


            قال الشيخ: "ألمْ يَجدك عائِـلًا فأغنَـى"
            هُنـا أسئلة الفَقر ولَـدى الله جَوابُ ما نَقص
            فاسأَل نفْسك: كيفَ أخرَج هذا مِن هذا !؟

            يابُـنيّ .. ما قبلَ الاقتدار افتِقَـار .. والله يوقِفك على ما كُـنت
            إذ كُـل (كُنتَ) تُريك ما لمْ (تَكنْـهُ)
            لولا ما (كَـان) منه ..
            تَـرى الدّرب مَسدودا والسّعي مَردود وبعض العُقم ماله انفراج !
            فإذا أعَـزَّ هيّأَ لك المِعراج فقالَ: "سُبحان الذي أسْـرى "

            يابُـنيّ ..
            أوّل الفَهم أن تَقطع نَظرك عن ما سِـواهُ وتقول :
            ما أنَـا لولا ما أوْلاه !

            قال التلميذ:
            "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلى مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ "

            قال الشيخ:
            أتمِم انقطاع قلبك إليه يُفاجئك بالنعم !

            يابُـنيّ ..
            يَـدُ الله تَملأ الغَيم فَيضاً لو كَـان قلبك لها أرضًا !

            قال التلميذ:
            فَـهِّـمنـِي !

            قال الشيخ:
            فتنة الذّات إيّـاكم وإيّـاها
            ونَـفسُ الكِـبر ؛ سيماهَـا
            فاخْـشَ عُقباها

            يابُـنيّ .. إنّ قومًا يريـدون أن يرتفعوا فيأبَـى الله إلا أنْ يَضعهم
            ومَن طَمع في الشُّهرة قبلَ أن يُتمّ أمره
            يهلك في المهالك قبل أن يَصل هنالك !


            هو المُـعِـزّ وهو المُـذِلّ ..
            ومَـن رأى نفسه كَـثيراً .. لم يكن عند الله كبيراً
            تلك خاتمةٌ أُخـراها مِـن أُولاها !

            قال التلميذ: ياربّ بي ما تعلَم مِن السّقم
            فإن عفوتَ ؛ غدوتُ بريئاً مِن الإثم
            أطمَع في نَيل ما لا أناله منك بالكَـرم


            قال الشيخ:
            سبقَت نِعَمه قبل السُّـؤال !

            قال التلميذ:
            مَـن يُـرشِـد القلب إذا مَـا تَـاهـا !

            قال الشيخ:
            هو المُـعِـزُّ وهو المُـذِلّ ..
            إذلاله تأديب .. لكنّـه يُـغيّـر ولا يُـعيّـر ..يَقبل ويُقبلويُقيل العَـثرة ..
            حاشَـاهُ يُغلِق وُرود الإنعامِ لوجود العِصيان !

            قال التلميذ:
            نحـن غرقَـى ؛ وبدونك ليسَ لنا أن نبقَـى !

            قال الشيخ:
            سُـبحانَـه .. وَهْـبُـه ابتداءٌ مِن غَـير استحقاق
            لكنّـه يُنقصك لِـيُقبِـلَ بِـكَ عليه
            فاسعَ بذلك إليه يُعزُّك بين يديه
            ومَن دخَـل بالفَقر خَـرجَ بالغِـنى

            قال التلميذ :
            (أدعُوكَ ياربِّ كمْ أدعُوكَ
            ودُنيايَ تُوغِـلُ فِي التّـدنِّي
            عَبدٌ أنَـا ، كَـلٌّ أنَـا
            مَاذا أنَـا إنْ لمْ تُعِنِّـي
            ) !

            ياربّ .. فاشدُد هَـواك بقلبـي
            ياربّ خالي الوفاض خائِـر القُـوى
            وعلى مِقدار كَـفّـي أطلُـب.


            قال الشيخ : سُـبحانَه .. على سَعةِ يديه يُنفِق
            يعوّضك الكريمُ بألفِ ألفٍ ؛ فوقَ الألفِ ألف ..
            هو المُعطي لكلِّ آتٍ كمَـا أعطَى كُـلّما فَـات.

            ضَـعْ جَبهتَك على عَتبة قُـدرته وقُـل :
            لـَه "كُـل الذي يرجونَ فضلك أُمطِروا
            حاشاكَ أن يَـبقى هَشيمًا مَربعي
            " !

            مَـولايَ ..
            اسْـقِ
            ( زيتَ عاشِـقٍ مُـتَودِّدِ )

            كـلُّ عَـبدٍ يُـريد ما أراده مَـولاه
            فإنَّ الله سَيُعطيه ويُرضيه بما أَوْلاه.


            اللَّيـ 15 ــلةُ الخامسة عشرة
            المُبدئُ المُعِيد




            يارب .. أُحبُّكَ نافلةً وفريضةً والحُب إذا اتّسَـع اتّصل
            يارب .. أحبُّكَ رغم الوَجع
            وأحُبُّك رغم الأسَى ما نقَص
            أحبُّكَ كلّما تدانتْ مَسرّاتٌ، وولّت شدائِد
            أحبُّكَ حَـدّ السُّجود، وحَـدّ الرُّكـوع، وحَـدّ الدُعاء بكلِّ الشَّغف
            أحبُّكَ فَحبُّـك دِيـنٌ .. وبين يديـك أتلـو الدّمُـوع

            أرجُـوكَـ .. لا تجعل حظّي مُـرًّا للأبَـد.

            يارب .. يَـا مَن "يُبْـدِئُ وَيُعِـيدُ "
            أنتَ البَـرّ بالعَـبد والباقي على الأبَـد
            أبتَـلّ مِـن دَمعـي ؛ وأرى فَضلك المُمتَدُّ للأبَـد !


            قال التّلميذ: عائِـذٌ بِـك لَـن يشقَـى
            فعساك تَسترُ عَثرتْي وعَسايَـا
            حَسبي بأنّي مُتعَبٌ
            ولديكِ ياربِّي دَوايَ

            أنتَ المُعيدُ فَـرُدَّنـي إليك ..
            هذا كتابي شاحِبٌ وما لديّ سِـواك ..

            أنَـا .. مَـن أنَـا ؟!
            أنَـا مُبعَـدٌ بالذّنب عنكَ
            أنَـا عَبدك المَحـرومُ مِـن قُـربٍ لدَيك .. أنَـا مَن أشتهي وصلًا لديك !

            قال الشّيخ: يابُـنيّ .. اجعله ابتداءَك ومُنتهاك
            واشدُد خيوط الشّوق في تراتيلِ الصّلاةِ وقُـل له ؛ أشتاقُ يَـاربّـي أراك !

            قال التلميذ:
            يَـاربّ مُقيمٌ في دُجَـى الغياهِب
            لكنّ سُؤلي فَـوقَ هَـامِ الكَـواكِـب !


            قال الشيخ:
            هو المُبدي وهو المُعيد .. يُنقص كيف يشاءُ أو يزيـد
            المَوازينُ في يديه .. ولا شيء يَخرج عمّـا يريد .


            يُعطي المالَ أو يُـبيد فلا تنسَ أنّـه ؛ المُبدئ المُعيد
            يغيضُ رِزقٌ أو يفيضَ بيد اللهِ المُبدئ المُعيد
            وما تراهُ ناضباً فالله إنْ شاءَ يُعيد !

            يابُـنيّ .. لمّـا استغاثَ أيُّوبُ : يَـاربّ "مَسّني"ردّ عليه قُوّته بِـأمـره "اركُضْ"
            وهو العليلُ المُلقَى في فتنةِ الضُّـر
            فنسيَ بنسيم العافية ما ألمَّ به مِـن ألَـم ورَدّت يَـد المِنّـة كُـل ما مَـرّ منه وذهَب !

            سُبـحـانَـه هو المُعيـد ..
            تَالله ما ضَـرّه ما أكَـل منـ جَسده الدُّود
            لمَّـا اختالَ في ثوبٍ وَدودوسقاهُ اللهُ مِن جُـودِ الجُـود !

            يا بني .. ربما تُـفْـرِغ السّواقي ،حتى تَسكب الدّمعَ مِن فَيض النَّحيب
            فيأتيكَ وَهْبٌ مِـن الغَيبِ لا يَغيب
            وما كانَ مجنياً صَار هو النّـاجِـي !

            ممّ تخافُ ؟!
            أينما وجّهْـتَ وَجهك وجدّتـَه هُـناك
            أخبِـره عن جُـرحٍ أفزعَـك ..حدِّثه عمّـا أوجَعك ..
            وبينَ هذا وذاك ، وقبلَ هذا و ذاك
            يحنو عليكَ وَيرحمك !

            شُـدَّ قَلبك بالاسم
            أشعـِل التَّسبيحَ ؛ واسألـهُ مافقدتَ وقُـل له :
            أنتَ المُبدئ المُعيد ابعَث لي ما اندثَـر
            واجـبُر لي ما انكسَر يا مَن يُبْدِئُ وَيُعِيد


            يابني منه وجودُ كُـلّ شَـيء
            وإليه عَـودُ كُـلّ شَيء.


            قال التّلميذ:
            ياربّ هذا حالنا "بِئرٌ مُعَطّـلَـة" أعِـد عَـلينا كُـلَّ الأمنياتِ المؤجّلة
            ياربّ نَجتَـرُّ خُطًى مُكَـبّلة .. أعِـد علَينا زمَنًا كَـان لنا فيه عَرشٌ و منزلة
            أنتَ المُعيد رُدّ عَلينا مِفتاحَ البابِ المَوعُـود.


            قال الشّيخ: "إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ" في الأحوالِ ما يَـشاء
            يارب .. هذا الظُّلم يَمتطينا و يَعصِف
            وعندكَ مِن الفَـرجِ ما لايوصَف .
            أعِـد علَينا المُـنى .. لعلّ كـَرامتنا تَعودُ لَـعَـلّ
            نعتاشُ ذُلًّا ، وأوطَـاننا للظُلم نَعـلا اجعَل أقدارَك لَـهُم لا وكَـلّا
            وَرُدّنا لِـزمَـن العَـدل فيه تجَـلّى يا مَن يُبْدِئُ وَيُعِيدُ
            ياربّ .. مُنهَكون مِن الصَّمت .. وجُـرحٌ يَنزِف
            وفي غُربةِ الأحلام هذا القَلـبُ واقف
            نأوي إليكَ ؛ فضَمِّدنا بالفَـرح .. لا تخذُل الضَّعفَـا ..
            وأرِنَـا في بِضعِ سِـنينَ قَـدر "سَيَغلِـبون"


            قال التّلميذ:
            سبحانه صَدقَ إذْ قال "ومايُبدئ الباطِلَ ومايُعيد"

            قال الشّيخ:
            سُبحانه "فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ " وما ثَمّ إلا ما أرَاد !
            فَـقُـل للعابِريـن في فلسطين :
            لَـن تَصِلوا إلى ضِفّة الحُلمِ "إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ"

            تَـأوَّه التِّلميذ وقال:
            مُثقَلون مِن مَخاضٍ أليم .. وَتكاد تَذبُـل في الكَـفِّ أدعِيَتها
            أحْيِها يَـا مَـن يُحيي الأرضَ بعدَ مَواتِها يَـا مَـن يُعيدُ وَيُـبدِي.


            قال الشيخ:
            إذا اشتَـدّت العُسرى فإنّ عَواقِـبَ الحُسـنى تَليها
            سُبحانَـه ..
            يُـذَكّـرك بِفاقَـتِك فارْجُ منه حاجَتك وكُـن لَـه بِكلّيَتك

            قال التلميذ:
            وعَثـرةُ دَربـي ، وأخطاءُ عُـمري ، وكُـلّ ما تَعلَـمُ عنّـي .. أينَ سيَمضي ؟
            ياربّ قَـد أرهَق الحِملُ ظَهـري ..
            تَعلـمُ مَـا أُسِـرُّ ومـا أُبـدي .. وكُـلّ مـا نَقضْتُ مِـن عهـدي !


            قال الشيخ: الصّفاء مِن الصَّفاء ، والكَـدَرُ مِن الكَـدَر
            فَقُل ؛ الّلهُـمّ انقِلنا مِـن كَـدر البُعد إلى صَفاءِ القُـرب.

            يابُـنيّ .. المُقبل بالعُجب قد يُـرَد
            والمُـدبر بالحَـياء قَـد يُـوَد فَيُسعده الجَـدّ
            ومَـدار الأمورِ على الّلاحقة
            وهي مَبنيةٌ على السَابقة ..
            ومَـن قطعَ العَـلائِـق قَـلّـتْ لَـه العَوائِق.

            قال التّلميذ:
            آتٍ مِن شَظف الغِواية أَلُـمُّ عِندك ما تَبعثَـر
            آتٍ وفي يَدي تَعبي أسألك ردّ ما أدبَـر
            أنت المُبدئ والمُعيد
            أَهُـزُّ سَعْفَ الرجَـاءِ عَساهُ بِعَفوك يُثـمِـر.


            قال الشيخ: سبحانَـه عوائِده لا تَبـيد
            هو البادي بالاحسانِ قبل تَوجُّـه العابِديـن
            البادي بالعطايَـا قبل طَـلب الطَّـالبيـن


            سُبحانـك .. الهِبـاتُ هِـباتُـك .. والعَبـيدُ عبادك
            ثمّ أنت لِمَـا وهَبْـتَنا مِن المُستقرضيـن
            أعطَيتنا مِن الآلاء ما لا يُحصى ومِن العَطايا ما لا يُستقصَـى
            كيفَ نرجو سِـواكَ وأنتَ ما قَطعتَ الإحسان
            وكيفَ نطلُـب سِواك وأنتَ مابَـدّلْتَ عادةَ الامتـنان


            يابُنـيّ ..
            هو مُدبّـر الأمرَ .. ضَعها مِـلءَ وجـدانك
            وانهَض على ثِقَـةٍ منها إلى شانِـك
            فسابِـق حتى يُقال هذا العاثِـر وصَـل!


            قال التلميذ: .. أتُرانـي أصِـل ؟
            قال الشيخ :
            يابُــنيّ .. يبقَـى الطّريقُ هو الطّريق
            وإنّما تتفاوت الأقدامُ في الإقدامـ.


            ( ولأني صغيرة وقصيرة
            على أن أصل إلى قفل الغياب
            جلست بجانب الباب
            .)




            إلى كل عضو له عضوية في منتدى
            إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
            لمـــــــــــاذا !؟؟
            مهتـ منال محمد ــمة

            تعليق


            • Font Size
              #7
              رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود


              اللَّيـ 16ــلةُ السادسة عَشرة
              المُنتَـقِـم




              إذا آثَـرَك اللهُ بالإجابةِ والعَطاء ماذا أنتَ فاعل ؟
              إذا آثَـركَ ورأيتَ الحُلْمُ حقّـاً واقعًا وأنتَ تطيرُ مِنْ فَرح البشَارَةِ ضَاحكا !
              إذا آثَـرك اللهُ ورأيت الّلطائفُ دانية ماذا أنتَ فاعل ؟
              إذا آثَـركَ اللهُ احمَـدهُ وقُـــــل :
              يَـاربّ .. مِنك كُـلّ أمنيةٍ جِذعها وغُصنها، ومـا تَساقَط مِـن ثَمـر.

              قال التلميذ:
              والله هو حسبي .. وحَسبـي بأنّ الله يبعث المُنى المَوءودةُ مِن فَقري !
              حَسبـي بالفاتحةِ أتلوها و أشتهـي ماشئتُ مِن أمَلـي ..
              حَسبـي بأنّ الله يَدري وهو واهِبـي عونًا يُقِيلُ الخَطو مِـن عَثرَاتـي ..
              حَسبـي بأنّ الدُّعاء يَخصِفُ على ما نقصَ مِن سَـتري.

              قال الشيخ:
              يا أبنائــي .. ما تهجّـى القلبُ مِن فزَعٍ فالدُّعاء له رَصْـد
              وإنْ حلّـت الإجابة في جَدبٍ صار خَصْب
              وخَـزائِـن الله أوسَــــــــعُ مِـن حَوائِجنا

              تأتيه مُستجيراً ماشياً فيأتيك بالجُود هَـرولة.

              قال التلميذ:
              إي والله ..
              ياسيدي ها أَنَـا أَقِـفُ على بابه .. لكن مَعِي من الذَّنبِ مَا ضَاقَتْ بِهِ الصَّحُفُ !

              قال الشيخ:قل له
              أَرْجُوكَ عفوًا عَمَّا كُنتُ أَقْتَرِفُ !
              يابُـنيّ ..على قدر الخُروج من الذنوب تكون إفاقة القلـوب
              اخشَ ربّـكَ كما أنه المعطي فهو المُنتَقِم
              فإياكـ إياكـ وقواصم النعمـ.
              سبحانه قال: " لا تَمسّوها " فمَـن أبَـى " فتعاطَى" ومِن المُحرّماتِ دنَـى
              رأيتَ أحواله " كأنْ لمْ تَغنَ بالأمْس" فقد أصابها البَـأس ..
              إيّـاكـ أن تكون في شِكاية "إنّهم عَصوني" فتَكون في عذابِ " قِيل بُعدًا "

              يابُــنيّ ..
              إذا وقعَ السّـابح في البَحر فكَم عسَـى أنْ يَسبح !
              فَقُـل:
              ياربّ فُـكّ وثاقَنا مِن المعصية ورهاننا بمواهبِ المِنّة ولا تُعاجلنا بالنّقمة !

              قال التلميذ:
              بِـدون الله
              لا أمَـان لِـخَطواتي !


              قال الشيخ :
              يابُــنيّ .. لِقاء الله مِيعادكـ فما هو إعدادكـ ؟
              ويَومك ذاهِب كَـذهاب أمْسِك فأمْسِك عن الذّنب أمْسِكـ !

              وإيّـاكَـ وإيّـاكـ .. أن تُسقطِك الفتنة على جُـرفِ انكسارك
              ثمّ يؤتى بك وكِـتابك يَسارك !
              يابُــنيّ .. حينها ما يغني عنكَ ندمك والخطايا إزارُك
              والأيمانُ عاجِـزةٌ عن اعتذارك
              تُـجَــرُّ إلى ريـح السَّموم وَيعلوك غُـبارك ! ذاكَ وربّـي زمَـن انهياركـ

              تداعى المَجلس حُـزناً وقال تلميذ:
              والله لولا خَطيئتـي
              ما تنكّـبَ القلـب عن الرَّكْـب.


              قال الشيخ:
              كيفَ تنسَـى أنّـه مابَعد عُـود الثِّقاب إلا الحَريق كلّـه
              ومن خاضَ في غَمراتها؛ نالَـه
              وما الإنسانُ إلا سِتَـارٌ مُنسدلٌ على سُريرته !

