الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Font Size
    #1

    الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

    يمكننا أن نعتبر اتفاقية الأشخاص ذوى الإعاقة اتفاقية فريدة من نوعها إلى حد كبير، وتختلف بدرجة ملحوظة من حيث التفاصيل عن باقي مواثيق حقوق الإنسان ألأخرى، فرغم احتفاظ الاتفاقية بالشكل العام للمواثيق الحقوقية، من حيث البدء بالتأكيد على المصادر المرجعية و المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان إلا إن الاتفاقية تختلف من حيث المضمون عن باقي المواثيق

    فالاتفاقية تتبنى أكثر الرؤى للأشخاص ذوى الإعاقة تقدما، وتؤكد من خلال التفاصيل على ما يواجهه المعاقون من حواجز عديدة تبدأ من تفشى الجهل بشؤونهم و إمكانيتهم الكامنة والمهدرة، فبداية تؤكد الاتفاقية على إن مفهوم الإعاقة مازال خاضع للتطور وهو ما أدى إلى مرونة الصياغة بشكل كبير، كما تبنت الاتفاقية النظرية الاجتماعية للإعاقة التي ترى الإعاقة في الحواجز البيئية وليست في العاهة الجسدية أو الحسية.
    ومن هنا أرى من الخطأ التعامل مع الاتفاقية فقط بوصفها ميثاق لحقوق الإنسان صار جزء لا يتجزأ من المرجعية الدولية، فمع صحة ذلك إلا إن ما جاءت به من أفكار نضجت و تعمقت عبر تفاعل طويل بين الخبراء و المختصين في العديد من المجالات تلقى بمسئوليات كبيرة على عاتق منظمات حقوق الإنسان بشكل خاص وعلى المجتمع كله بشكل عام، فكثير من النقاط التي حسمتها الاتفاقية، مازالت محل جدل داخل المجتمعات العربية والمجتمع المصري، فبداية من الحق في الزواج و تكوين الأسرة ومرورا بالحق في الجنسية والمشاركة السياسية بمعناها الشامل أي الحق في تقلد المناصب و الترشح وانتهاء بالحق في الدمج و التواصل و الاعتراف بثقافة فئات المعاقين المختلفة .. ما زالت غير مستقرة حتى داخل منظمات حقوق الإنسان، وإذا كانت مواجهه التصورات والأفكار الرجعية أحد مهام نشطاء حقوق الإنسان فماذا لو كانت تلك الأفكار سائدة بين النشطاء في هذا المجال أنفسهم؟ أن الاتفاقية كما تفتح أبواب الأمل لفئة اجتماعية عانت عبر قرون و مازالت تعانى بدرجات مختلفة من أقصى حالات التهميش و العزل تطرح في نفس الوقت الصدام الحتمي والذي لن يكون بسيطا مع الأفكار الرجعية المهيمنة اجتماعيا، والمحاطة بهالة من القدسية الدينية .
    أن هذه الورقة لا تطمح في تغير كثير من الرؤى السلبية السائدة ولا تدعى شمولها لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، فقط تأمل أن تكن بداية لفتح أوسع حوار ممكن بين النشطاء والمهتمين حول ما جاءت به من حقوق، فيجب أن نحسم بداية بيننا الخلافات النظرية حول الحقوق الخاصة بالمعاقين، لنوحد رؤيتنا لفئة اجتماعية مازالت إلى حد كبير خارج دائرة الضوء، كما نأمل أن تكن بداية لعمل جماعي يهدف إلى نشر الحقوق الخاصة بالمعاقين على أوسع نطاق ممكن.


