زوجتي الشقراء وامي السمراء ... بقلم : احمد خيري
سافرت الي زوجتي الجميله الشقراء.. وكانت امي في وداعي بدموعها وكلماتها يابني خليك هنا خليك وبلاش تسافر.. خليك معانا
حيث الامان والدفء والاهل والصحاب والاقارب،، والعزومات واللمه والشله واصحابك وحبايبك.. واللقمه الهنيه.. يابني مهما كان مش هتلاقي احن مني يابني.. من خرج من داره اتقل مقداره.. يابني هنا هتلاقي حد يطبطب عليك ويسندك لما تقع.. يابني لو تعبت هنا هتلاقي اللي يعملك شويه شوربه ويسهر علي راحتك.. يابني رب هنا رب هناك.. منها لله بنت * اللي هتاخدك مني.. انا خلفت وربيت وهي خدت علي الجاهز.. كل ده وانا زي الاطرش في الزفه كل عقلي مع الشقراء من كتر ماسمعته وشفته عنها ومنها.. ودعت امي بدموع متحجره سقطت وانا انظر من شباك الطائره وهي ترتفع رويدا رويدا ياتري هشوفك تاني ياامي.؟ وسرحت مع شريط حياتي منذ الابتدائي والاعدادي حتي تخرجي من الجامعه وسنه الجيش ومواقف كثيره وافراح واحزان وفشل ونجاح.. واخذت احدث نفسي ايه اللي بيحصل ده.؟ وانا مالي ومال الجوازه دي ماكنت في حالي مع امي.. هي بنت * الشقرا عملت لي سحر وما سبب اندفاعي وتعلقي بها الحقيقه تقال حلوه بنت * وجميله وبيضا
وجذابه ورشيقه.. المهم وصلت وفي المطار حيث تنتظرني الشقراء بروده , ورائحه برفانات تمتزج برائحه اكل ورائحه الناس انفسهم رائحه لم اشمها في بلدي وانفاسي وقلبي يرتجفان فالانجليزيه عندي مكسره ومتجبسه اتكلم معاهم ازاي دول.
وزاغت عيناي تبارك الله سبحان من خلق وابدع وصور ايه النسوان دي دول مش زي الحريم والبنات عندنا استغفر الله ايه يابو حميد اهدي كده وصلي علي النبي انت من اولها وتمر مضيفات تحس انهن تؤمات او نسخه مكرره نفس الجمال والطول والعرض ايه ده الفرق كبير فالمضيفات عندنا مش كده ليه التعين والتوظيف عندنا عن طريق المعرفه الام مضيفه يبقي البنت تشتغل مضيفه وخرجت من المطار ايه البرد ده.؟؟؟
وايه الشبوره دي ياربنا ده الهوا اللي طالع من مناخيري بيعمل دخان ولا اجدع حصان في الفجريه شكلي هموت من البرد والناس عادي ماشين وضحك واكل بطاطس ولا في دماغهم ولبس قصير فوق الركبه بركبه وانا بتكتك من البرد.. فينك يااماه شويه العدس ولا طبق الكشري ولا شويه الشوربه مع حته الكبده والقوانص وكبايه الشاي ابو نعناع وشد اللحاف عليك شويه يابني الدنيا برد.. ربنا مايحرمنا منك ياماه تعالي هنا وشوفي البرد والتلج كانت الحراره ٨ درجات تحت الصفر اول مره اعرف الكلام ده قريت عنه وشفته في الديب فريزر بس.. وفي محطه القطار اكتشفت انها في المطار والفرق بينهم سلم كهربائي كانت هناك امراه حامل تقف وتريد ان تقطع تذكره فافسحت لها الطريق قال يعني شهامه مني فنظرت لي باستعجاب واستغراب وكاني تنازلت عن حق لي بسهوله بدل ماتشكرني..
كانت ترتدي فوق ملابسها شال علي البطن لحمايه الجنين من البرد والسيقان كما ذكرت دائما فوق الركبه عرفت فيما بعد اهتمامهم بالطفل وصحته فبل ان يولد وممارسه الرياضه والسباحه لكل طفل وركوب الدراجه وتعليمه المحافظه علي الهدايا بغلافها وعلبتها وايام الاسواق التي تقام للاشياء المستعمله يقف بها الاطفال لبيعها بعدما شبعوا منها ولكنك تحسبها جديده لوجود الكرتونه والغلاف ويتعلم الطفل البيع والشراء منذ الصغر وفي سن معينه اجباري من المدرسه يقوم بتوزيع الاعلانات مع والديه او لوحده مقابل اجر ليتعلم الحصول علي المال من العمل ويتدرج في منظومه التعليم البسيطه وليست منظومه بلادنا المعقده ليصل الي تعليم متوسط وعندما يصل الينا نطلق عليه الخبير الاجنبي مع انه حاصل علي دبلوم ..