              إنّ العبد إذا استخفّ بِسِـتر الله عليه
              أنطقَ اللهُ لسانه بمعايبِ نفْسه " إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ "

              فإنْ تَردّى في هاويةِ الخَطيئة فسُنّـة الله
              أنَّ عاقبةَ المُخادع مفضوحةً قبيحةً ولو كانت بدايته مَستورةً مَليحة
              " إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ "

              سبحانـه .. يُدنيك بِستـره فتأمَـن
              فلا تُتـبع الذّنب بالذّنب فَيُثيبك غمًّا بعده غَمّ
              " إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ "

              قال التلميذ:
              الّلهُـمّ جنّبني استدراجاً بالخَـير للشَّـر
              بَعده فضِـيحة السُّـوء.


              قال الشَّيخ:
              يابُــنيّ .. اصطِبارك هو بَلاؤكـ وابتِـلاؤكـ
              فلا تأتيه والمعاصي مِـلء تَوسّـلك فَيُقال: عبدٌ تعثّـر في خُطـاه.
              ويسألكَ:
              كيف بَعثَرت حصَادك وَجِهادك واجتِهـادك ؟!

              تأوّهَ صوتٌ من آخِـر المَجلسِ فقال الشيخ:
              إنّ أوشكتْ الفِتنة تُـلامِسكـ مُـدّ وصْله بِخُطى انسحابكـ
              إنْ كُـنتَ غريباً باغترابكـ فمن هُنا بـدء اقترابكـ.


              يابُــنيّ ..
              لا تهجم على الرُّخص
              إنّـي أخافَ عليكَ سوءَ عاقبة الهُجـوم !


              قال التلميذ: سِنينـي أضغاثٌ وفي الرُّوح نَشيجٌ اللهُ يَعلَمه
              والله صَـار اليقيـن عُـراك
              والظُّـلم يجمعنا في ضِيقه ليسَ منه فِكَـاك !


              قال الشيخ: لاتَترك الدّربَ ولو أينعَ قَمعا
              هو المُنتَقِم فلا تخشَ منه نَقصا !

              سُبحـانَــه .. ليسَ المُـراد مِن الابتلاء أنْ نُعـذِّب
              بَـل نبتلـي لنهذّب
              يَمِّـم خَطوتك إليه فالأمرُ كلّـه إليه.

              مَن قال "قَد أوتيته على علمٍ منّي وقوّة "جعله الله في قَـدَر "كأنْ لمْ يَكُـن"
              ومن استغنَـى فقال "سَآوي" سلّـط اللهُ عليه إرادةَ "لا عاصِمَ"

              ماذا جنَـى مَـن جنَـى مِـن وعـد "فمَا أغنَى"
              وإذ قال الله "ألا بُعـداً "فما يَملك أحـدٌ لـه قُـربـا ..
              "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ"

              فقل .. اللهُـمّ أنت المُنتَقِم إنْ ألقَوا حِبالهم
              فاجعَلنا قَـدر "تلقَفُ مايأفِكُـون"


              قال التلميذ:
              الأسْـرى .. المظـلومون .. الشباب المُلقَـى في عَتمة القَـهر !

              قال الشيخ: هؤلاء مَن رفَعوا سبّـابة الثّـبات مِئذنة ..
              ومَن كانوا في الغَيب مُصحفه
              وكانوا في الفِتَـن صَوت الحقّ وأحـرُفَـه
              اكتَملوا فكانوا كَـونًـا وأزمِنة، وكانَ الصّومُ عن رشفةِ الإغـراء أعذَبـه !

              يا بُكـرةً وعَشيّـا إذا جَـاء الحِسابُ " إنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ"
              وفي الدّنيا .. لا تَعجــــل ستَـرى نِعَـم الله عَـزّ وجلّ تنسخها آثَـار نِقَمـِه
              الّلهُـمّ آوِ شُجون المُستضعفين وحَـرِّر قَيدهمـ.

              قال التلميذ:
              إلهـي .. ما أضيقَ الطّريق على مَن لم تكُن دَليله
              وأوحَشه على مَن لمْ تكُـن أنيسه.


              قال الشيخ:
              يَنثـُر الشّيطان فِتنته ويزيّف لنا المعنى
              حتى نُخطِئ الرّجعـى !

              سُبحانَـه .. يُعطي ما يشَـاءُ لِـمَن يشَـاء ..
              فإنْ شَـاء جعلَ السَّيـر إسـراء
              وإن لم يشَـأ غَـدا السَّعي غُثـاء


              قال التلميذ:
              لا تُعاقبنا بالسّلب بعـد العَطـاء

              قال الشّيخ :
              يابُـنيّ .. أَوحيتُ إلى القويّ أثْـبِتـي وثبّـتي
              وأَوحيتُ إلى المَعصية تَزلزلي وزَلزلي !
              العاصِـي في وهْـمٍ وتَقيـيد
              والواصلُ في فَـرحٍ وتأيـيد !

              يابُـنيّ .. لولا مَعيّتهُ العَظـيمةُ بَينـَنا
              تَعِـبَ الفُـؤادُ وكَـلَّت الأكتافُ



              اللَّيـ 17ــلةُ السابعة عَشرة
              المَليْـك




              سَـلامٌ على قلبٍ صوتُ البكاء فيه مَبحوح
              جِهاته وجع ومافيه مُتسع !
              وتثقله دمعةٌ تأبى أن تفيض

              سَـلامٌ على قلبٍ يناجي
              ياربّ .. هبْني جَواباً قبله فَـاء عطفٍ أو واوهـا وليس ثُـمَّ
              يا رب جُـز بي غثاء السَّيل وأبعِد عنّي الحُزن والأسف
              جُـز بي النّهر يا إلهي إن قلبي ما اغترف
              يا رب رحمتك أوسع من ضيق لغتي


              قال الشَّيخ:
              هوّن عليكـ U] إنّ أيام الرَّخاء تسير في شوقٍ إليكـ[/U]
              هوّن عليكـ سينجلي كَربي و كربك ويهرول الخير إليكـ

              يابُـنيّ ..
              سَـلامٌ على سُفنِ "بسمِ الله مَجْريها ومُرساها"

              يابُــنيّ ..
              قُـل: ياربّ العرش الذي يَحمِله ثمانية اجعلْ سؤالي قطوفاً دانية
              والله .. إذا أسفرَ المجهول عن ماخبأ الله انكسَـر الحزن
              وقال العَـبدُ: لله قلبـي ماذا قد مُنِح !
              فبادِر أيُّها الطالِـب لِـمَـا فُتح مِن المطَـالب.

              يابُـنيّ .. إذا ضاقت فَذاك اختباركـ
              فازحف مِن حزنك الفتّاك مِن هشيمك إلى المَـلِـك المَليك

              قل له:
              يا الله يامالك يامليك يا ملك
              قلها بقلبك كأن لم يسبق بها أحد قبلك
              أتعرف يابني ما معنى المليك ؟
              هو من بيده الملك وهو مالك كل شيء.

              قال التّلميذ:
              يحزنني إنّي عاجزٌ عنّي
              غباري كثيرٌ وما أدري أيّ الغبار أنفض !
              انقضّتْ الفتنة علَـيّ فأنّى أنهَض ؟


              تململ الشيخ ثم قال : اسمع هذا المعنى
              (مَن غابَ عنّا حظّه الهَمّ و العَنا
              مَن فاتنا ؛ يكفيه حِرمان فَوتنا)
              يابني ماتولّى الله مَن تولّـى ذاكَ ذنب عقابه فيه
              لو لم ينلك عذابٌ سوى بُعدك عنه لكان يكفيك
              ـ
              فقل: يارب أنت المَـلِك المَليك المالِك
              عفوكَ عن عبد يلغي العهود وينقُض


              يابني اخرُج مِن منفى الذنب
              وإليه فاركض


              و من انقطعَ لصحّة البداية
              بلّغه الله ماأراد من غاية .


              هنا البداية
              وهنا النهاية


              قال التّلميذ: ليتني أبلغ هذه المعاني
              لكن قلبي آتيهِ ويخذلني ..
              وأكاد مِن ضعفي يجتثّني شَكّـي !

              قال الشيخ: هو ربكـ ومالك أمركـ
              فكُـن عبدًا كلّما وقَـعَ آبَ .. وأرغمَ الشيطان بالمتاب.


              يابني .. كلّما كان العبد للحُدود ألزَم كان من الأوزار أسلَـم
              والله مايبالي الشيطان بك كنتَ على يمين الشّـر أو يساره
              فاطوِ بساط التراخي و تـــــودّد ..
              وقُل: الّلهُـمّ لا تجعل صَحيفتي مِرآةً للشيطانِ يرى فيها سَعيَه.
              و قل: يـاربّ .. إذا أمْلَـتْ الملائكة على الصُّحف أخبار الخطايا صغيرها وكبيرها
              وبُعثت الأمم جاثيةً على أقدامها، وفي الوجوه تاريخ سيئاتها ..
              الّلهُـمّ هبنا توبةً تحيل السّيئات حسنات فكأنّها ماكانت وكأنّ الذي كان ما كان !

              قال التلميذ:
              الّلهُـمّ فَـكُـن لنا لَطيفاً، وبنا رَؤوفاً
              فإنّ الطريقَ إليكَ وَعـرٌ إلا إذا مَهّـدتَـه.


              قال الشيخ: سبحانه هو المَـلِك المَليك المالِك للأمر
              قُـل له :سبحانك أنت المالِك المَليك
              أنعمتَ علينا قبلَ أن نكون فنحنُ لك بما كان مِنك

              يابني ..لا تفني عمرك في ؛ ليتَ ولعلّ ، وعسَـى وحبّـذا
              وتظلُّ في حسرةِ كانَ وما مضى وينتهي اختبارك وأنت أنت وحالك هُو هُو !
              فقل .. نعوذُ بك مِن عملٍ زادنَـا نقصا
              وعُمرًا كان موتاً وما كان حياةً تحيا !


              تأوه التلميذ وقال:
              أعوذُ بك من كَـدر أقذارها وأسألك طيّب أقدارها
              أنت المليك وبيدك خزائن ما ملكت.


              قال الشّيخ:
              إنْ أكرم بالنّعمة فذاك فضل
              وإن حكمَ بالنّقمة فذاك عَـدل

              الزاد لك وهو مكتوب والزائد عليك وهو مَسلوب
              فأجمِل في الطّلب ولا تحمل نفسك النّصَب !


              يابُنــيّ .. ما أذلّك للمال إلا خُضوعك للآمَـال
              ومَن تركَ مَلَـكْ

              قال التلميذ: أنتَ المَـلِك المَليك ..
              احفظنا من أقدارٍ تجري بما ندري وما لاندري.


              قال الشيخ:
              إياكـ أن تنسى أنه المَالِك المَليك للأقدار وللأحوال .

              يابُـنيّ ..
              ربما ملأوا انكسار قلبك ؛ مَنعـا ..
              ربما وجَعُك في دجى الحُزن ؛ يقطر دمعا ..
              ربما خذلوك وقالوا لك ؛ كَـلا ..
              ربما فتحوا الجِراحَ ؛ قَبلًا وبَعدا ..
              ربما عبَـس الكلّ فيكَ و تولّى ..
              ربما يحتويك الّلظى ؛ وترى الظلم حولَ روحك حَبـلا !

              إن شاء الله .. قال لكل هذا الأسى لا و كلا
              حاشا لِمن مَلك أقدار العدلِ أن يتخلّـى.


              قال التّلميذ:
              والله قد شَاءوا أعمارنا مقبرة !

              قال الشّيخ :
              إذا أيقظَ القحْط جوع السنابل وانتحبتْ السلال من فراغها
              وإذا توزّع اللاجئين على خارطةِ المنافي، وغابت عن الأوطان أقمارها
              فقل :
              أنتَ المالِـك المَليك يامن تَسقي ولا تُسقى يامن يبقى ولا نَبقى
              ويامَن ألقى إلى موسى ما ألقى هَبنا من مُلكك ما يلقَف مايأفكون
              أنت المَلك المليك مُقدّر الأقدار ومِن غيرِ لُطفك يا لطيف سَنهلك.


              يابُــنيّ .. إنْ أسكنوك عَتمة الحوُت فزادُكـ التّسبيح.
              يابُــنيّ .. ما كَـرُب نبـيّ إلا استغاث بالتّسبيح.

              قال التلميذ:
              سبحانك في واسع ملكوتك أنت ملكينا ومالكنا.

              سيدي قل لي:
              مِن أين تؤتَى الأمنيات إذا مُنعتُ بلوغها ؟!
              قال الشيخ:
              هو مالكها وقاضيها فقُـل :
              هَـبْـنَا الّلهُـمّ كَـرامةَ التّـأييد وعناية التّسديد.

              يابُــنيّ .. قَد يفتح الله أبواباً وراءَها فسَح الآمال
              فإيّاك والتعلّق بالعَلائق وتوكّل على الخَالق دون الخَلائق
              وقُـل :
              ياربّ اجعلني في حِرز "ما ودّعك ربّك وما قلَـى"
              وأخرِجني مِن جَفاف الانتظار إلى"ولسوفَ يُعطيك ربّك فتَرضى"


              وانظُـر إلى يَعقوب إذْ وقفَ على بابِ "لاتَـقْـنَطوا "
              فرُفِـع بيقينه "على العَرش".

              يابُــنيّ .. إنما تتبايـن المراتب في السُّكون تحت مجاري الأقدار
              والتّسليم لمالِك الأقدار ..
              وإنّما يَعمى القلب عن الحقائق إذا تعسّرت عليه الطُّرُق .. فَقُـل:
              يَـا مالِكَ السَّـبيلِ اهْـدِنَـا إليْـكـ
              وهبنا ما بين يديكـ



              اللَّيـ 18ــلةُ الثامنة عَشرة
              ذُو الطَّـول




              يارب هبنا أبوابُ عَفْوٍ على الجنَّاتِ نَمرُّ منها مُلبينا
              نسعى إليكـ زمرا وفي الجناتِ للأفراحِ مُتــسع


              الغيث ينهمر وفي الجنات لا همٌ ولا كدر
              ويخلفُ الله خيراً لمن صبروا

              يارب إنَّ الصُّبحَ موعِدُنا
              فأذهب الحُزن لـا يبقَ لـهُ أثَـــر


              يَـاربّ ..
              ضاقَت مخارجها والحمل يثقلني
              مَـالـي ثِقـةٌ بأسبابـها ولكنّـي بالـذي يَهَـبُ المُنـى أثِـق
              أنَا لَستُ أهلًا غَيرَ أنَّك أكرَمُـ


              قال الشيخ:
              الخيرُ في أقدارنا مأمول وكـلّ شِـدّة بالدُّعـاء تَـزول .

              يابُنـيّ ..
              أنتَ مُعتَكِـفٌ مُقيمٌ على ضامِنٍ كريم ..
              والكريمُ ذُو الطَّول إذا ضَمِن ؛ لم يُخلِـف.

              يابُـنيّ ..
              إِذَا مَا أَرَادَ الله إِتْمَامَ حَاجَةٍ أَتَتْكَ عَلَىٰ وَشكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ
              حينها يَخْضَرُّ من الأمَـل ما كان هَشِيمًا.
              فَـقُـل:
              ياربّ أنت ذُو الطَّول
              اجعلْ خُطى الإجابةِ واسعة
              افتَح بابـًا أعيـا مِفتاحه
              وَحُـلَّ عُقداً تولّت الأيامُ شـدّها.


              قال التلميذ:
              لكنّي أتوقُ لأمنيةٍ مِـلء المُستحيل !

              ابتسم الشيخ وقال:
              اللهُ وليُّ التّيسييرِ والتّسهيل ..وهو حسبُنا ونِعم الوكيـل
              فقُـل : الّلهُـمّ اجعلْ أمرَك نوناً تسبقها كافٌ كافية.

              يابُنـيّ .. الأمورُ تابعةٌ للمقادير ومفاتيح أغلاقها بِيَـد التّيسيير .
              يابُنــيّ ..التّيسيير مِفتاح كُـل فَتح فَقل له:
              ياربّ هذا الدّعاء طَارقٌ وبابك المَطروق
              وأنتَ مَن تَملك أنْ تقولَ : هذا الباب قَد فُتح
              ياذا الفَضل هبنا فتحاً يتبعه مَـدد


              قال التلميذ:
              الّلهُـمّ أُنساً لا كَـدر فيه
              وأمناً لا خَوف بعدَه.


              قال الشيخ:
              الفتحُ بركةَ الُّلجوء إلى ذي الطَّول
              سبحانه ذو الفَضْل والقُدرة والغِنَى والسَّعة
              فتمسَّك بالدعاء بالاسم
              كأنّك لا تعرف فرَجًا سِواه

              فَقُـل :
              يا ذا الطولِ .. أوقفني على بساط رحمتك وغطِّني برِداء عافيتك
              وأغنِنا بلا سبب واجعلنا سببَ الغنى لعبادك.

              قال التلميذ:
              على بابِ فضلك نحـن اليتامَـى
              آتٍ إليكَ مواجعي أعبَـاء
              آتٍ إليكَ أنقُش دعائي فوقَ المُنتهى
              بأنّ لي ربّـاً يفتح كُـل المُغلَقا.


              قال الشيخ:
              الدّعاء وَتَـرُ قَوسٍ لا يُرى فارمِ سَهمك تبلُـغ هناك
              بالدعاء يحلُّ ما اشتهيته حتى تقول ؛ ها هو ذا ..
              وَيرحل ما أهمّك حتى تقول :كَان ذاك !


              قال التلميذ:
              منذ زمن وإنا أنامُ مُزدحمَ الحَوائج وأنزِف وجَعا
              والله إنّي لَـذو مِحـَن

              قال الشيخ:
              يابُــنيّ .. هذه الحياة سَفر والسّفر مظنّـة المَشقّة
              فلا يَهولنّك السّحاب الأسودَ ماتراكَـم إلا لِـيُمطر !
              وإنّ للمِحَـن أوقات وغايات فاستعِـن عليها بالاستغفار.

              قال التلميذ:
              استغفر الله .. اللهم يا الله أعتِق صَوتي مِن حِرمانه

              قال الشيخ :
              يابني .. رمضانُ زمنُ العَطاء
              و مَا بَلَغَ أَحَدٌ حَالَةً شَرِيفَةً إِلَّا بِمُلَازَمَةِ الْمُوَافَقَةِ
              فوافِق ربّك في أمرِه ونَهيه

              يابُــنيّ ..
              يا سعادَة (مَن ينقطعُ مِن أسباب نفسه ؛ إلى أسباب ربّـه )
              ومِن هواه إلى هُداه فقُل :
              ياذا الفَضل والغِنى إنّـا نسألكُ العناية التي تبلّغنا الولاية.
              وما بعد الولاية إلا الرعاية.