    لماذا الاتفاقية :
    دائما ما يثار التساؤل عن أهمية المواثيق الحقوقية الخاصة بفئات معنية وينطلق هذا التساؤل من فرضية كفاية المواثيق الأساسية( الإعلان العالمي و العهدين الدوليين لحقوق الإنسان) وشمولها لكل الحقوق و بالتالي انطباقها على كل إنسان بصرف النظر عن وضعه المادي والاجتماعي، ولكن و كما قال احدي مفوضي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أثناء مناقشة الاتفاقية الخاصة بحقوق المعاقين (لو كنا في عالم مثالي لكانت الحقوق الواردة بالإعلان العالمي كافية لحماية حقوق الإنسان)... وبالطبع لسنا في هذا العالم المثالي و لكنى أود أن أضيف سببا أخر لأهمية الاتفاقيات الحقوقية الخاصة وهو التطور الاجتماعي و العلمي، فتطور المجتمعات كشف في الواقع عن انتهاكات لم تكن موجودة أو مرصودة في السابق وبالتالي الاحتياج إلى تجريم أفعال لم تكن مجرمة والنص على حقوق تفصيلية لم تكن مطروحة سابقا كما أن التقدم العلمي على المستوى التقني اظهر تفصيلات لحقوق لم تكن موجودة فالخبراء فهموا الحق في "التواصل و الاتصال" بشكل أفضل مع التقدم الكبير في هذا المجال على المستوى التكنولوجي و كذلك تطور لغة الإشارة وطريقة برايل والطباعة بالحروف الكبيرة و البارزة ... بالإضافة للتقدم الهائل في مجال تأهيل المعاقين ذهنيا و الذي كشف عن إمكانيات و مواهب لم يعتقد الكثيرين بوجودها أصلا.
    ومن ناحية أخرى وطبقا لنظرية النمو المركب واللامتكافيء، فهذا التقدم ما زال حتى الآن متاح للأغنياء فقط ومازال بعيد المنال بالنسبة للفقراء الذين يشكلون 90% من بين ال650 مليون معاق في العالم و بالتالي لم يعد من المقبول على الأقل نظريا أن يحرم المعاقون الفقراء من الكثير من الحقوق فقط لكونهم فقراء ويجب أن يتم التأكيد من خلال وثيقة حقوقية دولية على المساواة في هذه الحقوق اتساقا مع مبدأ عالمية الحقوق و انطباقها على الجميع دون تمييز.
    عرض عام للحقوق الواردة بالاتفاقية
    من الصعوبة بمكان اختيار طريقة محددة لعرض الحقوق الواردة بالاتفاقية الخاصة لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، فكما قال ماكي "أن ما تسعى إليه الاتفاقية هو أن تشرح حقوق المعوقين بالتفصيل " وكما ينطبق قول ماكى على هذه الاتفاقية ينطبق في الواقع على كل الاتفاقيات الخاصة بالفئات الأكثر ضعفا كالمرآة ، الطفل، اللاجئين ...فالتفاصيل هنا لا تعد شرحا وتفسيرا للحق فقط، بل واقعيا تشكل التفاصيل حقوق فمع الأخذ في الاعتبار مبدأ تكامل الحقوق و تشابكها خصوصا في مجال الحقوق الخاصة، فالفصل حتى علي المستوي النظري بين الحقوق يعد صعبا بدرجة كبيرة، وحلا لتلك الإشكالية، ستركز الورقة المطروحة على عرض عام للحقوق اللصيقة بالمعاقين مع التركيز على الحقوق التي تثير إشكاليات نظرية وعملية، اتساقا مع الهدف الخاص للورقة فسوف نبدأ بأهم ما جاءت به الديباجة من أفكار جوهرية ثم نعرض لمجموعات الحقوق التي تنشأ التزامات على عاتق الدول الأطراف و أخيرا تنتهي بما يمكن أن نسميه مسئوليات المجتمع المدني.
    الديباجة و النظرية الاجتماعية :
    تلتزم دائما ديباجة المواثيق الحقوقية بشقين، الأول شكلي وهو عرض للمرجعية الدولية كمصادر أساسية، مع التأكيد على المبادئ الجوهرية لحقوق الإنسان، والشق الثاني موضوعي و يعنى بتوضيح الدوافع التي دعت لصدور الاتفاقية وأهدافها العامة والخاصة .
    ومع احتفاظ الاتفاقية الجديدة بالهيكل العام لباقي المواثيق إلا أن ديباجتها جاءت في الشق الثاني "فقرة ه" لتؤكد أن الإعاقة "كمفهوم" لا يزال قيد التطور و بالتالي فهو مفهوم غير مستقر وجاءت باقي الفقرة بالرؤية الاجتماعية الحديثة للإعاقة(أن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة و الحواجز في المواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين).
    فمن المسلم به في الفقه القانوني سواء على مستوى القانون الدولي أو الداخلي أن القانون يعبر أو يعكس العلاقات التي بنيت على مفاهيم مستقرة، فكيف للقانون أن يعبر عن مفاهيم غير مستقرة ؟ أن الإجابة على هذا التساؤل تكمن في العلاقة بين التطور العلمي من جهة والمنظومة الحقوقية من جهة أخرى، فمع الاعتراف بالطبع بخصوصية المواثيق الحقوقية واختلافها عن التشريعات الداخلية من حيث العمومية و المرونة، إلا أن التطورات العلمية الحديثة والمتسارعة سواء العلوم الاجتماعية أو التقنية أدت إلى ضرورة تطور القوانين بدرجة أسرع من ذي قبل- بدرجة اقل بالطبع من التطور العلمي- والتناسب بين سرعة التطورات العلمية وبين تطور المواثيق الحقوقية هي التي أدت إلى ضرورة صدور الاتفاقية برغم عدم استقرار الإعاقة كمفهوم قانوني، فالتطور العلمي في مجال الإعاقة على المستوى التقني وخصوصا في مجالي الطب وتكنولوجيا الاتصال، أصبح أسرع من إمكانية تتبعه وربما يتعجب الكثيرون حين يقرئون عن التقدم المذهل في هذه المجالات و الذي ينبأ بإمكانيات واقعية لإزالة الكثير من الحواجز التي تحول بين المعاقين والتمتع بحياة طبيعية، فالصم على سبيل المثال يمكنهم ألان متابعة المواد التلفزيونية التي تترجم مواده تكنولوجيا ومباشرة من خلال جهاز صغير يوضع داخل التلفزيون ناهيك عن التقدم الكبير في علاج الكثير من حالات الصم عن طريق إعادة الاتصال بين الإذن الوسطى و مركز السمع بالمخ وفى مجال المكفوفين فهناك الآن أجهزة الكمبيوتر ووسائل الاتصال مثل التليفونات المحمولة الخاصة بهم ... وأدت هذه التطورات التقنية مع عدة أسباب أخرى منها نشاط حركة المعاقين في الكثير من دول العالم إلى تطوير النظرية الاجتماعية للإعاقة، وهى النظرية التي تبنتها الاتفاقية الجديدة، فقد برهنت التطورات العلمية على الإمكانيات والمواهب الكامنة لدى الأشخاص ذوى الإعاقة كما أوضحت من جهة أخرى أن المعاناة من الحواجز البيئية ليست قدرا محتوما، بل حرمان من حقوق إنسانية وإهدار لكرامة ملايين البشر.
