سؤال سياسي: لماذا الانتحار في سوريا؟
'حبوب الغاز' أسهل وسيلة للانتحار في سوريا
تزايد أعداد المنتحرين يفاقم القلق داخل المجتمع السوري وسط تكتم حكومي على عدد الضحايا.
ميدل ايست اونلاين
دمشق - أقدم أكثر من 43 شاباً وشابة في محافظة ادلب بشمال سوريا على الانتحار خلال العامين الحالي والماضي من خلال تناول "حبوب الغاز" التي تستخدم كمبيد لفئران الحقول.
ونقلت صحيفة "الوطن" عن عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع الصحة في محافظة ادلب الدكتور محمد ديب الشعار قوله أن "عدداً كبيراً من الشبان قد استخدموا تلك الحبوب كوسيلة للانتحار ولقاء مصيرهم المحتوم، وأن ما بينته تقارير الطب الشرعي لا يشكل إلا نسبة محدودة من هؤلاء، فقد أودت حبوب الغاز بحياة 15 شاباً وشابة هذا العام، بينما بلغ هذا العدد في العام الماضي 28 شاباً".
وقال مدير الصحة بإدلب الدكتور بهيج دويدري "هناك حالات أخرى إضافة إلى الشباب المنتحرين بحبوب الغاز، حيث فقد آخرون حياتهم بسبب تناولهم هذه الحبوب ظناً من بعضهم أنها حبوب دواء بشري ومنهم أطفال وكبار، وهذه الأمور باتت تبعث على قلق الجهات الصحية وبات من الضروري إيجاد حلول وسائل لضبطها".
وأكد باحثون اجتماعيون انه لا توجد أية أرقام أو إحصاءات دقيقة عن حوادث الانتحار على مستوى البلاد، مشيرين الى أن وزارة الداخلية السورية، تصدر سنويا تقارير تقدم بعض المعلومات حول هذه الظاهرة وتتكتم على أغلبها.
وتتم أغلبية حوادث الانتحار في سوريا عبر تناول كميات كبيرة من الأدوية وهي ناجمة عن مواجهة المنتحرين لمشكلات اجتماعية وصدمات عاطفية.
وتزايد أعداد المنتحرين في سوريا خلال عام 2009 بدأ يؤشر إلى تحوّل الانتحار إلى ظاهرة إشكاليّة في المجتمع السوري، وتشير الاحصائيّات إلى وجود حوالي 31 حالة انتحار على الأقل في المجتمع السوري خلال العام 2008 وحتّى الشهر الرابع من عام 2009 أي بمعدل حالتيّ انتحار شهريّاً، وبلغت حالات الانتحار الذروة ما بين 23 إلى 30 نيسان/ ابريل 2009 حيث وصلت إلى إحدى عشرة حالة.
وتدفع الأخبار المتزايدة عن حالات الانتحار للتوقّف حول هذه الظاهرة ودراستها، ويبدو أنّ صعوبة دراسة هذه الظاهرة ترجع إلى الموقف السلبي جدّاً للمجتمع من هذا السلوك ويعود ذلك بمعظمه إلى الخلفيّة الدينيّة لأفراد المجتمع وبالتّالي محاولة المحيط إخفاء الاعتراف بالانتحار والتستّر عليه بكلّ الوسائل الممكنة لأنّ المنتحر بالعرف هو شخص مخالف للإرادة الإلهيّة.
وتبيّن في عيّنة مبحوثة نشرت مؤخراً أنّ 32,2% من المنتحرين ينتمون إلى الفئة العمريّة من (10ـ 20) عاماً وهم يشكّلون النسبة الأكبر بين المنتحرين وتنحصر أعمارهم بين (15 ـ 20) عاماً.
وتليهم الفئة العمريّة من (31 ـ 40) حيث يشكّلون 22,5 % من حالات الانتحار، أمّا الفئة العمريّة من (21 ـ 30) فتشكّل 19,4 % من المنتحرين.
والفئة العمريّة من (41 ـ 50) تشكّل 12,9 % من حالات الانتحار، بينما تتساوى الفئتان العمريتان من (51 ـ 60) و61 وما فوق فتشكّل كل منهما 6,5 % من حالات الانتحار.
و تركّزت أكبر نسبة حالات انتحار في مدينة حلب بنسبة 54,8 % ثمّ في حمص بنسبة 22,7 % ودمشق بنسبة 6,5% ، وما تبقّى من محافظات بنسبة 16% ، ولوحظ تركّز أعلى نسبة انتحار في المدن حيث بلغت النسبة 91.5%، بيما بلغت 9.5% في الأرياف.
و كانت نسبة المنتحرات من الإناث أقل من المنحرين الذكور الذين بلغت نسبتهم 71% من حالات الانتحار.
وعزت أغلب الدراسات حالات الانتحار في سوريا الّتي وصلت إلى المشافي العامة والخاصّة الى العوامل النفسيّة والاقتصاديّة بالدرجة الأولى.
وتبيّن النسب في العيّنة المدروسة أنّ العامل النفسي هو العامل الأبرز من مسببات الانتحار حيث بلغت نسبة المنتحرين لأسباب نفسيّة 35,4 % من بين الحالات، وعزّز هذا العامل استطلاع للرأي الّذي نشرته صحيفة "بلدنا" حيث أنّ معظم الذذين شملهم الاستطلاع أعادو الانتحار لأسباب نفسيّة. بينما شكّل السبب الاقتصادي نسبة 25,8 %، والسبب العاطفي 19,4 % ومثلها للاجتماعيّة.
تعليق