              قال التلميذ:
              اللهم عنايتك .. واللهِ إنّـا لنُفتَـن في كُـلّ عامً مرّة أو مرّتيـن.

              قال الشيخ:
              وفي المِحنة ؛ (تشتدّ قاماتٌ إذا اشتدّت العواصف)
              يَمتحنك بالمَنع ويختبركَ بالعَطاء "وَنبلوكُم بالشّر والخَير فِتنة"
              فكُـن عبد الله في كُـل الأحوال.

              قال التلميذ: صدقت والله . أنَـا .. مَـن أنَـا ؟
              أنا المَنعُ أنضَجنـي
              فلمّا بُسِط لـي ما انقبضَ خَشيتُ بعدَ الذّوق انقطاعَ مَـا مُـدّا !

              قال الشيخ:
              يابُــنيّ .. البلايا وشيكة الزّوال وعُقد المصائب سَريعة الانحلال
              سُبحانـه قادرٌ على إزالةِ عُسرك وقلّة يُسرك وأنْ يُنجيك مِن شَدائد أمرِك !
              فاخلَع ما في قلبكـ ترَ البِشارة على ما في الأسباب مِن عِـوَج
              فلا تَثق في المَفاتيح ولا يُفنيك صمتُ أقفالها !

              قال التلميذ:
              ياشيخي منذ أمد وأنا أدعو
              وما زلتُ أنتظر حُلماً فرشتُ له صَلاتي تسابيحاً

              "إِلىٰ الله أَشْكُو حَاجَةً .. تمرّ بهَا الأيّام وَهي كَمَا هيا" !

              يَـاربّ ..
              هَـا أنَـا على حافّة الحُلم وأمامِـي مَزارع النُّجوم
              واقفٌ دون المَوج وما أملِك خَطوة الغَوص
              ما زلتُ رهنَ الانتظار ؛ وقلبـي بَيـنَ و بيـن ..


              قال الشيخ:
              قل: اللهم لا تدع أقدامنا عاثِرة واجعل ما أصابنا من المصائب آخِـره

              يابُــنيّ .. الدُّعاء أقدامُ ذوي الحاجات
              وللرزق أبواب الُّلطف الخَفِـيّ
              .

              استغـنِ عن ؛ كيفَ مع أنّـى ..
              ومَن كان بالله غِناه ؛ أذهَبَ الله عنه عَناه ..
              اسقِ رزقك دمع توسّلاتك ؛ يَنبُت !

              قال التلميذ:
              يارب .. أهرولُ إليك مِن حَولي حافيا ..
              أنسجُ مِن آهاتي قَوافي دُعائي ؛ وأقول :
              إنّـا للهِ .. ولله الأمـر !

              قال الشيخ:
              يابُـنيّ .. تَرى الهموم مقبلةً ؛ كأنها أقسمَت ما فيها مُدبرة
              فقُـل : وحدَك ياذا الطَّول قادِرٌ أنْ تجعلَ مِن كُل لاءٍ نَعـم
              وأنْ تجعل أيدينا ؛ نِعَماً تَعُـمّ !


              رفع التلميذ رأسه للسماء و قال:
              لأنّك ذو الطَّول تطاولت أحلامي كثيراً !

              قال الشيخ:
              حاشا لـه أن يُبصر عَيناً مُترعة بالدّمع وصوتاً مُثقَـلاً بالهَـمِّ
              ثُـمّ يقولُ لَـه : ثـمَّ !


              كان المكانُ يتنفّس السّكينة فقال الشيخُ :
              السَّحَـر مِعراج الدُّعاء .. والله منتهى المُنى !
              فقل: يا مَن بيدك صَـباح الفَـرج .. يا طُمأنينة الجِـراح
              ياربّ إنّك تسمعُ قلبـي ..
              احفَظ على قلبـي لهفةَ الانتظار لِغَيثِك
              وأسعِدني بإجابةِ الدُّعاء !


              يابني.. ما اتعـسَ الأحلامَ لولا الدُّعـاء
              فقل: يَـاربّ اجعَـل غَـيْـبك إدهاشـاً لأحلامِـي
              إنّـي بألطافِ ذي الطَّول الكَـريـم مُتعلّـِقٌ.



              اللَّيـ 19ــلةُ التاسعة عَشرة
              الحَكَـم





              هذه ليالٍ تَخيطُ للغَـدِ أثوابَ الفَـرح وفيها تراتيل المنى !
              من هَمّ فيها هَمًّا لم يرَ الأمرَ غُمّةً عليهِ ولم تصعُبْ عليهِ المَرَاكِبُ !
              فقف بالبابِ والتمس المدد و قل:
              الّلهُـمّ اجعَل هذه الليالي لِهُمومنا خاتمة ولأحزاننا صارفـة
              وسَفينتنا في بِحار الكَـرم "مَجْريها ومُرساها"


              ومَن هُدي للأسماء الحُسنى
              فقد أخطأه الحُـزن وأغلَق صفحةً مُلِئت جِـراحًا


              قال التّلميذ:
              إلهـي..بدون فَضلك ناقصٌ يزداد نقصانًا
              ولِـمَـا لديك مُثقَلٌ بالشوق ظمـآن
              بي وجـعٌ، و بـي جُـوع وأخشَى أن يضيعَ مِن دربي الرجُـوع.


              قال الشيخ:
              يا بني .. لا تُعطى القلوب مُناها حتى تَصدُق مع مولاها
              فقُـل: أنتَ ياربّ كُـل ما أحتاجه فأذِقْنا لذّة نيلِ المُـراد.
              يابُــنيّ ..
              متى جَاءت الإجابة إليكـ مَدّت السعادة جناحها عليكـ
              وصافحت يَد اليُمن كفّيكـ.


              تملّـى التلميذ وجه الشيخ ثمّ قال: لا دربَ يحملني إليه !
              أوّاهُ مَن ينقذ المُخطئ مِن ذنبه إنْ عَـزّ عنه الوصل أو أبطَـأ ؟!

              قال الشيخ:
              يابُــنيّ .. إنْ أطفأ الذنب مِن القلبِ سِراجه
              فقُـل لَـه : عُـد بي إليكَـ فأنت للقلبِ دواؤه وعلاجـه.
              " سبحانه وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"

              قال التلميذ:
              واللهِ لقد خُضت في عَذبها و أُجـاجها.

              قال الشيخ:
              دنيا مآلها خَـراب ومجيئها مآلـه ذهَـاب
              فإذا انتهَـى الأحيَـاء إلى السُّكون وكُـل كائنٍ كأنّـه لا يكون
              ثمّ رُفع الحِجاب وعُرض الحساب وانهلّ من الصحائف أسرارها
              حتى ترى السّيئة معاني الشّوك وزقّومها
              وصار العمر جوابا لمن سأل .. وعَضّت الروح يديها على نورٍ ما اكتَمل
              وجيء بالأموالِ فإذا بيـن الجنّة وبيـن فلان مسافة زكاةٍ وألف دينـار ..
              وبين فلان والنار ؛ سياجٌ كُـل لَـبِنَة فيه درهمٌ ودينار ..
              وجيء بقلـبٍ ؛ غاصَ في الذّنب واستمَرأ !

              قال التلميذ:
              عفوك ياربّ.. اجعل بَـعد المَـوت عافية.

              قال الشيخ:
              قل .. نعوذُ بالله من حَـال الإياس وبضاعة الإفلاس .
              يَـــاربّ .. اجعل أوفَـر فضلك إذا انفضّت الجُموع عَن قبورنا
              وغيّبت في التُّراب أجسادنا.


              قال التلميذ: " وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
              أوصِنا يَـا سيّـدي !

              قال الشيخ: يابُــنيّ لئـن أقرضوا الناس ربّهم دنانيراً فأقرضه نَفسك كلّـها
              كُـن مِن عبادٍ قبضوا على الصَّـبر جمرًا
              فعوضهم الله أجـرًا عوّضهم أعلى المَـراتب وأجلّ المواهب "وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ"

              قال التلميذ:
              يَـا مَـن أَحصيتَ آثاري باعِدني عن النّـار
              يَـاربّ في قلبـي أوديـةٌ مِن الجفافِ يَبست منها عيونـي !


              قال الشيخ :
              إنْ استعصمتَ بالله رأيت حريق الشّهوة يزفر آخر أنفاسه
              إن الشَّهْوَة مَوْصُولَةٌ بِالشُّبْهَةِ.. وَالشُّبْهَة مَوْصُولَةٌ بِالْحَرَامِ
              وَالْحَرَام مَوْصُولٌ بِالنَّارِ !

              ثم ترى الشّهوة تَجُـرّ مصائبها على القلـب فاحذَر رعشةَ الشّهوة في دَمِـك
              اهدم مَعصيتك بيدكـ قبل أن يُرسل الله عليها مِعوَل العقاب
              " أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ "وحينها يمتلئُ العمر بمناحة الأسى
              فإذا هو موتٌ قبل الموت !

              قال التلميذ:
              الّلهُــمّ عُـد بقلـبي عليّ واحملني إليكـ.

              قال الشيخ:
              يا بني .. إنْ هَـزّ ريح الذّنب أستَـارك فالله الله فـي الخَــلوات
              كَـمْ دارى العبدُ و كَـمْ خبّـأ !
              هل يملك نظَـر الله أن يَـدرأ "أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ"

              قال التلميذ:
              الّلهُـمّ اجعلنا في عِنايتكـ.

              قال الشيخ: يابُنــيّ الواصِلونَ آثارُهم على قَدر نواياهمـ
              ومَراتبهم على قَدر أنوارهم .. وإنفاقُهم على قدر ذخَـائرهم
              وما أخفَـى اللهُ لهم فَـوقَ الخَـيالِ وبعـدَ مُنتهـى المُنتـَهـى "وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"

              كانوا لله
              فكَـان الله لهمـ.


              فقُـل: الّـلهُـمّ قُرباً ليسَ له حَـدّ يقفُ عنده ولا أمَـدًا ينقطعُ الخَيال بعـده.

              يابُــنيّ ..
              أنتَ مَـا أنت ؟! أنتَ ظِـلال روحـكـ
              فإيّـاكَـ أنْ يفنى عمرك مُتهدّما في سجـنِ خَطيئة
              الزم الدعـاء
              الّلهُـمّ اجعلنـي في عافيةٍ مِن كُـل لاغيةٍ ومِن كُـل فاحُشة.

              قال التلميذ:
              ياربّ استبدّ بي الذنب ولك حقوق بطـيءٌ قضاؤها
              وديونٌ لم تُـنجَـز وفي القلـبِ عَناؤها .. وفي صَحيفتي حسناتٌ قليلٌ غَناؤها
              ياربّ إنّـي سقيمٌ فلا تَمنع عَـن الرّوحِ شِفاءها أخشاك يامن "لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"


              قال الشيخ:
              طُـوبى لِـمن سبَقوا .. وطوبى لِـمَن لَحِقوا
              ارفعْ كفّ الاستغاثة وادفَع بها قَدر السّقوط
              ونادِ الغيّاث بملِء مَخارج القَلـب

              قال التلميذ:
              ياربّ إنّـي ارتكبتُ خطيئةَ الكلماتِ والخَطوات
              فلستُ أملكُ ما أمُـرّ بـه إليكـ.


              قال الشيخ:
              يابُــنيّ .. انبُـذ إثمَكـ ..وانتَبِذ منه مكاناً قَصِيّا
              ونَـاجِ ربّـك وقُـل له:
              ياربّ (بعضي غَريقٌ وبعضي حَريق) !
              ضَـع الأوزارَ عن كاهلـي يا مَن تقيلُ مِـن عثَـر
              و قَـيِّد الّلهُـمّ جَوارحي عن مَحارِمكـ.


              فقال التلميذ: الّلهُـمّ آميــن ..
              الّلهُـمّ حـل بيننا وبيـن فتنة الدنيا والنّساء والغَفلة والشّهوة
              الّلهُـمّ طالَ صَـبري فاخلفْ على روحـي بما هو عَـزاؤها
              وظنّـي على بُعدي أنّـك تملكُ للأمنياتِ عطَـاءها
              إحسانُـك لايُطاق شُكره ونعيمك لايُساق مَهـره.


              قال الشيخ:
              طَهارة المُنيب دمُـوع النّحـيب
              واعلم أن المُحسِـن مُعَـان .. والعاصـي مُهـَان.


              يا بُــنيّ .. ما بيـن العِتق والغَرق أنْ تبلُـغ الله
              وكلّما اقترَبْتَ منه استَعجلتْ إليك البشائِـر

              لا تَقُـل كَـيف .. إِنَّ الْمَقَـادِيـرَ إِذَا سَـاعَـدَتْ
              أَلْحَقَـتِ الْعَـاجِـزَ بِالْحَـازِمِ !



              اللَّيـ 20ــلةُ العشرون
              الحَميدُ المَجيد




              الليلة مدى فجر المنى .. و مدى ما لا يُشرح !
              ليلة حقولها بلا انتهاء .. كل من يُريد فيها المنال لا بُد أن يَنال !
              عساها زمن " هذا تأويل رؤياي "
              وما يُدرك ذلك إلا مُوفَّق
              فشمر إن الجنةُ تُبلَّغ بالتعني لا بالتمني.

              قال التلميذ:
              خِفافًا قد تركنا كُلّ شيءٍ وجِئنا بابك العالي لترضى.

              قال الشيخ : إنْ كان في الّليل قُرآناً ومحراباً سيَفتح اللهُ أبواباً وأبواباً
              فلو رأيتَ البحـر ما انفلقا، وآنستَ نارا فمَا وجدتَ قبَساً ولا أملاً
              وكلّما سِرتَ في النّفقمُـدّ لك نفقا ..وحَطّ المغيبُ على أحلامِكَ وتسّاقطّتَ هَمّـا
              فقُـل :
              يامَـن عليه المُعتَمد و به تنحلّ العُـقَد
              يامَـن يُستعانُ بهِ على الأمرِ المعاند
              أنت الميسرُ و المسببُ و الُمساعِـد وأنت السَّـند
              يامَـن تنصرِف الآمال إليكـ وتُعوّل الأحوال عليكـ
              سبحانكـ .. كيف يرجع خائباً مَن قالَ: ياربّــــي
              وأحسنَ ظنّه بين يديكـ.


              هو الحَميد.. و جوده لا يفنـى حميدٌ قبلنا وبعد أن نفنـى
              يجزي الرّضى بالرضى .. ويلطف في ما مضى
              أغنى وأقنـى، وأصلحَ الحال شأنًـا وشأنا
              لهِ درّ الحاجاتِ حمَلَـتنا إليه حَملا ..

              هو الحَميد.. وخادمه يخدم العزّ بابه
              وتودّ الملائِـك لو تمَـسَّ رِكابـه.

              هو الحَميد.. وبه غِيضت مصائبُ مَن دانوا مِن الحُبّ
              فكانوا قابَ قوسين أو أدنى !

              هو الحَميد.. يُحمَـدُ على ماوَهَبَ وَنَزَعَ، وَضَرَّ وَنَفَعَ
              وَأَعْطَى وَمَنَعَ، وله الحمد كله !

              هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ .. والغنيّ من إلى المولى افتقر
              يا رب أنت الحميدُ ملَكتنا وملّكتنا ما مَلكنا والإقلال مِنك إكثـار
              سبحانه .. إن أتيته كما شاء أتاك بما تشاء.

              قال التلميذ:
              سُبحانـه .. حَـميدٌ ويَحمد لـعِباده.

              قال الشيخ:
              يابُــنيّ .. إذا جِـيء في القيامةِ بِحَصاد السّريرة
              وارتباك اليَدين عن الخطيئة .. وغربة شاسِعةٌ وقلبٌ كان يمشي وحيدا ..
              وقيلَ : كان يحرسُ بياض قلبه فارفعوه بعيدًا بعيدًا.

              عبدٌ دنـى فتدلّـت له الدِّلاء العامِـرة بأحلامٍ عَتيقة
              يُسقى من آنيةِ القُـرب الدّاني .. وقيلَ لـه :
              قد مضَى عنك الغَسق وليسَ على قلبك حَـرج.

              يتفيّأ حُـبور الحسنات مَن تهجّأ الدّرب طريقاً للخلود وارتدى التّعب ثباتاً
              و حجَّ إلى الشاهقات من المقامات .. لِـمن شّد على زِنـاد الصَّـبر وقال :
              (لا) للبوَصلة الحَـيرى ..
              ليس على قلبه حَـرج ..
              " رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ " عليه " إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "

              غاصَ الجَمع في الدّمع فقال الشيخ:
              عينُ المَـرء عُنوان قلبه !

              قال تلميذ:
              الّلهُـمّ الآن .. وكلّ آنٍ هبْنا الفَتح والغَوث
              عافِ خُطانا مِن العِوَج وقلوبنا مِن الهَـرج.
              يَــاربّ ..
              كنتَ معي في السّجدة الأولى وفي الثانية ..
              وكان رهاني غيبٌ قَصِيٌّ والصّـبر مِن زادِ المُـريد.


              قال الشيخ: هو الحَميد..
              يولّـي جوده لمن يرعى حُدوده .. ومَن حَسُنت خدمته وجبتْ كرامته
              وغَـدًا يميّـز الله بين مَن يعلو ومَن هو دون ..
              ومَن نأى ما أقام الله له وزنا .
              وما سترضى به لله جواباً سيُرضيك به ثواباً
              لو أخلصوا في الله إخلاصَهم لخصّهم منه بما خصّهم

              فاحرص على شريعة الله لاتخلّ بأدائها
              وفرائضه لا تضلّ عن قضائها !

              هو الحَميد..
              ومَن وُفِّـق لِـحَمد الحَميد رأيتَ رداء الحَمد له موفوراً ولواء الشُّكر لك مَنشوراً
              وإنْ لم يُحمد رأيت النِّعم مِن شاهِقٍ إلى خفِض، ومِن عُلوٍّ إلى أرض !

              قال التلميذ:
              الّلهمّ إنّا نباتُ نعمتك فلا تَجعلنا حَصاد نِقمتك.

              قال الشيخ:
              يابُـنيّ .. تُعرِض النّعم عن قلبٍ بإعراضه عن الحَـمد وتنقبضُ الأرزاقُ بانقباضه
              ومَن عَدم على النّعمة شُكرًا عَدِم ثواباً يماثلها .
              فإذا رأيتَ العبد يرفل في النّعم عارياً عن شكرها فاعلمْ أنّ هذا أوانُ ذهابها
              " وَمَن یَشكُر فَإِنَّمَا یَشكُرُ لِنَفسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِی "

              اسمعوا عَـنّـي ..
              إذا رأيتُم النِّعم مُستدبرة
              فبادروها بالشُّكر قبل حلول الزّوال
              إذْ قلّما يُـرَدُّ زائِـل !