    كما أن النظرية الاجتماعية عمقت الرؤية الحديثة للإعاقة بعكس النظرية التقليدية التي مازالت سائدة وترى الإعاقة في العاهة اى داخل الشخص نفسه، فنظرة سريعة على قوانين الإعاقة العربية مثلا و منها قانون التأهيل المصري 39لسنة75 نجدها تتبنى في مجملها النظرية التقليدية والفرق العملي بين النظريتين شاسع للغاية فالأولى تدعو لسياسات وبرامج تنطلق من العمل على إزالة الحواجز وخلق بيئة محيطة يسهل تعامل المعاقين معها، أما الثانية فتبنى السياسات و البرامج انطلاقا من الشخص المعاق وكيفية أعالته و توفير بعض الخدمات له وهذا الاختلاف يدعو إلى ثورة في هذا المجال لإعادة دراسة الواقع وإعادة صياغة السياسات و البرامج طبقا للنظرية الحديثة .
    أهمية التأكيد على تنوع المعاقين:
    ربما يعتقد البعض أن تأكيد ديباجة الاتفاقية على الاعتراف بتنوع الأشخاص ذوي الإعاقة، هو تأكيد لما هو مؤكد، فالمعاقين متنوعين واقعيا، ولكن لهذا الاعتراف والتأكيد عليه أهمية كبيرة سواء على المستوى الحقوقي أو على مستوى التمتع بالحقوق واقعيا.
    فمع الاعتراف باختلاف فئات المعاقين يجب التأكيد النظري على وحدة الحقوق وعدم إمكانية تجزئتها، و على المستوى العملي عانت ومازالت حركة المعاقين من التشتت، فغالبية المنظمات المعنية بالمعاقين نشأت و تطورت انطلاقا من رؤية أخلاقية تنبع من الشفقة والعطف وليس الحق وتمسكت غالبية المنظمات بالنشاط الفئوي المحدود فهناك منظمات للصم فقط وأخرى للمكفوفين وغيرها للمعاقين ذهنيا.... وإذا كانت حركة المعاقين تهدف إلى تحقيق مكاسب عملية فيجب أن تحل هذه الإشكالية من خلال الاعتراف بوحدة الحقوق وتنوع المتمتعين بها، كذلك فالهدف الأصيل للنظرية الاجتماعية الحديثة التي تبنتها الاتفاقية وهو الدمج الاجتماعي الشامل اى قبول الأخر من منطلق أن الإعاقة جزء من التنوع البشرى الطبيعي، فالتشتت يحد من مساحات التفاعل الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة وبالتأكيد النشاط الفئوي والذي يصل إلى حد العزل في الكثير من الحالات و خاصة المكفوفين و المعاقين ذهنيا يضيق كثيرا من مساحات التفاعل الاجتماعي.
    التزامات الدولة الطرف و إشكالية المادة4:
    وردت التزامات الدول الإطراف بالمادة 4 ولكن في الحقيقة فالالتزامات الواردة بها ليست أكثر من البديهيات أما الالتزامات الجوهرية فهي مستمدة من كل نصوص الاتفاقية فكل حق يمثل التزام سواء بالمعنى السلبي الكف عن الانتهاك أو بالمعنى الايجابي توفير إمكانية التمتع بالحق.
    فرغم المنطقية النظرية لهذا النص -فليس من المعقول أن نطالب الدولة بما لا تملك- إلا أن الواقع أكد أن هذا النص و أمثاله في المواثيق الأخرى وخاصة العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عطلت التمتع بهذه الحقوق فعليا، وكما ينطبق ذلك على كل المواثيق تقريبا ينطبق أيضا على هذه الاتفاقية فغالبية الحقوق الواردة بها هي حقوق اقتصادية واجتماعية فجوهر الاتفاقية هو العمل على إزالة الحواجز المادية، وهو الأمر الذي يحتاج بالطبع إلى تكاليف مالية، وعلى المستوى النظري و في ظل هذا النص يحرم المعاق من أمكانية المطالبة القضائية بالحق فالدولة لديها الرد القانوني الجاهز" عدم توفر الإمكانيات وعدم كفاية الموارد" وبرغم سذاجة هذا الرد و إمكانية دحضه اقتصاديا، إلا انه رد قانوني ويصعب عمليا السجال القضائي معه، ويرى البعض أن المشكلة هنا لا تعود لهذا النص وأمثاله لأنه منطقي نظريا من جهة ولان غالبية دول العالم الثالث تؤكد عليه قبل الانضمام إلي الاتفاقية، وجوهر هذه المشكلة يعود للتشريعات الداخلية، ومع الاعتراف بمنطق هذا الرأي إلا انه يتنافى مع المنطق القانوني البسيط، فالحق الذي لا يمكن المطالبة به قضائيا يظل حقا نظريا له قيمة معنوية أكثر من قيمته الالتزامية.
    الالتزامات الجوهرية على المستوى التشريعي :
    يتخذ التشريع في الكثير من الأحيان كأداة لتغيير أفكار وعادات رجعية، والدفع نحو تبنى أفكار أكثر تقدما, وقد ساهمت مواثيق حقوق الإنسان في الدفع نحو ذلك في الكثير من التشريعات الخاصة بالطفل والمرأة والمهجرين واللاجئين ...... الخ وسوف نلقى الضوء هنا على أهمية هذا النوع من الالتزامات بربطها بالمبادئ والأفكار الجوهرية للاتفاقية بداية من تبنى رؤية الاختلاف وقبول المعاقين كجزء من التنوع البشرى .
    فالحق في التعليم والعمل والصحة والحق في التعبير والمشاركة السياسية، كل تلك الحقوق تحتاج لإعادة صياغة الكثير من القوانين، كما أن مراجعة التشريعات القائمة لإلغاء ما بها من تمييز طبقا للمادة 4 ينطبق بشكل أو بأخر على غالبية الحقوق، فالقوانين القائمة وخاصة في التشريع المصري إما لا تلقى بالا للمعاقين ألا في أضيق الحدود وطبقا لنظرية القرن التاسع عشر مثل التشريعات العامة, وإما تتبنى رؤية رجعية للمعاقين مثل قانون التأهيل المصري 39 لسنة 75

