الأولمبياد الخاص الإقليمي في دورته السابعة دمج المعوقين ذهنياً في المجتمع.. ومساعدتهم على إثبات ذاتهم عبر الرياضة
لسنوات طويلة مضت، كان يُنظر إلى المعوق على أنه عالة على المجتمع، وأنه شخصٌ غير قادر على القيام بأي عمل منتج.. ولكن الواقع اليوم يقول إن هذه النظرة قد تغيّرت وإن المعوق بدأ يحتل مكانة أفضل في مجتمعنا، وبات ينظر إليه من خلال الدور الذي يمكن أن يقوم به كعضو فاعل في مجتمعه إلى جانب بقية الأفراد.
نعم.. فالحقيقة الثابتة اليوم أن المعوقين قادرون على القيام بأدوارهم من خلال ما نوفره لهم من خدمات متنوعة وبنية تحتية مناسبة لذلك، وهذا يؤكد رؤية السيدة أسماء الأسد التي تجسّدت لتصبح أمراً واقعاً يوماً بعد يوم، فهي التي رأت في المعوق إنساناً فاعلاً قادراً على العطاء والنجاح والإبداع والمشاركة في بناء الوطن، والارتقاء بالمجتمع والمساهمة في عملية التنمية الإنسانية الشاملة.
وكان العمل حثيثاً في السنوات العشر الأخيرة لتحقيق واقع أفضل للمعوقين وإتاحة الفرصة لهم للاندماج في المجتمع والمشاركة في مختلف أنشطته وفعالياته، ومنها الأنشطة الرياضية التي تعدّ من الوسائل المهمة لدمج المعوق في مجتمعه، لأنها إحدى أهم الخطوات التي تصحح اتجاهات المجتمع السلبية نحوه، ونظرة الأفراد إليه بأنه إنسان ضعيف، إلى أنه إنسان يمتلك القدرات والمواهب.. ويأتي الأولمبياد الخاص السوري للمعوقين ذهنياً هذا العام ليثبت هذا الكلام مجدداً.
عن الأولمبياد
يشارك في الدورة السابعة للأولمبياد الإقليمي 2300 لاعب ولاعبة من جميع الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي يبلغ عددها 23 دولة، إضافة إلى 1500 متطوع و2500 عائلة و500 حكم وإداري، وتشهد هذه الدورة عدداً كبيراً من رياضات الألعاب الخاصة ويبلغ عددها 15 رياضة، ويعبّر شعار الأولمبياد الخاص في دورته السابعة عن أربعة مكونات هادفة، وهي الشعلة الأولمبية، وفيها ما يشبه هيكل سيف دمشق الأموي وهو رمز للمكان، والأشرطة التي تم تقليدها للاعبين المتوّجين وهي رمز للاحتفال، وشريط خط النهاية وهو رمز للرياضة، ويستخدم الشعار كهوية بصرية في جميع المبادرات والفعاليات الإعلانية التي سيتم إطلاقها تمهيداً للدورة السابعة.
والأولمبياد الخاص السوري هو أحد البرامج التي تقام في الشرق الأوسط، وتم تأسيسه كبرنامج يطبق قواعد الأولمبياد الخاص الدولي وبدأ أنشطته عام 1994 بانضمامه إلى الأولمبياد الخاص الدولي، وحظي برعاية خاصة من السيدة أسماء الأسد، محققاً بعدها قفزة نوعية على مختلف المستويات الإقليمية والدولية.
ويهتم الأولمبياد الخاص بالمعوقين ذهنياً من خلال التدريب الرياضي وإقامة المسابقات والألعاب للأطفال والبالغين من ذوي الإعاقات الذهنية، وإعطائهم الفرصة لتنمية قدراتهم وإبراز مهاراتهم وتدعيم علاقاتهم الإنسانية مع عائلاتهم والمجتمع، ويستفيد من الأولمبياد الخاص الدولي ما يزيد على مليون لاعب حول العالم، حيث يمنح فرص المشاركة في تدريبات ومسابقات رياضية ذات طابع أولمبي للاعبين من 8 سنوات فما فوق.
متطوعو الأولمبياد
يعتمد الأولمبياد الخاص على متطوعيه، حيث لم يكن ليتواجد ويتأسس لولا جهود وحماس المتطوعين، ويتميّز فريق المتطوعين فيه بالتفاني والتنوع، ويضمّ طلاب المدارس والجامعات ولاعبين هواة ومحترفين وموظفي شركات ومؤسسات وحكام رياضات ومدربين وأسراً وأفراداً يمكنهم المشاركة على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، ومن شأن ذلك خلق صداقات بين المتطوعين، وإعطائهم شعوراً بالفخر لما يمثلونه من أهمية بالنسبة للحركة العالمية لمساهمتهم في خلق البهجة وتحقيق الذات للاعبين ذوي الاحتياجات الذهنية.
الرياضة والتوازن النفسي للمعوقين
يقول اختصاصيو التربية الخاصة: إن الأنشطة الرياضية تعدّ من البرامج الهامة للأشخاص المعوقين ذهنياً، حيث تعمل على تنمية القيم الإيجابية لديهم، وتحسين مستوى اللياقة البدنية والكفاءة الحركية، كما تساهم برفع مستوى التذكر والانتباه والتمييز الحركي والبصري، وهي وسيلتهم للنجاح وإثبات الذات وتحقيق احتياجاتهم العضوية والجسمية، وتعمل الرياضة على زيادة الثقة بالنفس والشعور بالنجاح والاستمتاع بمباهج الحياة وتجعل المعوقين ذهنياً أكثر قدرة على الاستيعاب والتفكير، فالرياضة تسهم في تطوير قدرات المعوق لوجود علاقة وثيقة بين النفس والجسد، كما تسهم الرياضة في جعل المعوقين أكثر قبولاً في المجتمع لأنها تظهر قدرات الشخص المعوق للمجتمع، وبالتالي فهي وسيلة مهمة للدمج بينهم وبين الأفراد الأسوياء والتحول من مرحلة العزلة والانسحاب من المجتمع ومرحلة العبء على الأسرة والمجتمع إلى مرحلة المشاركة والاندماج فيه. ويؤكد علماء النفس أن السباحة تعدّ في مقدمة الأنشطة التي تساعد على الانطلاق والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
دعني أكن شجاعاً في المحاولة
لحظة حلم إنساني راود السيدة يونيس كينيدي شرايفر، شقيقة الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي عام 1968 والذي بدأته بشقيقتها روز ماري التي ولدت بإعاقة ذهنية جعلت شقيقتها الكبرى والتي كانت بمثابة الأم لها تفكر في أن تجعل روز ماري تمارس أي نشاط إنساني يسهل عليها، واكتشفت عالم الرياضة، تلك البوابة السحرية التي خرجت منها روز ماري، لتصبح كياناً جديداً في المجتمع وعضواً نافعاً وتحقق القسم الذي أطلقته يونيس "دعني أفز... فإن لم أستطع... دعني أكن شجاعاً في المحاولة..." وتحوّل الحلم إلى حقيقة وبدلاً من روز ماري اللاعبة الواحدة أصبح اليوم يشارك في برنامج الأولمبياد الخاص الدولي 2.5 مليون لاعب ولاعبة يمثلون أكثر من 200 برنامج فيما يزيد عن 165 دولة من مختلف دول العالم.
تعليق