              فقُـل :
              ثبت اللهُ نِعَمه لدينا وخَفّف مَؤونةَ شُكرها عَلينا
              وتابعَ لنا المَزيد ؛ في كلّ يومٍ جديد


              أنتَ عبدَه فَقُـل لَـه :
              هَبْني مِن عَليائك ما تُنفقه يُمناك
              " أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ واللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "

              " أَلْجِىءْ نَفْسَكَ فِي الاُمُورِ كُلِّها إِلى إِلهِكَ
              فَإِنَّكَ تُلْجِئُها إِلى كَهْفٍ حَريزٍ، وَ مانِعٍ عَزيزٍ"

              يا بني .. أتطيقُ الاستغناء عَن ربٍّ
              هو الغِنى والغَناء !


              قال التلميذ: لولا الله أين كنا !
              سفر كله فِـتنٌ بَعْضَها يُشْبِهُ بَعْضا وَ آخِرها لاحِقٌ بِأَوَّلِها.

              قال الشيخ:
              إذا رأيتَ تكاثُـر النّوائب وانصِباب المَصائب
              فاللهُ جعلَ للمصائِب مَدىً وما أطالَ لها يَـدا !
              فخُـذ بقوّة ثباتِـكـ
              واشدُد عليه آنَـاء الفتنةِ وأطرافَ المِحنة
              ولاتدع الضّعف يمشي في ركابِـك.

              يابُــنيّ .. مِصباحُـك ذاتك
              وما أشرقَ فيكَ أشرقتْ بـه مِشكاتـك
              ذاك معنى "وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ "

              قال التلميذ:
              يَـاربّ هَـذا و هَـذا ؛ ثمّ هَـذا بعده
              سأظل أسأل مابقيتَ إلها.

              قال الشيخ: يـابُـنيّ ماكَـان الدّعاء ليُخطئ.. ولا تقديرِ الله يُبطئ
              فَقُـل : الّلهُـمّ بَشِّـرنا بانقضاءِ العُسر و مسرّة اليُسـر
              أعـوذُ بك أنْ تمضي أعوامي بلا مَدد
              لا حولَ ولا قوّة لقلبـي فتولّ قُـواه.


              كُـل دعاءٍ يهتزّ مِن دموعك يورِق الفَـرج
              وما بَذرتَـه سيخلقُ الله له غَيما !
              وما يكتب بريشة الدمع حاشا أن يمحى
              يا بني نور الأوراد للدعاء معراجا
              ولا زالَ في السّماء مُتّسع ؛ فقُـل :
              أعوذُ بالله مِن فَوات الأمَـل !
              سبحانـه "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ "
              ( ولأني صغيرة وقصيرة
              على أن أصل إلى قفل الغياب
              جلست بجانب الباب
              .)




              إلى كل عضو له عضوية في منتدى
              إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
              لمـــــــــــاذا !؟؟
              مهتـ منال محمد ــمة

              تعليق


              • Font Size
                #8
                رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود


                اللَّيـ 21 ــلةُ الحادية والعُشرون
                الوَلِيُّ الحَميدُ




                إلهـي .. ما بقيَ منه إلا رَشفاتٌ والحوائِجُ عَطشى
                فاجعل الّلهُـمّ مابقيَ مِن رمضَـان لنا زَمْـزَمـا.
                قرِّبْ خُطانا نحن العَطاشى إليكَ تحملُنا حَوائجنا
                ابسُـط وصِـالك إلينا وَهبْنا ليلةَ القَـدرِ
                عسَـى تُغيِّـرَ عيشًا للذي شَقِيَا


                إلهي ..الكونُ أجمَعـــه قِفلٌ
                وأسمَاؤك لهذا الكَـــون مِفتاحُ


                إلهـي ..كُـلّ الدّروب بدونِ فَتحِك تَنغَـلِق
                وكُـلّ الحُصون بدونِ عَونك تَنهدِم
                إن قلتَ لسؤلي لبّيكَـ قال الكَون آميـنا
                وما كنتُ لا أملكه على الثّرى صار بين يديَّ كَـوثَـرا.

                إلهي.. جِئتكَ مِن رَجفة الشَّوق مِن أنّـاتِ مَسبحتي
                أسمع ضجيج الشوق في قلبي
                أسيرُ إليكَ فَتُنبت في الخُطى نِعـمٌ
                و كلّما مَددتُ كفّـي للسّما مُتسوّلاً رأيتُ يَباس العُمر مُنًى يانعة.


                يَـا أبنائـي .. هَـذي ليالي القدر
                المَواهب فيها تفوقُ المكاسِب
                فكُـن لها "حَـرساً شَـديـداً"
                أوقِـد جَمرك واطلُـب مِن الله حُلمًا واسعا.

                يَـاربّ ..
                تاقَت أعمارنا لليلةِ القَـد وحنّت مآقينا.


                قال تلميذ:
                يَـاربّ نازحِون مِن أحزاننا لليلةِ القدر
                نازحِون بالدّمعِ والجُوعِ والفَقر.


                قال الشيخ:
                ما بعدَ المُناجاةِ
                إلا زوال المُعاناة
                .

                يابُـنيّ ..
                الواقِفون على بابِ الله طَـويلاً سَيسقيهم الإجابة سَلسبيلا
                فاسأله باليقيـن
                إنّ اليقينَ مَركب التَّمكين والله غالبُ الغالبين "ولَتعلمنَّ نبأه بعد حين"
                والله مَن يختارُ لِعبده عند الإجابة في أصلَح الزّمن لا أسرَعه
                "وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " فولّه شأنك
                وعلِّـق أملَك بمولاكَ يُبلغك مُناك
                ولا تخشَ مِن غَـمٍّ عارِض.

                يابُــنيّ .. ولّـهِ أمرَك بِطَـرحِ أمرك !

                قال التلميذ:
                للهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا "
                دلنا كيف نبلُـغ ولايته !

                قال الشّيخ :
                إذا تولّاك لا أنتَ أنتَ ولا ذاكَ ذاك
                ترى مِن غَيب الغيبِ ما يمسحُ عَن عين القلـب قَذاها
                تتودّد إليه بالنّوافلفإذا بِصُبح المُعجزات والأماني تسيل !
                تُسافِـر مُشتاقاً لمغفرةٍ فإذا العَفو يتّقد

                قُـل لَـه: جِئتكَ مِن وهْني وكُـلّـي ووجعي وأنفاس دَمـي
                موقناً أنّـك تَسمع الآهات مِن ألمي


                يابُـنيّ .. قيمةُ العبد عند ربّـه حديثُ قلبه
                وإذا القلبُ تخلّى فَمِن الله تحلّى
                والله يُظهر مِن القلـب ما نَوى
                فإن كنتَ بالله أمدّك بالقُوى
                تولى داوود فقال: " يَـا جبالُ أوّبي مَعه" مَـن يبلُـغ ذاكَ المُرتقى ؟!
                ثم أكرمه " وألنّـا لَـه الحَديد" ذاكَ دربٌ لا يضلُّ صاحبه ولا يشقى

                يابني .. الانتهاء في حُسـن الابتداء فاشدد حبالَك "بالعُروةِ الوُثقى"
                وقل: أنت الولي فتولني فيمن توليت.

                للهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا "
                عنايته بِهم واقيةٌ لهم مِن كُل ما يَخافون، وجالبة لهم جَميع ما يرجون

                قال التلميذ : زِدْنَـا.
                قال الشيخ: مَنْ عَمِلَ بِعِلْمِ الرِّوَايَةِ وَرِثَ مقام الرِّعَايَةِ
                ومابعد الرعاية إلا الهداية
                فاستمسِك بالذي أُوحيَ إليكـ.

                افهَم المَعنـى ..
                اكفِني عَينكـ أكفِـكَ قلبكـ
                واكفني شَهوتكـ أكفِـك حاجَـتكـ
                فالْتَمِسْ رِضْوَانَهُ فِي تَرْكِ مَنَاهِيهِ
                ولا يكن سَيرك في غير خَـيرك

                والله يابُـنيّ
                ما أرى بعد التّهاون إلا بَـدء الفَواجـِع !

                قال التلميذ: ما علامَـات الولايـة ؟

                قال الشيخ: نَهارك على آثـار ليلِك
                وسيماءُ كُـل وجهٍ فيما أقبلَ عليه
                وإن أرادَك وجّهك للعمل وأعانك


                قال التلميذ:
                قَدمٌ على قَدم وقلبي يتحسّـس الطريق.

                قال الشيخ :
                إذا كُنتَ وليّ طاعته كان وليّـكـ
                ربما يمنعُ عنكَـ .. ثمّ يَمنحُ لكـ
                وما زالَ منكَ زال عنكـ .


                فاسْتَرِحِ مَعَ اللهِ وَلَا تَسْتَرِحْ عَنِ الله
                فَإِنَّ مَنِ اسْتَرَاحَ مَعَ اللهِ نَجَا
                وَمَنِ اسْتَرَاحَ عَنِ اللهِ هَلَكَ.

                قال التلميذ :
                أسألك أنْ لا أرى في نيّتي إلاكَـ.

                قال الشيخ:
                إذنْ .. لا تكُـن عبدَ السُّؤالِ وكُـن عبدَ الله
                قُـم إلى اللهِ يُعطِك ما تسأل ..
                ولا تَقُم للسُّـؤالِ فربّما منعَ وربّما أعطَـى !

                فقُـل: أنتَ وليّنا .. لا نسألك دفـع ما تُريد ولكن نسألك التّـأييد
                بروحٍ مِن عندكَ فيما تريد.


                يابُنـيّ ..
                متى خابَ مَن كان له مدبّـرًا ومتى خُذِلَ مَن كَـان لـه منتصرًا !

                قال التلميذ:
                يامَـولاي .. أجيءُ كالمَـدّ غيرَ مُنقطِـع
                أرجو اتّصالاً لِآهٍ أوجعتْ قلبــي.


                قال الشيخ .. قُـل لـه:
                إنّـي أُبتليتُ فأعِـد قلبي إلـيَ !

                يابُنــيّ .. ماكل مفتونٍ يُعاجَـل
                قد يبتليكَ بمرارة التّيه لِتَعرف حلاوة المعيّة
                فقُـل له:
                أعوذُ بك مِن أنْ يضلّ قلبي القِبلة
                ياربّ .. الهَـوى يَشُـدّ عيني ؛ فوجِّـه نحو دربك ناظـراي
                وتتبّـع بلُطفك مجـرى الفتِنة في قلبـي
                كُـن لقلبي .. إنّـي في سَـترِك اختبئ وعلى عفوك اتَّكـئ.


                يابُــنيّ ..
                قلـبٌ يواري شوقَـه في صَبره ؛ أينساهُ الله ؟!

                فقال التلميذ:
                الّلهُـمّ ثبّتني على ديني
                لأبقـى قَويًّا لا تُزعزعه الدّواهـي.


                قال الشيخ:
                يابُـنيّ .. ما استُنبت في بطـن الإخلاص تمّ له النّبـات
                وسابقة العمل الصالح تَقي مِـن مزالِـق الرّيْب
                وخُطى الصّادقين لا تُمحى.

                يابُــنيّ ..
                ماذا تخشى المِشكاةُ إن كان زيتها يستضيء بنور ربّها
                لو أغلَق الليلُ عليها كل النوافذ
                ومن يتّقد بالله لا يُطفئه شيء.

                قال التلميذ:
                أنتَ وليي فَـعُد بقلبـي .. لا تكلنـي إليّ
                "نجّنا برَحمتك "ولا تُهلكنا بِحرمانِـك
                وهبْنا روحُ الرِّضا ونعيم التّفويض.


                قال الشيخُ قُـل :
                الّلهُـمّ أنتَ الوليّ الحميد، الربّ المَجيد، الفعّـال لما تُريد
                تَعلمُ فَرحَنا .. بماذا، وِلماذا، وعلى مَاذا
                نعوذ بك مِن أثوابٍ تعرّينا، وممّا يَهتك سَتْـرنا فينا ومِن أنْ يرتَدّ فَرحنا تَـأبينا.




                اللَّيـ 22 ــلةُ الثانية والعشرون
                الجَمِيلُ




                هَذي ليلةُ الغَنيمة
                فتَخــفّفوا، تَلحَـقوا
                والعَفوُ يَضعُ عنكَ أثقالَكـ

                فَقُـل لَـه :
                إلهـي .. جئتكَ مَن فسحة الحُـب
                أشتاقُـكَ ودَمـعُ الشّـوقِ مُنسابُ
                لدربك هَذا القلبُ يحبو
                أعِـدني مِـن ضَعفـي إليّـا !


                حملتُ اليقيـنَ فـي نبضي فلَـم أخـشَ جَـدبـاً أو بلايـا
                الّليـلُ يمضي بي إليكَـ فأراكَ جَميلاً في الحَـنايـا
                وأنّى ارتحلتُ رأيتُ يديكَـ شاهقةَ العطايا.

                يَا مَـن يَمُـدّ يَـده في الأسحار لِـمن استجَـار
                هذه ليالُ القَـدر فَهبْنا فيها الجَبـر.

                يَـاربّـي ..
                أنت السّبيلُ إذا القلوبُ توقّفت أنفاسها
                وإذا غاصَت في الضّنى ؛ فتعثّرت أقدامها
                وإذا الربيعُ تأخّر وباحت الرّوح بأحزانها !
                إن ترضَـى عنّـي فلا أُبالـي
                رجائي أنتَ إن قَطعوا حِبالــي


                يَـا أبنائــي .. دعوةٌ تبثها لله باليقيـن تأهّبْ لها
                وانهض من حُـزنك فـإنّ الإجابًة على مَـرمـى يقينـك
                واهدأ في محرابك ودع قلبك يلتقطُ أنفاسه


                يابُـنـيّ .. أنت محمولٌ فلا تكُ حامـلًا
                أراد راحتك فلا تكُ مُتعِـبًا لنفسك
                فقُـل لـه : هبْنـي دُروبِي وأرني الغيث النّـديّ
                وبفضلٍ منكَ ربِّي فاهدنِي وانظُر إليَّ


                مَن دبّـرك في ظُلمات الأحشاء، وأعطاك بعدَ الوجود ما تشاء
                لا ينبغي لكَ أن تنازعه فيما يشاء ..

                فقُـل : رضِّ فؤادي بالذي تقضـي.

                قال التلميذ: يَـاربّ ما شئتَ شَـاء قلبـي
                ولكنْ ظنّـي فيك جَميلا


                قال الشيخ:
                إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ رزقَ مَن غَفل عنه وعصاه
                فكيف لا يرزق مَـن أطاعَـه ورعَـاه !

                سبحانــه .. هو الجميل في ثوابه
                فيا دَهشة القلـب والنّعيم ينساب
                والجنّة تهمسُ للمؤمنين حديثَ مشتاقٍ لمشتاق
                تعبقُ ألوانُ النّعيم وتمضي حسنةً نحو حسنة
                وترى الحُقول نديّة مُحتشدة بنورٍ يفيض

                تتّقد دموع السّحر أنواراً مُشتعلة وتسقى بها رياحيـن الجنة
                وتنـثرُ بذور الحِسنات في تُربة القبول !

                قال التلميذ:
                ياليتني أفنـي عُمري سُقيا لذاك الوعــد

                قال الشيخ:
                يـا أبنائـي .. طوبى لمن عرفِ الهوى فثبتَ على الهدى وما انثنى
                طوبى لمن اتّخذوا الدنيا طريقًا فرحلوا بها عنها

                قال التلميذ:
                يا ويحَ قلبي لو كان قَصاص الذّنوب أن يُحجَب عنكـ !

                قال الشيخ:
                "تِلك الدّار الآخِرة" لا تصلُح للمفاليس
                فإيّـاكـ أن تخرُج إلى الآخرة أعـزل !

                قال التلميذ:
                يـاربّ .. تَسمع قلبـي قبل صوتـي
                يـاربّ .. أراكَ في لغةِ الوجود وروحي تُـبدي لك شوقا
                والحُب حُـبّك ماحييت وحنيني إليك يزيد
                فاجعل الجنّة موطن شهواتنا، والميزان عِـزّنـا، والقَـبر راحتنا.


                قال الشيخ:
                سبحانــه جميلٌ في عطائه
                فادعُ دعـاءً يُزعزع ما ترسّخ من ظنُونك
                واهدم به ما تَماسك مِن شكوككـ واعبُـر به منك إليه

                وقُــل :
                الله. الله ربّـي لا أُشرك بـه شيئا
                الله. الله ربّـي له الصِّفات الحسُنى .

                واللهِ ..
                بعضُ الدّعـاء تتزاحم فيه أيدي الملائكة كَـي تكتبه
                فإذا أتى أمر الله جثى الفؤاد تبتُّـلاً وسُجـوداً.


                قال التلميذ:
                يَـاربّ اجعل فقري إليك شَفيعا
                اللهمّ انقلنا من الحِيرة إلى اليقيـن
                اجعلنا من أهل الوهْب لا من أهل السّلب
                فأنت للقلبِ أمانُـهُ تحفظُ من تشَـاء وأنتَ حسيبه.


                قال الشيخ :
                يابُــنيّ .. " مُخالَفة الهوى تُقِيم العبد في مقامِ
                من لو أقسمَ على الله لأبرَّه ..
                فيقضي لهُ مِن الحَوَائِج أضعافَ أضعافَ ما فاته من هَوَاه "

                سُبحانــه هو الجميلُ في إحسانه
                وإذا رزقك الوصول ؛ فقد أكرمك بالدخول
                سبحانه بِالْجُوْدِ مَعْرُوفٌ ؛ وَالْعَبْدُ بِالفقر مَوْصُوفٌ
                فقُـل: جُـد علينا يا الله ودًّا وحُـبّــا

                يابُــنيّ ..
                إن ذُقت الآخرة فـاح فيك نعيمها من حيثُ تدري و لا تدري
                تصلـك بركاتها ؛ ومالم يكُن مُمكناً أمكَـنا
                تأتي مَشياً ؛ فيجيءُ سَعيا
                ويجزي خَطوة المضطرّ باعًـا

                ولو كانت ذنوبُكَ مِلْءَ وادِ سيغفرُها الذي قالَ "نَبِّئْ عبادي"
                فألقِ إليه سَمْعك يأتك منه المزيد ..
                وأصغ إليه بقلبك ؛ فهو عنكَ ليس ببعيد !