    الالتزامات التشريعية وإشكاليات الواقع الاجتماعي :
    الحق في الجنسية, الحق في تكوين أسرة، الزوج، والمشاركة السياسية وخاصة الحق في الترشح . كل تلك الحقوق تواجه ببنية ثقافية رجعية وخاصة في المجتمع المصري والعربي، فالحق في الزواج بالنسبة للمعاق الذهني مازال محل خلاف كبير خصوصا على مستوى التفسيرات الدينية، وهذا الخلاف قائم حتى بين المثقفين, كذلك الحق في الجنسية فكثير من الدول ومنها مصر تضع السلامة الجسدية والعقلية كأحد شروط اكتساب الجنسية في نفى صريح للحق, كذلك المشاركة السياسية بمعناها الكامل اى الحق في الترشح والانتخاب وتقلد المناصب مازال حلما بعيد المنال وعلى الدولة المصرية إن كانت تريد الالتزام حقا بالاتفاقية وحق مواطنيها من الإفراد ذوى الإعاقة في التمتع بما جاءت به فعليها أن تبدأ من ألان في الإعداد لتعديلات جوهرية على المنظومة القانونية القائمة، وقد أكدت الاتفاقية على الأهمية الكبيرة لمشاركة المعاقين في السياسات والبرامج الخاصة بهم تطبيقا لشعار حركة المعاقين ( لاشيء لنا بدوننا ) وحتى ألان المعاقون هم أجدر من يعبرون عن واقعهم واحتياجاتهم .