طبعا عندنا العيال اول حاجه يقطع الكرتونه وهو بيفتح الهديه يلعب بيها وتاني يوم يكسرها وبعدين ياخد فلوس ابوه للبلاي ستيشن والعسليه والشيبسي وطول النهار امام كابتن ماجد وسلاحف النينجا ويتدرج التعليم حتي يتخرج الجامعه يستطيع كتابه اسم العائله بالانجليزي.. ومعلوماته بلده صفر سألتها عن موعد ولادتها قالت بعد سته وعشرين يوما وكانت رشيقه وجميله ونظيفه وكانها الاسبوع الاول من الحمل اعرف مالفرق فعندنا المراه ويتغير شكلها تماما انتفاخات كل مكان ولا تطيق الحديث مع احد والتوحم علي فواكه الصيف الشتا انها بطنها جنين وعلي اكتافها جبال مكه وشد انتباهي شقراء اخري لا نراها الا في الكليبات تحمل كلبا تداعبه وتقبله وتكلمه وتحس انه يفهم كلامها ابن الكلب المحظوظ..< span>
وعرفت فيما بعد انهم يهتمون بالكلب وله طبيب ودوسيه خاص به واوراق وشهادات ميلاد ومدرسه وحلاق وفندق حتي الكلب اليتيم له مكان خاص واتذكر عندما حكي لي احدهم وقال ان صديقي الاول والاخير هو كلبي بعدما تركته صديقته.. واتذكر من جاء يوما حزينا وممسكا بباقه ورد وعندما سالته اجهش بالبكاء والسبب موت كلبه في حادث بعد سبع سنوات قضاها معا وكان ذاهب ليضع الورد مكان الحادث وتذكرت الكلاب في بلدنا كانت تضرب بالنار ويقذفها الناس بالحجاره... ورايت عجوز تدخن السيجاره ولا اجدع عمده في بلدنا وعرفت فيما بعد انه شيء عادي وان العواجيز لهم مساكن وهناك من يقوم برعايتهم وتنظيم الرحلات والفسح لهم مثل دار المسنين عندنا ويركبون العجل ويمارسون السباحه وركبت القطار وكانه طائره كل شبابيكه سليمه ولا توجد كتابه علي الكراسي ولا اعلانات ملصقه ونظيف جدا ولا زحام ولا تحرش فعربات القطار تصل الي عشر عربات ولا باعه كبريت ولبان وبدله حماده والكمساري كانت امراه تطلب التذكره بكل ادب وتشكرك وعندما تسالها عن مكان او موعد تخرج جهاز وتقول لك الجواب تفصيليا نزلت من القطار كانت البلد كلها بيضا فالثلج يغطيها بقطن العروسه والحياه تمر بيسر وسهوله واشارات المرور احترامها في الواحده ظهرا مثل الواحده مساءا.
حتي من المشاه والجو بالرغم من برودته الا انني لم اصب بزكام ولم اري سحابه سوداء وذهبت للبوسطه وجدت الموظفين جميعا يقومون بكل الاعمال وتذكرت بوسطه العتبه عشرين شباك وكل شباك باتنين موظفين وعمل واحد.. وعرفت ان وقت الانتخابات تاتي لك بطاقه انتخاب وقائمه بالمرشحين في صندوق البريد ويخبرك باقرب مكتب انتخاب.. والسيارات التامين عليها اجباريا ولا تجد خناقه عند حدوث تصادم.. والمستشفيات نظيفه ولا تجد من يقول لك اشتري القطن او هات معك سرنجه.. والكل مؤمن عليه اجباريا فحق العلاج وحق التعليم وحق الانتخاب وحق العيش كآدمي وانسان مكفول من الدوله.. وتشعر فعلا بمعني ولقد كرمنا بني آدم... ومن ناحيه اخري تجد القبلات في الشوارع واشارات المرور والسوبر ماركت ...ومشاركه الكلاب لهم في السكن وبروده وانقطاع العلاقات الاجتماعيه بين الاسر والاهل.. وطغيان الماده علي القيم والروحانيات وتكتشف بعد فتره ان جمال الصوره ليس حقيقي وانه خارجي بلا طعم بلا روح وان العلاقات معظمها مصالح.. وان الضحكات ماهي الا ارجاع عضلات الوجه للوراء وان ما تكسبه من مال تفقده في ضياع سنوات من العمر بعيدا عن الاهل وعن الحنان وعن الامان الحقيقي وعن صوت الآذان فمهما حدث فكم تمنيت ان تكون مصر السمراء امي بجمال ونظافه ورعايه لابنائها مثل زوجتي الشقراء هولاندا... هذا ماكتبته بعد شهرين من وصولي هولاندا من سنين وها انا اعيد نشره بعد نزولي الي حضن امي السمراء مصر ام الدنيا وعودتي الي حضن الشقراء هولاندا
تعليق