                سبحانه هو الجميلُ في أقداره
                قدَّرها عليهم شَدائد فشاءها لهم فوائِـد
                والمصائب هِـبات "وأيّدَهُم بروحٍ منه"
                فقُــل لــه : إنّـي أريدُ ما تريد.

                هو الجميلُ يريد ُبكم اليُسر ولا يُـريـد بـنا العُسـر
                "وإذا أتتك أيام المـِنن فلا تغتـرّ
                وإذا أتتك أيام المِحَـن فلا تفتـر
                "

                هو الله الجميلُ تجري به سفينةُ النّـاجيـنَ مِنْ وجَـع
                يابني ربما تبدو العاقبةُ غائبة والأقدار غالبة
                لكن ألا يكفيكَ منه " قَد نرى تقلُّب وجهِك في السّماء"
                ومن صدقت سريرته صفتْ بصيرته
                فيرى الشِّـدة منه للعبَد كالمِسك تسحَقه الأكُـفّ فَيعبق.

                بكَـى تلميذٌ وقـال:
                يا غاية السُّؤل والأماني
                قرِّب لنا الوصل والتداني


                فقال الشيخ:
                دعْ الدّمعة فاللهُ أعلم بِمَجراها وعلى أيِّ الهُموم مَـرسـاهـا
                يابُــنيّ .. حفظكَ الله على كُـل جنب وفرّج عنك كل كَرب
                وغفر لك كُـل ذنب، وجعل الله ما أهمّك مفتاحٌ ما تُحِب
                هو الجميل لأوليائه وإذَا صَحَّ الِافْتِقَارُ إليه صَحَّتِ الْعِنَايَةُ منه.

                قال التلميذ:
                اللهُـم اسقِني ودّاً، وحناناً، وعطَـاءً

                قال الشيخ:
                يابُــنيّ .. ابحثْ عن بعضك المَدفون في العَجـز
                وإذا دَنت لحظة الرّحيل وتَلتْ أعمالك الصَّحائف
                فلتكُ عبداً أتمّ صَـلاة الثبات
                وأسقطَ عَصر الهَزائم ..
                قلـبٌ معقودٌ على الطـاعـة وفـي دَرب الرِّسالات قـادَ القَوافـل !

                ثمّ نظر إلينا الشيخ وقال:
                مَـن جَـدّ أدرَكـ والعافيةُ تُستَدرَكـ
                فادرِكـوا زمَـن العطَـايَـا.



                اللَّيـ 23 ــلةُ الثالثة والعشرون
                الرَّفيقُ




                تنهمرُ الخَزائِـنُ
                فارفَع يَديك واسأل المُستحيل .. واطلُب منتهى الأمَـل !
                هذي ليالي السّنـابل ودعاء مَن بَـذروا
                اسأله قَمح الأحلام وجوع القلـب وانتظارٌ أثقَـل الدّمعا !

                يا أبنائــي ..
                في ليلة القَدر ضُروع الغَيب لا تنضب
                وما جفّ مِن أحلامنا يعشب
                وما بعد الدعاء أقـرب .. فتناول أسرارها بالدعاء
                إن مُناجاةُ الأسحار
                تُغالِب الأقدار، ويتعافى بعدها ماكانَ مُتهدّما

                وأَدْمِنْ لدَىٰ البابِ قَرْعًا
                حتى يحين الوَقْـتُ أنْ تَـلِـجَـا

                و مَن سجَد وجَـد

                فابسُط القلب لله وأرسله
                وارسم بالدعاء خارطة العمر.

                ومن استنزلّ البركات وُهِب النّفحات.
                وفي المِحراب
                مِنحٌ للمُعتكِف

                هذا شهـرٌ أوّلـه الحُـبُّ وآخِـره انعتـاق
                والأزمنة الفاضِلة ؛ آخِـرها أفضل من أوّلها
                و إذا يَبستْ الصُّحف فاسقها رمَضانَـا
                فهنيئًا ثم هنيئاً لمن على صلواتٍ بيضاء شَدّوا رحالهم !

                قال تلميذ:
                يَـارب .. أنـا الآتي إلى فسحةِ الأمَـل
                سوى أُحبّـك لا عَمل يقرّبني ولا طَريق ترتَاده قدمي

                يَـارب ..
                حسبي به حسبُ

                يَـاربّ ..
                رفعتُ الحُلم في يدي فأرني الإجابةَ في غَـدي
                مَـن لي سِـواكـ يامَـولاي مَـن لي سِـواكـ


                قال الشيخ:
                هو الرّفيق بنا " يُدبِّرُ الأَمْر "
                آيةٌ إن سكَنتْ قلبَكَ أسكنته !

                يابُــنيّ .. كُـل الهُموم الله يَكفيها
                وإنْ أعجزَتك أمنية فلا تترك تمَنّيها
                فَـالله إن شاءَ إليكَ يُدنيها
                وما بعدَ الهمُوم إلا نِعـَمٌ مَخبوءة.

                قال التلميذ:
                إنْ قلتُ يَـا الله أطلّ كُـل كلّـي على مَـدى إحسانِـك
                يا مَن خَفِيَ عن أبصارنـا رأيناك في كُـلِّ فعلٍ مُحسِنا
                نجواي لكَ وسِـرّي بيـن يديـك
                أُناديكَ إيّـاكَ إيّـاكَ ولاشَـيء سِـواكـ


                قال الشيخ:
                أنتَ الرّفيق في الحِـلّ والتّـرحَــال
                وإذا افتقر العبدُ إلى الله انفتحَ له الطريق
                ومَن صَدق توكّله على الله في حصول شيءٍ نالَـه


                و هو الرّفيق في أوجاعنا ..
                تدعوهُ فتسمعُ نبض الإجابة في راحتيك
                فتشبّث بالدّعـاء ولاتَهـن
                إنّ أدقَّ خيطٍ مِن خُيوط توسّلنا ؛ هو أغلظُ حبلٍ مِن حِـبال نجَـاتِنا ..
                فَـزِد في الدعاءِ ؛ يُنجيك ممّـا لاتَـرى مِن لظَـى الأكـدار !

                قال التلميذ:
                أنت الرفيق الحنان الكريم
                فامـلأ صَحني بخبزِ العافية وأسكِـنّي العافية.


                قال الشيخ:
                هو الرّفيق الرّحيـم
                يابُــنيّ .. ليلٌ يسري، وقَـدرٌ يجري وقلبُ المؤمن حِمى الله
                فيصرف عنه مايدنّسه وهو لا يَـدري
                فيَـا ويحَ قلـبٍ ما ذاقَ عِـرفانَـك

                قال التلميذ:
                تأخّـرتُ عن الوصـل ولم أصِـل !

                قال الشيخ:
                هو الرفيق يمـدّ يَـده بحبلِ الودّ فاعبُـر بـه إليه
                وقُـل : يَـاربّ افتح بَـابَ الرضـى كـيْ تطيـبَ الحـَياة
                إن آنستَ في قلبكَ نوراً
                فارفع راحتيكَ فتلك آيـةُ الوصـل !

                قال التلميذ:
                يَـاربّ يأسِـر عيني زَهو المَتـاع
                أعنّي كَـي أعبُر إليكـ


                قال الشيخ :
                يابُــنيّ .. إنّ الله إذا كلّـفَ أعَـان
                هو الرّفيق في الفِـتَن ..
                وإذا أرادَ بك خَـيراً ألهمَك الاستعانة

                يابُــنيّ ..
                إذا وقَعت الفِتَـن فلا تخضْ فيما يخوضُ فيه الخائِضُـون !

                قال التلميذ:
                كيفَ فُـتِنُـوا ؟

                قال الشيخ :
                لِكُـلّ قلـبٍ فِتنة .. وقَـد رأينَا مَـن باعَ دينَه بـدِينـار ، وضَـاع في تِـيه الغَـنائِـم !

                يابُــنيّ ..
                مَن اشتغلَ بالدِّيـن لَـنفسه خَـذلنـاه
                ومن اشتغَـلَ بالدِّيـن لنَـا رفَعناه
                ومَنْ عَـزَّ عليه دينه تَورَّعَ
                ومَنْ هَانَ عَليه دينُه تَبرَّع

                فَـقُـل :
                الّلهُـمّ إذا أطلّـتْ عَتمة الفِتـن
                فاجعلنـي لدَسائِـس شَيطانها شِهابها


                قال التلميذ:
                الّلهُـمّ أقِـمْ قلبـي على مايُرضيك.

                قال الشيخ:
                أشرَفُ الرِّبـاط أنْ تُرابط على ثَغـر قلبِك
                فلا يؤتى مَقامك منه !

                يابُــنيّ ..
                التّنازل في الفِتَـن لا يَدعَـك حتى تَنتكِـس !

                قال التلميذ:
                أيُّ الفِتنة أشَـدّ ؟؟

                قال الشيخ :
                أن يُعرَض على الإنسان الخيـر والشَّـر
                ولا يَدري أيُّهما يَتبَـع !

                فَـقُـل :
                يَـاربّ ذَكِّـرنا بِـك قبلَ هُجوم خَطراتها
                واحمِلنا على النّجـاة منها ومِن طَرائقها.


                كُـن ممَّن جَعلـوا الشّيطَـان يَحيا فـي مَخَـاضِ اليَـأس.

                قال التلميذ:
                الّلهُـمّ إنْ لمْ يقَع عمَلي مِن قَبولك مَوقعاً
                فاستُـر ما ردَدتَ


                قال الشيخ:
                الّلهُـمّ أنتَ الرّفيق في الحيَـاةِ وعند الموت
                فارأفْ بنا عند الشّـدائِـد ونُزولها، وأرِحنا مِن هُموم الدُّنيا وغُمومها
                بالرّوح والرّيحان إلى الجنّة ونَعميها
                واجعلنا عند الموت حسنةً تفوح ثباتَـاً وسيـرة.


                قال التلميذ:
                عَفـوكَـ لستُ أرى مأوى يُواري خَطيئتـي.

                قال الشيخ:
                يابُنـيّ .. حسنةٌ حديثةٌ لِسَيّئةٍ قَديمة
                ثُـمّ قُـل: نسألك التوبة ودَوامها ونعوذُ بك مِن المَعصية وأسبابها

                قال التلميذ:
                الّلهُـمّ إنّـه غَشِيَنا مِن الهَـمّ ما غَشِيَنا
                يَـاربّ يرحَـلُ سُؤلنا خِماصَـا فلا تَردّه علينا إلا بِطـانَـا
                يَـاربّ عالِـقٌ عَبدك فـي يَـبس يَـومِـه
                ارفق بنا ولا تحملنا ما لا نطيق


                قال الشيخ:
                واللهِ لولا مَصائب الدُّنيا لوردنَـا الآخِـرةَ مَفاليـس
                فقُـل :يَـاربّ أذهِب اليَـبس وأذهِب البَـأس
                وبالدعـاء نواري سَوءة البُـؤس.

                يابُــنيّ ..
                إذا زادَ الجُـرح وَسعا آنَـس فـي دُجَـى القيـامِ أمنَـا.

                قال التلميذ:
                الّلهُـمّ الدعـاء الذي لَـزِم المآقـي فأحـرَق
                وكَـربٌ تربّص بالعُـيونِ فأرَّق
                أنت الرفيق فارفق.


                قال الشيخ:
                إنْ سَـالَ فـي قلبك ليـلُ الغَسق
                تعـوّذ منـه بِـرَبّ الفَلَـق
                وَردِّد " لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا "


                إنْ كَـانَ معـاكَـ
                فمَا كَـان هُناكَـ بِقُدرته صَـار هُـنـا


                اللَّيـ 24 ــلةُ الرابعة والعشرون
                العَليّ الأعلَى




                هاتِ الفَـرح يا ليلةَ القدر
                هاتِ مواسِـم العِطـرِ
                ومَـن يدري؟
                لعلَّ الفَرج في كفّيكـ مَن يدري؟!

                هذا زمانٌ يَكتب للروحِ تاريخاً لا يَفنـى
                ليلةٌ.. أنفاس الملائكة في أزمانها و أريجُ القُبول في نواحيها

                وإذا العَليّ اصطَفى جعلَ الوُفـودَ أخـيـرَها دانيها
                والدِّلاء الآيسة في غَيثها وافرة
                وإذا تفضّل الوهّـاب سقَطت الأسباب
                ورأيتَ الآمال المُلقاة على قارعةِ اليأس ريّـانة بالغَيث !

                وماكنتَ حائرًا فيه يكون أو لا يكون
                وما كان في الغارِ موطنه صار الأُفْق لـه مُتّسعًا !

                يا أبنائـي .. لِـيُنفق كُـل ما تيسّـرَ مِن دمعه .. من أنينه
                والقلـب يشهد على مآقينا
                في ليلة القدر ترتفع الصّحف بالقبول
                تتهادى على أيدي الملائكَـة ..
                تنساب الحَسنات إليكـ ويخضرّ من عمرك ما كـان يابسا !
                فكُن مترقبًا لوعد الله .. فاللهُ إذا وعد أوفـى.
                ومن توجّه لله بالطلب اكتفَـى.

                قال التلميذ:
                أتيتُ .. يُدْنِينِـي الرَّجاءُ وأنتَ اللهُ تَفْـعَـلُ ما تَشَـاءُ
                إنْ عنك َمضيتُ ألَـديّ حياة إنْ نأيْت ؟!

                قال الشيخ:
                مـباركٌ للمُدلجين طلعةَ الفجـر
                وإذا بَـرَق الأجرُ ؛ قال الغافِـل : "ياليتَني كنتُ مَعهم"

                هو الله العليّ الأعلى
                ومَن علتْ همّته ارتفعتْ عزيمته !

                هو العليّ ..
                مَـن سابَـق إليه سبَـق .. ومَن لاحَق التحَق .. ومَـن رافَـق ارتفَق
                والكَسلُ مطيّة الخَيبة
                وعلى قَدر السّبق إلى العليّ تؤتى المِنَح
                "أَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ"

                قال التلميذ:
                يا مَن يجزي بالودّ ودّاً والحبّ حُـبًّا
                وبالحَمد مزيدا ، وبالإقبال قَـبولا !


                قال الشيخ:
                تذوقُ فتشتاقُ .. فتلوذ به فتورِق
                ذاك قلبٌ متّكئ على جدار الغَيب
                تسأله عن الله فتنصت لنحيب حنينه
                أولئك يابني من ارتفعوا حَتى وصَلوا.

                قال التلميذ:
                اللهُـمّ ودّاً .

                قال الشيخ:
                إذا قَبِـلَ الله العبد رأيته يسعى في الأجـر
                وأوّل القَبول أن توهَـب العَفو !

                يابُنــيّ ..
                إذا وضعَ عنك أوزار عمرك رفعَ لك ذكـرك، و يسّـر لك أمرك
                فقُـل :
                اللهُـمّ العَفو بَدل القَصاص .. فذاك مقام الاختصاص
                فإنْ وهبكَ العفو ؛ فاسأله مقعد الرضـى ..
                وقُـل لــه :
                أنت الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ .. امضِ بي على دَرج طاعتك
                فأدرَجُ بك ولا أقِف حتى أبلُغَ مالديكـ.

                يابُــنيّ ..
                مِـن (غُـرّة) الحَمدحتى مِسك (النّـاس) (مفاتح الغَيب) في أسرار إكرامـه
                أتظنّ يابُــنيّ أنّ قلباً اصطفاه الله وعاءً للوحـي والمناجاة أيشقَـى ؟!
                حاشَـا وكَــلّا !

                هو العليّ .. إذا تولّـى أعتقَـا
                حتى يُقال ؛ اتلُ ورتّـل وارتَـق نُنجيك مِـن كُـل ضيقٍ ضيّق ..
                يفيضُ النُّـور من { بِسْمِ } حتى { النّـاس } ؛ إذا رتّـلتَ آيَـها !

                قال التلميذ: أنت العليُّ سُبحانـك
                ‏‏مُتدثّرون بحبّـك يا ﷲ ولا زاد لنا إلا الدعـا
                إن تقْصِيني فمِلْء عَيْنِيَ حَيـائي.


                قال الشيخ:
                العاصي يتولّـى والطائع يترقّـى
                وإن تولّى القوم فاغنَـم السّبق
                ومن أهمّه في العمل الإخفاء نالَ مقام الاصطفاء .

                ومن اصطفاهُ الله في البدايات سلّمه في النّهايات وأكرمه بالزّيادات
                وإليه لا يعلو الزبَـد.

                تنهّـد التلميذُ وقال:
                اللهُـمّ أنت العليّ فارفعنا ولا تَضعنا.
                قال الشيخ:
                أوّل الطريق عناية .. وخاتمته ولايـة
                فاجعلْ عمرك معنى السّـوَر .. رتِّـله خطـىً وسلوكاً

                قومٌ إذا صلّوا ظلّت الأرض تشهد لهم
                يابني .. صلِّ بسورة الأحزاب هذي صلاةُ المرحلة !
                يابُنـيّ .. تحجّ الأجور لمن صلّوا صلاة الثّـبات
                والمُرجفون يهزّون أسوارنا
                لمن صلّوا على الرّمضاء أئِمّة ؛ وسقوا الظامئيـن يقينا ..
                لمن شاؤوا العُـمر مِعراجـا ..
                علَـوا ؛ فأقدامهم على الآرائك مَجراها ، وفي أعلى عليين مَرساها !

                بكـى تلميذٌ وقال :
                أنتَ العلـيّ فبَلِّغنا.

                قال الشيخ:
                يابُــنيّ .. الأمـر في البداية العَمل على السلامة
                ثمّ يرتقي فيكون سعيه في الغنيمة.
                ثُـمّ تَـراه مِن أهل القَـرض"وأقرَضوا الله قرضاً حسَنا"
                وذلك مُنتهى الرِّبح
                ثـمّ مَــاذا ؟
                ثمّ تكون الكَـرامة (لهم عندي إذا قَـدموا على أنْ أُجِلَّ مَنصبهم
                وأُعْلِي مَحلهم، وأنشُـر ألوية المَجد عليهم)

                تأوّهَ التلميذ وقال:
                ما أبيـنَ الحُـب في مدامِع القَـلب ..
                ياربّ .. أقعَدني الذّنب عن رِفقة حَثوا لِـرضوانك المطايا !

                قال الشيخ:
                إقبالُ العِـباد ؛ بِحَسب القَبول والاستعداد ..
                وإذا أرادَ أن يرفعك مِن مقامٍ إلى مقام ؛ وَهبكَ هِمّـة أعلـى !