    الالتزامات بالحقوق التيسرية :
    جوهر الاتفاقية هو إزالة الحواجز التي تمثل الإعاقة، والتي تشكل حائلا بين المعاقين والتمتع بالحياة الطبيعية، والهدف الجوهري هو تمتع المعاقين بحقوقهم بالدرجة التي تساوى فعليا بينهم وبين الجميع في إمكانيات التعامل مع البيئة المحيطة بمعناها الشامل اى الدمج الاجتماعي بالتعبير السائد، ومن هذه الزاوية فالدولة ملتزمة بالعمل على تمتع المعاقين بما يمكن أن نسميه" حقوق تيسريه" وهى حقوق تعد تفصيلاتها من الأهمية بحيث يدور معها الحق وجودا وعدما، لذلك أطلقنا على تلك التفصيلات حقوق بحد ذاتها فالحق في الوصول مثلا والوارد في الاتفاقية بمعاني متعددة مثل الوصول للأماكن، تكنولوجيا الاتصالات، و المرتبط بالحق في التنقل والحق في الاستقلال الذاتي، يواجه حواجز لا حصر لها سواء على المستوى المادي أو الفكري، فبدون توفير الأجهزة المساعدة المناسبة، وآلات التنقل والإرشادات والوسائط والمساعدين بل والطرق والأرصفة، ومراعاة احتياجاتهم في التصميم العام للمباني والسلع والخدمات، تصبح الاتفاقية مجرد نصوص لا قيمة لها واقعيا، فيجب العمل تدريجيا ولكن بتواصل واستمرار على إزالة الحواجز المادية ليتمكن المعاقون من التواصل مع المجتمع بمؤسساته المختلفة والمواطنين باختلافاتهم وتنوعهم بسهولة، كذلك على مستوى الأفكار فالدولة ملتزمة بمناهضة الأشكال النمطية ودفع الإعلام نحو إبراز الصورة الايجابية للمعاقين وكذلك إعداد الدراسات والأبحاث والتدريب ........... الخ
    فقد فصلت الاتفاقية الكثير من الحقوق كما تركت الباب مفتوحا للتقدم العلمي ليتمتع المعاقين بأي ميزة جديدة تظهر مستقبلا، وتعد تفصيلات معظم الحقوق وخاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حقوق تيسريه فالحق في العمل والمرتبط بالحق في التنظيم النقابي، والحق في الوسائل المساعدة حتى يكون ايجابيا وليس شكليا، كذلك الحق في التعليم مرتبط في تفصيلاته بالحق في الدمج والتأهيل وتدريب المدرسين والمعاونين ...الخ , كذلك المساعدة القضائية بمعناها الواسع تساهم في التمتع بالحق في التقاضي، فالدولة تحتاج لإعادة صياغة سياستها وبرامجها في جميع المجالات بحيث تبدءا التيسيرات المبدئية بأسرع وقت ممكن .

