الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الطفولة ومفهوم الإدراك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    الطفولة ومفهوم الإدراك


    يقول دومور وجونكهير :
    " إن الطفل ، كالراشد أو أكثر منه إدراكاً للكل قبل الجزء والمجموع قبل التفاصيل ، الخ .. يرى الدمية قبل أن يتجه ببصره نحو الألبسة التي تحملها .. ويرى الشجرة ويتعرف عليها كشجرة كبيرة يرى أغصانها وجزعها وأوراقها كمجموعة قبل أن يتعرف على نوعها كشجرة سنديان مثلاً أو كستناء أو غير ذلك .. " (إن رؤية الشكل الكلي يسبق معرفة رسم التفاصيل ) .

    وفي هذا الصدد أورد تالياً تجربة قام بها العالم بينه :

    " عرض ( بينه ) على طفلة عمرها سنة وتسعة أشهر ، رسوم أشياء مختلفة كطاولة ، زجاجة ، كرسي ، فذكرت أسماءها وتعرفت عليها ولما عرض عليها بعض أجزاء الجسم الإنساني ضلت الطفلة ولم تفهم شيئاً . عرض عليها أنفاً جانبياً . وفماً أمامياً وآخر جانبياً وإصبعاً مرسومة بحجم طبيعي مع الأظافر والسلاميات الثلاث ، فلم تتمكن الطفلة من معرفة شيء منها وقد فسر بينه الحادث والتجربة كما يلي :
    " إن ما ينقص الطفلة ويمنعها من فهم معنى الرسوم السابقة هو أنها لا تملك من ملكة التحليل بقدر ما نملك ويبدو بأن الطفلة لا تقوم بهذا العمل التحليلي بسهولة فهي قد أدركت الشيء بكليته ومن أجل التعرف عليه من جديد تحتاج غالباً إلى هذا الانطباع الكلي نفسه .

    يتضح من ذلك أن الطفلة تعرفت الأشياء المحيطة بها ككل دون أن تحاول تقسيمها إلى أجزائها وعندما عرضت عليها رسوم أجزاء من هذه الأشياء وقفت أمامها وقفة سلبية ولم تفهم هذه الأجزاء لأنها لم تتوصل بعد إلى مرحلة التحليل .

    ونحن إذ نورد مشاهدات بعض العلماء لا بد من تأييدها بمشاهدات أجريت من قبلنا . وهذه إحداها :

    1- طفل في العام الثالث والنصف من عمره من أسرة ريفية ، يعمل أبواه في زراعة الكرمة وتقطير منتوجها في ريف من الأرياف الفرنسية المشهورة بهذه الزراعة رأيناه يلعب كعادته في باحة داره بمنتهى الحرية والعفوية . كان جالساً على بساط يعبث بقطع خشبية ذات حجوم هندسية مختلفة ( كالمكعبات والاسطوانات والأهرامات ، والمواشير ، وغيرها ) ويجعل منها أشكالاً معقدة ، وعندما ينتهي من عمله نسأله ما هذا ؟ وما ذاك ؟ فيجيب بلهجة الواثق مــن الجـواب : " إن هذا البنــاء هو أداة للتقطير أي (الإنبيق ) ولا نشك في أن هذا النوع من العبث بالمكعبات وإشادة بناء بها إنما هو لعب اعتاد عليه الطفل بسبب ظـروف حيـاته وحيــاة ذويه الذين يقطـرون العـنب بالإنبيق ويستخـرجون منه نوعـاً مـن المشروبات الروحية .

    ثم عاد الطفل إلى لعبه فخرب ، وبصورة مفاجئة ، ما كان قد بناه ثم شرع بالبناء من جديد . وهكذا راح يبني ويهدم مرات عدة . والملاحظ هو أن الأشكال المبنية في كل مرة ليست متشابهة بل تختلف في كثير من التفاصيل رغم أن الشكل العام واحد تقريباً والفكرة هي نفسها ، فكان الطفل في عمله يضع قطعة الخشب في مكان من البناء فإذا سقطت وتهدم جناح أو جزء يعيد هذه القطعة إلى مكان آخر في البناء ويستعين بقطع غيرها لم تكن مستعملة قبلاً دون أن يهتم بمطابقتها لوضعها السابق ، ودون إصرار لإعادتها لمكانها الأول ، ويبدو أنه كان يعمل حسب الصدفة وقوانين التوازن فيكفيه أن تأخذ قطعة الخشب مكاناً دون أن تسقط على الأرض وعلى أن يكون هذا الشكل العام يشبه الغاية المطلوبة.

    إن هذا الطفل كان يفكر حتماً كما كان يدرك أي أنه يرى الأشيـاء ويدركها إدراكاً كلياً ، ويفكر في الوقت نفسه تفكيراً كلياً . كان في مخيلته مخطط أو صورة أو مفهوم عن الإنبيق ولذا فقد عمد إلى تحقيقه جملة دون التفكير بإعادة صور الأجزاء إلى ذهنه . لم تكن الخطوط الكبيرة بالنسبة للإنبيق مجهولة لديه ، ذلك أننا عندما كنـا نسأله عن بعض التفصيلات المميزة لبنائه كان يجيب بوضوح : " هذا هو القدر ، وهذه هي المدخنة .. الخ ".

    وعمدنا إلى تغيير الأسئلة فطلبنا منه أن يدلنا على بعض الأجزاء التي كان قد أوضحها لنا سابقاً والتي لم تظهر في البناء الأخير فكان يجيب أجوبة تدل على عدم اكتراث فيدلنا بيده على أقسام قد لا تكون هي التفصيلات السابقة.

    والمهم في الموضوع هو هذا التكرار للبناء ذي المظهر العام والواحد تقريباً، أما الجزئيات فتختلف اختلافاً واضحاً وقد تهمل في بعض الأحيان.

    والجدير بالذكر أنه لم يطلب من الطفل بصورة مسبقة أن يشيد بناء من أخشابه لآلة التقطير أو غيرها . فالشيء الذي أثار اهتمامه وأثر في حواسه ولد لديه فعالية حرة لتحقيق نموذج عنه .

    ويقول ديكرولي في هذا الصدد : " يكفي أن نضع أمام الطفل أدوات في مستوى قواه سهلة الاستخدام كالرمال والآجر والماء والحجارة والقضبان والأسلاك الحديدية ، والمقوى – والورق ، والقماش ، .. إلخ وألبسة وأدوات المطبخ وأجزاء من دمى ، وأجهزة مختلفة .. إلخ ، كي يدرك فوراً مظاهر تفكيره الكلي في انشاءاته التي تشبه شبهاً كلياً للنماذج التي يتصورها هذا الطفل أو يلاحظها.

    يصنع الطفل قطاراً بواسطة المكعبات الخشبية أو أحجار الدومينو ، ليقيم جسوراً وأنفاقاً بوساطة الرمل وليصنع من الآجر أو المواد اللينة حيوانات مختلفة ومن قطع الحطب يعمل أسلحة ويربط قضبان المكانس لتصبح حبلاً طويلاً ويجمع بقايا الأقمشة ويقصها لتصبح دمى جميلة وينظم الصفائح الخشبية ويربط بعضها بعضاً بوساطة المسامير أو الخيطان أو أية طريقة أخرى.

  • Font Size
    #2
    رد: الطفولة ومفهوم الإدراك

    جزاك الله خيرا
    وتنتظر جديدك

    تعليق


    • Font Size
      #3
      رد: الطفولة ومفهوم الإدراك

      اشكرج على المرور الكريم

      تعليق

      Loading...


      يعمل...
      X