                هو العليّ .. إذا رفَـعَ ألحقَ العاجز بالقَـادر
                وقُـل : يـالله يَـا عليّ يا وهّــاب
                هَبْـنا العُـلا واجعل عَـدانـا الدُّونا .


                قال التلميذ:
                ياربّ .. أُناجيك في سرّائها وضَرائها.

                يابُــنيّ ..إذا أحَـبّ اللهُ عبداً ابتلاه، فإن صبَـر اجتباه
                وإن رَضِي علّاه واصطَفاه .


                إنْ سلّمتَ إليه قَرّبَـك .. وإنْ نازعتَـه أبعَـدَك.

                ربّما كنتَ مِن أهل السّبق فثنّـاكـ !
                وهمّه أنْ يَقطعكَ عمّـا أخرجَ منه أبَـاكـ.

                ليس لِـرَحْـلٍ حطّه اللهُ مِـن حامِـل
                فاشدُد على جَـمر دينك إنّـه زمن الفتـن !

                يابني ليكُـن همّك مِن سفَرك إليه ؛ معرفتك كيف ترتفع إليه
                والنّهايات كلّها لله.

                قال التلميذ:
                اللهُـمّ لا تَسلبنا بَعد العَطاء
                واجعل سـترك لمساوئِنا غِـطـاء.
                اللهُمّ يا عليّ يا كريم
                مكّـن لنا في الأرض تَمكينا.


                قال الشيخ:
                وظنّـي بهِ حين يدنو الـبلاء كَـريمٌ
                يُرى جودُه في المِحـنْ
                حاشَـا لدعاء السّحر أنْ يَخيب
                ومَن رمَـى بالدُّعـاء ؛ سُـدِّد

                فَقومُوا إلى سِهامِكم يرحَمكم الله !


                اللَّيـ 25 ــلةُ الخامسة والعشرون
                القَريـب




                سَـلامٌ على الذاهبيـن إليه
                سَـلامٌ على السَّـائريـن العَطاشـى استطابوا المقام بين يديه !

                يتّسع الكَـون وتَمورُ السَّـماء بأشواقِ المُقبلـين عليه
                تنثـر الّليلة غَيم الإجابة ويسيلُ الشَّـوق دمعاً إليه.

                يهتف محزونٌ روَى اللهُ انتظـاري
                فتشتهي الجنة دمع عينيه

                اجمعنا اللهُـمّ عليك
                يامَـن إليك القلوب مُفضية والآمـال راجية.


                تحمل الملائكة دمع الأسحار وتسقي بها الدروب فتينع آمالها ..
                يرفع مشتاق كفّيه .. ياربّـي قلبـي يرفع راحتيه
                ذابت الروح شوقاً إليك ..
                أرِني أسماءَك فيما أخشى به البَـوح
                ياربّ إليك نأتي والتيسير يُجرينا.


                وعدٌ مِـن الله
                هذا الوعــد يكفينا.


                قال التلميذ: هـا أنذا مملوءٌ بشوقِ الأمنيات
                وعلى رصيف الشّوق أسكُـن هاهُـنا
                يَـاربّ ما لا نعلمه مِن (الآتي) تولّـه أنتَ
                واجعل العُمر طريقنا إليكـ.


                قال الشيخ:
                قِـف في ساحة الّليلة
                ولا تخفْ دركـا و لا تخشَ الغَرقا !

                يابُنـيّ ..
                متَى كان الضِّيق مَرتعًا للمعاناة كانت الظّلمة أجدر بالانبلاج
                هو القائِـل "إنّي قريب" فقم في الأسحار على قدم الاستغفار.

                يابُــنيّ ..
                الذين يغيبون في نعيم المُناجاة يبلُغون فوقَ ما نَصـِف
                تخضَـرّ لهم الـمُنـى، وتحملهم ريح الأسحار إلى زمنٍ يفيض نُورا
                ينهمر تسبيحهم ثوابـا في الغُـرف
                يقتربون من القريب وتكاد الّلهفة تضيء لهم ما وراء الغيب .

                تَحار في أجورهم الصّحف
                فيُكتب الحُـب حبّـاً، ويُكتب النّحيب نحيباً
                ثمّ يُختَم عليها إلى زمَـنٍ تصبح فيه الحُـروف حُـقولا.

                يؤتى بالدّمعة فتُبعث على هيئتها
                تشهد لعبدٍ أنّ متاعه في رَحله كان دمُوعا
                وترى في القيامة النّبض بما نَبضا مشهوداً ..وبالحُـبّ شَـهدا

                وتَسمعُ ثواب الصّـلاة ينهمرُ في الموازيـن
                فإذا النّعيم فوقَ الحَمد ومَن حَمِـدا
                وتُطوى الدنيا طَـيّا فَتتراءى الحسنات شفّافة في عروجها تهتـزّ نوراً لغائبها
                تهمس لك.. هذي الجنّة فاسأل ما تشَـاء
                وعلى "رفْرفٍ عبقريٍّ حِسان" تراه هنـاك يرتّل بصوتِ القبول: طِبتـــمْـ
                فتستلّ روحك وتهمي إليه .. يضمّك غيمٌ خفيف
                تضيق حروفك منَ سعة الشوق وتشتعل بكاء وتناديه :
                هبْ لي يدك يارسُـول الله أروي بها ظمئي

                مَسح الشيخ وجهه بِطَـرف كُـمّه ثمّ قال :
                ياربّ ..تقبّـل منّـا الحُـب.
                إنّ الحُـب قُربى لا تُتلى على ورَق
                الحُـب بَوح الرّوح ..
                فاملأ يا ولدي جِـرارك به عساها تبعث لك مبتلّة بحنيـنِ الله يَسمعه
                ربنـا.. أحببناكَ فقرِّبـنا إليك.

                بكى تلميذٌ وقال :
                ياربّ وافيتُ بابكَ فوجدتُ قلبـي بالشوق يتّـقد ..
                يا مَـن استوى على عرشه ؛ أسألك أن يستوي قلبي على قُـربك !

                قال الشيخ:
                أنت القريب إذا عَـرِقَ جبـيني وساخت قدمي ونضبَ وجهي
                أنت القريب لآهاتي المبحوحةُ مِن جرحي
                أنت القريب مَن عبدٍ كَـاد أن يغرق في بحـر البُـعدِ
                أنت القريب فيا مَـن نجّى موسى بِخَفِـيّ الألطاف نَجِّني ممّـا أخاف
                أنت القريب فزمِّـل روحي من هَجمة الغَسق ومِن وسواس الجَـزع !


                قال التلميذ:
                أنت القريب إذا سالَ الشّـك في قلبي وخنقني ارتباك البَـوح ياربّـي
                أنت القريب إذا أضرَمت الآهُ بعـد الآهِ بالحرمان في قلبـي
                أنت القريبُ السمّيع والصّمت يملكـني ويَهلكني
                أنت القريبُ الرّحيم والحُـزن في قلبـي مُكدّس
                أنت القريب الرّازق إذا بلغتُ باليأس حافّـة الصّـبر


                قال الشيخ:
                الإيمانُ.. أن تدعو رغم صَمت الأبواب المُقفَلة

                قال التلميذ:
                أهتِفُ يَـا الله فيخنقني نَحيبي وشوقي ليس ينقطعُ
                أهتفُ ياربّـي أمُـدّها حتى تبلغَ العـرش واخفض جناحي !

                قال الشيخ:
                يابُــنيّ .. إنّ لك ربًّـا يواسي حُـزن الخائفيـن
                أنت القريب وأنتَ تواري دمعةً الله يَدريها!
                ومَن كان الله همّه بورك له في حظّـه
                لا تخف الأماني بِقُربٍ رغم البعدِ

                قال التلميذ:
                أضعتُ نفسي فأرجعني إليك !

                قال الشيخ:
                تنسكبُ لك الخزائـن فضلًا إذا غادرتَ منفاكَ

                يابُـنيّ .. الذين يتكبّدون عناء الوصول لله يبلُـغون
                والذلّ ثمَـن الوصْـل ..
                إنّ الله يجزي مَن يحمل رَحـله للآخـرة ؛ وماله إلا الدموع متاعـه !

                هو القريب الرّحيم الكريم
                فبادر أيامك واحذَر آثامك ، واجعل دُنياك رحلة الأجـر

                قال التلميذ:
                كرَمـك أعظم مِن ذنبي وَعفوك أعظم من عُـذري
                أعوذُ بك من حسرةٍ لا تُقال ، وتوبةٍ لا تُـنـال
                اللهُـم اجعل الجنّة نصيبي واجعل مع صَدقتك عليّ ودّا


                قال الشيخ:
                إنْ شئتَ ودّ القُـرب فوالله ما دون القُـرآن مِـن قُـرب ولا بَـعده بُـعد !

                قال التلميذ:
                ثُـمّ مَـاذا ؟

                قال الشيخ:
                ومِـن الفاتحة يبدأ كُـل شَـيء
                كلّما أكثرتَ (الحَـمد) قال الوعـد لـك :(سَـمِـع اللهُ لِـمَن حَـمِـده)
                والحـَمدُ مَـدارج القُـرب وراعِ يابني الأدَب
                فإنْ كان القَـدر لكـ فلا تبطَـر
                وان كَـان عليكَـ فلا تضجَـر
                إنّ الضّجر يقطعُ مابينك وبينه !

                قال التلميذ:
                عَـفـوكَ .. أثْقلَـتْنا الأسئلة فهَبنا تأويـل الإجابات

                قال الشيخ: يابُــنيّ .. إذا سجَدتَ فقُـل :
                ياربّ قلبي مُترَعٌ بـالآه
                امنحني القُـدرة عى الأمَـل
                واحفظْ قلبـي مِن أنيـن الانتظـار


                قال تلميذ :
                لستُ عَجولاً ولكنّي حافي وطَريقي الثَّـرى
                ألَسنا رهـنَ أقدارنـا ؟
                يا شيخـي .. فمن مِـن أين تنبجسُ الآمــال ؟

                قال الشيخ:
                يابُــنيّ .. إذا عُـدِم السّبب عَظُـم اليقيـن !

                يابُــنيّ ..
                بالدعـاء القَـدر يشيرُ إليك
                فلماذا يتلو قلبك اليأسـا ؟!

                إيّـاك أن تشيخَ العين دموعاً ويشتعل القـلبُ يأسـا !

                يابُــنيّ .. لا تحيا سُـؤالاً تائها
                هو الله القريب المُجيب
                فاعبُـر إلى فضله مثل مَـن عبَـروا
                عَـبروا إليه حُفـاةً مِـن أسبابهـم

                فقل له .. آن الأوانُ وحانَ الوقتُ
                هبْنا كُـل سُؤلنا ..
                واجمَعنا إلى الأقصَـى لفيفاً نعتكفُ العشـرة فيه


                ( ولأني صغيرة وقصيرة
                على أن أصل إلى قفل الغياب
                جلست بجانب الباب
                .)




                إلى كل عضو له عضوية في منتدى
                إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
                لمـــــــــــاذا !؟؟
                مهتـ منال محمد ــمة

                تعليق


                • Font Size
                  #9
                  رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                  اللَّيـ 26 ــلةُ السادسة والعشرون
                  البَـرُّ




                  ليلةٌ آذنـةٌ بأسـرارِ ما غشّاهـا
                  فانْصِب خِيَام الدّعاء فِي مداها
                  ارفع كفك المتعبة واسأله البدايات والخواتيم والفَواصِـل

                  ومِن نَـدى الدعاء
                  أجمَعُ غَيم الإجابةِ والغنائم

                  وخذ من الليلة ما تشتهي

                  يتوهجُ الدعاء وتنثرُ الملائكةُ نعيم فرح مُشتهى
                  يعرجون بالدمعِ وأشهى الدعاء مابلغ من الحزن منتهى
                  فلملم مفاتيحَ الجوابِ وانسج من خيوطِ الليل فجرا قد تجلى
                  ربما يتراءى لك القبول سرا قد تدلى.

                  إلهـي .. أكثيـرٌ عليّ أن أتمنَّى في الزّمن المشهود ؟!
                  أكثيـرٌ عليّ أنْ أقول:
                  يا آخِـر الهَـمِّ في قلبـي وأحزنَـه هذه ليلةُ الوَهـب
                  يَـا دعوةً في ضَباب الدّمع غافيةٌ هذه ليلةُ الفَضل.


                  أكثيـرٌ عليّ أنْ أقول:
                  في يَدي أُمنيةٌ مُغلقة وقلـبٌ يَنتظِـر
                  وفي الفُؤادِ ضجيجٌ ليسَ يَسمعه سواكَـا


                  أنتَ البَـرُّ الرّحيم وآمالي على بابِـك
                  والقلـبُ يسألك وعـدًا يُواسيهِ


                  أمُـدُّ قلبـي نحو الغيبِ أجنحةً
                  ومَن أتى بالحُبِّ كُـلّ الحُـبِّ يأتيهِ
                  وما كَـان حـزنًا فليلةُ القَـدرِ تَطويهِ

                  يَــاربّ ..
                  ما كان بعيداً هناك اجعله قريبًـا هنـا.


                  يا أبنائـي ..
                  ليلةٌ .. شاطِـؤها المَهيبُ لِمَـن خلـعَ نعليهِ وفَـاض بنحيبها
                  لو كنتَ يونُـس في البُحـور فارفع بالدُّعـاء هَديرها أسمِع الرحمنَ دَمعك وقُـل :
                  هبني غيومَ البدءِ منكـ.

                  يَـا رب أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  فأمطِـر سلامها على ما أجدبَ مِن أحلامنا !

                  يارب أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  أمطِـر سلامها على جِـياع الأرضِ عافيةً و دفئاً تطفئ أوجاعهم !

                  أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  فأمطِـر سلامها على الأسرى ما تشاءُ مِـن العَطـاء !

                  أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  فأمطِـر على الأقصَـى وعـدَ سلامِها ..

                  أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  رد علينا غيمِ بغداد وزمنِ قُرطبة ..
                  نعلمُ مالديّ ومالديك ؛ وأنّ جوابنا بين يديك !

                  أنتَ البَـرُّ الرّحيم
                  اكشف عنا ما حسبناه لجة .. اكشف التيه بنور منك يجليه !

                  يا الله أنتَ البَـرُّ الّلطيف
                  فاجعلني في عَينك واعفُ عمّا بيني وبينك

                  أنتَ البَـرُّ الّلطيف
                  فنادِ عليّ قَـد أوتيتَ سُؤلَـك يَـا عبـدي


                  قال التلميذ:
                  على أعتابِـك اشتَعلَ صوتي
                  يَـاربّ قلبـي شُيّـد مِـن وجَـع
                  وقاربي في اليَـمِّ تَـاه
                  يَـاربّـي مُبتهلٌ مُنيبٌ
                  أشتهي المُستحيلَ وأنت المُجيب.


                  قال الشيخ: الليلة تتوثّب الآمَـال فاسأل الله لها المنازل
                  هو البَـرّ فارجُ ما كنتَ راجيًا وفوق ما ترجو
                  تودّد إليه "إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ"
                  ومَن دخل عليه بالحُـب وجَـد ثمر المطالب وقُضيت له الحاجات والمآرب.

                  " إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ "
                  إذا عُبِدَ أَثَابَ وإذا سُئِلَ أَجَابَ فقل له :
                  أرِنا نور الرّضى بعد ظُلمة العَـتب.

                  يابُــنيّ .. ما أكثَـر تودّدنا للخَلـق ومَـا أقَـلّ تودّدنا للحَـقّ
                  تـودّد إليه يفتحُ لك بَـاب العَجائِـب !

                  "إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ"
                  وإذا اعتراكَ أمـرٌ فَـكِـلهُ إلى الله يكفِكَ عاقبته وأُخـراه
                  وإذا تفضّل عليك ؛ صيّـرَ الأسباب لك ، ورزقك بساط "فَسخّرنا له"
                  قُـل لـه: إنّي خالعٌ ليلي وذنبي (فأنتَ أنتَ كُـل ما أحتاجه)

                  يـا بُـنيّ ..
                  فَقركَ في السُّؤال هِبـةٌ لك في الحال والمآل
                  وبهذا الاتّصاف حَصلت للقلوب الألطاف.

                  يَـا بُــنيّ ..
                  إذا ابتهلتَ للقدير فارتَقِب جَـريـان التّدبيـر
                  "إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ"
                  تَـرى انتظارك يخوض في اضْطراب السّراب
                  وتنسى أن الشَّدائد قرائِـن اللَّطـائف.

                  قال التلميذ: إليكَ يَـا كلّي أتيت
                  أعـوذُ بِقُربك مِن بُعدِك وبِـكَ مِـن فَقْـدِك !


                  قال الشيخ:
                  مَـن صفا نَـال الاصطفا حتى ترى قلوب الأبرار منبع الأسرار
                  وتتنزّل الملائكة حولهم خِفافًـا لاصخبَ ولاضجيج ويرحلون بأعمالهم ثِقـالا

                  إيــه ..
                  مَـن اصطفاهُ الله لمناجاته لم يُخلِ بينه وبيـن غفلاته !

                  قال التلميذ:
                  لا قلـب يحملني إليك إنْ لم تكن أنت معراجه
                  عُـد بي إليكَـ إنـّي مشتاقٌ فبلّـغني
                  يَـاربّ مثلي هفَـا ووحدَك مَن عفَـا.


                  قال الشيخ:
                  ذَكـركَ قبل أن تَذكُـره، ورزقكَ وأنت تنساه ..
                  "إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ"

                  قال التلميذ: إي والله ..
                  أنت البر اللطيف الكريم المنان
                  أحتاجُ أسماءك الحسنى
                  أحتاجُ أنْ أبكي لديك !


                  يامولاي ..
                  أعمالنا سَرايبلُ نقصٍ كيف تستُـرُ عَـورة ؟!

                  قال الشيخ:
                  يَـا بُـنيّ .. مُـدّ يدك نوقّع ميثاق القَبول.

                  اقتَرب التلميذ وأنصَت
                  فقال الشيخ:
                  العابرون إلى ضفةِ القبول أوقدوا الأعمارَ بالقرآن.

                  يابني ..
                  نحنُ قومٌ اشتغلنا بالقرآن فَغمرتْنا البركَـات
                  فاعرج أقدارك بالقرآن
                  ومُـدّ للكرامات المَـدى وقُـل لـه :
                  إنّـي وهبتُكَ عُـمري سِـرّاً وعـلَانية.

                  ثم تودد إليه بما يحب
                  هو البَـرُّ ويُحِبُّ البِـر ..
                  ومَن يَـكُ في حاجةِ أخيه فالله على حاجته أقـدر !