    الالتزامات الحمائية :
    تهدف المواثيق الخاصة إلي إصباغ حماية قانونية خاصة وتفصيلية، لان الواقع الذي أتى بالاتفاقيات الخاصة يؤكد أن هناك فئات اجتماعية اضعف من غيرها، ومن الطبيعي أن تفرض تلك الاتفاقيات التزامات خاصة بالحماية، وقد صارت اتفاقية حقوق الإفراد ذوى الإعاقة على نفس الطريق، ففرضت على الدولة اتخاذ تدبير وإجراءات تهدف إلى إصباغ حماية خاصة بالمعاقين، واهم تلك الالتزامات المستمدة من أكثر من نص في الاتفاقية (الحماية من التمييز ) فبعد أن وضحت الديباجة أن الانتهاك الجسيم لحقوق المعاقين يكمن في التمييز على أساس الإعاقة أكدت في أكثر من نص بداية من المادة 15,14,13,12,6 ....إلى غالبية نصوص الاتفاقية نجد الحماية من التمييز من الالتزامات الجوهرية والتي تحتاج من الدولة توفير آليات حماية خاصة، كما أكدت الاتفاقية على حالات بعينها يجب أن يتمتع فيها المعاقون بحماية خاصة مثل حالات الخطر والنزاع المسلح والكوارث الطبيعية .........الخ، فقد ألزمت الدول بإعداد برامج خاصة بحمايتهم في تلك الظروف مادة 11.
    كذلك أفردت المادة 16 أهمية الحماية من الاستغلال والعنف والاعتداء، ولجسامة تلك الانتهاكات وانتشارها على نطاق واسع ألزمت بإنشاء سلطة مستقلة لرصد جميع المرافق والبرامج المعدة لخدمة المعاقين للحيلولة دون حدوث جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء فقرة(3)
    كذلك تعد من الحقوق الحمائية الحق في الخصوصية والحق في التقاضي فيجب أصباغ حماية خاصة للمعاقين لإتاحة تمتعهم بتلك الحقوق وحمايتهم من انتهاك خصوصيتهم وكذلك حقهم في الحماية القضائية .

