شفاه البحر
وحين تكلمت شفاه البحر الغاضبة تعلن عن الوليمة المرتقبة، زفر البحر زفرة بلغ الروح صداها ومداها.. فأدركَتْ أن للبحر رئة يتنفس بها من ثقل المأساة.. وأدركَتْ أن للجمادات الساكنة والمتحركة إحساسا ولغة حقيقيين:
إحساسا بما في الوجود، ولغة تعبر عن ذلك الإحساس..
وأدركت الروح أن زفرات البحر ترجمة لأحاسيس كثير من الكائنات.. وأن تلك الشفاه حين تكلمت قد نطقت بلسان القدر، واستغاثت بإله الكون.. فزأرت بلسان الغيظ، وجأرت بلسان التسبيح..
إيه يا أبا خالد..
لكم لطمت أمواجك وجوه الجبال، وذابت في حياضك تلال الرمال.. وتحطمت على كفك السفن والزوارق..
وكم من روح هربت من جسدها حينما أحست بدفء الغضب يتصاعد من بين الأمواج..
ترى.. ماله غاضبا؟
ألأن له روحا يحس بها كإحساس ذوات الأرواح؟!
أم لأن من بين ذوات الأرواح من له روح لكن ليس لها إحساس؟!
لكأنما دخلت الروح في الجسد لا ليحيا بها، ولكن ليكون لها قبرا له صلاحية ذات أمد محدود.. فأحس البحر بما فيهمن الحياة أن الموت خير لكثير من الأجساد.. وهناك أعلن عن الوليمة!
أيها البحر الذي أبدعته يد القدرة الإلهية:
بماذا نتغنى منك؟
كلهم يطربهم حداء أمواجك بعضها لبعض..
وكلهم يلذ لأرواحهم أن تلامسها نسماتك اللطيفة الباردة..
وكلهم يعجبهم النظر إلى زرقة أمواهك المتقلبة..
ولكنك إذا غضبت..
فكلهم يخاف منك!
لأن الحداء ينقلب زئيرا..
ولطافة النسمة تنطلق صقيعا..
وزرقتك في عيونهم تتماهى في مياهك..
فهل أغضبوك؟
أجل، لقد أغضبوك.. حين أكلوا على شواطئك، ثم رموا فضلات الطعام للطيور، ونسوا أن يغسلوا أيديهم من مائك الطهور، فأردت أن يكونوا – وما أكلوا – صيدا للحيتان وأسماك القرش ونباتات البحر.
وهنا.. همست الروح فقالت:
سبحان الذي جعل من الماء كل شيء حي!.
وسبحان الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا!.
وسبحان الذي يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي!.
ثم رفعت الروح كفها إلى بارئها سبحانه وتعالى قائلة:
يا رب.. أحيني بالإيمان.. وأمتني بالإيمان..
مجموعة خواطر حديث الروح لناصر السابعي
حياكم الله
وحين تكلمت شفاه البحر الغاضبة تعلن عن الوليمة المرتقبة، زفر البحر زفرة بلغ الروح صداها ومداها.. فأدركَتْ أن للبحر رئة يتنفس بها من ثقل المأساة.. وأدركَتْ أن للجمادات الساكنة والمتحركة إحساسا ولغة حقيقيين:
إحساسا بما في الوجود، ولغة تعبر عن ذلك الإحساس..
وأدركت الروح أن زفرات البحر ترجمة لأحاسيس كثير من الكائنات.. وأن تلك الشفاه حين تكلمت قد نطقت بلسان القدر، واستغاثت بإله الكون.. فزأرت بلسان الغيظ، وجأرت بلسان التسبيح..
إيه يا أبا خالد..
لكم لطمت أمواجك وجوه الجبال، وذابت في حياضك تلال الرمال.. وتحطمت على كفك السفن والزوارق..
وكم من روح هربت من جسدها حينما أحست بدفء الغضب يتصاعد من بين الأمواج..
ترى.. ماله غاضبا؟
ألأن له روحا يحس بها كإحساس ذوات الأرواح؟!
أم لأن من بين ذوات الأرواح من له روح لكن ليس لها إحساس؟!
لكأنما دخلت الروح في الجسد لا ليحيا بها، ولكن ليكون لها قبرا له صلاحية ذات أمد محدود.. فأحس البحر بما فيهمن الحياة أن الموت خير لكثير من الأجساد.. وهناك أعلن عن الوليمة!
أيها البحر الذي أبدعته يد القدرة الإلهية:
بماذا نتغنى منك؟
كلهم يطربهم حداء أمواجك بعضها لبعض..
وكلهم يلذ لأرواحهم أن تلامسها نسماتك اللطيفة الباردة..
وكلهم يعجبهم النظر إلى زرقة أمواهك المتقلبة..
ولكنك إذا غضبت..
فكلهم يخاف منك!
لأن الحداء ينقلب زئيرا..
ولطافة النسمة تنطلق صقيعا..
وزرقتك في عيونهم تتماهى في مياهك..
فهل أغضبوك؟
أجل، لقد أغضبوك.. حين أكلوا على شواطئك، ثم رموا فضلات الطعام للطيور، ونسوا أن يغسلوا أيديهم من مائك الطهور، فأردت أن يكونوا – وما أكلوا – صيدا للحيتان وأسماك القرش ونباتات البحر.
وهنا.. همست الروح فقالت:
سبحان الذي جعل من الماء كل شيء حي!.
وسبحان الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا!.
وسبحان الذي يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي!.
ثم رفعت الروح كفها إلى بارئها سبحانه وتعالى قائلة:
يا رب.. أحيني بالإيمان.. وأمتني بالإيمان..
مجموعة خواطر حديث الروح لناصر السابعي
حياكم الله
تعليق