                  يَـا بُـنيّ ..
                  ذِكْـرُ اللهِ بِاللِّسَانِ يُوَرِّثُ الدَّرَجَاتِ
                  وَذِكْـرُهُ بِالْمال يُوَرِّثُ الْبَرَكَاتِ.


                  قال التلميذ:
                  صَدقتَ صَدقت ..
                  "لن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"
                  ومَن أيقنَ بالخَلْفِ جَـاد بالعطيّة

                  قال التلميذ: ثم ماذا؟
                  قال الشيخ:
                  ثم افهم المعنى "ولكنَّ البِـرّ مَن آمنَ بالله واليوم الآخِـر "
                  كلّـما كان أورَع كـان على الصِّراط أسـرَع .. ثقوبك تغدو درُوبك !

                  تَعلَـق الخطايا بالخُطى فتلتبسُ عليكَ الطُّـرُق
                  هذا سَفـرٌ إلى سَـفر فلا تحمل جَمْـرَك
                  اشتَـرِ آخرتك بما سَـرّك وساءَك يفنى الثَـمن ويبقى المتاع.


                  يابني ..
                  ما أرى الخطيئةَ إلا خُبـزَ الإثم مغموسٌ في زَيـت الوجع
                  فلا تكـن عبـدًا كلّـما أضـاء الله له قَبسًا قَـام فاطفَـأه.


                  قال التلميذ:
                  إنْ لم تؤونـي كنتُ نهبَ المَصائب
                  قلبـي بِتوَلٍّ والأبوابُ تقولُ "هَيْتَ لَك"
                  يَـاربّ .. أوقَدني الهَوى كأنّـي سِـراجـه !


                  قال الشيخ:
                  يُضيءُ المشرقيـنِ ومَغربَيْها
                  أيعجَزُ أن يُضيء فضاءَ قلبِكْـ.


                  إن أضناكَ يَـباس قلبِك فاسألـه غيثاً لا ينقطع
                  وقُـل لَـه : أعُـوذ بك قبل الوصُولِ أضيـعُ.

                  يَـا بُـنيّ ..
                  مَـن راعَـى الله صانَـه الله
                  "فَلا تَبتئس "


                  اللَّيـ 27 ــلةُ السابعة والعشرون
                  المُقتَدِر




                  سَـلامٌ على قوافِل الملائكة الآتية في دَهشة الألوان
                  سَـلامٌ على حُقول القَبولِ قد ارتوت أغصانها
                  سَـلامٌ على أكُـفِّ المتعَبين تُفتح لهم خزائن الكنوز وتُضيء المُعتما
                  سَـلامٌ على المنتظِرين أسرارها
                  سَـلامٌ على العابرين إلى الله بِخفّة

                  ليـالي العفو وإن عفا أتتك حوائجك دون مسألة
                  ليال مَحرومٌ مَن ضيّعها .. ومَرحومٌ مَن حَفِظها !
                  ليال يظفر بها الأصفياء المخلصين .. ليالي الأقدار فاسأل ما تشاء.

                  تدنو ليلةُ القَدرِ وتتلو "لاخَـوفٌ" وهي تَهبنا الأمنيات الدّفينة
                  "لاخَـوفٌ" وهي تلمّ أحلام مَن أوى إلى أنينهِ ساجـدًا
                  "لاخَـوفٌ" وهي تخطو على أثر الدّعاء وتَشدّه للمُنتهى
                  تتهجّى الفقرَ، وتنثر في الروح أحلامها
                  وتخفق الروحُ بألفِ ألف جناح، وينهمر ماكان القلب ينتظِـر

                  يابُـنيّ ..
                  كل النّهايات البعيدة، والبدايات العسيرة، وماكان بدء الاحتمال صار مُمكنًا
                  ما لايُدرَك وأنقضَ لك ظَهرك فقل:
                  هذه ليلة القدر و "اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً"

                  ياأبنائي .. لا تفلس الأكُفّ المرفوعة
                  لا تفلسُ أبَـدًا !

                  يفيضُ التّسبيح في الأسحار
                  وما غاب في الحُـوتِ يُعتَـق
                  والدعاء بعـد كثـرة الذِّكـر
                  مَظنّة الإجابة.


                  يابُـنيّ ..
                  ضريحُ همّك اقذِفـه في يمِّ الدعاء يَنـجُ
                  ربما يهبطُ مـع المَـوج ثُمّ يعـلو
                  لكـن حاشَـا يغـرَق !


                  انتبِذ الليلة مع آلامك مكانَـك قَصِيّـا
                  وحدِّث الله مِن أوجاعك حديثاً طويلاً
                  أرسِل همُومك في مجاري الدّمع بين يديه
                  ورتِّل " وَكَانَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً "
                  رتِّلها بقلبك حتــــــى تمس أحلامك كلّها.


                  قال التلميذ:
                  بِرَحمتكَ .. ألحِق البعيد مِن آمالي بالقريب
                  يا مَن قُلتَ " إنّي قريب "
                  روحي تفيضُ إليكَـ .. خذني إليكـ.


                  قال الشيخ:
                  لا تستوي النّبضات فادنُ إليه بالحُـبّ
                  هو أقرب إليك من حَبل الوريد
                  "فادخل إليه بالودّ إنْ أردتَ ورُوداً
                  زادكَ ودّاً ؛ إنْ رآكَ وَدودا "

                  قُـل لـه : أنت المُنى أنت الغِنى
                  وقلبي بِسُؤلك اكتَفى
                  احرُس أحلامنا أنْ تنطفي.


                  قال التلميذ :
                  مولاي لي أمنيةٌ ما أراها إلا خَشبةً تُـدَقّ فيها مسامير الخُـذلان
                  تمـرّ الأيامُ بجفافها فلا أرى أمنياتي فيها إلا بقيةً مِن حريقها !

                  قال الشيخ:
                  لو قالت لك الأيامُ : لا و لن ، وكلّ حروفِ نَفيها
                  فقُـل: عند الله مفاتيح أقفالها.

                  تأتي المصيبةُ فإذا في أسبابِ غمّها أسباب انفراجها
                  فقُـل : ياربّ اجعلْ في ضِيقها سَعتها
                  أنتَ اللهُ والله "عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً "


                  تضيقُ عليك الأقدار كأنها تستنبئ أخبار إيمانك
                  أتُـراك ممّن يعبده على حَـرف ؟!
                  فلا تجزع واذكر قدرته
                  إنّ كل شي كان في العَدم مَعجون قبل أنْ يقول اللهُ "كُـن فَيكون"

                  قال التلميذ:
                  توسَدت الظّلمة العَرجاء مَقدِسنا.

                  قال الشيخ:
                  نحنُ دعوةُ نَبـيٍّ سَتقطفُ الوَعـد
                  يابني .. إذا رأيتَ الآن وبعدَ الآن وقبلَ الآن الأقصَى مُكبّـلٌ بالخِيانة
                  فانتظر "أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ"

                  وإذا قيلَ للأسرى لا عاصِم مِن قَبضتنا
                  فانتظر " أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ "
                  وإذا ازدحمتْ في أوطاننا ضَوضاء المصالح
                  فانتظِـر " أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ "

                  يابُـنيّ ..
                  نحـنُ لا نملكُ حتى المُمكِـنا
                  نحـنُ هناك في قَـعر المُـنى
                  في ظِـلامٍ نَـراهُ مُزمِـنا
                  نحـنُ بينَ لاشيء، ولاشيء هُـنا
                  فيا اتّساعَ الاسم..ويا انتهاء الهَـمِّ إذا "كانَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً"

                  قال التلميذ :
                  أسألك نجاةً .. لكن هل في مَـوجِ طوفانٍ نجَـاة ؟

                  يابُـنيّ ..
                  ما كـان بالله يشتَـدّ .. لايهوي ولاينهَـد
                  وليس لما تَبني يد الله هادِم
                  تفضي إليه الأقدار والنّهايات أسبابَ البداية
                  ومَن يقرأ الغَيبَ لا يختالُ في قلبه يَـأسُ !

                  يابُنـيّ ..
                  عساهُ أزِفَ الخَـلاص

                  قال التلميذ:
                  أسئلةٌ تَقُـود لبعضها .. مَـاذا / وكيفَ / ومتَـى / وأين !
                  وأقولُ: قَد يدنو المـنال
                  اللهُـمّ رحمتكَ بأمنيةٍ يستضيء بها القـلبُ
                  لكنّـها لا تجيء !


                  قال الشيخ:
                  افهم يابني إن الابتلاء في البدء تمحيصاً
                  فإن صبَـر العبدُ أوجبَ له تَخصيصا
                  ثمّ تَراه في "مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"

                  قبلَ الوصلِ لا قبلَ .. و بعدَ البُـعد لا قُـرب
                  وترَى القبول يتبعُ مَكامِن النِّـيات
                  وعلى القلوبِ منِ القَبول دلائلُ
                  فإن آنستَ نوره في روحك يهمس فمُك
                  فيتنفّس قلبكَ بروائح الدُّعــاء.

                  قال التلميذ:
                  أمشي إليكَ (وخَطو القلبِ يَسبِقُني)
                  احفظْ قلبـي مِـن أنْ يسكنه هَـمّ الرّزقِ و خَوف الخَلـق
                  واسلُـك بي سَبيل الصِّدق.


                  يا سيّـدي ..
                  لكني (أَطوي على الخَمص الأماني ؛ وأشتهي كَـفّـي تفيض )

                  قال الشيخ:
                  قُـل .. يَـا مَـن لطفه بِخَلقه شامِـل
                  وخَـيره لِعَبـده واصِـل
                  يَـاربّ أنتَ المُقتدر
                  فَحُـفنا بِلُطفك في مَـا نَـزل
                  يالطيفًـا لمْ يِـزل .. أنتَ العليم بما سبقَ في الأزَل
                  يا ذا الُّلطف الكافِـي، و البِـرّ الوافـي، والقُدرة العالية.

                  اللهُـمّ اكفِنا كُـلّ هَـمٍّ في كُـلّ سبـيل بِــ "حَسبنا الله ونعمَ الوَكيـل"
                  صُـبّ الإجابةَ على دُعـائـي صبّـًا صبًّـا
                  أعـوذُ بك أنْ أنغمسَ في شتَـات الهَـمّ.


                  يابُنـيّ .. إذا لاحت الإجابةُ غِيضَ الدّمع
                  فَقد انقضَـى الأمـر.

                  يابُـنيّ ..
                  قَـدَره في عَـبده تخليصًا لِـعَيـبِه ثمّ تخصيصًا لقلبه
                  فلا تَجمع على نفسك وجـود الضُـرِّ و فَقد الأجـر
                  ولا يُشغلك الضَّـرر عن حكمة الله في القَـدر.


                  يابُنـيّ ..
                  ثِـقْ أنّ مَـن تَـرك المَكروهات يُسِّـرت له الخَيرات
                  فاخـرُج عن مُـرادك يبَلِّغْكَ عيـنَ المُـراد
                  ويُصبحُ عُمركَ كلّـه ليلةَ القدر !

                  كلُ شيءٍ قالهُ اللهُ يكون
                  كلُّ ضيقٍ قَدَّرَ المولى سَعَةْ
                  فاغتنم ليلة عمركـ.


                  اللَّيـ 28 ــلةُ الثامنة والعشرون
                  الواجدُ الماجدُ




                  أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الشَّوْق لله
                  فسيحٌ مدى الحُـبِّ فاقبَلنا يا الله .!

                  أَمْسَيْنَا فِي مَقَامِ العائذين مِن الجَفَافِ بِمَا لَدَيْك

                  أَمْسَيْنَا نجري إليك
                  فهَذَا أَوَانُ البَوْح والقلبُ يعلو إليك
                  وما أتاك ضائقٌ إلَّا وَعَاد وصدرهُ وسعَ المَدَى.

                  يارب .. " بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا "
                  وَكُلّ مَالَم يَكُن بمَعِيَّة الله يصل
                  فهون عليك إن ما تهوى سيهوي إليكـ
                  فَأنفِق دعاءك بِـ "بـسم الله" فَإِنْ اللهَ يَمْلِكُ مَا اشْتَهَيْتَ.

                  وارْفَع نشيجك :
                  يَارَبّ إِنِّي قَدْ أَتَيْت .. يَارَبّ ذَنْبِي قَدْ طَـويت
                  يَارَبِّ إِنْ لاقيتني فَقَد الْتَقَيْت

                  هُنَا اكْتِمَال الْفَضْل ..
                  وماضاق اتّسع فَأَدْرِك مَا حِيز لَك !

                  ينهمر الدُّعَاء سَاقِيْةً
                  وَ (آمِـين) مُفْتَتَحٌ الْمُنَى.


                  سُبْــحَانَهُ هُوَ الْوَاجِدُ أَلَمْ يَجِدْكَ تَقْتات الْأَسَى
                  أَلَمْ يَجِدْكَ قَارِبًا فِي اليمِّ ؛ تَاه وَمَا رَسَى
                  أَلَمْ يَجِدْكَ تصطلي نَار احْتِمَال فِي انْتِظَارِ الْمُسْتَحِيل
                  أَلَمْ يَجِدْكَ أَم أنَّك تَنْسَى مَا مَضَى !

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  بَلَى وَرَبِّي قَد وَجَدَنِي عَائِلًا فَأَغْنَى.

                  يا مُنتهى شَوْقِي قَد انتبذت مِنْ الْمَكَانِ قَصِيّه وهويت نَحْوِي وَاعْتَرَفْت
                  فِي لُجَّةِ الْحُزْن كَادَ قَلْبِي يَنْكَشِف لولاك أَنْت وَمَا وَهَبَت.

                  يَارَبّ مابين إسرائي إلَيْك أَنْ تَمَهَّد الدَّرْب لمعراجي إلَيْك
                  واللهِ لَوْلَا رَحْمَتِك أَلْقَى الْمَوَازِين خَاليا.


                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  قُـل .. أَنْت الْوَاجِد الْغَنِيّ هَبْنِي فَرْجًا لَيْسَ فِيهِ مِنّة لِأَحَد
                  أَسْأَلُك الْقُرْب إلَيْك وَالِاعْتِمَاد عَلَيْك
                  هَبْنِي طَرِيقًا يَنْتَهِي إلَيْك
                  وَاجْعَل الْعُمْر وَقْفًا عَلَيْكـ .


                  يـَابُـنيّ ..
                  الدُّرُوب خَواء وَالْخُطَى مَجْرُوحَة مهزومة
                  والْعُمْر محاصَرٌ بِــ (كَيْف/ و مَتَى/ و هَل)
                  إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا الْوَاجِد الْمَاجِد
                  فتَعلّم مِنْ رَمَضَانَ أنْ يَظَلّ نَبْض الْقَلْب إلَيْه.

                  يَا بُنَـيَّ .. الجَأَ إلَيْهِ فِي كُلّ حَالٍ يَكُنْ لَك فِي كُلِّ حَالٍ
                  وَلَوْ ضَرَبَتْ الرِّيح خباءك وَذَوَى الزَّرْعُ كُلُّهُ فَقُل :
                  يَارَبّ افْعَل ماشئتَ فَإِنّ رِزْقِي عَلَيْك.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  يَزِيد بِك يَقِينِي فزدني بوهبك كُلّ الْيَقِين
                  يَارَبّ فِي غَابَة الْأَحْلَام فأسِي حَافٍ وَالنِّعْمَة أَنْت مانحها
                  وَمُرْسَلٌ الرَّحْمَة وفاتحها
                  يَارَبّ سَفِينَة " تجري بأعيننا " كَيْفَ يَكُونُ مُرْسَاهَا !

                  أناديكَــ أناديكَــ حَتّـــى مَطْلَع الْفَـرَج
                  وَالدَّمْعَة المخفيّة أَنْت تَعَلمُهَا، وَأَنْت وَلِيِّهَا وقاضيها.


                  قَالَ الشَّيْخُ : أَنْت الْوَاجِد الْغَنِيّ
                  مامسّني الضُّرّ إنْ كُنْتَ لِي سَنَدًا
                  أَحْمَدُك يَا ذَا الْجُودِ وَيَا وَاهِب الْوُجُودِ
                  عَلَى نِعَمِك الَّتِي لَا تُحْصَى عَدَدًا
                  حَمْدًا يَسْتَغْرِقُ طُـــول الْمَدَى

                  حَاشَاك تُخَيِّبَ مَنْ رَجَا وَتَحْرِم مَن إلَيْك اِلْتَجَا
                  تُعْطِي بِلَا سُؤَالٍفَكَيْفَ بِمَنْ طَلَبَ مِنْك النَّوَال !

                  يَـا الله .. أَنْتَ الْوَاجِد الْغَنِيّ هَبْ لَنَا مِنْ نُعْمَاك مَا عَلِمْت لَنَا فِيهِ رِضَاك
                  واكسِنا كِسْوَةً تَقينا بِهَا مِنْ الْفِتَنِ فِي جَمِيعِ عَطَايَاك.


                  يَـا بُـنيّ .. ما نَاءَ عَنْ حَاجَتِهِ
                  مَنْ وَهَبَ الدُّعَاءُ بِهَا.


                  اسْمَع مِـنِّي.. إن الْعَطَايَا تنهمرُ إذَا اسْتَوْدَعْتهَا فَقُل:
                  أوْدعتُها رَبِّي وكُلّي مــوقنٌ أنّى تضيعُ لَدَى الْكَرِيم ودائعُ.

                  بَكَى التِّلْمِيذُ وَقَال:
                  دُونَك الدُّرُوبُ أَجْدَبَت
                  وَبِك الْحَيَاةُ أعْشَبَت


                  قَالَ الشَّيْخُ : قَد يُسَاق الْمُرَادِ وَهُوَ بَعِيد ويُرد الْمُرَادِ وَهُوَ قَرِيبٌ
                  و "الله يَجْتَبِي إلَيْهِ مِنْ يشاء "

                  فَقُلْ : أَنْتَ الْوَاجِد الْمَاجِد الْغَنِيّ
                  اُرْزُقْنِي بِغَيْرِ حِسَابٍ يَا مَن يُنْفِق كَيْفَ يَشَاءُ.

                  عَلَى بَابِك الْأَعْلَى مَدَدْت يَد الرَّجَا
                  وَمَنْ جَاءَ هَذَا الْبَاب لَمْ يَخْشَ الرَّدَى
                  سُبْحَانَك تَمْنَعُ مِنْ تَشَاءُ مِمَّا تَشَاء، وَتُعْطِيَ مَنْ تَشَاءُ مِمَّا تَشَاء


                  سُبْحَانَه
                  أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْكَ ، وَمَا يَخْفَى عَلَيْك لَا يَخْفَى عَلَيْهِ !