    واجبات المجتمع المدني :
    بالطبع لا تلقى الاتفاقية كغيرها من المواثيق الدولية بالتزامات قانونية على عاتق المجتمع المدني، ولكن في الحقيقة هناك واجبات على المجتمع المدني كشريك في المجتمع، فالمجتمع ليس حكومة وشعب فقط بل تتشكل المجتمعات الحديثة اجتماعيا من خلال المنظمات المدنية بمعناها الواسع كذلك هناك واجبات طرحتها الاتفاقية على منظمات حقوق الإنسان بشكل خاص بوصفها صاحبة الخبرات الحقيقية في مجال حقوق الإنسان .
    وبرغم عدم النص صراحة في النصوص الواردة بالوثيقة على واجبات المجتمع المدني إلا أن تلك الواجبات تتجلى بوضوح في مضمون العديد من النصوص سواء على المستوى العام للمجتمع المدني بما يشمله من أحزاب ونقابات ...أو بالمعنى الخاص بمنظمات حقوق الإنسان، فإذا كان احد أهداف الاتفاقية هو الدمج الاجتماعي من منطلق قبول الأخر والاعتراف بالإعاقة كجزء من التنوع البشرى فإعداد المجتمع لهذا التقبل من المستحيل أن يتم بإجراءات حكومية، بل أن الفاعل الرئيسي هنا هو المجتمع المدني الأكثر اقترابا من الجماهير باختلافاتها وتنوعها، كذلك فخبرات منظمات حقوق الإنسان المتراكمة عبر اشتباكها مع الواقع وتطوراتها وتمرسها على آليات الرصد والتوثيق وتعميق المفاهيم الحقوقية تعد من أساسيات تفعيل تلك الاتفاقية، فبداية من الديباجة التي تبدأ بالرؤية الاجتماعية الحديثة للأفراد ذوى الإعاقة والتي ترى الإعاقة في الحواجز البيئية، ومرورا برصد وتوثيق الانتهاكات ووصولا إلى توفير المعلومات ونشر الوعي بثقافة المعاقين وحقوقهم في الاعتراف بالغة الإشارة وطريقة برايل ووسائل الاتصال الحديثة، كل تلك الحقوق تلقى بواجبات على منظمات حقوق الإنسان التي تملك من الخبرات ما يعد حجر أساس لتعميق النظرة الحديثة ونشر الوعي بحقوق المعاقين، ودراسة تفصيلات الحقوق المختلفة وتأصيلها كالحق في المشاركة السياسية والحق في الوصول ...........الخ كما أن لدى تلك المنظمات بدرجة كبيرة بنية وخبرات بحثيه تمكنها من لعب ادوار هامة لتأصيل الكثير من الحقوق وتوفير المعلومات والإحصاءات، هذا بالطبع إلى جانب الدور المحوري في الدفاع عن المعاقين ومواجهة أي أننهاك لحقوقهم، كذلك المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فمبدءا وحدة الحقوق وتكاملها والذي يقر بداية بتساوي البشر في الحقوق دون ادني تمييز من اى نوع، ظل طويلا غير كاف لحماية المعاقين والحقيقة أن المعاقين عانوا عبر التاريخ من التهميش والعزل بل وفقد الحق في الحياة في أحيان كثيرة بالقتل , والاتفاقية سلطت الضوء على مساحات مهجورة من الحقوق ووضعت حقوق المعاقين في مقدمة القضايا الحقوقية التي تحتاج من منظمات حقوق الإنسان أن تدرجها في أولويات برامجها وأنشطتها بتعاون وتنسيق يوحد الجهود من جهة ويحافظ على خصوصية الأخر من جهة أخرى وحتى يستطيع المعاقون في مصر ودول العالم الثالث أن يقودوا العمل بأنفسهم أمام منظمات حقوق الإنسان الكثير والكثير من العمل.