                  فَقُلْ :
                  يَا رَبّ شَيْءٍ كَانَ وَشَيْءٌ يَكُون وَشَيْءٌ لَا يَكُونُ
                  وَأَنْتَ الّذِي بِيَدِهِ "كُنْ فَيَكُونُ"
                  إذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ فَأَرِدْ مَا يَكُونُ ..
                  أَنْت الْوَاجِد الْغَنِيّ
                  وبدونك تَظَل الْخُطَى فِي تِيهِ الارْتِحَال.

                  اللَّهُمّ فَاسْمَع وَإِذَا سَمِعْتَ فَأَجِب
                  وَإِذَا أَجَبْت فَبَلِّغ وَإِذَا بَلّغتْ فَأدِم
                  فَإِنَّهُ لَا يَشْقَى مَنْ كُنْتَ لَهُ ، وَلَا يَسْعَدُ مَنْ كُنْتُ عَلَيْهِ.


                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  اللَّهُمّ نَشْكُو إلَيْكَ (حَبلُ الْمُنَى بحِبال الْيَأسِ مَعقودُ )

                  قال الشَّيْخ :
                  لَا تَدْخُل عَلَى اللَّهِ بِالنَّسَب وَلَا تَسْأَلُه حَاجَتك بِالسَّبَب
                  بِاَللهِ وَحْدَهُ تُطْوَى الْمَسَافَة وتُكفى الْمَخَافَة

                  فَقُلْ لَـهُ :
                  انْصُرْنِي بِك لَك.. وأيّدني بِك لَك
                  أَفِرّ مِنْك إلَيْك
                  وَلَوْلَاك أَنْتَ مَا تُبَتُ إلَيْك.


                  إذَا حَصَلَتْ لَكَ الْعِنَايَة
                  سَلَك بِك مَسْلك الْهِدَايَة.


                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  أُسَبِّح بِاسْمِك .. فَاجْمَع مَا تَيَسَّرَ مِنْ شتاتي
                  وَأشُقّ لَيْلِي يَابِسًا فَإِذَا الْيَقِين مِنْك كُلّ ثَباتِي.

                  عَفْـوكَ .." فَقَد تهتُ فيّ وَمَا لَدَيّ خريطةٌ
                  كُـن يَـالطِيفُ بِذَا الْفُؤَادِ حَفيّا"


                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَ اللَّه ؟!
                  لَا تَفَقِده يا بُـنيّ !

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  كَيْف ؟

                  قَالَ الشَّيْخُ : تَعَرّفْ عَلَيْهِ .. إِنَّ الرُّوحَ ذوّاقةٌ توّاقة
                  فَإِن ذاقتْ ؛ تَاقَت . . فَإِن تَاقَت اتَّصَلَتْ
                  وَيُدْرَك وصاله مَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ بَقِيَّة !

                  يَـابُـنيّ ..
                  مَنْ اتَّصَلَ بالواجِـد وَجَـد
                  وَإِذَا وَهَبَ الله وَسَّـعَ
                  فَاجْمَع نَفْسكَ عَلَيْهِ.


                  وَمنْ عمرَ الْأَوْقَات بِأَنْوَاع الْقُرُبَات بُورِكَ لَهُ فِي الزَّمَانِ وبورك بِهِ الْمَكَانُ
                  وَإِذَا تجذّرت الْحَسَنَةُ فِي الْقَلْبِ امْتَلَأَت الْخُطَى بِهَا
                  فَتَرَى صَاحِبِهَا يَحْيَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا تَنَالُهُ حَسْرَة الْفَوْت !

                  تَنَهَّدَ التِّلْمِيذُ وَقَال :
                  أَتَوَسَّل بِك إِلَهِي فِي حِفْظِي مِنْ كُلِّ لَاهٍ
                  بَشَّرَنِي ببشائر الْقَبُولِ فِي بُلُوغِ الْمَأْمُول.


                  قَالَ الشَّيْخُ : كُلِّ دُعَاءٍ يمتطي دُمُوعِك يَصِل
                  وَكَمْ مِنْ زَفْرَة حَيْرَى غَفَرْت خَطَايًا كُبْرَى ..

                  فَقُلْ :
                  أَنْتَ الْوَاجِد فَجُد عَلَيْنَا بنوالِ مَا اشْتَهَيْنَا
                  أَرِنَا الْإِجَابَةَ قَطُوفًا دَانِيَةً عَلَيْنَا ظِلَالُهَا
                  هَذَا عُمْرِي .. فَاجْعَلْه سَهْمًا فِي يَمِينِك مَقْبُولًا مُبَارَكًا مَيْمُونًا.



                  اللَّيـ 29 ــلةُ التّـاسِعـة والعـشرون
                  الرّشيـد




                  أَتتركنا وتَمضي .. وفي انتظارك أنْ تجيء !
                  أتتركنا وتَمضي .. أتبخَل بالمقام أيا حَبيب !
                  أتتركنا وتَمضي .. والقلبُ يستجدي السُقى وزمَني بوصلك قد ربَـى !

                  إيه يَـاليلَ الخِتامـ
                  بَيْن حُزْنُي والبشارة أَلْف دَعْوَة.

                  إيه يَـارمضَان .. أتيتنا كمَعارج الشهداء و قلتَ قد آنَ الأوان
                  ووَهبتنا سِدْرَةِ الْإِجَابَة وما دنَـى من فيضها و دان
                  فمتَى تعود ؟

                  ربَّــاهُ .. إنّي مقيمٌ بأسمائك على قلبي
                  وعُهدي ارتحال إليك وعليك توكّـأ قلبي عليك
                  فأُطْفِـئ الآهَ إنّ قلبي أَيْقَـن
                  وَاجْعَل خَاتِمَة رَمَضَان بَدأ أفراحنا
                  و إرنـا إجابة سؤلنا.


                  يابُـنيّ .. و كُـلّ بَـنِيّ
                  ارْقَ مَدَارِج الْحُلم ، وَلَامِس خَيَال المُنْتَهَى
                  وتَمتــم الليلة : أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَى عَطَائك
                  قَد دَقّ قَلْبِي .. مَا رَفّ طَرْفَي يفِيض الْقَبُول ونرحل إلَيْك
                  تَهْتَزّ الْجَنَّة جواباً وشَوْقا . . وَتسْمَع لِلدُّمُوع هديلًا
                  وَالْحُبِّ فِي أَعَالِي الرُّوح صَلَاةً وترتيلا!

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  دُمُوعِي تُصَلِّي فِي مِحْرَابِ الشَّوْق
                  وَتَحْت مَجَارِي الدّمْع ؛ مَا الله يَعْلَمُهُ

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  إنّ الْمَوَازِين تُقَدِّس بُكَاءُ التَّائِبِينَ
                  تَوْبَةً لَا تَنبُتُ مِنْ الدَّمْعِ لَا تَتِمُّ !
                  فَأَقْبِلَ عَلَيْهِ بِدَمْعِك فالدمع لُغَة الرُّوح

                  وَغَدًا مَـا على السُّطُور
                  إلَّا مافي الصُّدُور.

                  يابُـنيّ .. نَعِيْم الجِنان لِـمن أصلَح الجَـنان
                  فَتَعَال في ليلة الختام ننسج خُيُوط الْعَهْد
                  وَكَمْ مِنْ مُتَأَخِّرٍ سَبَق مُتَقَدِّمًا
                  وَإِنْ شَاءَ سَخَّر سَعْد الْكَوْن لَك.

                  يابُـنيّ ..
                  اجْعَل طلّـك وَابِلًا يَسْقِي أُمَّةً ظمأى حَـدّ الْجَفَاف
                  قُـلْ لَهُ : أنْتَ الرَّشِيد .. أَعَدّ بِنَا زَمَن الرَّشِيد.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  أَتَرَاه يَكُونَ ذَاكَ ؟

                  اِقْتَرَب الشَّيْخ وَأَمْسَك بِيَد التِّلْمِيذ ؛ وَقَال :
                  أَلْقِ الْأَنَا يتّخذك عَبْدًا ويُنيلك مَقَام "سُبحان الَّذِي أسرى"

                  يابُـنيّ ..
                  فَرِّقَ بَيْنَ مَنْ هُمْ فِي ذَوَاتِهِم أَسْرَى و مَنْ إلَى الْقُرْبِ أَسْرَى
                  قُمْ إِلَى الله وَاتَّبـِع سَبَبًا مُوصِّلًا !

                  يابُـنيّ .. لا تَكُنْ عَبْد أَتَى و مَضَى كَأَنَّك بِلاَ مَعْنًى !
                  غَادَر إلَى آخِرَتَه مُقتَرِضا ومافي كَفِّه انْقَرَض
                  كَان سَعْيِه غَمْضَة جَفْن وَانْقَبَض !
                  لَئِنْ كَانَ بَعْضك مَهْزُومًا فَاصْنَع سياجك
                  حَاشَاك أَنْ تَمْضِيَ هَـبَاء
                  لاَشَيْء مُوحِش مِثْلَ أَنْ تَكُونَ فَـلَا تَكُون !

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبُّك قَلْب الْقَلْب وَثَبِّتَه حَتَّى لَا يَنْقَلِب

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  هُو الرَّشِيد فَقُل:
                  أَرْشَدَنِي إلَيْك، وَصِلَنِي بِكُلِّ مَا يوصلني إلَيْك.

                  سُبْحَانَـه ..
                  قَطَع الْعَلَائِق عَن الْمُنْقَطِعِينَ إلَيْهِ وَوَهْب الْحَقَائِق للمتصلين بِه
                  وَمَنْ كَانَ سَعْيِه لِلْخَلَائِق بُعِثت حَسَنَاتِه عَوَائِق
                  وَكُلُّ عَمَلٍ خَلَا مِنْ الزَّبَدِ يَرْتَفِع
                  فَلَا تَغِب فِي الضَّوْضَاءِ وَتَفَقُّد بِضَاعَتَك إلَيْه !

                  يا بُـنيّ ..
                  نَفْسَك نَفْسك .. أَمْ رَبُّـك رَبُّـك !
                  حَذار مِنْ نِيَّــةٍ تنقلك مِنْه إلَيْك

                  تَنَهَّد الشَّيْخُ وَقَالَ :
                  " إنّ مَعِي ربّي " مَقَامٌ لَا يَبْلُغُهُ مُلْتَفِت.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  أَنْت الرَّشِيد .. فَهَيّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
                  أَكْمِـل ياسيّدي !

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  تَمْتَدّ حلْمًا لِلْأُمَّـة تجتاز أَسْبَاب النِّهَايَةِ
                  وَ تَرْتَفِع فَوْق تُخُوم الْأَسْبَابَ إنْ كَانَ خطوك مِعْرَاج السَّمَاء !

                  يابُنـيّ .. أَوْقِف النَّظَر يَفْتَحْ اللهُ لَك الْبَصَر
                  غُضَّ بَصَرَكَ عَمَّا لَيْسَ لَك تَنْفَتِح بَصِيرَتك عَلَى مَا هُوَ لَك
                  فيريك الله غَائِبَ الْأَشْيَاء تُبصِـر بِـه فَتَشْتَدّ

                  إذَا وَهَبَك نُورُه.. أَبْصَرْت الشَّهْوَة، وَرَأَيْت مَـآل الْخُطْوَة
                  وَإِن نَازَعْتُك نَفْسك الثَّبَات، وروادتك الْفِتْنَة
                  فَعَضّ عَلَى الْأَنِيـن وَلَا تَخْسَر الرِّهَان

                  وَإِذَا وَقَعَتْ الْفِتَنُ فادفعوها بِالتَّقْوَى
                  ومَن لَم يتحقّق بِحَقَائِق التّقوى كَان تَديّـنه مُجـرّد دَعـوى !

                  يابُـنيّ ..
                  حذارِ حذارِ .. لَا تذْهبْ إلَيْهِ وَأَنْت تَعَرُج.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  لِلشَّيْطَان شِبـاكٌ لاينتهي ارتكابُ الْمَسّ فِيهَا
                  فَمَاذَا أَفْعَل ؟

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  عَيْـنٌ كَثُر نَظَرُهَا لِلْحَرَام فَقلّ بُكَاؤُهَا
                  يابُـنيّ .. إنْ جَفَّ الْقَلْب مَنْ ذَا يُعِيد لِلْعُيُون دُمُوعُهَا ؟!

                  وَمَن خاضَ المَـاء العَكـر نَـاله أَذَى البَلل
                  لَا يَعَبُر الْمُحَالَ إلَّا مِنْ كَانَ لله فِي كُلِّ حَال.


                  قَالَ التِّلْمِيذُ:
                  إنّهُم يتناوشوننا عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَال !

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  اشْتَغِل بِصَرْف الْعَائِق واستعذ باللهِ مِنْ شَرِّ الطَّارِق
                  وَتَيَقّظْ فَإِنَّهُ لَا يمتطي الْإِثْم إلَّا مُوغِل فِي التَّلَفِ !

                  يابُـنيّ .. اعْرِف كمائن نَفْسِك
                  فَرُبَّمَا هُوَّنْت لَك الصَّغِيرَة حَتَّى تَقَعَ فِي الْكَبِيرَةِ
                  هُو الرَّشِيد فَاسْأَلْه الْهِدَايَة وَرُشد الطَّرِيق.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  يَارَبّ هَيّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رشدنا.

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  أَوَّاهُ .. مَـنْ يَرِثُ فِتْيَة الْكَهْف !
                  شَتَّان بَيْنَ مَنْ كَـان عُـمره زيتونـة مابعثَرتها الرِّيح
                  أقْدَامَه لله مَجْرُوحَة وَثَبَاتِه يَمْتَدُّ فِي عُمْرٍ الْأَبَد
                  وَغَيْرِه عَـاش مُحتَضِــرا !

                  يابُنـيّ ..
                  انجُ بذاتِـك لِذَاتِك ، وسافِر مِن نفْسك إلَى نفسِك
                  وَابْحَث عَن القَبول فِي قلبِك ..
                  وَلَا تَكُنْ مَعَ الخَوالف وتَعجز فِي قُيود الشّواغِـل
                  ذَاك مُشَيَّدُ الْبُنْيَانِ فِي مَدْارَج السّيُول !

                  وإنّ مَن رزَقه اللهُ الصَّـبر فِي الِاخْتِبَارِ
                  كَانَت عَاقِبَتُه الْعَافِيَة.

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  يارب أنت الرشيد المرشد
                  قَلْبِي فِي يَدِك فَاكْفِنِي تقلّبي
                  يَارَبّ اجْعَلْنِي بِك ؛ حَتَّى أَكُونَ لَك


                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  وَفِي الغثاء .. يُثَبِّتُ الله مَن يَشَاءُ .

                  يابُـنيّ ..
                  كُنْ أَنْتَ العُدَّة إذَا شاؤوا للأجيال الرِّدَّة
                  وَجَبَلًا يعصمهم مِنْ الطُّوفَانِ
                  اجعل عمرك رهناً لله فقد آن الآوان !

                  يالهفة الرُّوح ؛ إنْ رَفَعَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ بَعْدَ انْتِظَارِ !
                  يالهفة الرُّوح ؛ عَلَى مَنْ جَعَلَ خَارِطَة الْجُرْح مِيلاَد الْأَمَل !
                  يالهفة الرُّوح ؛ عَلَى مَنْ خَطْوُهُ حُقُول قَمْحٍ وشلّال سَنَابِـل !
                  يالهفة الرُّوح ؛ عَلَى عُمـرٍ كله أَذَان ، وَالصَّدَى كُلّ المراحل !
                  يالهفة الرُّوح ؛ عَلَى مَنْ كَانَ { عسَى } فِعل الرَّجَاء !

                  قَالَ التِّلْمِيذُ :
                  اللَّهُمَّ احْفَظْ قَلْبِي مِنْ نَشْوة الْهَوَى وَاخْتِيَال الْفِتَن.

                  قَالَ الشَّيْخُ :
                  يابُـنيّ .. احْفَظْ عَنِّي
                  ماكان الِانْتِهَاء مُخَالِفٌ لِلابتِدَاء إلَّا إذَا كَانَ أَوَّلُهُ اِلْتِوَاء
                  إيَّاكَ أَنْ تَدُلَّ النَّاسَ وَتَفَقد الطَّرِيق
                  فَقُـلْ : أَنْتَ الرَّشِيد فَدُلَّنِي عَلَيْك

                  وَمِن تَوْفِيقه ..
                  أَن يهديك لِوَظِيفَة الْعُمْرِ بَعْدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ
                  فاسأله هداية ورشدا لا تضل بعدها أبدا.

                  يـَا أبنائـي ..
                  قبلَ الوداع اسألوه عُمراً هو ميراث الأنبياء
                  حياةً تغاثُ بها الأمة


                  و ادعـُوا لـَنا
                  مَا أَكْرَمَـه
                  تَدْعُو لِأَخِيك فَيُعْطِيك وَيُعْطِيه


                  ثُمّ انَثنى الشيخُ وفي عينيه بشارة "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"
                  طوى الشَّيْخ بِسَاطَـه و قال: السَّـلَامُ علَيكُم
                  فانهَمرنَـا فِي البُكَـاء !
                  ( ولأني صغيرة وقصيرة
                  على أن أصل إلى قفل الغياب
                  جلست بجانب الباب
                  .)




                  إلى كل عضو له عضوية في منتدى
                  إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
                  لمـــــــــــاذا !؟؟
                  مهتـ منال محمد ــمة

                  تعليق


                  • Font Size
                    #10
                    رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                    شكرا جزيلا لكم

                    تعليق


                    • Font Size
                      #11
                      رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                      جزاكم الله خيرا

                      تعليق


                      • Font Size
                        #12
                        رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                        شكرا جزيلا لكم

                        تعليق


                        • Font Size
                          #13
                          رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                          لكم جزيل الشكر

                          تعليق


                          • Font Size
                            #14
                            رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود

                            جزاكم الله خيرا

                            تعليق


                            • Font Size
                              #15
                              رد: سلسلة في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى د.كفاح أبو هنود



                              مجدي عمارة
                              هبة بدير
                              وائل سليمان
                              وجدي ممدوح
                              رودي طلال



                              شاكرة ومقدرة مروركمـ
                              نفع الله بكمـ ونفعكمـ
                              حياكمـ الله وأهلا ومرحبا بكمـ
                              ( ولأني صغيرة وقصيرة
                              على أن أصل إلى قفل الغياب
                              جلست بجانب الباب
                              .)




                              إلى كل عضو له عضوية في منتدى
                              إلى كل أخ وأخت كانوا يوماً هــنا !
                              لمـــــــــــاذا !؟؟
                              مهتـ منال محمد ــمة

                              تعليق

                              Loading...


                              يعمل...
                              X