    ا
    هلا وسهلا ومرحبا بكم في مدونتي


    http://courmf.blogspot.com/

  • Font Size
    #2
    رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

    يسلموووووووووووووووووووو
    اتفاقيات كثيرة ودولية واتمنى ان يتم حتى لو جزء منهما
    احترامي

    إن حظي كدقيق على الشوك نثروا - ثم جاؤوا بحفاة مع رياح يجمعوا
    اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال " دعاء الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم" " اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت "

    تعليق


    • Font Size
      #3
      رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

      هنا في تونس ستلقى هذه الاتفاقية صدا كبيرا فجمعية بسمة من انشط الجمعيات على الاطلاق
      جمعية بسمة هذه هي جمعية تعنى بالمعوقين من الدراسة الى التشغيل الى التاهيل
      الحق يقال جهودها جد مثمرة حتى ان وطأة البطالة قد تزيد على الاصحاء اذا زادت في نشاطها
      دعنا من هذه النقطة، لم لا يحاول كلا في بلده ان ينشا مثل هذه الجمعية تقف عمليا على حاجيات ذوي الاعاقة؟
      صدقوني التجربة ناجحة وتغري بمحاكاتها

      تعليق


      • Font Size
        #4
        رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

        انا بصراحه مقرأتهاش
        بس وجدت من الواجب اني ارد احتراما لمجهودك
        بس انا بصراحه
        المفروض كل دوله تلبي لاي معاق من افرادها طلباته حتي ولو كانت صعبه او غاليه
        لانهم لو عايشين في خير بيكون هوه احد اسبابه
        ولا ايه؟؟؟؟
        انا بئي عايز عربيه
        ههههه
        التعديل الأخير تم بواسطة الشاكر ربه; الساعة 20-08-2010, 10:20 PM.
        عــــــــــــدت اليكم والحمـــــــــــــــــــــــــــد للــــــــــــــــــــــــــه
        بجــــــــــــــــد وحشتـــــــــــــــــــــــــــوني
        اخوكم محمد المصــــــــــــري

        تعليق


        • Font Size
          #5
          رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

          شكرا لكم منورين متصفحى

          نتمنى ان تلك الاتفقيات تطبق على ارض الواقع خاصة فى الدول العربية
          تحياتى



          ا
          هلا وسهلا ومرحبا بكم في مدونتي


          http://courmf.blogspot.com/

          تعليق


          • Font Size
            #6
            رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

            الاتفاقية قمة في النضج في نظرتها لذوي الاعاقة،ولكن اليات تطبيقها في بلداننا العربية هي المشكلة ،فلا توجد سياسة عربية واضحة لدمج ذوي الاعاقة في المجتمع دمجا كليا.......................وتبقى القوانين والاتفاقيات حبرا على ورق
            http://defiehand.ahlamontada.com/
            ]

            تعليق


            • Font Size
              #7
              رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

              شكرا لمجهوديك ولكن جمع الاتفقيات تكون على ورق فقط ولا يتم تنفيزها ابدا ونقول الله المستعان
              سلاممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم

              تعليق


              • Font Size
                #8
                رد: الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة نحو فهم أعمق للحقوق الخاصة

                قراءة رائعة ووافية لهذه الإتفاقية وكما أشير في المقال "لا شيء لنا بدوننا"
                فالحقوق لا تهدى على أطباق من ذهب بل تنتزع من أكوام الشوك
                وتطبيق هذه الإتفاقيات هي مسؤولية الجميع بدءا بالمعاقين مرورا بأسرهم ووصولا إلى الحكومة والمجتمع المدني
                وأرى أن إنشاء الجمعيات الغير حكومية والتي يشرف عليها ذوي الإعاقة أنفسهم طريق إلى تحقيق الكثير مما تتضمنه مثل هذه الإتفاقيات
                أما الجمعيات الحكومية التي تشرف عليها عادة من يلقبونهم بسيدة البلاد الأولى فهي استثمار مدر للمال يصرف في غير محله
                وتعقيبا على رد الأخت الغالية ويستمر الأمل أقول بأن جمعية بسمة لتشغيل المعوقين لم تكن يوما ساعية في خدمة هذه الفئة بل إنها استغلت هذه الفئة أشد إستغلال حيث تبنت عند إنشائها مشروع تكوين عدد منهم ثم تشغيلهم ليقتصر دورها بعد ذلك على الغنيمة مما يدر عليها من الهدايا والأموال الطائلة التي يتبرع بها المتبرعون
                ولا أعتبرها أبدا مثالا يحتذى به ولعلي أجد في الجمعية التونسية لمرضى العضلات المثال الأجدر والذي يستحق التقدير والتعلم منه
                شكرا فراشتنا على طرح ها المقال الرائع والهادف ونسأل الله الخير للجميع
                (لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين)

                تعليق

                Loading...


                يعمل...
                X